سكين النحت
ينحت في صلصال الإنسان وجع العالم
لطالما أُعجبت بحيلة الكاتب الذي يمرر وجعه دون اللجوء إلى اللغة البكاءة ، و يرسم المحنة و القلق و الخيبة و السؤال عبر تشكيل لغوي قادر على القفز على حواجز المحدود إلى اللا محدود ، فيصير النص حينها ناطقا بوجعه الأصيل و قادرا على قول المزيد ، أو يصير بؤرة مانحة بلا حد .
الكاتبة أفراح الهندال في مجموعتها القصصية " سكين النحت " و الصادرة حديثا عبر المؤسسة العربية للدراسات و النشر تلتقط من قلق الكائن ما يشكل منظومة فنية كبرى ، تستنطق الإنسان و الكون ، و مأزق الوجود في عالم مجنون تتوارى إنسانيته و تتبدى وحشيته .
جاءت المجموعة متنوعة ، تقدم قصصا قصيرة و قصصا قصيرة جدا ، تنظمها الناصة وفق نسق خاص ، تبدؤه بعتبة مقتنصة من مقتبسات تتفاعل تفاعلا خاصا مع النصوص المتوالية ، ليصير المضمون الكلي متناغما ، سيالا بالنسق و العتبات ، مما يرفع منسوب التأثير .
حاورت الناصة قضايا عديدة ، من فردانية الذات إلى وجع العالم ، من الطفولة المسحوقة إلى حيرة الجدة التي تطلب اهتماما عبر دخولها إلى أبواب البيت المختلفة و قطعها أحاديث الأحفاد ، من شتات الحروب إلى هواجس الكُتاب و أخيلة الشعراء ، من جوع الفقراء إلى أقفاص الأُسر المسمومة التي تخاف من ريش ينبت في خيال أفرادها المقيدين .
تقول الناصة في نص غرفتب قفص صغير :
" عرفت أنه كان يُفتش عن الريش في غرفتي حين وجدت من بين الأوراق المجعدة قصاصة كتبتُ فيها " ليتني حمامة " .
.
.
مجموعة سكين النحت تؤكد أن القصة منظومة فنية كاملة ، قادرة عبر أدواتها الجادة على سحب أنفاس المتلقي ، إذ جاءت لغة الكاتبة مانحة و مديرة لعجلة الحدث و ما قبله و ما بعده ، و تكوين النص بشكل عام بدا ملغوما بالاحتمالات التي تفجر آفاقا " ممكنة " للحكاية .
>>Click here to continue<<