#رحلة_روان_فتاة_تنهض_بنفسها
ـ┛━━━━━🍃📚🍃━┗
الجزء الثالث:
مرايا الروح
☕ كانت رائحة القهوة تعبق في المجلس الهادئ، بينما جلست روان تحاول أن توازن فنجانها في يدها، وتوازن مشاعرها في قلبها.
كان ذلك أول لقاء يجمعها بعائلة أحمد منذ فترة… حضورٌ نسائيّ دافئ في ظاهره، لكنه مشحون بنظرات وتلميحات لا تُقال صراحة.
جلست بجانبها سمر، زوجة أخ أحمد، ذات الحضور الطاغي والكلمات الملفوفة بورق سكّر. ابتسمت لها سمر وقالت:
– ما شاء الله روان، باين عليكِ مرتاحة… بس غبتي كثير! انشغلتي ولا تحبّين التجمعات؟
ضحكت روان بخفّة، وأجابت:
– أحيانًا أنشغل، وأحيانًا أختار الهدوء أكثر.
ابتسمت سمر دون تعليق، ثم مالت ناحية أخت أحمد وهمست بشيء لم تسمعه روان، لكن نظرات العيون قالت الكثير…
نظرات ليست بريئة، ولا صريحة.
✍️ كتبت روان في دفترها تلك الليلة:
"اليوم وقفت أمام مرآة جديدة… ليست مرآة الزجاج، بل مرآة الآخرين.
البعض يراني عبر أحكامه، والبعض ينتظر زلتي ليُثبت أنني لا أستحق الاحترام.
لكن هل يهمني حقًا؟ أم أن عليّ أن أظل مرآة لنفسي فقط؟"
ثم كتبت بخط أبطأ، كأنها تهمس لنفسها:
"اللهم اجعلني نورًا في الظلام، لا مرآة لقلوب مظلمة." ✨
في الأيام التي تلت اللقاء، بدأت روان تلاحظ تفاصيل لم تكن تنتبه لها من قبل…
كلمات سمر المبطّنة، وتجاهلها العفوي أحيانًا، أو الإطراء الموجّه لأخرى بينما تُستثنى روان بهدوء.
لم تكن المشكلة في سوء المعاملة، بل في الفراغ البارد الذي كانت تُترك فيه دون ملامح واضحة.
❄️
كانت أم أحمد، امرأة تقليدية، تحب العائلة المتماسكة، لكنها لا تُجيد التعبير إلا بالتوجيه.
ذات مساء، جلست معها في المطبخ وقالت بنبرة فيها شيء من النقد:
– روان يا بنتي… أحمد نحيف هالفترة، أكله ناقص؟ ترى الرجال يحبون اللي تهتم فيهم بكل شي، مو بس نفسياً!
ابتسمت روان بلطف:
– أكله طبيعي، بس هو متعب شوية من شغله، وأنا أتابع أكله بكل حب.
ردّت أم أحمد وقد غمزت بعينها:
– الرجال ما يقولون، بس ينقصون من غير ما يتكلمون… فانتبهيله.
خرجت روان من المطبخ وهي تحمل صحن التمر، وفي قلبها صحن آخر ممتلئ بالحيرة.
هل تكفي محبتها؟ هل يظهر عطاؤها؟ أم أن صمتها يجعلها تبدو أقل عطاءً؟
🥄
في جلستها الليلية، على سجادة صلاتها، رفعت يديها بدعاء صادق:
"يا رب… لا تجعل قلبي يتعثر بنقد أو مقارنة.
اجعلني أرى نفسي كما تراها رحمتك، لا كما يراها الناس."
🌙
✍️ كتبت في دفترها:
"الناس مرايا… بعضهم يُريكِ جمالك، وبعضهم يُريك ما يخشونه في أنفسهم.
والمرايا لا تصنعك… بل تنعكس عليك."
🪞
قررت روان أن تتعامل مع علاقتها بأهل زوجها بمنهج جديد:
الوضوح مع اللطف، والحدود مع الاحترام.
حين دعتها سمر للمساعدة في تجهيز وليمة، بنبرة أقرب للأمر منها للدعوة، قالت روان بهدوء:
– أقدر أساعدك ساعة، وبعدها لازم أرجع للبيت.
– (سمر ببرود) أوه، مشغولة كالعادة؟
– (روان بابتسامة صادقة) أي، بس مشغولة بتنظيم وقتي عشان أكون مرتاحة أكثر لما أساعد.
أجابت بثقة دون صدام… لأول مرة شعرت أنها لا تهرب، لكنها أيضًا لا تستسلم.
⏳
أما في جانب الصديقات…
دعتها صديقتها هند لتجمع فتيات قديم. حضرت روان، لكنها شعرت كأنها عادت إلى فصل قديم من كتابها…
ضحك كثير، مواضيع سطحية، صور، مقارنات، تصنّع.
قالت هند وهي تضحك:
– روان، إنتي مختفية! شكلك صرتِ من جماعة "الناصحات"!
ضحكت روان:
– لا والله، صرت من جماعة "اللي يدورون السكينة أكثر من الإثارة".
– (هند تمطّ شفتها) صراحة… تغيّرتِ.
– الحمد لله… التغيير نعمة لما يكون باتجاه النور.
✨
خرجت روان من اللقاء وهي تشعر بالخفة…
لم تعد تنتمي إلى دوائر تُشبهها قديمًا.
كان في ذلك وجع بسيط… لكنه وجع النمو.
💫
في مساء صيفي، جلست روان مع أحمد في الشرفة. حدثته عن مشاعرها تجاه التحديات الاجتماعية.
أصغى لها وقال:
– روان… أنا فخور فيكِ. يمكن الناس ما يعرفونك مثل ما أنا أعرفك. بس تصرفاتك تخليني أحس إنك مرآة هادية لبيتي، مش انعكاس لصخب الناس.
كانت تلك الكلمات بمثابة بلسم لروحها…
صوت من الداخل يؤكد لها أنها تمشي في الطريق الصحيح.
❤️
---
✍️ وفي آخر صفحة من دفترها كتبت:
"لم أعد أبحث عن مرآة تُرضيني، بل عن ضوء يُنيرني.
علاقتي بنفسي الآن أكثر صدقًا…
وعلاقتي بالناس، فيها من الحكمة ما يُبقيها دافئة دون أن تحرقني."
☀️
>>Click here to continue<<