TG Telegram Group & Channel
🖤 مَكنُونَاتُ الرُّوح 🖤 | United States America (US)
Create: Update:

-
في السوق..

رأيته من بعيد، يصلّي بعيدًا عن النّاس، يتوارى في مكانٍ قَصِيّ، المسجد يبعد عنّا مسافة كافية كي لا ندرك الصلاة هناك، خلعت حقيبتي ووقفت بجانبه، صلّيت معه، نبّهني آخر أنه يصلّي معنا، رجعت للخلف، بعد التّسليم، أدركت الركعة التي فاتتني ثم نظرت إليه، فإذا هو يدمع بخِفّة، ثم وضع يدًا على وجهه وقام، لحقت به أسأل عن حاله! مسكت يده و أوقفته، سألته: ما الذي حصل؟ الآن صلّينا!

قال: لا شيء، وهَمّ بالذّهاب، أصرَرتُ عليه بداعي الحرص، أن أبلغني أنا أخوك، علّه يحتاج شيئًا.. قال هذا أول يوم ألتزم الصّلاة فيه، وهذه العشاء آخر صلاةٍ بعد يومٍ طويل، جاهدت نفسي ألّا أترك صلاة أو أتأخر، لم أجد مسجدًا قريبًا هنا، لا تعلم كم مرّة تردّدت في الوقوف على الرصيف هناك، كم مرة خجلت، كم مرة قلت في نفسي أنها رياء! وبعد صراع، وصلتُ هنا، حدّدتُ القِبلة، وكبّرت دون أي تردّد، لأني لو لم أفعل هذا لضاعَت!

وحين بدأت، أتى أحدهم، بدأت ارتبك، وحين سمعت صوت «آمين» كدت أن أقع، هذه المرة الأولى التي يصلي معي فيها أحد، سلّمت والتَفَتُّ خلفي، فكنتم عشرة، حين أنهيت عدّ الرقم، بكيت، كيف! وأنا الذي لا أتقن التلاوة، وقرأت قصار السور، وتوارَيت عن الناس، فجاء الناس.

سبحان الله، حين يصدق الإنسان يفعل بالصدق ما لا يقوى عليه الجسد، ويخطو بقلبه ما لا تستطيعه القدم، ذاك الذي توارى عن الناس، ساقَ الله الناس إليه دون تعب، ذاك الذي بدأ وحيدًا صارَ إمامًا في أول يومٍ يلتزم الصلاة فيه، ذاك الذي ابتعَدَ قد اقترب، وقَرّب 10 من الشباب بصلاته، وقرّبني بدمعاته وكلامه، ذاك الذي عَزَم ألّا يُضيع صلاته، أخذ الشباب معه فكان سَبّاقًا، وإمامًا، وصاحب الأجر -الدّال عليه-.

ثَبّت الله قلبه ^^

تعَلّمت، أن الذي يَصدُق لا يَترُك، وأن الذي يلتزم يغتنم، وأن الإخلاص لا يعني خوف النّاس، بل مراقبة القلب وصدق النّية وبدء العمل، وأن التّيسر بيد القدير، والتّرتيب لا يغلب التّدبير، وأن الحياة معاني، والمتأمّل بنفسه يُدرك حجم حاجته، قد تكون وحيدًا لكنّك على الحق، وأنّ اللّذة بقدر التعب، والمُوَفّق من آثر الحَرَكات على السَّكَنات، وبَدَأ الغرس لَو لَم يَرَ الثمر ..

رسالة.

- أ. قصي عاصم العسيلي.

-
في السوق..

رأيته من بعيد، يصلّي بعيدًا عن النّاس، يتوارى في مكانٍ قَصِيّ، المسجد يبعد عنّا مسافة كافية كي لا ندرك الصلاة هناك، خلعت حقيبتي ووقفت بجانبه، صلّيت معه، نبّهني آخر أنه يصلّي معنا، رجعت للخلف، بعد التّسليم، أدركت الركعة التي فاتتني ثم نظرت إليه، فإذا هو يدمع بخِفّة، ثم وضع يدًا على وجهه وقام، لحقت به أسأل عن حاله! مسكت يده و أوقفته، سألته: ما الذي حصل؟ الآن صلّينا!

قال: لا شيء، وهَمّ بالذّهاب، أصرَرتُ عليه بداعي الحرص، أن أبلغني أنا أخوك، علّه يحتاج شيئًا.. قال هذا أول يوم ألتزم الصّلاة فيه، وهذه العشاء آخر صلاةٍ بعد يومٍ طويل، جاهدت نفسي ألّا أترك صلاة أو أتأخر، لم أجد مسجدًا قريبًا هنا، لا تعلم كم مرّة تردّدت في الوقوف على الرصيف هناك، كم مرة خجلت، كم مرة قلت في نفسي أنها رياء! وبعد صراع، وصلتُ هنا، حدّدتُ القِبلة، وكبّرت دون أي تردّد، لأني لو لم أفعل هذا لضاعَت!

وحين بدأت، أتى أحدهم، بدأت ارتبك، وحين سمعت صوت «آمين» كدت أن أقع، هذه المرة الأولى التي يصلي معي فيها أحد، سلّمت والتَفَتُّ خلفي، فكنتم عشرة، حين أنهيت عدّ الرقم، بكيت، كيف! وأنا الذي لا أتقن التلاوة، وقرأت قصار السور، وتوارَيت عن الناس، فجاء الناس.

سبحان الله، حين يصدق الإنسان يفعل بالصدق ما لا يقوى عليه الجسد، ويخطو بقلبه ما لا تستطيعه القدم، ذاك الذي توارى عن الناس، ساقَ الله الناس إليه دون تعب، ذاك الذي بدأ وحيدًا صارَ إمامًا في أول يومٍ يلتزم الصلاة فيه، ذاك الذي ابتعَدَ قد اقترب، وقَرّب 10 من الشباب بصلاته، وقرّبني بدمعاته وكلامه، ذاك الذي عَزَم ألّا يُضيع صلاته، أخذ الشباب معه فكان سَبّاقًا، وإمامًا، وصاحب الأجر -الدّال عليه-.

ثَبّت الله قلبه ^^

تعَلّمت، أن الذي يَصدُق لا يَترُك، وأن الذي يلتزم يغتنم، وأن الإخلاص لا يعني خوف النّاس، بل مراقبة القلب وصدق النّية وبدء العمل، وأن التّيسر بيد القدير، والتّرتيب لا يغلب التّدبير، وأن الحياة معاني، والمتأمّل بنفسه يُدرك حجم حاجته، قد تكون وحيدًا لكنّك على الحق، وأنّ اللّذة بقدر التعب، والمُوَفّق من آثر الحَرَكات على السَّكَنات، وبَدَأ الغرس لَو لَم يَرَ الثمر ..

رسالة.

- أ. قصي عاصم العسيلي.


>>Click here to continue<<

🖤 مَكنُونَاتُ الرُّوح 🖤




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)