TG Telegram Group & Channel
قراءات | United States America (US)
Create: Update:

ركض في حلم المُقعد
البدون في الأعمال الروائية والشعرية
 
يقوم الأدب على إرفاد همّ الكائن و قلقه و تطلعاته ، حيث يخلق الأديب مادته من صلصال الوجع الإنساني مشكلا بذلك صوتا خاصا لشخوصه . و كلما تعمّق الناص في الحالة و عزز مادته بالصور الشاملة و التفاصيل الدقيقة بأدوات ناجحة استطاع أن يوصل الرسالة الأدبية التي يرومها بنفاذ و ذكاء.
شخصية البدون في الأعمال الأدبية تنوعت بتنوع الكتّاب و طرائق التقديم ، فاستطاع البعض أن يرسم هذه الشخصية بطريقة واعية تبتعد عن التراجيديا المسطحة و حصرها في إطار التعاطف ، بل قدّمها لقلق كوني يرفد أصل القضية و امتدادها ، و هناك من ضمنّها بصورة إشارة في العمل الأدبي لا كمحور أساسي للنص  إلا أن هذه الإشارة كان لها  الأثر البالغ و صارت جزء هاما من روح العمل .

تجربة الأديب الراحل ناصر الظفيري تعد من التجارب الهامة في هذا الصدد ، كونه قدّم القضية بعدة قوالب ، فكان العمل المميز " ثلاثية الجهراء " : الصهد – كاليسكا – المسطر ، عملا مرجعيا لحالة البدون في الكويت ، بحيث تناول تفاصيل هذه ( المأساة ) من نشأتها كما في " الصهد " و إلى تبعاتها كما في " كاليسكا " و ثم في المسطر قدم منها وجها آخر أكثر خصوصية يسلط الضوء على العسكريين البدون ، و يتطرق للمغتربين منهم ، و على كل فإن هذا الثلاثية تثري المكتبة الأدبية العربية .
من التجارب الراسخة أيضا تجربة الأديب إسماعيل فهد إسماعيل ، و خصوصا رواية في حضرة العنقاء و الخل الوفي التي اعتبرها البعض أفضل ما قُدّم في هذا الصدد و أصدقه و أشمله .

هنالك أيضا نتاجات أدبية أخرى تستعرض هذا الوجع النابض في عروق المجتمع الكويتي تذكر على سبيل الإشارة لا الحصر مثل رواية ثلاثة من الشمال لخالد تركي ، و نوفيلا صفيح لهنادي الشمري ، و رواية المغيسل لـ موضي رحال و غيرهم ، و من الملفت أن كل هذه الإصدارات قدمت " البدون " بمستويات مختلفة من التلقي ، منها المباشر الغائص في عمق المعاناة ، و منها المرمز الذي يلتف حولها ، و منها ما هو يرسم ارهاصات  النفس المقهورة  .

في استعراضنا لصورة البدون في المواد الأدبية " النثر و الشعر " نجد أن هذه الصورة طُرحت من خلال عدة تقنيات ، فمرة نجد الشخصية محورية ، و مرة نجدها عارضة ، و مرة نجدها ملتصقة بوطن يلفظها ، و مرة تتجرع ألم الغربة و المنفى .
أولا : صورة البدون الأعمال الروائية .

1/ جذور مغروسة في الوطن :
تقدم رواية " في حضرة العنقاء و الخل الوفي " شخصية المنسي بن أبيه الذي يمر بمحكات عديدة  و تحولات شديدة كشخصية تُفرغ عن لسان فئة البدون ، هذه الشخصية التي يتجلى فيها " الولاء " كأكبر عنصر حيوي في التكوين النمطي الروائي ، و تقوم الرواية عن تعزيز هذه الصورة ، و هذا الكيان الرافض – رغم كل الظروف – لمغادرة أرض الوطن رغم قسوة المواجهات .
رغم ذلك نجد أن الرواية تغوص في أدق التفاصيل الشائكة لنمط الحياة اليومية لهذه الشريحة و يمتد خط الرواية الزمني من ولادة الجرح إلى استفحاله .

2/ المنشار ، تشوه الروح في ذكريات ضالة لـ عبد الله البصيص :
رواية ذكريات ضالة لـ عبد الله البصيص رواية شائكة تلج إلى أعمق دهاليز النفس الإنسانية عتمة ، و رغم السرد الموجع و الأحداث الدموية إلا أن ضوءً يشبه ضوء آخر النفق يرشح من هذه الرحلة الروائية ، قدم الكاتب شخصية البدون لكن بصورة مختلفة عن غالبية الأعمال الأدبية حيث توغل في منحنيات النفس المحرومة المقهورة و قادنا بطواعية إلى النتائج دون سطر وعظوي واحد . تسرد الرواية كيف تحول حميد شاكر الفتى المهذب الفائق و " البدون "  إلى " المنشار " ، المجرم الهارب من عدالة مشوهة ، و الذي يصعق النقيب " سلمان " في لحظة كشف مؤثرة بحقيقة معرفتهما السابقة في الطفولة و صداقتهما المفترضة  ، فتنزل الذكريات على على بطل الرواية " النقيب سلمان " و يتجلى السؤال :
" مالذي فعل بك هذا ؟"
ليكون هيكل الرواية ككل هو الإجابة الأشد وجعا .
عبد الله البصيص سار في مسارب روائية جديدة ، و خاص تجربة التجديد في الطرح ، و حمّل المتلقي كل التعاطف دون استدار مستهلك ، كما أنه أرفد رسالة لحوحة بضروة الوعي بالأمور و مآلها .

3/ آلام الغربة و المنفى في ارتطام لم يسمع له دوي :
تقدم الكاتبة بثينة العيسى في روايتها ارتطام لم يسمع له دوي شخصية محورية وهي " ضاري" المرشد الطلابي البدون المغترب في السويد و الذي يتقاطع مساره مع " فرح " الطالبة الكويتية المبتعثة لمسابقة الأولمبياد العلمية ، و الذي يظهر في شحوب السويد بكويتيته الزاهية ، من عادات و تقاليد و ذوق في الأكل و الشرب كصحن "صب القفشة " و دلة القهوة ، و حتى في ممارسات الحياة الاعتيادية اليومية .

ركض في حلم المُقعد
البدون في الأعمال الروائية والشعرية
 
يقوم الأدب على إرفاد همّ الكائن و قلقه و تطلعاته ، حيث يخلق الأديب مادته من صلصال الوجع الإنساني مشكلا بذلك صوتا خاصا لشخوصه . و كلما تعمّق الناص في الحالة و عزز مادته بالصور الشاملة و التفاصيل الدقيقة بأدوات ناجحة استطاع أن يوصل الرسالة الأدبية التي يرومها بنفاذ و ذكاء.
شخصية البدون في الأعمال الأدبية تنوعت بتنوع الكتّاب و طرائق التقديم ، فاستطاع البعض أن يرسم هذه الشخصية بطريقة واعية تبتعد عن التراجيديا المسطحة و حصرها في إطار التعاطف ، بل قدّمها لقلق كوني يرفد أصل القضية و امتدادها ، و هناك من ضمنّها بصورة إشارة في العمل الأدبي لا كمحور أساسي للنص  إلا أن هذه الإشارة كان لها  الأثر البالغ و صارت جزء هاما من روح العمل .

تجربة الأديب الراحل ناصر الظفيري تعد من التجارب الهامة في هذا الصدد ، كونه قدّم القضية بعدة قوالب ، فكان العمل المميز " ثلاثية الجهراء " : الصهد – كاليسكا – المسطر ، عملا مرجعيا لحالة البدون في الكويت ، بحيث تناول تفاصيل هذه ( المأساة ) من نشأتها كما في " الصهد " و إلى تبعاتها كما في " كاليسكا " و ثم في المسطر قدم منها وجها آخر أكثر خصوصية يسلط الضوء على العسكريين البدون ، و يتطرق للمغتربين منهم ، و على كل فإن هذا الثلاثية تثري المكتبة الأدبية العربية .
من التجارب الراسخة أيضا تجربة الأديب إسماعيل فهد إسماعيل ، و خصوصا رواية في حضرة العنقاء و الخل الوفي التي اعتبرها البعض أفضل ما قُدّم في هذا الصدد و أصدقه و أشمله .

هنالك أيضا نتاجات أدبية أخرى تستعرض هذا الوجع النابض في عروق المجتمع الكويتي تذكر على سبيل الإشارة لا الحصر مثل رواية ثلاثة من الشمال لخالد تركي ، و نوفيلا صفيح لهنادي الشمري ، و رواية المغيسل لـ موضي رحال و غيرهم ، و من الملفت أن كل هذه الإصدارات قدمت " البدون " بمستويات مختلفة من التلقي ، منها المباشر الغائص في عمق المعاناة ، و منها المرمز الذي يلتف حولها ، و منها ما هو يرسم ارهاصات  النفس المقهورة  .

في استعراضنا لصورة البدون في المواد الأدبية " النثر و الشعر " نجد أن هذه الصورة طُرحت من خلال عدة تقنيات ، فمرة نجد الشخصية محورية ، و مرة نجدها عارضة ، و مرة نجدها ملتصقة بوطن يلفظها ، و مرة تتجرع ألم الغربة و المنفى .
أولا : صورة البدون الأعمال الروائية .

1/ جذور مغروسة في الوطن :
تقدم رواية " في حضرة العنقاء و الخل الوفي " شخصية المنسي بن أبيه الذي يمر بمحكات عديدة  و تحولات شديدة كشخصية تُفرغ عن لسان فئة البدون ، هذه الشخصية التي يتجلى فيها " الولاء " كأكبر عنصر حيوي في التكوين النمطي الروائي ، و تقوم الرواية عن تعزيز هذه الصورة ، و هذا الكيان الرافض – رغم كل الظروف – لمغادرة أرض الوطن رغم قسوة المواجهات .
رغم ذلك نجد أن الرواية تغوص في أدق التفاصيل الشائكة لنمط الحياة اليومية لهذه الشريحة و يمتد خط الرواية الزمني من ولادة الجرح إلى استفحاله .

2/ المنشار ، تشوه الروح في ذكريات ضالة لـ عبد الله البصيص :
رواية ذكريات ضالة لـ عبد الله البصيص رواية شائكة تلج إلى أعمق دهاليز النفس الإنسانية عتمة ، و رغم السرد الموجع و الأحداث الدموية إلا أن ضوءً يشبه ضوء آخر النفق يرشح من هذه الرحلة الروائية ، قدم الكاتب شخصية البدون لكن بصورة مختلفة عن غالبية الأعمال الأدبية حيث توغل في منحنيات النفس المحرومة المقهورة و قادنا بطواعية إلى النتائج دون سطر وعظوي واحد . تسرد الرواية كيف تحول حميد شاكر الفتى المهذب الفائق و " البدون "  إلى " المنشار " ، المجرم الهارب من عدالة مشوهة ، و الذي يصعق النقيب " سلمان " في لحظة كشف مؤثرة بحقيقة معرفتهما السابقة في الطفولة و صداقتهما المفترضة  ، فتنزل الذكريات على على بطل الرواية " النقيب سلمان " و يتجلى السؤال :
" مالذي فعل بك هذا ؟"
ليكون هيكل الرواية ككل هو الإجابة الأشد وجعا .
عبد الله البصيص سار في مسارب روائية جديدة ، و خاص تجربة التجديد في الطرح ، و حمّل المتلقي كل التعاطف دون استدار مستهلك ، كما أنه أرفد رسالة لحوحة بضروة الوعي بالأمور و مآلها .

3/ آلام الغربة و المنفى في ارتطام لم يسمع له دوي :
تقدم الكاتبة بثينة العيسى في روايتها ارتطام لم يسمع له دوي شخصية محورية وهي " ضاري" المرشد الطلابي البدون المغترب في السويد و الذي يتقاطع مساره مع " فرح " الطالبة الكويتية المبتعثة لمسابقة الأولمبياد العلمية ، و الذي يظهر في شحوب السويد بكويتيته الزاهية ، من عادات و تقاليد و ذوق في الأكل و الشرب كصحن "صب القفشة " و دلة القهوة ، و حتى في ممارسات الحياة الاعتيادية اليومية .


>>Click here to continue<<

قراءات




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)