TG Telegram Group & Channel
قراءات | United States America (US)
Create: Update:

حدائقهن المعلقة لـ د نجمة إدريس :
رواية المكان و الوجوه و الأماني و نبش الذات .

عند قراءتي لـ رواية حدائقهن المعلقة لـ د نجمة إدريس و الصادرة عن دار الآداب ، و عند تقليبي للصفحات و التوقف عند السطور ، كنت أحدّث نفسي أن هذه الرواية تشبه تحليقا مديدا ، سخيا و محببا .

و رغم أنها لا تشبه أية رواية قرأتها سلفا - أنا التي أقرأ في الشهر نحو ٦ روايات - إلا أن هذه الرواية تشبه الحياة ، أو لنقل أنها ترسم حيوات متقاطعة ، و متداخلة باحترافية و صدق و إقناع يُرضخ تمرد القارئ و يستجلب إقراره .

و عندما فكرت بعد أن أرحت دفتي الرواية عن أبرز سمة شدتني فيها ، فكرت أن الإجابة هي كل مافيها ، رغم أنها تعتبر من الروايات المعتنية بتفاصيل التفاصيل و التي قد يجدها البعض مثقلة للنص السردي ، إلا أني شعرت أن التفاصيل كانت متناغمة و مكون أساسي لروح العمل .

و ربما أوضحت الكاتبة - منال - و هي إحدى شخصيات الرواية و التي قُدمت كناصة فعلية في حيلة روائية متوقدة و بليغة أن التفاصيل في هذا السرد هي نقاط مضيئة تومض في غبش الأسئلة ، و ترسم ملامح ديناميكية حية للمكان و الشخوص .

-الأماكن : موائل و أوطان مستعارة .

رغم أن مدينة لندن هي المحتضنة للأحداث الأبرز في الرواية ، و المكان الذي منه و إليه يولد السرد و يؤول ، إلى أن الرواية أخذت بالمتلقي إلى أماكن عدة كان لها ملمحا خاصا في التصور .
لقد سافر المتلقي إلى أربد و الزرقاء مع سهام ، و إلى مصر و الكويت و العراق و جدة و ليبيا ، كانت الأمكنة تتضافر لتشكل وجه وطن الروح الكبير بجراحه و هناءاته و ذكرياته ، و تتصير - حسب أحساسيس شخصية المحور السردي - إلى بيئة أليفة أو طاردة ، فسهام على سبيل المثال تعود من غربة لندن إلى أُلفة الوطن فتتبلل الأشياء و تتداخل ، فتصير الغربة هي الوطن ، و الشقة الساكنة في المهجر و منمنماتها و مافيها من حِسّ الأصدقاء هي المرفأ بينما يصير بيت الطفولة موحشا تغيم فيه الذات و تذوب مع ساكنيه .
و أعتقد أن الكاتبة ترسخ من خلال هذه التركيبة السردية فكرة أن الأشياء تتشكل كما نراها نحن .

-الشخصيات : نسيج العوالم الإنسانية .

الرواية مرصعة بشخصيات عديدة ، ركائزية كـ سهام و منال و متشعبة كـ نجوى و سميحة و هشام و عبد المنعم و أروى و يوسف ، و رمزية كـ ياسر ، و هامشية كـ آية . و هذه الشخصيات على سبيل المثال لا الحصر في النص ، ذلك أن الرواية ضاجة بالشخصيات بالفعل .
و بقراءة مركزة وجدت أن كل شخصية كانت تعطي بُعدا إنسانيا يُستوقف ، و لا يمكن أن يتم عبوره دون شهقة دهشة ، حتى تلك الشخصيات التي حضرت سريعا كزوجة أب منال أو إخوتها الذين ذكروا بسطر واحد لكنه كشف عن سماتهم المهمة ، لقد تمخضت الرواية عن مجتمع إنساني مديد و اشتغلت على كشف دخائلهم عبر حوارات جوانية و برانية ، و نبشت في ذواتهم ، ما هم عليه و ما يظنونه بأنفسهم و ما يريدون ، هذا المجتمع القريب جدا من الشمولية يجعلني أؤكد أن ما من قارئ إلا ووجد عبر هذا النص مرآة ما عكست ملامحه أو جزءا منها .

و على سبيل المثال أيضا أتعرض لشخصية سهام ، المرأة التي صار التفاني هو حجر الزاوية في شخصيتها ، و التي تجد في خدمة الآخرين و تلبية احتياجاتهم لذة و سكينة ، و تجد في روحها متسعا دائما للتجاوز عن الأخطاء و المعذرة ، كما أنها المقربة من الجميع ، و التي تجيد - بمهارة النفاذ إلى أعماقهم - تهدئة حتى المتمردين منهم مثل آية .
مثل هذه الشخصية قد تُسقط الناص في فخ الرسم المثالي لشخصية قلما توجد ، وقد تترك القارئ في حالة عدم اقتناع ، لكن هنا في حدائقهن المعلقة كانت شخصية سهام حقيقية جدا ، مقنعة و من لحم و دم ، نافذة إلى أعمق أعماق المتلقي ليصدق وجودها .

و بجانب هذه الشخصية نجد شخصية منال ، التي قُدمت عبر ضفتين ، منال الطالبة الكويتية المغتربة في لندن ، و منال الكاتبة التي تتواصل مع سهام مراسلة للغرف من مؤونة الذكريات و كتابة الرواية ، بالطبع الشخصيتين مقدمتان كشخصية واحدة ، لكن منال الكاتبة تعترف أنها حورت الكثير من الشخصيات و تدخلت بالأحداث ، و كما تتطرق سهام في معرض الحديث عن ياسر العراقي الأديب و الثائر في رسالتها إلى منال و تنوه إلى احتمالية كونه مجرد طيف أو رمز لشريحة كبرى من الثائرين .
و من الملاحظ أيضا أن الفصول التي سردت الأحداث الملتصقة بمنال أتت بسرد الراوي العليم و لم تأت بتقنية تيار الوعي مما يعزز نظرية الفصل بين الشخصيتين أو يضع بعض الحدود .
لكن ما استوقفني هو تصرف منال في موقفين ، منال الشخصية بالطبع ، و جعلني أدقق في المثال الذي تقدمه الناصة .
الموقف الأول - و الذي لم أتفهمه - هو تغييرها لإسم ياسر أعظمي المذيل لمقالته ، هذا التصرف و إن بدا منها بدافع الحرص إلا أنه غير مفهوم و مستغرب .

حدائقهن المعلقة لـ د نجمة إدريس :
رواية المكان و الوجوه و الأماني و نبش الذات .

عند قراءتي لـ رواية حدائقهن المعلقة لـ د نجمة إدريس و الصادرة عن دار الآداب ، و عند تقليبي للصفحات و التوقف عند السطور ، كنت أحدّث نفسي أن هذه الرواية تشبه تحليقا مديدا ، سخيا و محببا .

و رغم أنها لا تشبه أية رواية قرأتها سلفا - أنا التي أقرأ في الشهر نحو ٦ روايات - إلا أن هذه الرواية تشبه الحياة ، أو لنقل أنها ترسم حيوات متقاطعة ، و متداخلة باحترافية و صدق و إقناع يُرضخ تمرد القارئ و يستجلب إقراره .

و عندما فكرت بعد أن أرحت دفتي الرواية عن أبرز سمة شدتني فيها ، فكرت أن الإجابة هي كل مافيها ، رغم أنها تعتبر من الروايات المعتنية بتفاصيل التفاصيل و التي قد يجدها البعض مثقلة للنص السردي ، إلا أني شعرت أن التفاصيل كانت متناغمة و مكون أساسي لروح العمل .

و ربما أوضحت الكاتبة - منال - و هي إحدى شخصيات الرواية و التي قُدمت كناصة فعلية في حيلة روائية متوقدة و بليغة أن التفاصيل في هذا السرد هي نقاط مضيئة تومض في غبش الأسئلة ، و ترسم ملامح ديناميكية حية للمكان و الشخوص .

-الأماكن : موائل و أوطان مستعارة .

رغم أن مدينة لندن هي المحتضنة للأحداث الأبرز في الرواية ، و المكان الذي منه و إليه يولد السرد و يؤول ، إلى أن الرواية أخذت بالمتلقي إلى أماكن عدة كان لها ملمحا خاصا في التصور .
لقد سافر المتلقي إلى أربد و الزرقاء مع سهام ، و إلى مصر و الكويت و العراق و جدة و ليبيا ، كانت الأمكنة تتضافر لتشكل وجه وطن الروح الكبير بجراحه و هناءاته و ذكرياته ، و تتصير - حسب أحساسيس شخصية المحور السردي - إلى بيئة أليفة أو طاردة ، فسهام على سبيل المثال تعود من غربة لندن إلى أُلفة الوطن فتتبلل الأشياء و تتداخل ، فتصير الغربة هي الوطن ، و الشقة الساكنة في المهجر و منمنماتها و مافيها من حِسّ الأصدقاء هي المرفأ بينما يصير بيت الطفولة موحشا تغيم فيه الذات و تذوب مع ساكنيه .
و أعتقد أن الكاتبة ترسخ من خلال هذه التركيبة السردية فكرة أن الأشياء تتشكل كما نراها نحن .

-الشخصيات : نسيج العوالم الإنسانية .

الرواية مرصعة بشخصيات عديدة ، ركائزية كـ سهام و منال و متشعبة كـ نجوى و سميحة و هشام و عبد المنعم و أروى و يوسف ، و رمزية كـ ياسر ، و هامشية كـ آية . و هذه الشخصيات على سبيل المثال لا الحصر في النص ، ذلك أن الرواية ضاجة بالشخصيات بالفعل .
و بقراءة مركزة وجدت أن كل شخصية كانت تعطي بُعدا إنسانيا يُستوقف ، و لا يمكن أن يتم عبوره دون شهقة دهشة ، حتى تلك الشخصيات التي حضرت سريعا كزوجة أب منال أو إخوتها الذين ذكروا بسطر واحد لكنه كشف عن سماتهم المهمة ، لقد تمخضت الرواية عن مجتمع إنساني مديد و اشتغلت على كشف دخائلهم عبر حوارات جوانية و برانية ، و نبشت في ذواتهم ، ما هم عليه و ما يظنونه بأنفسهم و ما يريدون ، هذا المجتمع القريب جدا من الشمولية يجعلني أؤكد أن ما من قارئ إلا ووجد عبر هذا النص مرآة ما عكست ملامحه أو جزءا منها .

و على سبيل المثال أيضا أتعرض لشخصية سهام ، المرأة التي صار التفاني هو حجر الزاوية في شخصيتها ، و التي تجد في خدمة الآخرين و تلبية احتياجاتهم لذة و سكينة ، و تجد في روحها متسعا دائما للتجاوز عن الأخطاء و المعذرة ، كما أنها المقربة من الجميع ، و التي تجيد - بمهارة النفاذ إلى أعماقهم - تهدئة حتى المتمردين منهم مثل آية .
مثل هذه الشخصية قد تُسقط الناص في فخ الرسم المثالي لشخصية قلما توجد ، وقد تترك القارئ في حالة عدم اقتناع ، لكن هنا في حدائقهن المعلقة كانت شخصية سهام حقيقية جدا ، مقنعة و من لحم و دم ، نافذة إلى أعمق أعماق المتلقي ليصدق وجودها .

و بجانب هذه الشخصية نجد شخصية منال ، التي قُدمت عبر ضفتين ، منال الطالبة الكويتية المغتربة في لندن ، و منال الكاتبة التي تتواصل مع سهام مراسلة للغرف من مؤونة الذكريات و كتابة الرواية ، بالطبع الشخصيتين مقدمتان كشخصية واحدة ، لكن منال الكاتبة تعترف أنها حورت الكثير من الشخصيات و تدخلت بالأحداث ، و كما تتطرق سهام في معرض الحديث عن ياسر العراقي الأديب و الثائر في رسالتها إلى منال و تنوه إلى احتمالية كونه مجرد طيف أو رمز لشريحة كبرى من الثائرين .
و من الملاحظ أيضا أن الفصول التي سردت الأحداث الملتصقة بمنال أتت بسرد الراوي العليم و لم تأت بتقنية تيار الوعي مما يعزز نظرية الفصل بين الشخصيتين أو يضع بعض الحدود .
لكن ما استوقفني هو تصرف منال في موقفين ، منال الشخصية بالطبع ، و جعلني أدقق في المثال الذي تقدمه الناصة .
الموقف الأول - و الذي لم أتفهمه - هو تغييرها لإسم ياسر أعظمي المذيل لمقالته ، هذا التصرف و إن بدا منها بدافع الحرص إلا أنه غير مفهوم و مستغرب .


>>Click here to continue<<

قراءات




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)