يا بُني لا تأمن الزمان وأهلُه، ولا تأمن مِن تقلُّبِ أحوال العباد، ولا تأمن حتى نفسَك!
فإنك اليوم قد ترى العافية والورعَ في قلبك، حتى تظنّ لن ينالك من السوء شيء، فما هي إلا ليلةً أو ليلتين، بل كانت بغتةً يمرضُ بها قلبك الصحيح، وتجد آثامك التي طالت تذرُّ التراب على ضمير قلبك، فتحجب عنك نور الله..
تلك المضغة التي في أيسرك إنما هي بين أصبعيِّ الرحمٰن يقلبهما كيفما شاء، والمرء عاجزٌ عن كفاية نفسه إلا بإذن الله ورحمته.
يا بني إن سقطت فلا تستغني عن أيدي أصحابك وألسنتهم الناصحة، إياك أن تظنَّ بها لاذعة، فإنما هي مشفقةٌ حانية، ويحدثُ أن لا ترى عيبك فيراه خليلك أو صاحبك، وهو مرآتك التي تصدقك وتريك ما غفلت عنه نفسك؛ فأرخِي سمعك، واصغِي حسّك، وأيقظ قلبك حتى يرعد خفقه، ويزبُد خوفه، ويُبصر عيبه؛ وإياكَ أن تغلق دونه سمعك، وتُغمض عينك كأن لم ترَ شيئًا أو تسمع كِبرًا في نفسك وأنفة، والكبر مدركُ الفجور ومخرج إبليس عن الرحمة.
يا بني إياك والاستخفاف بالصغائر فإنها سريعًا ما تجرُّك إلى درك الكبائر، تُزلقك في منحدره حتى لا تكاد تخرج منها،
احفظ لسانك عن الكلام في المذنبين، استنقاصًا وسخرية أو كلامًا في النميمة، فلست بمختلفٍ عنهم غير أن الله تولاكَ وحفظك، فاحفظ الله يحفظك، وإنما هي ساعةُ صبرٍ من الدنيا تنال بها النعيم المقيم، والحياة الرخاءِ السرمدية. فاصبر، تنل..
يا بُني لا تأنف بنفسك أن تقع في الذنب فكل البشر يُذنبون؛ لكن ائنف بها عن أن لا تتوب عنه، ائنف أن يأخذك الكِبر فتردى، ائنف بنفسك أن يُلغق دونها باب التوبة، ائنف بها أن تقع بين قضبان اليأس وسوء الظن بالله وطاعة الشيطان، وموضع الصحبة الصالحة هنا أن يُعينوك على الخروج من أسر الذنب، وموضع الصحبة السيئة هنا أن يتركوك في ذلك دون أدنى ضمير.
وأخيرًا؛ لا تخشى موقعك من الناس بقدر خشيتك من موقعك عند ربك، لا تخشى منزلك بين الناس بقدر منزل خلوتك، بقدر ما يشغل بالك، واعلم أن ربك نافعهم وإياك، ولا يملكون نفعك ولا تملك نفعهم، وأن الله وليُّهم ووليُّك، والمؤمنون أشدُّ حبًا لله، والحب داعٍ إلى القرب والطاعة. 💚
#نصائح
>>Click here to continue<<