TG Telegram Group & Channel
قراءات | United States America (US)
Create: Update:

بطولة السؤال
الترحال في رواية " جوّاب" للكاتب أحمد لاري
 
" ليس المهم كثرة الإجابات ياعلي ، بقدر ما يهم أن تبقى جذوة العدل مشتعلة في ذاتك . تلك الرغبة و الشغف في البحث عنه حتى آخر رمق لك في هذه الدنيا "
 
عند الحديث عن فاعلية الرحلة في عمل سردي ما ، علينا التمييز بين أدب الرحلات الذي يقدم تجربة معرفية ذاتية تتفاعل بين الذات و " تنوع المكان " ، و بين السرد الذي يتخذ من ملامح الرحلة حبكة خاصة ، يقدم من خلاله " تحولات " الشخصية و تناميها عبر انتقالها من مكان إلى آخر . و لعل رواية " جوّاب " – و هي العمل الأول للكاتب أحمد لاري – تبدو كتلك الروايات التي تقوم حبكتها على رحلة البطل ، غير أننا في محاولة التلقي الأعمق للعمل ندرك أننا في مواجهة مع بطل الرواية المطلق ..و هو السؤال .
و لعلّ عنوان الرواية مهّد لهذه الحقيقة ، و هو من العناوين الدالة التي تقبل القراءة بوجهين ، فمن جهة قد نقرأ العنون كما رسم على الغلاف بالواو المشددة ، و الذي يحيلنا لرحلة الشخصية و انتقالاتها ، و قد نقرأ العنوان دون الشدة فيكون " جواب " . و هذه عتبة ذكية للنص تُحيل لعدة مستويات من الفهم . أذكر أن الروائي الكويتي خالد النصر الله اشتغل في روايته  " الدرك الأعلى " على هذا النوع من العناوين الدالة فصارت عتبة النص بين الدرك المكاني و الإدراك المعرفي .
و رحلة شخصية النص أيضا كانت بعدة وجوه ، فهي رحلة زمانية ينتقل فيها " علي " من حقبة لأخرى متخذا أسماء عدة بين علي في الحاضر ، و آريا في زمن حمورابي ، و إليكسوس في زمن أفلاطون ، و أسماء أخرى في حقب أخرى . و هي رحلة أيضا مكانية تنتقل فيها الشخصية متفاعلة مع تغيرات المكان في زمن واحد ، كما أنها و كما يبدو رحلة في الذات الخالصة و هي تواجه الأسئلة ملاحقة للإجابة ، و بحثا عن أفق يكفل قيمة العدالة .

-تفاعل العناصر :
تبحث الرواية عبر فصولها عن معنى العدل و حقيقة تطبيقه ، و تتخذ من التاريخ رافدا متدفقا لتطوير الحدث ، كما تتشعب من الفكرة الأساسية قضايا فرعية – معاصرة - كثيرة تشرح هم الكاتب و قلقه الذاتي كون أن الرواية الأولى غالبا ما تكون شديدة التماس مع كاتبها . فقد نوقشت قضية البدون التي تجسدت في شخصيتي " عبدالله و وليد الذي تبدل اسمه –في بُعد آخر – إلى آدم ، وفي ذلك ترادف ضمني بين الولادة " وليد"  و تجديد الهوية " آدم "  ، كما أشير إلى الفرق بين العدل و المساواة عبر سرد ملامح من حياة طبقة العمال في الزمن الحاضر و الماضي ، و مآلات العقوبات المتعسفة بحق الطبقات الكادحة و المسحوقة . غير أنه من الجلي أن روافد أخرى ضخت في عروق العمل ، كالأنثربلوجيا و الفلسفة ، فصارت تلك العناصر معا تتفاعل لتشكل جسد و روح الرواية .

-اللغة و السرد :
نحن في هذا العمل في تلاق مستمر مع معلومات متنامية و مكثفة ، و مع أفكار تفتح صناديق أفكار أخرى ، لذا بدت لغة النص الواضحة و الجادة هي الأنسب لتمرير روحه و أفكاره . كما أن شكل النص الذي صُب أغلبه في قالب السرد المشهدي و عبر الحوارات ما بين الشخوص ساهم في " تسييل " فكرته الأساسية و إتاحتها بقدر وافر من اللطف .
و على أن النص متنوع الزمان و المكان إلا أن الكاتب حافظ على اللغة الواضحة التي لم تتأثر بالحقبة التاريخية المستمرة التغيير ، ولم تتأثر بتغير المكان .

-الشخصيات :
تعتبر الشخصية الروائية عاملا حاسما في النص ، و العنصر الأكثر تفاعلا مع الحدث . و في " جواب " شخصيات عديدة، و متنوعة ، و من حقب زمنية مختلفة .
و لعل شخصية " علي" ، المرتحل و المُغامر والقلق بمصير الإنسان هي الشخصية الأبرز في النص تقابلها شخصية " أبو يوسف " في توليفة ( المعلم و الباحث عن الجواب ) ، غير أن هاتين الشخصيتين و غيرهما من الشخصيات التي ظهرت في نسيج الرواية ، لم تكن هي الناهضة بالحدث ، بل كانت متأثرة بالرحلة ، بل بسؤال الرحلة على وجه دقيق، لذا كان هذا السؤال هو محرك الرواية الأساسي الذي من خلاله تمت التفاعلات ، و في سبيله تعدد الترحال و استنطقت الأجوبة و تمت محاورتها و مناقشتها للوصول للحقيقة .

 

بطولة السؤال
الترحال في رواية " جوّاب" للكاتب أحمد لاري
 
" ليس المهم كثرة الإجابات ياعلي ، بقدر ما يهم أن تبقى جذوة العدل مشتعلة في ذاتك . تلك الرغبة و الشغف في البحث عنه حتى آخر رمق لك في هذه الدنيا "
 
عند الحديث عن فاعلية الرحلة في عمل سردي ما ، علينا التمييز بين أدب الرحلات الذي يقدم تجربة معرفية ذاتية تتفاعل بين الذات و " تنوع المكان " ، و بين السرد الذي يتخذ من ملامح الرحلة حبكة خاصة ، يقدم من خلاله " تحولات " الشخصية و تناميها عبر انتقالها من مكان إلى آخر . و لعل رواية " جوّاب " – و هي العمل الأول للكاتب أحمد لاري – تبدو كتلك الروايات التي تقوم حبكتها على رحلة البطل ، غير أننا في محاولة التلقي الأعمق للعمل ندرك أننا في مواجهة مع بطل الرواية المطلق ..و هو السؤال .
و لعلّ عنوان الرواية مهّد لهذه الحقيقة ، و هو من العناوين الدالة التي تقبل القراءة بوجهين ، فمن جهة قد نقرأ العنون كما رسم على الغلاف بالواو المشددة ، و الذي يحيلنا لرحلة الشخصية و انتقالاتها ، و قد نقرأ العنوان دون الشدة فيكون " جواب " . و هذه عتبة ذكية للنص تُحيل لعدة مستويات من الفهم . أذكر أن الروائي الكويتي خالد النصر الله اشتغل في روايته  " الدرك الأعلى " على هذا النوع من العناوين الدالة فصارت عتبة النص بين الدرك المكاني و الإدراك المعرفي .
و رحلة شخصية النص أيضا كانت بعدة وجوه ، فهي رحلة زمانية ينتقل فيها " علي " من حقبة لأخرى متخذا أسماء عدة بين علي في الحاضر ، و آريا في زمن حمورابي ، و إليكسوس في زمن أفلاطون ، و أسماء أخرى في حقب أخرى . و هي رحلة أيضا مكانية تنتقل فيها الشخصية متفاعلة مع تغيرات المكان في زمن واحد ، كما أنها و كما يبدو رحلة في الذات الخالصة و هي تواجه الأسئلة ملاحقة للإجابة ، و بحثا عن أفق يكفل قيمة العدالة .

-تفاعل العناصر :
تبحث الرواية عبر فصولها عن معنى العدل و حقيقة تطبيقه ، و تتخذ من التاريخ رافدا متدفقا لتطوير الحدث ، كما تتشعب من الفكرة الأساسية قضايا فرعية – معاصرة - كثيرة تشرح هم الكاتب و قلقه الذاتي كون أن الرواية الأولى غالبا ما تكون شديدة التماس مع كاتبها . فقد نوقشت قضية البدون التي تجسدت في شخصيتي " عبدالله و وليد الذي تبدل اسمه –في بُعد آخر – إلى آدم ، وفي ذلك ترادف ضمني بين الولادة " وليد"  و تجديد الهوية " آدم "  ، كما أشير إلى الفرق بين العدل و المساواة عبر سرد ملامح من حياة طبقة العمال في الزمن الحاضر و الماضي ، و مآلات العقوبات المتعسفة بحق الطبقات الكادحة و المسحوقة . غير أنه من الجلي أن روافد أخرى ضخت في عروق العمل ، كالأنثربلوجيا و الفلسفة ، فصارت تلك العناصر معا تتفاعل لتشكل جسد و روح الرواية .

-اللغة و السرد :
نحن في هذا العمل في تلاق مستمر مع معلومات متنامية و مكثفة ، و مع أفكار تفتح صناديق أفكار أخرى ، لذا بدت لغة النص الواضحة و الجادة هي الأنسب لتمرير روحه و أفكاره . كما أن شكل النص الذي صُب أغلبه في قالب السرد المشهدي و عبر الحوارات ما بين الشخوص ساهم في " تسييل " فكرته الأساسية و إتاحتها بقدر وافر من اللطف .
و على أن النص متنوع الزمان و المكان إلا أن الكاتب حافظ على اللغة الواضحة التي لم تتأثر بالحقبة التاريخية المستمرة التغيير ، ولم تتأثر بتغير المكان .

-الشخصيات :
تعتبر الشخصية الروائية عاملا حاسما في النص ، و العنصر الأكثر تفاعلا مع الحدث . و في " جواب " شخصيات عديدة، و متنوعة ، و من حقب زمنية مختلفة .
و لعل شخصية " علي" ، المرتحل و المُغامر والقلق بمصير الإنسان هي الشخصية الأبرز في النص تقابلها شخصية " أبو يوسف " في توليفة ( المعلم و الباحث عن الجواب ) ، غير أن هاتين الشخصيتين و غيرهما من الشخصيات التي ظهرت في نسيج الرواية ، لم تكن هي الناهضة بالحدث ، بل كانت متأثرة بالرحلة ، بل بسؤال الرحلة على وجه دقيق، لذا كان هذا السؤال هو محرك الرواية الأساسي الذي من خلاله تمت التفاعلات ، و في سبيله تعدد الترحال و استنطقت الأجوبة و تمت محاورتها و مناقشتها للوصول للحقيقة .

 


>>Click here to continue<<

قراءات




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)