الإنسان قصبة، بل هو أضعف ما في الطبيعة من كائنات؛ ولكنه قصبة مفكّرة. إنّ الكون كلّه لا حاجة له أن يتسلّح كي يُفنيه؛ إذ يكفيه بخارٌ عابر، أو قطرة ماء، لتزهق روحه. ومع ذلك، فإن الإنسان أرفع شأنًا من هذا الذي يُفنيه، لأنه يعلم أنه يموت، ويدرك ما للكون عليه من سلطان، بينما الكون لا يُدرك شيئًا من هذا.
فكلّ كرامتنا، إذًا، قائمة على الفكر. وبالفكر ينبغي أن نرتقي، لا بالامتداد في المكان والزمان، وهما أمران لا طاقة لنا بإحصائهما ولا ملئهما. فلنجتهد إذن في أن نحسن التفكير؛ فهذا هو أصل الأخلاق ومنبعها.
*
قصبة مفكّرة — إنّ كرامتي لا أستمدّها من حيز مكاني، بل من سلطان فكري. ولو أني ملكت العوالم، ما زادتني شيئًا من الكرامة. فالكون من حيث الامتداد يطوّقني ويبتلعني كما تبتلع الذرّة، وأما بالفكر فإني أحيط بالكون.
- بليز باسكال،
«أفكار» (1670).
>>Click here to continue<<