يا صارِمَ اللَّحْظِ مَنْ أَغْرَاكَ بِالْمُهَجِ
حَتَّى فَتَكْتَ بِهَا ظُلْماً بِلا حَرَجِ
ما زالَ يَخْدَعُ نَفْسِي وَهْيَ لاهِيَةٌ
حَتَّى أَصَابَ سَوادَ الْقَلْبِ بِالدَّعَجِ
طَرْفٌ لَو أَنَّ الظُّبَا كَانَتْ كَلَحْظَتِهِ
يَومَ الْكَرِيهَةِ مَا أَبْقَتْ عَلَى وَدَجِ
أَوْحَى إِلَى القَلْبِ فانْقَادَتْ أَزِمَّتُهُ
طَوْعاً إِلَيْهِ وَخلَّانِي وَلَمْ يَعُجِ
فَكَيْفَ لِي بِتَلافِيهِ وَقَدْ عَلِقَتْ
بِهِ حَبائِلُ ذاكَ الشَّادِنِ الْغَنِجِ
كَادَتْ تُذِيبُ فُؤادِي نارُ لَوْعَتِهِ
لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْ مَسِيلِ الدَّمْعِ في لُجَجِ
لَوْلا الْفَواتِنُ مِنْ غِزْلانِ كَاظِمَةٍ
مَا كانَ لِلْحُبِّ سُلْطَانٌ عَلَى المُهَجِ
فَهَلْ إِلَى صِلَةٍ مِنْ غَادِرٍ عِدَةٌ
تَشْفِي تَبارِيحَ قَلْبٍ بِالْفِراقِ شَجِ
أَبِيتُ أَرْعَى نُجُومَ اللَّيْلِ في ظُلَمٍ
يَخْشى الضَّلالَةَ فيها كُلُّ مُدَّلِجِ
كَأَنَّ أَنْجُمَهُ والجَوُّ مُعتَكِرٌ
غِيدٌ بِأَخْبِيَةٍ يَنْظُرْنَ مِنْ فُرَجِ
لَيْلٌ غَيَاهِبُهُ حَيْرَى وأَنْجُمُهُ
حَسْرَى وَساعاتُهُ فِي الطُّولِ كالْحِجَجِ
كَأَنَّما الصُّبْحُ خافَ اللَّيْلَ حِينَ رَأَى
ظَلْمَاءَهُ ذاتَ أَسْدادٍ فَلَمْ يَلِجِ
- البارودي
>>Click here to continue<<