"كثيرًا ما نجد أنفسنا في سيناريوهات غير متوقّعة؛ أشخاص لم نلازمهم عمرًا لكنّ أرواحنا تهفو إليهم بطريقة عجيبة غير مفهومة، بل وتُحيّز لنا الدنيا إن لانت لهم دنياهم، ونذبل معهم إن مسّهم سوء؛ فإن تأمّلنا في أحوالنا حينئذ، ألفينا "القبول النفسي" يتسيّد الموقف، وإن تتبّعنا نشأة هذا القبول فينا، وجدناه وليدُ توفيقٍ محض= رزقٌ موهوب خارجٌ عن إرادتنا، قد صُبّ في أرواحنا صبًّا، أو أنّه ناشيء من فكرةِ أنّا نغدو بقربهم نسختنا الأجمل بطريقةٍ ما؛ نُشرقُ بهم ومعهم، ونُحبّنا في مدارهم، وما والله يتخلّق الوداد الحقّ إلّا من رحم القبول؛ وبه يمتدّ، وعلى نوره يستقيم.
أفكّر دائمًا في جلال معنى الأرزاق في حياة المرء منّا، وأنّها ألطافٌ في عينها حقّ فيها الشكر ليدوم ربيعها فينا، وأجزم أنّ أجل الأرزاق= رزق القبول؛ إذ أنّا لا نختار أن نُحب حين نُحب، ولا نتحيّن الفرص لنُعجب وتلين طباعنا طوعًا؛ إنّما تحركنا عاطفة تخلّقت فينا من غير حولٍ ولا قوّة؛ ثمّ اجتمعت معها الأسباب وهيّأت لها بيئة خصبة للحياة أو الموت.
من جانبٍ آخر؛ يحدث أن يطوّقنا النّاس بودادهم، يغرقونا كرمًا ولطفًا ولينًا، تتسابق خطاهم ليشرقوا في سماواتنا؛ لكنّا نتلعثم في ردّ الجميل، فيخرج في صورة الامتنان لا الوُدّ المرادف المترقّب، وما يكون ذلك عن جلافة طبع ولا تحجّر قلب؛ إنّما لم يخالط القبول شغاف الأفئدة. فسبحان قاسم الأرزاق، وواهب نواصي القلوب لأربابها"
>>Click here to continue<<