TG Telegram Group & Channel
رَحُـםٌـة للـ؏ـالـםـين | United States America (US)
Create: Update:

" ليعلم أنّ إجابة الله لسائليه ليست لكرامة كلِّ سائلٍ عليه.
بل يسأله عبدُه الحاجةَ فيقضيها له، وفيها هلاكه وشقوته، ويكون قضاؤها له من هوانه عليه وسقوطه من عينه.

ويكون منعُه منها لكرامته عليه ومحبّته له، فيمنعه حمايةً وصيانةً وحفظًا لا بخلًا. وهذا إنّما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبّته، ويعامله بلطفه، فيظنُّ بجهله أنّ ربَّه لا يجيبه ولا يكرمه. ويراه يقضي حوائج غيره، فيسيء ظنَّه بربِّه. وهذا حَشْوُ قلبه ولا يشعر به، والمعصوم من عصمه الله، والإنسان على نفسه بصيرةٌ. وعلامةُ هذا حملُه على الأقدار وعتابُه الباطن لها، كما قيل:

وعاجزُ الرّأي مِضياعٌ لفرصتـه
حتّى إذا فات أمرٌ عاتبَ القدَرا


فوالله لو كُشِف عن حاصله وسرِّه لرأى هناك معاتبة القدر واتِّهامه، وأنّه قد كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، ولكن ما حيلتي، والأمر ليس إليّ؟ والعاقلُ خصمُ نفسه، والجاهلُ خصمُ أقدار ربِّه.

فاحذر كلَّ الحذر أن تسأل شيئًا معيّنًا خيرتُه وعاقبتُه مغيّبةٌ عنك. وإذا لم تجد من سؤاله بدًّا، فعلِّقه على شرط علمِه تعالى فيه الخيرةَ، وقدِّم بين يدي سؤالك الاستخارة، ولا تكن استخارةً باللِّسان بلا معرفةٍ، بل استخارةَ من لا علمَ له بمصالحه، ولا قدرةَ له عليها، ولا اهتداءَ له إلى تفاصيلها، ولا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا؛ بل إن وُكِل إلى نفسه هلَك كلَّ الهلاك، وانفرط عليه أمرُه.

وإذا أعطاك ما أعطاك بلا سؤالٍ فسَلْه أن يجعله عونًا على طاعته، وبلاغًا إلى مرضاته، ولا يجعله قاطعًا لك عنه، ولا مبعدًا عن مرضاته.
ولا تظنُّ أنّ عطاءه كلَّ ما أعطى لكرامة عبده عليه، ولا منعَه كلَّ ما يمنعه لهوان عبده عليه. ولكن عطاؤه ومنعُه ابتلاءٌ وامتحانٌ يمتحن بهما عباده.  قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا ﴾ [الفجر: ١٥ - ١٧] ".



ابن القيم
| مدارج السالكين (١/ ١٢٢-١٢٤

رحــمــة.للــعـالمـيـن.tt

ـــــــــــــــــــ 🍃🌸🍃 ــــــــــــــــــ

" ليعلم أنّ إجابة الله لسائليه ليست لكرامة كلِّ سائلٍ عليه.
بل يسأله عبدُه الحاجةَ فيقضيها له، وفيها هلاكه وشقوته، ويكون قضاؤها له من هوانه عليه وسقوطه من عينه.

ويكون منعُه منها لكرامته عليه ومحبّته له، فيمنعه حمايةً وصيانةً وحفظًا لا بخلًا. وهذا إنّما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبّته، ويعامله بلطفه، فيظنُّ بجهله أنّ ربَّه لا يجيبه ولا يكرمه. ويراه يقضي حوائج غيره، فيسيء ظنَّه بربِّه. وهذا حَشْوُ قلبه ولا يشعر به، والمعصوم من عصمه الله، والإنسان على نفسه بصيرةٌ. وعلامةُ هذا حملُه على الأقدار وعتابُه الباطن لها، كما قيل:

وعاجزُ الرّأي مِضياعٌ لفرصتـه
حتّى إذا فات أمرٌ عاتبَ القدَرا


فوالله لو كُشِف عن حاصله وسرِّه لرأى هناك معاتبة القدر واتِّهامه، وأنّه قد كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، ولكن ما حيلتي، والأمر ليس إليّ؟ والعاقلُ خصمُ نفسه، والجاهلُ خصمُ أقدار ربِّه.

فاحذر كلَّ الحذر أن تسأل شيئًا معيّنًا خيرتُه وعاقبتُه مغيّبةٌ عنك. وإذا لم تجد من سؤاله بدًّا، فعلِّقه على شرط علمِه تعالى فيه الخيرةَ، وقدِّم بين يدي سؤالك الاستخارة، ولا تكن استخارةً باللِّسان بلا معرفةٍ، بل استخارةَ من لا علمَ له بمصالحه، ولا قدرةَ له عليها، ولا اهتداءَ له إلى تفاصيلها، ولا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا؛ بل إن وُكِل إلى نفسه هلَك كلَّ الهلاك، وانفرط عليه أمرُه.

وإذا أعطاك ما أعطاك بلا سؤالٍ فسَلْه أن يجعله عونًا على طاعته، وبلاغًا إلى مرضاته، ولا يجعله قاطعًا لك عنه، ولا مبعدًا عن مرضاته.
ولا تظنُّ أنّ عطاءه كلَّ ما أعطى لكرامة عبده عليه، ولا منعَه كلَّ ما يمنعه لهوان عبده عليه. ولكن عطاؤه ومنعُه ابتلاءٌ وامتحانٌ يمتحن بهما عباده.  قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا ﴾ [الفجر: ١٥ - ١٧] ".



ابن القيم
| مدارج السالكين (١/ ١٢٢-١٢٤

رحــمــة.للــعـالمـيـن.tt

ـــــــــــــــــــ 🍃🌸🍃 ــــــــــــــــــ


>>Click here to continue<<

رَحُـםٌـة للـ؏ـالـםـين




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)