TG Telegram Group & Channel
الفيلسوف الجديد | United States America (US)
Create: Update:

على غرار ذلك، فعلاقة العديد من المؤمنين المعاصرين بالأديان، يغلب عليها طابع الحيادية وأخذ المسافة. فهم يؤمنون دون التصديق الفعلي لإمكانية وجود خالق للكون، بنفس الطريقة التي يؤمن بها الآخرون بوجود الأشباح أو بتناسخ الأرواح، لكن، من دون أن يكون إيمانهم شبيها بإيمان العجائز.

كثيرة هي المعتقدات التي تدور في منطقة عقلية وسطى بين اليقين، الشك وأمل غير مؤكد بأن هناك "شيئا ما". هذا الميل نحو تخصيص حيز صغير لعدم التصديق، راجع إلى بنية عقائدية تتميز بالمرونة والغموض.

-- عندما يفقد الخطاب بريقه --

رغم كل هذه المحاولات من أجل إعادة صياغته، فالدين لا يصمد دائما. حتى أن تاريخ الأديان، هو عبارة عن تاريخ متجدد من الاحتجاجات، الهرطقات، الشك والطعن في أركان العقيدة. عمليا، وفي كل العصور، اضطرت الأديان (المسيحية، الإسلام، البوذية، الطاوية، الهندوسية..) إلى تجديد دمائها من أجل الاستمرار في الوجود.

لقد وجدت مختلف الحركات الدينية المهيمنة نفسها، دائما، في مواجهة المعارضين، "البروتستنتيين" و المنشقين. الأزمات الداخلية، هي من جعلت هؤلاء يقومون بتجديد المذاهب وإصلاحها. وهنا يكمن أحد هم أسباب استمرار الأديان : قدرتها على الانبعاث من جديد كطائر الفينيق. كل ديانة هي عبارة عن بدء أبدي ومتكرر.

#هل_الإيمان_حاجة_إنسانية؟

قبل قرن من الآن، انكب العديد من علماء النفس على تحليل الأسس النفسية للأديان.

- سغموند فرويد (1856-1939) : خصص العديد من الكتب للحديث عن الأديان. في كتابه "الطوطم والتابو" (1913)، يرى في الدين مجرد تعبير عن شعور بالذنب اتجاه الأب ومصدر لجميع المحرمات (الجنسية والغذائية). وأيضا في كتابه "مستقبل وهم" (1927)، يعتبر الأديان كشكل من أشكال التقهقر نحو المشاعر الطفولية. فطاعة الإنسان للإله شبيهة بطاعة الطفل لوالديه. في مواجهة نوائب الزمن، يحس الإنسان بأنه عاجز، فيلجأ إلى رمز أبوي مثالي، قادر على مد يد العون إليه والإحساس بمعاناته.

- ويليام جيمس (1842- 1910) : اهتم بتنوع التجارب الدينية. هذه التجارب تتميز بالتنوع والاختلاف، انطلاقا من التزمت (التقيد بالطقوس) وصولا إلى التجربة الصوفية التي تتيح لحظات وَجْدية، مرورا بالموقف الرسالي الذي يعني التزاما اجتماعيا. تنوع التجارب معناه تنوع في الانتظارات والمكافئات التي يتيحها دين ما. الأديان ليست مسألة خطئ أو صواب، لكنها تفيد في مواجهة مصاعب الحياة.

- علماء النفس التطوريين ( سكوت أتران وباسكال بوير) : يعتبرون الطقوس والعقائد الدينية مجردت "ظواهر طبيعية" مرتبطة بتكوين معين للدماغ البشري. الاعتقاد في وجود أرواح لا مرئية قادرة على التأثير في حياتنا، راجع إلى نشاط خلايا دماغية فطرية تضفي رغبات متسترة على ظواهر طبيعية.

- ميشال أرجيل (1925-2002) : وهو أخصائي في علم النفس الاجتماعي للديانات، قام بعدة أعمال حول العلاقة بين الدين ورغد العيش والصحة الجيدة، مبينا أن الصلاة، العبادة وأعمال الخير تتيح حياة أفضلا للمؤمنين. باختصار، المؤمنون أكثر سعادة من غيرهم.

(1) Raymond Aron, « L’avenir des religions séculières », in Chroniques de guerre. La France libre (1940-1945), Gallimard, 1990.

(2) Voir Patrick jean-Baptiste (dir), dictionnaire universel des dieux, déesses et démons, seuil,2016.

(3) Florian Mazel, l’Evêque et le territoire. L’invention médiévale de l’espace, seuil, 2016.

(4) Jean-François Dortier et Laurent Testot (coord), La religion. Unité et diversité, éd. Sciences Humaines, 2011.

(5) Yves Gingras, L’impossible dialogue. Science et religions, Puf, 2016.

مصدر المقال الأصلي :

Sciences humaines N°289 - février 2017 Les nouveaux visages de la précarité

على غرار ذلك، فعلاقة العديد من المؤمنين المعاصرين بالأديان، يغلب عليها طابع الحيادية وأخذ المسافة. فهم يؤمنون دون التصديق الفعلي لإمكانية وجود خالق للكون، بنفس الطريقة التي يؤمن بها الآخرون بوجود الأشباح أو بتناسخ الأرواح، لكن، من دون أن يكون إيمانهم شبيها بإيمان العجائز.

كثيرة هي المعتقدات التي تدور في منطقة عقلية وسطى بين اليقين، الشك وأمل غير مؤكد بأن هناك "شيئا ما". هذا الميل نحو تخصيص حيز صغير لعدم التصديق، راجع إلى بنية عقائدية تتميز بالمرونة والغموض.

-- عندما يفقد الخطاب بريقه --

رغم كل هذه المحاولات من أجل إعادة صياغته، فالدين لا يصمد دائما. حتى أن تاريخ الأديان، هو عبارة عن تاريخ متجدد من الاحتجاجات، الهرطقات، الشك والطعن في أركان العقيدة. عمليا، وفي كل العصور، اضطرت الأديان (المسيحية، الإسلام، البوذية، الطاوية، الهندوسية..) إلى تجديد دمائها من أجل الاستمرار في الوجود.

لقد وجدت مختلف الحركات الدينية المهيمنة نفسها، دائما، في مواجهة المعارضين، "البروتستنتيين" و المنشقين. الأزمات الداخلية، هي من جعلت هؤلاء يقومون بتجديد المذاهب وإصلاحها. وهنا يكمن أحد هم أسباب استمرار الأديان : قدرتها على الانبعاث من جديد كطائر الفينيق. كل ديانة هي عبارة عن بدء أبدي ومتكرر.

#هل_الإيمان_حاجة_إنسانية؟

قبل قرن من الآن، انكب العديد من علماء النفس على تحليل الأسس النفسية للأديان.

- سغموند فرويد (1856-1939) : خصص العديد من الكتب للحديث عن الأديان. في كتابه "الطوطم والتابو" (1913)، يرى في الدين مجرد تعبير عن شعور بالذنب اتجاه الأب ومصدر لجميع المحرمات (الجنسية والغذائية). وأيضا في كتابه "مستقبل وهم" (1927)، يعتبر الأديان كشكل من أشكال التقهقر نحو المشاعر الطفولية. فطاعة الإنسان للإله شبيهة بطاعة الطفل لوالديه. في مواجهة نوائب الزمن، يحس الإنسان بأنه عاجز، فيلجأ إلى رمز أبوي مثالي، قادر على مد يد العون إليه والإحساس بمعاناته.

- ويليام جيمس (1842- 1910) : اهتم بتنوع التجارب الدينية. هذه التجارب تتميز بالتنوع والاختلاف، انطلاقا من التزمت (التقيد بالطقوس) وصولا إلى التجربة الصوفية التي تتيح لحظات وَجْدية، مرورا بالموقف الرسالي الذي يعني التزاما اجتماعيا. تنوع التجارب معناه تنوع في الانتظارات والمكافئات التي يتيحها دين ما. الأديان ليست مسألة خطئ أو صواب، لكنها تفيد في مواجهة مصاعب الحياة.

- علماء النفس التطوريين ( سكوت أتران وباسكال بوير) : يعتبرون الطقوس والعقائد الدينية مجردت "ظواهر طبيعية" مرتبطة بتكوين معين للدماغ البشري. الاعتقاد في وجود أرواح لا مرئية قادرة على التأثير في حياتنا، راجع إلى نشاط خلايا دماغية فطرية تضفي رغبات متسترة على ظواهر طبيعية.

- ميشال أرجيل (1925-2002) : وهو أخصائي في علم النفس الاجتماعي للديانات، قام بعدة أعمال حول العلاقة بين الدين ورغد العيش والصحة الجيدة، مبينا أن الصلاة، العبادة وأعمال الخير تتيح حياة أفضلا للمؤمنين. باختصار، المؤمنون أكثر سعادة من غيرهم.

(1) Raymond Aron, « L’avenir des religions séculières », in Chroniques de guerre. La France libre (1940-1945), Gallimard, 1990.

(2) Voir Patrick jean-Baptiste (dir), dictionnaire universel des dieux, déesses et démons, seuil,2016.

(3) Florian Mazel, l’Evêque et le territoire. L’invention médiévale de l’espace, seuil, 2016.

(4) Jean-François Dortier et Laurent Testot (coord), La religion. Unité et diversité, éd. Sciences Humaines, 2011.

(5) Yves Gingras, L’impossible dialogue. Science et religions, Puf, 2016.

مصدر المقال الأصلي :

Sciences humaines N°289 - février 2017 Les nouveaux visages de la précarité


>>Click here to continue<<

الفيلسوف الجديد




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)