TG Telegram Group & Channel
قناة د. سليمان العبودي | United States America (US)
Create: Update:

جلود سميكة!

إني لتأخذني الدهشة حين أرى الفاجر اليائس من الآخرة جلدًا كالصخرة متدفقًا كالسيل منطلقًا كالسهم، لا يبالي بآلاف الشتائم، ولا يكترث لألوان الهمز واللمز، وإنما من دأبه أن يصرف عنها بصره، ويشيح عنها بقلبه، ثم يواصل طريقه المظلم الذي تجلله العتمة، وذلك في مدد زمنية متطاولة حتى إنك لتتوهمه لم يسمع ولم ير!

بينما لا أجد عشر معشار ذلك الجلد المدهش ممن وعى أن الإصلاح المجتمعي لا يكون إلا بأذى متيقن، وأن التأثير الإيجابي لا يتخلق إلا في مرابع الاحتمال، وأن الشريعة رتبت على العفو والهجر الجميل أجورًا جمة ومراتب علية.

ولو كانت المسألة تقف عند تبرم الشاكين من الأذى لهان الأمر، ولكنها تطورت عندنا حتى اتصلت بحبلٍ غليظ من الشرعنة لتلك المسالك، وأمسى لدينا رحمًا مستعارة لولادة النفوس الحساسة، وغدا الوسط الثقافي ينتج مقولات تبرر الهشاشة النفسية وتدفع باتجاهها، فلا تخطئ عينك بين الحين والآخر من يكتب تعليقًا: لذلك غادر العبقري الفلاني، وإن لم تعلموا سائر الحسابات المجهولة أدب الخلاف الجم، وتقرؤوا عليهم رسالة رفع الملام، ثم تجروا لهم اختبارًا تحريريًّا، فسنصدر على الفور منشورًا بأن يغادر البقية حتى تغدو أرضكم الجرداء خاليةً منا معشر العباقرة المميزين!

إن دلالة ذوي الهيئات على التحلي بخلق الصبر وحسن التعامل مع ردود الأفعال التي لا يمكن ضبطها أيسر من دلالة غيرهم من العامة على الأدب التام والتهذيب الكامل!

يستدل بعضهم بظواهر بعض النصوص التي تفيد أن التأثر بأقاويل الناس هو شأن طبيعي ورد على الكملة من البشر، فنقول: نعم. ورد نحو ذلك بلا ريب ولسنا في غفلة عنه، والنصوص قريبة معلومة، ولكن اقرأ السياقات كاملةً لتعلم أي أذًى بلغ أولئك وما مداه في نفوسهم؟ وما ترك على دعوتهم؟! ثم قارنه بأحوال أخرى توهمت مشابهتها ومماثلتها!

إنها ليست دعوة لتقليل الأدب مع ذوي السابقة والهيئات، حاشا وكلا والله! ولكنها تذكير هؤلاء الذين يتغيون التأثير وينشدون الإصلاح أن الصبر راحلة هذا الطريق، وأن التأثير يفتقر لجلود سميكة وأخفاف ثقيلة ونفوس صابرة!


سليمان العبودي.

جلود سميكة!

إني لتأخذني الدهشة حين أرى الفاجر اليائس من الآخرة جلدًا كالصخرة متدفقًا كالسيل منطلقًا كالسهم، لا يبالي بآلاف الشتائم، ولا يكترث لألوان الهمز واللمز، وإنما من دأبه أن يصرف عنها بصره، ويشيح عنها بقلبه، ثم يواصل طريقه المظلم الذي تجلله العتمة، وذلك في مدد زمنية متطاولة حتى إنك لتتوهمه لم يسمع ولم ير!

بينما لا أجد عشر معشار ذلك الجلد المدهش ممن وعى أن الإصلاح المجتمعي لا يكون إلا بأذى متيقن، وأن التأثير الإيجابي لا يتخلق إلا في مرابع الاحتمال، وأن الشريعة رتبت على العفو والهجر الجميل أجورًا جمة ومراتب علية.

ولو كانت المسألة تقف عند تبرم الشاكين من الأذى لهان الأمر، ولكنها تطورت عندنا حتى اتصلت بحبلٍ غليظ من الشرعنة لتلك المسالك، وأمسى لدينا رحمًا مستعارة لولادة النفوس الحساسة، وغدا الوسط الثقافي ينتج مقولات تبرر الهشاشة النفسية وتدفع باتجاهها، فلا تخطئ عينك بين الحين والآخر من يكتب تعليقًا: لذلك غادر العبقري الفلاني، وإن لم تعلموا سائر الحسابات المجهولة أدب الخلاف الجم، وتقرؤوا عليهم رسالة رفع الملام، ثم تجروا لهم اختبارًا تحريريًّا، فسنصدر على الفور منشورًا بأن يغادر البقية حتى تغدو أرضكم الجرداء خاليةً منا معشر العباقرة المميزين!

إن دلالة ذوي الهيئات على التحلي بخلق الصبر وحسن التعامل مع ردود الأفعال التي لا يمكن ضبطها أيسر من دلالة غيرهم من العامة على الأدب التام والتهذيب الكامل!

يستدل بعضهم بظواهر بعض النصوص التي تفيد أن التأثر بأقاويل الناس هو شأن طبيعي ورد على الكملة من البشر، فنقول: نعم. ورد نحو ذلك بلا ريب ولسنا في غفلة عنه، والنصوص قريبة معلومة، ولكن اقرأ السياقات كاملةً لتعلم أي أذًى بلغ أولئك وما مداه في نفوسهم؟ وما ترك على دعوتهم؟! ثم قارنه بأحوال أخرى توهمت مشابهتها ومماثلتها!

إنها ليست دعوة لتقليل الأدب مع ذوي السابقة والهيئات، حاشا وكلا والله! ولكنها تذكير هؤلاء الذين يتغيون التأثير وينشدون الإصلاح أن الصبر راحلة هذا الطريق، وأن التأثير يفتقر لجلود سميكة وأخفاف ثقيلة ونفوس صابرة!


سليمان العبودي.


>>Click here to continue<<

قناة د. سليمان العبودي




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)