كذلك ايضا في قصه صالح عليه السلام
جاءت في الاعراف (فاخذتهم الرجفه فاصبحوا في دارهم جاثمين)
ولكن في سوره هود في قصه صالح (فلما جاء امرنا نجينا صالحا والذين امنوا معه برحمه منا ومن خزي يومئذ ان ربك هو القوي العزيز واخذ الذين ظلموا الصيحه فاصبحوا في ديارهم جاثمن)
ففي سوره الاعراف عجلت العقوبه لهم فجاء بالفاء دلاله على عدم الامهال بينما في سوره هود جميع اياتها تدل على الامهال فسياق الاعراف عدم المهله وسياقه هود الامهال
وختاما اذا اجتمعت ثم والفاء في ايه واحده في سوره الاعراف فانها تقدم ثم على الفاء على عكس سوره هود تقدم الفاء على ثم ونقف الى هنا ونكمل في الحلقه القادمه ان شاء الله
باب الحذف والثبوت في ياء المتكلم
قال تعالى في سوره الكهف (وقل عسى ربي ان يهدينِ باقرب من هذا رشدا) وقال تعالى في سوره القصص (ولما توجهت تلقاء مدين قال عسى ربي ان يهديني سواء السبيل)
لو لاحظنا كلمه يهدينِ في سوره الكهف حذفت منها الياء بينما في سوره القصص قال يهديني بثبوت الياء
ما السبب ؟
ذكرنا نحن سابقا الهدف العام وهو ان الحذف يعني الاختصار بينما ثبوت يعني اطاله الحدث وهذا هو بشكل عام على جميع انواع الحذف والثبوت ولكن ما المعنى الخاص في هذه الايه ؟
السبب الاول
ثبت الياء في سوره القصص بقوله يهديني وذلك ان المقام يستدعي ابراز ياء المتكلم لماذا ؟
لانه مقام إلتجاء وخوف وخشيه والخوف يستدعي ان يلصق الانسان بمن يحميه ويلقي بنفسه كلها عليه ويستدعي ان يلتجا الى من ينصره وياخذ بيده بكل احاسيسه ومشاعره إلتجاء كاملا وهذا هو الموقف الاول فقد خرج موسى خائفا يترقب فارا من بطش فرعون فالتجا الى ربه التجاء الخائف الوجل طالبا منه ان يهديه سواء السبيل لذلك اظهرت الياء دلاله على كمال الالتجاء والتقاء النفس كلها امام خالقه بخلاف سوره الكهف فانه ليس المقام هكذا فالفرق كبير بين المقامين فمقام موسى في سوره القصص يستدعي القاء امره كله امام ربه وخالقه في حاله الضعف والطلب منه بالحمايه واللجوء لذلك قدم ربي على فعل الهدايه لانه هو الملجا فقال عسى ربي ان يهديني بخلاف ما في سوره الكهف فان المقام فيها مقام ذكر القول الحق فيما اختلف فيه من الاقوال وهذا الامر يحتاج الى الهدايه والرشد فقدم الهدايه عن كلمه ربي وحذف الياء لوصف الاستقرار على خلاف خوف موسى في سوره القصص
السبب الثاني
سياق التكرار للفظ كلمه في السوره
تكرر لفظ الهدايه في سوره القصص 12 مره اما في سوره الكهف فقد تردد ٦ مرات فكلما زاد تردد الكلمه اثبت فيه الحرف
مثال على ذلك قال تعالى (ومن يهدي الله فهو المهتدي) باثبات الياء في سوره الاعراف
بينما قال الله وتعالى في سوره الاسراء (ومن يهدي الله فهو المهتد )
وفي سوره الكهف (من يهدي الله فهو المهتد)
بحذف الياء وتعويضها بالكسر وذلك لان لفظ الهدايه تردد في سوره الاعراف اكثر مما تردد في سوره الاسراء والكهف ففي سوره الاعراف ذكرت فيها الهدايه 17 مره بينما في سوره الاسراء ثمان مرات وفي سوره الكهف ست مرات
زاد لفظ الهدايه في سوره الاعراف فاثبت فيها الحرف
وهذا يقودنا بشكل عام على كيفيه اختيار السور التي تربي في النفس وتهذبها اذ ان ثبوت الحرف في السوره يعني فيه الاطاله وفيه الشرح وفيه الفوائد وفيه تفصيلات كثيره لذلك سبحان الخالق بهذه اللمسات البسيطه البلاغيه يستطيع الانسان التفريق بين السور واستخلاص الفوائد منها لطالما الاعراف اثبت فيها الحرف فان هذه السوره تحتوي على امور كثيره تبدا في تهذيب الانسان وفي خلق التوازن داخله وفي خلق التغيير لذلك يتجه الانسان عاده حين يعلم معنى الاطاله في التفصيل للسور يؤدي الى الانتباه الى والبحث في بلاغتها واسرارها وفوائدها
فبلاغه القران لا تكفي فقط في في تناسق الايات وفي ترتيب الايات والاحداث بل يكْمُن بلاغته في هذه الامور الصغيره التي تكون فارق بسيط ما بين الحذف والاثبات إلا انها تكشف اهداف كبيره في فهم القران
>>Click here to continue<<