TG Telegram Group & Channel
#كلنا_دعاة | United States America (US)
Create: Update:

قبل عقود ...
في قريتنا سمعت بالموت لأول مرة
أسمع همسات الكبار يقولون فلان بن فلان يسهر عنده الجماعة
دوي الموت يهز القرية ويملأ البيوت ويخيم على الكبار والأطفال.
الجميع لا حديث لهم إلا الموت والرحيل...
في قريتنا حيث لا تلفاز ولا صحف ولا راديو في الغالب أيضا.
يصبح حدث الموت النادر صاخبا يضج في كل الزوايا ويعلو الوجوه ويحفر في الحيطان.
هنا حين كنا في معزل من أخبار الأموات حتى في القرى المجاورة يصير الموت استثنائيا يتردد صداه زمنا طويلا
الموت المهيب في الدروب والحجر والأفواه...
في أنفاس الأطفال ودموع النساء ووجوم الرجال.
الليالي المعتمة حيث لا أنوار ولا كهرباء ولا سيارات ولا ضجيج
في هذه اللوحة الساكنة الموحشة يأخذ الموت مكانه اللائق به في جدول الحياة
في البيت يحتضر المريض ويلتف حوله الأقارب حيث لا عناية مركزة ولا مستشفى يعزل قصة الموت عن قصة الحياة.
الموت المهيب في الجامع حيث سرير الخشب قابع  بالقرب من الأبواب.
وحين يرحل أحدهم تضرب أمواج الحزن والخوف معا القرية برمتها.
ويصبح يوم وفاته تاريخا
حين مات فلان
وقبل أن يموت فلان....
واليوم حيث الحياة الصاخبة منفتحة على الموت والأخبار والوفيات من كل صوب
في الصباح تتدفق أخبار الأموات والجنائز
من قارات العالم.
بعد أن كان من نعرفهم نستطيع أن نعدهم عدا
والآن الوجوه التي نعرفها عبر وسائل الاتصال والتواصل بالآلاف
ومعها الحديث عن وفاتهم.
وفي خضم التدفق اللحظي للجديد من الصوت والصورة الذي يستلب طاقة الإحساس فينا
لم نعد قادرين على الحزن اللائق بالراحلين
ولا بالموت نفسه
نشعر بالازدراء لنفوسنا التي أحبت هؤلاء كيف فارقتهم بمثل هذه البلاهة والبرود
هل كانوا يتوقعون منا أن نتلقى خبر موتهم بهذه المشاعر الباردة
لقد ذبلت وحشة الموت في قلوبنا...
لم يعد الموت أكثر من خبر نتمتم بعده بكلمات ثم تطمسه موجة الأخبار الجديدة
في قصة الموت القديمة كنا نبكي في كل مرة على أنفسنا على مصيرنا عند اللحاق بالركب
وفي قصتنا الحاضرة
حتى أنفسنا لم نعد نجد من الوقت ما يكفي للحزن من موتها
الموت لم يتغير
لكن تغيرنا نحن....
نفوسنا المرهقة بطوفان الأحداث والصور والأخبار ....لم يعد فيها مساحة كافية للإحساس بقصة الموت.. 
وحين تغادر
سيكون رحيلك مثل هؤلاء
سطر  يطمسه
سطر بعده
حالة واتس تلغيها حالة تليها
سنابة حزنك تقذفها للنسيان سنابة طرب تتلوها على الفور
تغريدة عزاء
تحتها دعوة لفرح....
وقلوبنا الافتراضية تحاكي الأجهزة بأيدينا
كل شيء جديد يطمس ما قبله مهما كان مهما
وينزله إلى تحت....
كيف نستعيد هيبة الموت؟

Forwarded from عبدالله بن بلقاسم (عبدالله بلقاسم)
قبل عقود ...
في قريتنا سمعت بالموت لأول مرة
أسمع همسات الكبار يقولون فلان بن فلان يسهر عنده الجماعة
دوي الموت يهز القرية ويملأ البيوت ويخيم على الكبار والأطفال.
الجميع لا حديث لهم إلا الموت والرحيل...
في قريتنا حيث لا تلفاز ولا صحف ولا راديو في الغالب أيضا.
يصبح حدث الموت النادر صاخبا يضج في كل الزوايا ويعلو الوجوه ويحفر في الحيطان.
هنا حين كنا في معزل من أخبار الأموات حتى في القرى المجاورة يصير الموت استثنائيا يتردد صداه زمنا طويلا
الموت المهيب في الدروب والحجر والأفواه...
في أنفاس الأطفال ودموع النساء ووجوم الرجال.
الليالي المعتمة حيث لا أنوار ولا كهرباء ولا سيارات ولا ضجيج
في هذه اللوحة الساكنة الموحشة يأخذ الموت مكانه اللائق به في جدول الحياة
في البيت يحتضر المريض ويلتف حوله الأقارب حيث لا عناية مركزة ولا مستشفى يعزل قصة الموت عن قصة الحياة.
الموت المهيب في الجامع حيث سرير الخشب قابع  بالقرب من الأبواب.
وحين يرحل أحدهم تضرب أمواج الحزن والخوف معا القرية برمتها.
ويصبح يوم وفاته تاريخا
حين مات فلان
وقبل أن يموت فلان....
واليوم حيث الحياة الصاخبة منفتحة على الموت والأخبار والوفيات من كل صوب
في الصباح تتدفق أخبار الأموات والجنائز
من قارات العالم.
بعد أن كان من نعرفهم نستطيع أن نعدهم عدا
والآن الوجوه التي نعرفها عبر وسائل الاتصال والتواصل بالآلاف
ومعها الحديث عن وفاتهم.
وفي خضم التدفق اللحظي للجديد من الصوت والصورة الذي يستلب طاقة الإحساس فينا
لم نعد قادرين على الحزن اللائق بالراحلين
ولا بالموت نفسه
نشعر بالازدراء لنفوسنا التي أحبت هؤلاء كيف فارقتهم بمثل هذه البلاهة والبرود
هل كانوا يتوقعون منا أن نتلقى خبر موتهم بهذه المشاعر الباردة
لقد ذبلت وحشة الموت في قلوبنا...
لم يعد الموت أكثر من خبر نتمتم بعده بكلمات ثم تطمسه موجة الأخبار الجديدة
في قصة الموت القديمة كنا نبكي في كل مرة على أنفسنا على مصيرنا عند اللحاق بالركب
وفي قصتنا الحاضرة
حتى أنفسنا لم نعد نجد من الوقت ما يكفي للحزن من موتها
الموت لم يتغير
لكن تغيرنا نحن....
نفوسنا المرهقة بطوفان الأحداث والصور والأخبار ....لم يعد فيها مساحة كافية للإحساس بقصة الموت.. 
وحين تغادر
سيكون رحيلك مثل هؤلاء
سطر  يطمسه
سطر بعده
حالة واتس تلغيها حالة تليها
سنابة حزنك تقذفها للنسيان سنابة طرب تتلوها على الفور
تغريدة عزاء
تحتها دعوة لفرح....
وقلوبنا الافتراضية تحاكي الأجهزة بأيدينا
كل شيء جديد يطمس ما قبله مهما كان مهما
وينزله إلى تحت....
كيف نستعيد هيبة الموت؟


>>Click here to continue<<

#كلنا_دعاة




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)