دورة حياة المعايشة اليومية
قراءة في نص دائرة لـ مريم المدحوب :
القصة القصيرة فن أخاذ ، يعطي للقارئ تصورا ذو سعة رغم قصر حجم النص و محدوديته بالحدث الواحد المتنامي .
و أجمل القصص هي التي تغوص في ضجيج الحياة اليومية و تفتح أبواب البيوت و تحصد من جدرانها و حجراتها و دخائل سكانها ملامح الحياة المعاشة . فإذا كان فن سرد الواقعية السحرية خلابا و يرحل بالمتلقي إلى ضفاف الاكتشاف المبهر فإن سرد المدرسة الواقعية يضمّن صرخات الواقع و هموم و قضايا خبزنا اليومي .
و في نص مريم المدحوب دائرة ، نجد ملامح تلك الحياة - الدائرة - في كل بيت ، اقتسامات المآزم الداخلية بين رغبات المجتمع المستهلك و متاعب الكد و العمل و توفير صور المعيشة النابضة ببريق المادة .
و الجميل أن النص أعطى تلك الصورة بعفوية و دون تكلّف غرائبي مما شعرت به - كمتلقي - أنه القالب الأنسب لتقديم مثل هذه الحالة .
- العنوان :
الدائرة لفظة لها عدة مدلولات ، و كنص قصصي قصير تفتح مثل هذه العناوين المؤولة أبواب التخمين ، خصوصا و أن المتلقي سيجد العلاقة الوثيقة بين العنوان و النص في قفلة القصة .
فالدائرة توحي بممارساتنا اليومية ، أو بأمر يبدأ ثم يؤوب إلى نقطة البداية ، و هذا ما حققه النص .
كما تواجدت في النص أيضا مدلولات أخرى تعزز سلامة اختيار الناصة لهذا العنوان .
- الشخصيات :
اتكأ النص على شخصية واحدة ( الساردة زهور) ، رغم أنه يتضمن شخصية أخرى ( الزوج حسن ) ، إلا أن النص قام على الشخصية الأولى و انفعالاتها و علاقاتها تجاه الشخوص و الأشياء .
الشخصية هنا تأخذ ملامح الطابع العام لشريحة كبيرة في مجتمعنا الاستهلاكي ، و هي شخصية المرأة المتطلبة ، التي تسعى لمواكبة مظاهر الحياة الدائرة ، لكن المميز أن الناصة تقدم تلك الشخصية بكامل تضاريسها دون تسطيح وفق مفهوم ( الخير و الشر ) ، فلم تبالغ في جعلها امرأة أنانية و غير عابئة بظروف الحياة الاقتصادية لأسرتها و ذلك في كونها تتفهم الحالة في مآل القصة ، و لا تقدّمها بطريقة المرأة المثالية ( الزاهدة تماما ) وهو نموذج يندر وجوده .
الأهم أنها في تقديمها لشخصية ( مفهومة ) و تصعيد النص بذروة تخدم فكرة سامية و هي التفهم و التضحية تقدم الناصة هنا رسالتها بصورة مناسبة و مقبولة و متوافقة مع الفكرة الشمولية للعمل الصائب .
- اللغة :
جاءت لغة النص واضحة تماما مما يناسب المدرسة الواقعية ، و يناسب الحدث ، كما ضمنت الكاتبة الحوارات باللغة المحكية .
>>Click here to continue<<