TG Telegram Group Link
Channel: اضواء على ثورة الإمام الحسين
Back to Bottom
المستوى الثاني : إنّني أعتقدُ أنّ الله سبحانه جَعل بإزاء تضحية الحسين عليه‌السلام نوعين مهمّين من الثواب لا نوعاً واحداً ، أحدهما : الثواب الأخروي ، وهو المشار إليه بقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الرواية : «إنّ لك في الجنّة لدرجات لن تنالها إلاّ بالشهادة» (١).

وثانيهما : الثواب الدنيوي : وهي عدّة أمور يسّرها الله سبحانه وتعالى خلال الأعوام والأجيال المتأخّرة عن مقتله (سلام الله عليه) ، وأعتقدُ أنّه جلّ جلاله إنّما يسّرها لمصلحة الأجيال ، وإلاّ فإنّ الحسين عليه‌السلام أجَلّ مِن أن تنالهُ الفائدة منها بقليلٍ ولا بكثير ، وإن كنّا نقول : إنّها تصلح أن تكون جزاءً له على التضحية لمدى أهميّتها البالغة كما سنعرف ، إلاّ أنّها دنيويّة أي حاصلة في الدنيا ، والحسين عليه‌السلام لم يقصد في تضحيته أيّ شيء من أمور الدنيا ممّا قلّ أو كثُر يقيناً ، وإنّما حَصلت لأجل مصلحة هداية الآخرين لا أكثر ، ونستطيع أن نعدّ منها الأمور التالية :
الأمرُ الأوّل : إنّ الإمامة في ذريّته لا في ذريّة الحسن أخيه عليه‌السلام.

الأمرُ الثاني : حُسن الظنّ به خلال الأجيال ابتداء من قاتليه أنفسهم إلى الأجيال المتأخّرة عنه إلى يوم القيامة ، حتّى في ضمائر الأعداء وغير المسلمين ، ولذا نسمع قاتلهُ يقول للحاكم الأموي بعد انتهاء الواقعة على ما ورد :

املأ ركابي فضّةً أو ذَهباً

إنّي قتلتُ السيّد المحجّبا

قتلتُ خيرَ الناس أُمّاً وأباً
الأمرُ الثالث : تأثير تضحيتهُ الجسيمة في هداية الناس وتكاملهم إيماناً ، كلّ حسب استحقاقه ، في أيّ مكانٍ وزمان وجِد الفرد إلى يوم القيامة ، ومهما كانت نقطة بدايته ، حتّى لو كان كافراً ، بل حتّى لو كان معانداً أحياناً.

الأمرُ الرابع : هذه الحرارة التي في قلوب المؤمنين من محبّيه ، والتي أشرنا إليها فيما سبق ، والتي أوجَبت تزايد ذكراه وتزايد اللوعة على ما أدّاه من تضحيات وما عاناه من بلاء.

الأمرُ الخامس : إنّ ذِكر أيّ معصوم غير الحَسن عليه‌السلام بما فيهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام ، في أيّ مجلسٍ من مجالس محبّيه ، وفي أيّ مناسبة للحديث سواء كانت مأتماً ، أو خطبة ، أو موعظة أو غيرها ؛ فإنّها لا تكاد تكون تامّة ولا مُرضية للقلوب ما لم تقترن بذكر الحسين عليه‌السلام ، والتألّم لمصابه.

الأمرُ السادس : البكاء عليه لدى محبّيه جيلاً بعد جيل وإقامته المآتم والشعائر عليه (سلام الله عليه) ، وهذا هو الذي ذَكرهُ بعض الناس كهدفٍ مستقل كما ذكرنا ، وهو إنّما يصحّ كنتيجة طبيعيّة وفّقَ الله سبحانه وتعالى محبّيه إليها لأجل مصلحتهم وهدايتهم ، وسنتكلّم عنها في المستوى الآتي من الحديث بعونه سبحانه لنفهمها بشكلٍ واضح.

المستوى الثالث
اضواء على ثورة الإمام الحسين pinned «الأمرُ الثالث : تأثير تضحيتهُ الجسيمة في هداية الناس وتكاملهم إيماناً ، كلّ حسب استحقاقه ، في أيّ مكانٍ وزمان وجِد الفرد إلى يوم القيامة ، ومهما كانت نقطة بدايته ، حتّى لو كان كافراً ، بل حتّى لو كان معانداً أحياناً. الأمرُ الرابع : هذه الحرارة التي في قلوب…»
المستوى الثالث : الحديث عن البكاء عليه وإقامة المآتم لذكرى مُصابه ، وهنا ينبغي لنا أن نقول : إنّ في قضيّة الحسين عليه‌السلام جانبَين مهمّين لا يكاد أحدهما أن يكون أقلّ أهميّة من الآخر :

الجانبُ الأوّل : جانب النعمة والرحمة ، بهذا التوفيق الإلهي العظيم للحسين عليه‌السلام وأصحابه وأهل بيته ، بهذه المقامات وهذا الثواب الجزيل والعطاء الهني ، وهذا الجانب يقتضي الفرح والاستبشار لا الحُزن والتألّم ، بل كلّما كان البلاء الدُنيوي أكثر ، كان الثواب الأخروي والتقرّب الإلهي أكثر ، فيكون الاستبشار أكثر.

وهذا ما وردَ عن أصحابه المقاتلينَ معهُ أنّه قال أحدهم : عمّا قليل سنُعانق الحور العين (١). وقال آخر : ليس بيننا وبين الجنّة إلاّ أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم (٢) ، وهم يَعلمون أنّهم سيُعانون الجَرح والقتل والبلاء الصارم ، ومن ذلك قول الشاعر يصف العبّاس عليه‌السلام أخا الحسين (ع) ، وقد حاربَ معه وأبلى بلاءً حسناً وعظيماً قال الشاعر :

عَبَست وجوهُ القوم خوفَ الموت

والعبّاسُ فيهم ضاحكٌ يتبسّم (٣)

ومنه قول عليّ بن الحسين الأكبر فيما وردَ عنه : لا نُبالي أوَقَعنا على الموت أم وقَعَ الموت علينا (٤) ، يعني : ما دُمنا على الحقّ كما ورد في أوّل الرواية ، وعدم المُبالاة يعني عدم الحُزن والتألّم لهذا البلاء النازل ، وإنّما هو الصبر بإيمانٍ والجلد بيقين ، بل الاستبشار برحمة الله ورضوانه.
وإذا كان غير المعصومين يحسّ بذلك ، فكيف بالمعصومين ومنهم الحسين نفسه ، وإذا كان أصحابه وذووه ممّن هو تحت ذلك البلاء العظيم نفسه ، لا يشعرون بالحُزن والألم النفسي بل بالاستبشار ، فكيف ينبغي أن يكون حال مَن سواهم من الناس من مُحبّين وأولياء.

الجانبُ الثاني : جانبُ الحُزن والألم لِمَا أصاب الحسين عليه‌السلام وأهل بيته وأصحابه ونسائه من : بلاءٍ ، وقتلٍ ، وتشريد ، وسبي ، وإذلال ، وهي حادثة بمجموعها تُعتبر أعظم ما وقعَ من البلاء الدُنيوي على أيّ مجموعة أخرى من
البشر خلال التاريخ البشري الطويل ، ومن هنا كان ردّ فعلها المأساوي أعظم وأجلّ من كلّ حادثةٍ أخرى في العالَم مُماثلة أو غير مُماثلة ، ومن هنا قال الشاعر عنها :

وفجائعُ الأيّام تبقى فنزة وتزول

وهي إلى القيامة باقية (١)

وكلا هذين الجانبين المشار إليهما ناجزان فعلاً في حادثة الحسين عليه‌السلام ، ويحتوي كلّ منهما على نقطة قوّة ونقطة ضُعف ، ينبغي أن نلاحظهما لكي نعرف القيمة الحقيقيّة لكلّ منهما أوّلاً ، ولماذا اختيرَ الجانب الثاني المأساوي في هذا الصدد؟

ولكلٍّ نقطةٍ قوّة في أحدهما يُقابله نقطة ضعف في الجانب الآخر. فنقطةُ القوّة في الجانب الأوّل : هي كونه جانباً أُخرويّاً محضاً ، تُقابلهُ النقطة في الجانب الآخر ، وهو كونه جانباً دنيويّاً ؛ لوضوح أنّ البلاء الذي عاناه الحسين عليه‌السلام ومَن معه ، بلاءٌ دنيوي خالص لا يشوبه بلاء أخروي إطلاقاً ، بل لهُ في الآخرة أعلى المقامات وأرفع الدرجات. ونقطةُ القوّة في الجانب الثاني : كونهُ سبباً لتربية المجتمع تربية صالحة ومؤكّدة أكثر من الجانب الأوّل بكثير ، ذلك المجتمع المُتربّي في حالته الاعتياديّة على العواطف الشخصيّة والأُسريّة والدنيويّة عموماً ، إذاً فمن المصلحة توجيه هذه العواطف إلى وجهة صالحة ومربّية ، فكما يبكي المؤمن على وَلده أو والديه ، فليبكِ على الحسين عليه‌السلام وأصحابه ؛ لينال في الآخرة ثواباً ويُقيم للدين شعاراً. ومن هنا يكون توجيه البكاء والحزن للمؤمنين نحو الدين ونتائجه الطيّبة ، أكثر بكثير ممّا يوجبهُ الفرح والاستبشار المشار إليه في الجانب الأوّل.
اضواء على ثورة الإمام الحسين pinned «وإذا كان غير المعصومين يحسّ بذلك ، فكيف بالمعصومين ومنهم الحسين نفسه ، وإذا كان أصحابه وذووه ممّن هو تحت ذلك البلاء العظيم نفسه ، لا يشعرون بالحُزن والألم النفسي بل بالاستبشار ، فكيف ينبغي أن يكون حال مَن سواهم من الناس من مُحبّين وأولياء. الجانبُ الثاني…»
مضافاً إلى أنّ الفهم العام لأيّ شيء بما فيها واقعة الحسين عليه‌السلام ، إنّما هو ظاهرها الدُنيوي وليس واقعها الأخروي ، فكان من الأفضل توجيه الناس إلى ما يفهمون والاستفادة لهم بمقدار ما يدركون.

ومن هنا وردَ عن الشريعة المقدّسة وقادتها الأوائل بشكلٍ متواتر لا يقبل الشك ، الحثّ على البكاء على الحسين وحادثته المروِّعة (١) ، وكان الطعنُ في ذلك ومناقشته بقصدٍ مُخلص أو مُغرض ناشئ من خطأ فاحش لا يُغتفر.

فمن أمثلة ما ورد : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بكى على الحسين عليه‌السلام عند ولادته (٢) ، وأنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ذَكر واقعة الطف ، وأنّه نظرَ إلى كفّي ولدهُ العبّاس عليه‌السلام ، وتنبّأ بأنّهما يُقطعان في تلك الواقعة (٣) ، وأنّ الإمام الحسن عليه‌السلام حين كان على فراش الموت مسموماً سمعَ أخاه الحسين يبكي عليه ، فقال له : «أتبكي عليّ أم أنا أبكي عليك ، لا يوم كيومك يا أبا عبد الله ، فإنّ لك يوماً أعظم من هذا اليوم» (٤).

وأمّا الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه‌السلام ، فقد أصبحَ أحد الخمسة البكّائين من البشر ، وهم : آدم ، ويعقوب ، ويوسف ، والزهراء ، وهو ، سلام الله عليهم أجمعين ؛ وذلك لكثرة بكائه على أبيه سلام الله عليه ، في زمنٍ صعب كان يعيشه من حال المطاردة والتقية ، فكان لا يمكنه الدعوة إلى حقّ أبيه وإعلان الاهتمام به إلاّ بالبكاء ، ومن هنا كان من البكّائين ، حتّى كان يخلط طعامه وشرابه بالدموع (١).

وأمّا قصيدة دعبل (رحمة الله عليه) التي قرأها على الإمام الرضا عليه‌السلام ، فبكى لها ، وجَمَع العَلَويات خلف الستر ؛ لكي يسمعنَ ويبكينَ (٢) فهي رواية أشهر من أن تُذكر ، وفيها يقول دعبل :

أفاطمُ لو خِلتِ الحُسين مُجدّلاً (٣)

وقد ماتَ عطشاناً بشطِّ فُرات

إذن لَلَطمتِ الخدّ فاطم عندهُ

وأجريتِ دَمع العين في الوَجَناتِ
وحَسبُ فهمي أنّه لمدى تأثير البكاء في النفوس أوّلاً ، وفي الإعلام ثانياً ، وفي التربية ثالثاً ، حَصَلت هناك من المعصومين (سلام الله عليهم) عدّة أمور ممّا اقتضى التركيز عليها :

منها : أنّه بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد موت أولاده ، كما وردَ عنه أنّه قال : «يَحزن القلب ، وتدمعُ العين ، ولا نقول ما يُسخِط الربّ» (١).

ومنها : أنّ الإمام الباقر عليه‌السلام كما وردَ ، أوصى بمالٍ يُصرف من ثُلثه في نوادب يندُبنَهُ في عرفة عند الحج ، عشر سنوات (٢).

ومنها : أنّ نساء الحسين عليه‌السلام من قريبات وبعيدات ، بقينَ على حالة الحزن والبكاء المتواصل وترك الراحة والهدوء عدّة سنوات ، حتّى حَصَلت حركة المختار الثقفي (١) الذي حاولَ قتل المعتدين من قَتَلة الحسين عليه‌السلام وأصحابه في الطف
اضواء على ثورة الإمام الحسين pinned «مضافاً إلى أنّ الفهم العام لأيّ شيء بما فيها واقعة الحسين عليه‌السلام ، إنّما هو ظاهرها الدُنيوي وليس واقعها الأخروي ، فكان من الأفضل توجيه الناس إلى ما يفهمون والاستفادة لهم بمقدار ما يدركون. ومن هنا وردَ عن الشريعة المقدّسة وقادتها الأوائل بشكلٍ متواتر…»
تم انشاء قناة على التيك توك لنشر تراث ال الصدر الكرام
لتنظم الى سلسلة قنواتنا و تصبح رقم 18
.
ومنها : أنّ الدعاء الموسوم بالندبة (٣) ، إنّما هو إشعار للنفس بالحزن العميق لغيبة الإمام المهدي عليه‌السلام ، فلماذا الحُزن إن كان في غيبته حكمة إلهيّة وتسبّب لانتصاره يوم ظهوره؟ وما ذلك إلاّ لأنّ البكاء شكل من أشكال التربية ، وشكل من أشكال الإعلام.

ولنسمع فيما يلي فَقرات من دعاء الندبة هذا ؛ لنجد التركيز فيه على الحُزن العميق : «ليتَ شِعري أين استقرّت بكَ النوى؟ (٤) بل أيّ أرضٍ تَقلّك أو ثرى؟ أبرضوى أو غيرها أم ذي طوى؟ (٥) ، عزيزٌ عليّ أن أرى الخلق ولا تُرى ، ولا أسمعُ لك حسيساً ولا نجوى ، عزيزٌ عليّ أن تُحيط بكَ دونيَ البلوى ولا ينالُك منّي ضجيجٌ ولا شكوى ...... هل من معُين فأُطيل معهُ العويل والبكاء؟ هل من جزوعٍ فأُساعدُ جَزعهُ إذا خلا؟ .... هل قَذيت عينٌ فساعَدتها عيني على القذى؟ هل إليك يا بن أحمدٍ سبيل فتلقى؟ هل يتّصل يومنا منك بغدهِ فنحظى ......... إلخ (١) هذا ، وسيأتي مزيد إيضاح وتفصيل حول هذه الفكرة بعون الله تعالى.
اضواء على ثورة الإمام الحسين pinned «ومنها : أنّ الدعاء الموسوم بالندبة (٣) ، إنّما هو إشعار للنفس بالحزن العميق لغيبة الإمام المهدي عليه‌السلام ، فلماذا الحُزن إن كان في غيبته حكمة إلهيّة وتسبّب لانتصاره يوم ظهوره؟ وما ذلك إلاّ لأنّ البكاء شكل من أشكال التربية ، وشكل من أشكال الإعلام. ولنسمع…»
أسئلةٌ حول شَخص الحُسين عليه‌السلام

نُثير فيما يلي عدداً من الأسئلة عن بعض الجوانب العامّة من واقعة كربلاء ، ممّا يرتبط بشخص الحسين عليه‌السلام جهد الإمكان ، بصفتهِ الشخص الرئيسي والأهمّ هناك ، وكذلك بصفتهِ الشخص الوحيد المعصوم المطلّع على الواقعيّات فيهم ، نُثير هذه الأسئلة لكي نستفيد من أجوبتها تاريخيّاً ومعنويّاً :

السؤالُ الأوّل : لا شكّ أنّ الإمام الحسين عليه‌السلام ، قد حصلَ تاريخيّاً أنّه بعد أن قُتلَ أصحابه وأهل بيته بقى وحيداً فريداً بين الأعداء ، لا يجد له ناصراً ولا مُعيناً (١) ، فهل شعرَ بذلك من الناحية المعنويّة؟

جوابهُ : النفي بطبيعة الحال ؛ لأنّه يشعُر أنّهُ مع الله جلّ جلاله ومَن كان مع الله كان الله معهُ ، وقال تعالى : (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (٢) ، وقال تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) (٣) ، وما دامَ الحسين عليه‌السلام مع الله سبحانه ، إذاً لا يهمّهُ أن يكون أحد من الخلق معهُ على الإطلاق.
اضواء على ثورة الإمام الحسين pinned «أسئلةٌ حول شَخص الحُسين عليه‌السلام نُثير فيما يلي عدداً من الأسئلة عن بعض الجوانب العامّة من واقعة كربلاء ، ممّا يرتبط بشخص الحسين عليه‌السلام جهد الإمكان ، بصفتهِ الشخص الرئيسي والأهمّ هناك ، وكذلك بصفتهِ الشخص الوحيد المعصوم المطلّع على الواقعيّات فيهم…»
أسئلةٌ حول شَخص الحُسين عليه‌السلام
نُثير فيما يلي عدداً من الأسئلة عن بعض الجوانب العامّة من واقعة كربلاء ، ممّا يرتبط بشخص الحسين عليه‌السلام جهد الإمكان ، بصفتهِ الشخص الرئيسي والأهمّ هناك ، وكذلك بصفتهِ الشخص الوحيد المعصوم المطلّع على الواقعيّات فيهم ، نُثير هذه الأسئلة لكي نستفيد من أجوبتها تاريخيّاً ومعنويّاً :
السؤالُ الأوّل : لا شكّ أنّ الإمام الحسين عليه‌السلام ، قد حصلَ تاريخيّاً أنّه بعد أن قُتلَ أصحابه وأهل بيته بقى وحيداً فريداً بين الأعداء ، لا يجد له ناصراً ولا مُعيناً (١) ، فهل شعرَ بذلك من الناحية المعنويّة؟
جوابهُ : النفي بطبيعة الحال ؛ لأنّه يشعُر أنّهُ مع الله جلّ جلاله ومَن كان مع الله كان الله معهُ ، وقال تعالى : (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (٢) ، وقال تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) (٣) ، وما دامَ الحسين عليه‌السلام مع الله سبحانه ، إذاً لا يهمّهُ أن يكون أحد من الخلق معهُ على الإطلاق.
وقد يخطر في البال : إنّ هذا الذي قلناه ينافي ما ورد عنهُ عليه‌السلام أنّه قال في ذلك الحال : «هل من ناصرٍ ينصُرنا؟ هل من مُعينٍ يُعيننا؟ هل من ذابٍّ يذبّ عن حُرَم رسول الله» (٤) ، وهذا يدلّ على أنّه طلبَ النُصرة من الآخرين على أيّ حالٍ
اضواء على ثورة الإمام الحسين pinned «أسئلةٌ حول شَخص الحُسين عليه‌السلام نُثير فيما يلي عدداً من الأسئلة عن بعض الجوانب العامّة من واقعة كربلاء ، ممّا يرتبط بشخص الحسين عليه‌السلام جهد الإمكان ، بصفتهِ الشخص الرئيسي والأهمّ هناك ، وكذلك بصفتهِ الشخص الوحيد المعصوم المطلّع على الواقعيّات فيهم…»
وهذا هو الفهم العام بكلّ تأكيد لهذه العبارة ، من كلّ مَن جَعلَ الدنيا مبلغ علمهُ وأقصى همّه وغاية تفكيره.

وهو لا شكّ يحتوي على سوء فهمٍ فضيع لهذه العبارة ، فإنّ الحسين عليه‌السلام إنّما قالها لا لأجل نفسه ، وحاشاهُ أن ينظر إلى غير الله عزّ وجل ، وهو الذي قيل إنّه استشهدَ ببعض الأبيات ممّا سمعناهُ فيما سبق :

تركتُ الخلقَ طُرّاً في هواكا

وأيتمتُ العيال لكي أراكا

ولو قطّعتَنني في الحُبّ إرباً

لمَا مالَ الفؤاد إلى سواكا

والمهمّ أنّ هذا الأمر شَعرَ به عددٌ لا يُستهان به من الناس طول التاريخ ، ممّن لا يتّصف بالعصمة فكيف حال المعصوم نفسه ، وإنّما نتخيّلُ نحنُ غير ذلك ؛ لأنّنا لا نفهم مستوى المعصوم ، ولا يخطر في بالنا ما يمكن أن يكون عليه تجاه الله عزّ وجل ، وإنّما طَلبُ الناصر من قِبَله عليه‌السلام كان لفائدة الآخرين بلا شكّ ، ولكنّه اتخذ تلك الحالة سبيلاً للنطق بتلك التعبيرات ، حتّى لا يضع كلّ موعظة في غير محلّها ولكي يتكلّم مع الناس على قدر عقولهم.

وما يمكن أن يُتصوّر من فوائد لهذه الجملة ، عدّة أمور :
HTML Embed Code:
2024/05/15 21:26:15
Back to Top