TG Telegram Group & Channel
قناة مَسَار | محمود أبو عادي | United States America (US)
Create: Update:

إحدى الدراسات الّلطيفة التي طالعتها خلال الفترة السابقة، كانت بعنوان:

أحبّك أنت، ولكن لا أحبّ أصدقاءَك

I Love You, Not Your Friends

تبحث الدراسة في موضوع تقبّل أصدقاء الزوج أو صديقات الزوجة في بداية العلاقة، بوصفها مُؤشّرًا قادر على التنبّؤ بحدوث الانفصال أو الطلاق في المُستقبل

تخلُص نتائج الدارسة إلى أنّ: عدم تقبّل أصدقاء الطرف الآخر منذ الأيّام الأولى للعلاقة، قد يكون مؤشّر جيّد إحصائيًا على حدوث الطلاق لاحقًا!

ثمّة فروقات بين الجنسين تظهرها النتائج، فعدم إعجاب الزوج بصديقات زوجته أدعى لحصول الإنفصال إحصائيًا، من عدم إعجاب الزوجة بأصدقاء زوجها!

"من المهم التنويه إلى أنّ الدراسة تُعطينا مُؤشّرًا أوّليًا، لكنّها لا تعطينا علاقة سببية، أيّ أنّه من المهم أن لا يتحوّل هذا المعيار إلى أداة تحقيق عُصابية مع الآخر حول أصدقائه أو صديقاتها، وسيكون من المُجحِف بحقّ الآخر إلغاء الاعتبارات الجيّدة وإسقاط العوامل السليمة لصالح هذا المعيار فقط"

-----------------------------------

لكن ما العلاقة بين (أصدقاء المَرء) وبين (استمراراية زواجه)؟

ترجع التفسيرات في الغالب لأسباب وسيطة، أصدقاء المَرء هُم السطح الظاهر لمعاييره العميقة، وعلاقات الإنسان تجلّي عملي لمنظوره الأخلاقي تجاه نفسه والآخرين.

تُعبِّر صداقات الشخص عن شخصيته كما تُخبرُكَ الكثير حول القيم والمبادئ والنمط المَعيشيّ الذي يتبنّاه لنفسه.

لا تُفصِح لكَ صداقات الإنسان عن شخصيات أصدقائه فحسب، بل عن المسارات الحياتية التي خاضها المرء كي ينتهي به المطاف مع هؤلاء الأشخاص على وجه التحديد!

اختيارك لصُحبتك أو مَن تصحبه هو جزء لا يتجزّأ من مكوّنات الذات ومكنوناتها، كما أنّ المعايير العالية تحميك من التجارب الرديئة كما يُقال!

يُمكِن لكلّ البشر إيجاد أشخاص مُريحين بطريقة أو بأخرى، الصديق المُريح ليس صديقًا جيّدًا بالضرورة

خاصّة إذا كان صديقُك يُطمئنك على الدوام ويجعلكَ أكثر تصالحًا مع عيوبك ومشكلاتك دون أن ينصحك ودون أن يزعجك بكلمة صادقة بين الحين والآخر!

يستخدم الرسول ﷺ الذي أوتي جوامع الكلم: استعارة المرآة Mirror للتعبير عن علاقة المرء بأصدقائه المُقرّبين، فيقول: المؤمِنُ مرآةُ أخيه!

مرآة أخيه، المرآة لا تكذب، تُريك نفسك كما هي في واقع الحال، تُظهر لَك عيوبك، لكنّها أيضًا تُريك أجمَل ما فيك، والصديق الجيّد لا يُذكّركَ بعيوبك فحسب، ولكنّه يُذكّرك بأنّك شخصٌ طيّب بين الحين والآخر.

تساعدك المرآة على تعديل مظهرك، وبالتالي فهي أداة لتسوية الذات ظاهريًا، وفي حالة الصحبة فهي أداة لتسوية الذات سلوكيًا ومَعنويًا.

يعتبر التحليل النفسي الّلاكاني مرحلة المرآة Mirror Stage لدى الطفل، من المراحل الحرجة والمركزية في تطوّر ذات الفرد وفي قدرته على ممايزة نفسه من الخارج بوصفه كيان مُستقلّ والتمييز بين ما هو خيالي وبين ما هو واقعي، وهي مرحلة يطول شرحها وشرح انعكاساتها.

تُريك المرآة ما تعجز أنت عن رؤيته بنفسك

يستخدم علماء النفس "نافذة جوهاري" الشهيرة Johari Window لمُساعدة المُراجعين على فَهمِ أنفسهم بشكلٍ أفضل

بحسب نموذج "جوهاري" يملك كلّ شخص منّا أربع مناطق أخطرها:

- الجزء المجهول Unknown Area من شخصيتك
(الذي لا تعرفه أنتَ ولا يعرفه الآخرون)

- النقطة العمياء Blind Spot من شخصيتك
(تجهله أنت، ويعرفه الآخرون)

يساعدُك الصديق الجيد على رؤية نقاطِك العمياء Blind Spots التي تغفلها وتعجز عن رؤيتها، تمامًا كما المرآة!

-----------------------------------

﴿ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾


من الّلافت أن يستخدم القرآن صيغة المعّية في توصياته صياغة لطيفة حين يقول (وكونوا مع الصادقين) بدلًا من صيغة الكينونة!

إنّه يقول لنا: وكونوا (مَع) الصادقين ولا يقولُ لنا: وكونوا (مِنَ) الصادقين!

وكأنّ أفضل ضمانة لكي تكون شخصًا صادِقًا، هي أن تُحيط نفسك بأشخاص صادقين!

رُبّما لأنّ تواجدك بالقرب من الصادقين يرفع من حرجك الذاتي حين تستسهل في نفسكَ الكذب أو حين تمتهن تبريره لنفسك!

ورُبّما لأنّه لا يُريدك أن تنزلق في مزالِق تزكية الذات، فأعطاكَ معيارًا أعلى دقّة وأكثر سلامة وأمانًا من دهاليز تزكية النفس.

ورُبّما لأنّ التواجد بقُرب الصادقين سيضمن لك.. أن لا ينالَك منهم أذىً غير محتمل أو شرٌّ محض، لأنّ الصدق لا يجتمع معه شرّ!

ورُبّما لأنّ "الصدق طَمأنينة" كما جاء في الحديث الشريف، فأراد أن يَسُدّ عنَك أبواب الريبة والتوجّس، فيتفرّغ قلبُكَ لِما خُلِقَ له.

إحدى الدراسات الّلطيفة التي طالعتها خلال الفترة السابقة، كانت بعنوان:

أحبّك أنت، ولكن لا أحبّ أصدقاءَك

I Love You, Not Your Friends

تبحث الدراسة في موضوع تقبّل أصدقاء الزوج أو صديقات الزوجة في بداية العلاقة، بوصفها مُؤشّرًا قادر على التنبّؤ بحدوث الانفصال أو الطلاق في المُستقبل

تخلُص نتائج الدارسة إلى أنّ: عدم تقبّل أصدقاء الطرف الآخر منذ الأيّام الأولى للعلاقة، قد يكون مؤشّر جيّد إحصائيًا على حدوث الطلاق لاحقًا!

ثمّة فروقات بين الجنسين تظهرها النتائج، فعدم إعجاب الزوج بصديقات زوجته أدعى لحصول الإنفصال إحصائيًا، من عدم إعجاب الزوجة بأصدقاء زوجها!

"من المهم التنويه إلى أنّ الدراسة تُعطينا مُؤشّرًا أوّليًا، لكنّها لا تعطينا علاقة سببية، أيّ أنّه من المهم أن لا يتحوّل هذا المعيار إلى أداة تحقيق عُصابية مع الآخر حول أصدقائه أو صديقاتها، وسيكون من المُجحِف بحقّ الآخر إلغاء الاعتبارات الجيّدة وإسقاط العوامل السليمة لصالح هذا المعيار فقط"

-----------------------------------

لكن ما العلاقة بين (أصدقاء المَرء) وبين (استمراراية زواجه)؟

ترجع التفسيرات في الغالب لأسباب وسيطة، أصدقاء المَرء هُم السطح الظاهر لمعاييره العميقة، وعلاقات الإنسان تجلّي عملي لمنظوره الأخلاقي تجاه نفسه والآخرين.

تُعبِّر صداقات الشخص عن شخصيته كما تُخبرُكَ الكثير حول القيم والمبادئ والنمط المَعيشيّ الذي يتبنّاه لنفسه.

لا تُفصِح لكَ صداقات الإنسان عن شخصيات أصدقائه فحسب، بل عن المسارات الحياتية التي خاضها المرء كي ينتهي به المطاف مع هؤلاء الأشخاص على وجه التحديد!

اختيارك لصُحبتك أو مَن تصحبه هو جزء لا يتجزّأ من مكوّنات الذات ومكنوناتها، كما أنّ المعايير العالية تحميك من التجارب الرديئة كما يُقال!

يُمكِن لكلّ البشر إيجاد أشخاص مُريحين بطريقة أو بأخرى، الصديق المُريح ليس صديقًا جيّدًا بالضرورة

خاصّة إذا كان صديقُك يُطمئنك على الدوام ويجعلكَ أكثر تصالحًا مع عيوبك ومشكلاتك دون أن ينصحك ودون أن يزعجك بكلمة صادقة بين الحين والآخر!

يستخدم الرسول ﷺ الذي أوتي جوامع الكلم: استعارة المرآة Mirror للتعبير عن علاقة المرء بأصدقائه المُقرّبين، فيقول: المؤمِنُ مرآةُ أخيه!

مرآة أخيه، المرآة لا تكذب، تُريك نفسك كما هي في واقع الحال، تُظهر لَك عيوبك، لكنّها أيضًا تُريك أجمَل ما فيك، والصديق الجيّد لا يُذكّركَ بعيوبك فحسب، ولكنّه يُذكّرك بأنّك شخصٌ طيّب بين الحين والآخر.

تساعدك المرآة على تعديل مظهرك، وبالتالي فهي أداة لتسوية الذات ظاهريًا، وفي حالة الصحبة فهي أداة لتسوية الذات سلوكيًا ومَعنويًا.

يعتبر التحليل النفسي الّلاكاني مرحلة المرآة Mirror Stage لدى الطفل، من المراحل الحرجة والمركزية في تطوّر ذات الفرد وفي قدرته على ممايزة نفسه من الخارج بوصفه كيان مُستقلّ والتمييز بين ما هو خيالي وبين ما هو واقعي، وهي مرحلة يطول شرحها وشرح انعكاساتها.

تُريك المرآة ما تعجز أنت عن رؤيته بنفسك

يستخدم علماء النفس "نافذة جوهاري" الشهيرة Johari Window لمُساعدة المُراجعين على فَهمِ أنفسهم بشكلٍ أفضل

بحسب نموذج "جوهاري" يملك كلّ شخص منّا أربع مناطق أخطرها:

- الجزء المجهول Unknown Area من شخصيتك
(الذي لا تعرفه أنتَ ولا يعرفه الآخرون)

- النقطة العمياء Blind Spot من شخصيتك
(تجهله أنت، ويعرفه الآخرون)

يساعدُك الصديق الجيد على رؤية نقاطِك العمياء Blind Spots التي تغفلها وتعجز عن رؤيتها، تمامًا كما المرآة!

-----------------------------------

﴿ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾


من الّلافت أن يستخدم القرآن صيغة المعّية في توصياته صياغة لطيفة حين يقول (وكونوا مع الصادقين) بدلًا من صيغة الكينونة!

إنّه يقول لنا: وكونوا (مَع) الصادقين ولا يقولُ لنا: وكونوا (مِنَ) الصادقين!

وكأنّ أفضل ضمانة لكي تكون شخصًا صادِقًا، هي أن تُحيط نفسك بأشخاص صادقين!

رُبّما لأنّ تواجدك بالقرب من الصادقين يرفع من حرجك الذاتي حين تستسهل في نفسكَ الكذب أو حين تمتهن تبريره لنفسك!

ورُبّما لأنّه لا يُريدك أن تنزلق في مزالِق تزكية الذات، فأعطاكَ معيارًا أعلى دقّة وأكثر سلامة وأمانًا من دهاليز تزكية النفس.

ورُبّما لأنّ التواجد بقُرب الصادقين سيضمن لك.. أن لا ينالَك منهم أذىً غير محتمل أو شرٌّ محض، لأنّ الصدق لا يجتمع معه شرّ!

ورُبّما لأنّ "الصدق طَمأنينة" كما جاء في الحديث الشريف، فأراد أن يَسُدّ عنَك أبواب الريبة والتوجّس، فيتفرّغ قلبُكَ لِما خُلِقَ له.


>>Click here to continue<<

قناة مَسَار | محمود أبو عادي






Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)