لوثة النسوية
تناقضات المساواة في المجتمع العربي
#أسماء_الجراد
•••═══ ༻✿༺═══ •••
وقعت فئة من المجتمع العربي والإسلامي، ذكورًا وإناثًا، في لوثة النسوية العالمية، وأعني هنا بالتحديد مفهوم المساواة.
المساواة، مع كامل الأسف، لا تُطبَّق على جميع الأصعدة في عالمنا العربي، وقد خرجت منها العلاقات بمآسٍ وويلات.
فالرجل، وإن بدا مؤمنًا بالمساواة ظاهريًا، إلا أن هناك طلبًا خفيًا لنموذج المرأة التقليدي يخفيه خلف التظاهر بالرغبة بحرية المرأة والدفاع عن كرامتها وحقوقها. يظهر ذلك ببحثه عن علاقات "تحت الطاولة" وخلف أسوار الزواج، يُفرّغ فيها رجولته العربية ويظهر فيها كما تعارف عليه آباؤه وأجداده. وفي الظاهر، متزوج من امرأة مستقلة تشاطره النفقة وأجرة المنزل، ويساعدها في بعض أعمال المنزل وتربية الأطفال.
والمرأة، وإن بدت مؤمنة بالمساواة وتستميت بالدفاع عن حقوقها، فهي تتظاهر بالقوة والصلابة، خصوصًا في بداية العلاقة، لتضمن تمكنها من قلب زوجها وإنجاب عياله. ثم تعود لتمارس دورها الطبيعي المفترض أن يكون، أو سترمي المسؤولية على عاتق شخص آخر بحثًا عن استمرارية السعي وإثبات الوجود، خصوصًا لو تورطت بالديون والقروض وغرقت في دوامة الفواتير.
هذا التناقض يخلق سيناريوهات متعددة في الحياة اليومية:
* سيناريو الرجل: قد تجد الزوج "المتحرر" الذي يشجع زوجته على العمل والاستقلال المادي، بل ويُظهر الدعم لها أمام الأصدقاء والعائلة. لكن في الخفاء، قد يتوقع منها أن تتحمل العبء الأكبر من الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال بمجرد عودته من العمل، أو أن تتنازل عن جزء من راتبها لتغطية نفقات منزلية كان هو وحده مسؤولًا عنها سابقًا. وقد يلجأ إلى علاقات جانبية بحثًا عن امرأة "تقليدية" تقدم له الدعم العاطفي والرعاية التي يفتقدها في علاقته الرسمية، والتي لا يطلبها صراحة من زوجته "المستقلة" خوفًا من اتهامه بعدم دعم المساواة.
* سيناريو المرأة: على الجانب الآخر، قد تبدأ المرأة علاقتها وهي تدافع بشراسة عن حقها في الاستقلال المادي والقرارات الشخصية، وتصر على تقسيم النفقات المنزلية بالتساوي، أو حتى تحمل جزء أكبر منها لإثبات قدرتها. لكن بعد سنوات قليلة من الزواج، ومع تراكم الضغوط المهنية والأسرية، وتضاعف الأعباء المالية، قد تجد نفسها منهكة. هنا، قد تبدأ بالتعبير عن إحباطها من عدم تحمل الزوج لمسؤولياته المالية كاملة، أو تتوقع منه دعمًا أكبر في رعاية الأطفال والمنزل، وهو ما قد يتعارض مع الصورة "المستقلة" التي رسختها في البداية. قد تصل إلى نقطة تشعر فيها بالندم على التنازل عن دور "المعيل" التقليدي الذي كان من الممكن أن يوفر لها مساحة للتركيز على الجوانب الأخرى من حياتها أو على رعاية أسرتها دون الضغوط المالية المباشرة.
* التأثير على الأبناء:
في هذه العلاقات المركبة، غالبًا ما يكون الأبناء هم المتضرر الأكبر. يرون تناقضات جلية بين ما يُعلنه الوالدان من مبادئ المساواة وما يُمارسانه في الواقع. قد يرى الطفل أن والدته تعمل لساعات طويلة ثم تعود لتقوم بمعظم أعمال المنزل، بينما يتوقع والده منها ذلك بحكم "المساواة"، لكنه لا يقدم نفس القدر من المساعدة. هذا يخلق لديهم ارتباكًا حول الأدوار الجنسانية السليمة، وقد يؤثر على توقعاتهم من علاقاتهم المستقبلية، حيث ينشأون في بيئة يسودها الازدواجية في المعايير.
هذه الأمثلة تُبرز كيف أن التبني السطحي لمفهوم المساواة، دون فهم عميق لتداعياته الاجتماعية والنفسية، يمكن أن يؤدي إلى تفكك العلاقات وتآكل الثقة، ويخلق أفرادًا يعيشون ازدواجية بين ما يطمحون إليه وما يُمارسونه في حياتهم اليومية.
أتمنى أن يدرك المجتمع ذكوراً وإناثاً أن النسوية فكر تأثر به الرجال والنساء، وقلبت الأدوار في العلاقات حتى بات كل طرف لايعرف ماله وما عليه..
لعل هذا يوقظ في نفوس الناس العودة لأدوارهم الحقيقة في الحياة ومسؤولياتهم التي فطرهم الله عليها وألزمهم بها.
#العلاج_الأسري
>>Click here to continue<<