مضى وقت طويل على زيارتك لي يا بنية!
كيف حالك؟ لقد سعدت جدا برؤيتك، و بضيوفك الأعزاء كذلك"
" أنا بخير يا معلمة، شكرا لك على كل شيء"
أجابت إيلين بينما قبلت يد المسنة المجعدة لتضيف:
" غدا سأذهب لإيصال الصغار لمنزلهم،
بينما سيرحل آريون برفقة ذلك الفتى لمملكة رام"
ابتسمت زارا لتقول:
" دائما ما تساعدين الآخرين، سيجزيك الله خيرا على طيبة قلبك يا بنية"
ابتسمت إيلين لتسأل لينيريا المسنة بفضول:
" جدتي، هل أنت معلمة إيلين؟ ماذا علمتها؟ التاريخ؟"
ضحكت العجوز لتربت على رأس الصغيرة و تجيبها:
" كنت عجوزا فانية حزينة على فراق أبناءها الثلاثة في الحرب، و ذهبت للغابة يوما بغرض اللحاق بهم.
لكن هذه الجنية الجميلة أنقذتني،
و عادت معي للمنزل،
علمتها الكتابة بعدة لغات من لغات البشر، و أخبرتها ببعض القصص القديمة،
ذلك كان رغبة مني في رد دينها علي"
تنهد آريون لينظر عبر النافذة بشرود لتخاطبه زارا:
" ما بالك مهموما يا بني؟"
ابتسم آريون ليجيبها:
" بعض الحزن على الرحيل، الأصدقاء الجيدون لا ينسون ، علاوة على عداوتي السابقة تجاه البشر، أتمنى أن أعيش بسلام مع رأس العشب هذا"
ضحكت سارة ليشيح ديو رأسه و يخاطب آريون:
" لست وحدك من سيترك أصدقاءه، أنا أيضا سأترك أصدقائي في كوارتز"
" تصحيح: رفاقي في السرقة"
أضاف آريون بابتسامة شامتة ليبتعد عنه الفتى و يذهب لحزم أغراضه،
لينهض آريون ليجلس قرب النافذة و يضيف:
" أنا لا أطيق المكوث في مدن البشر،
لكن سنحاول إيجاد مأوى هناك، سآخذ بعض الذهب معي و سأتصرف، ثم سأعمل إما صائد وحوش أو طبيبا"
عند حلول المساء كان الإثنان قد جهزا حقيبتيهما الخفيفتين للرحيل،
اقترب آريون من المرآة المعلقة للحائط ليحدق نحو نفسه مليا و يتمتم:
" شيء ما في يبدو مريبا... هذا الشعر الطويل سيثير الإنتباه"
بحث آريون في حقيبته ليخرج سكينا حادة،
ركضت سارة مسرعة لتتمسك بساقه بقوة و تترجاه:
" آريون! أرجوك لا! لا تقص ضفيرتك الجميلة!"
ضحك آريون طويلا ليربت على رأسها مجيبا:
" لا بأس، إنه مجرد شعر و سينمو.
كما أنني في كلا الحالتين وسيم جذاب!"
ضحكت سارة لتجذب السكين و تضيف:
" إذا سأقصه لك أنا لكي لا تفسده.
هل أنت بدائي؟ يوجد مقص "
رفع الجني حاجبه ليسألها بشك:
" و هل تجيدين قص الشعر؟ لي آذان طويلة و لا أريدها أن تنقطع"
هزت سارة رأسها لتضيف بفخر:
" دائما ما أقص لسوير شعره"
أومأ سوير إيجابا ليتنهد آريون بقلة حيلة ليرتدي معطفه الأسود و يجلس على الأرض،
ابتسمت سارة بحماس لتسأل زارا:
" هل لديك مشط و مقص يا جدتي؟"
وضعت سارة المقص و المشط جانبا لتبدأ بحل ضفيرة آريون الطويلة باستمتاع، ثم تمشط شعره ببطء بالمشط لتنساب خصلات شعره اﻷشقر الطويل على كتفيه و حتى نهاية ظهره،
اقترب سوير و لينيريا لتلمس لينيريا شعره و تضيف:
" ناعم جدا! هل تريدني أن أصنع لك جديلتين؟ أو ذيل حصان؟ و أن أضع لك بعض الزينات الجميلة؟
أنا أعرف!"
" لا شكرا، ما زلت مصرا على قصه "
ابتلعت سارة ريقها لتقصه بحرص و حذر بينما سوير و لينيريا يتابعانها باهتمام، تساقطت الخصلات الطويلة على الأرضية الخشبية لتصفف له شعره بالمشط و تضيف بحماس و سعادة:
" انتهيت!"
بدأ الصغار بجمع خصل الشعر من الأرض لينهض آريون و يقترب من المرآة بترقب ثم ينظر،
خصلات شعره الأشقر القصير تغطي جبهته و عينيه جزئيا، صار شعره يصل لكتفيه بالكاد، مع فرصة أكبر لإخفاء أذنيه.
تنهد آريون ليلمس رأسه و يقول بأسى:
" شكرا يا سارة، هذا يفي بالغرض.
لكن... أشعر بالغرابة، لم أقص شعري منذ وقت طويل جدا .
كنت أفضل الجديلة، ليعود طويلا كما كان سيستغرق عشر سنوات، لكن .. لا بأس"
ابتسم السيد أصفر بشماتة ليهمس لإيلين:
" سيبكي بعد قليل"
مد آريون يده نحو الصوص لسحقه لكنه سحبها مرغما لينفض ردائه الأسود ليصلح بنطاله الأسود و قميصه الأزرق ذي الأكمام الطويلة لينظر في الأرجاء و يشير لقبعة في طرف الحجرة ليسأل زارا:
" هل يمكنني أخذ تلك القبعة يا سيدتي؟"
أومأت العجوز ليحمل القبعة السوداء و يعتمرها ليقول:
" و هكذا أصبحت آريون البشري"
اقترب آريون من الصغار الثلاثة لتضيف سارة:
" صرت رجلا وسيما و عصريا!"
ابتسم الجني ليرفع قبعته محييا لها ليضيف:
" إنه وقت الوداع يا أصدقاء، لقد سعدت، و تشرفت حقا بمعرفتكم"
ثنى آريون ركبتيه ليقصر من قامته و يعانق الصغار الثلاثة الذين عانقوه بحرارة،
بدأت سارة في مسح دموعها لتخاطبه بنشيج:
" للأسف، كنت قد بدأت أتعلق بك، و الآن قد لا أراك مجددا"
" أنت جني طيب يا آريون! نحن جميعنا نحبك!"
أضافت لينيريا ليردف سوير:
" رافقتكما السلامة"
ابتعد الصغار لتستمر سارة في مسح دموعها المتساقطة ليزم آريون شفتيه و يتمتم:
" هكذا سأرحل بألم في صدري يا صغيرة،
لا تبك أرجوك"
و من ثم ربت على رأسها ليضيف:
" سأراك مجددا بالتأكيد، سأظل شابا جذابا بهيئتي هذه لسنوات طويلة لذلك ستعرفينني حتى لو صرت شابة،
و سأقيم في مملك
>>Click here to continue<<