TG Telegram Group & Channel
دفاتر 📚 | United States America (US)
Create: Update:

روى أبو نعيم عن الحسن بن مليحٍ، بمصر، قال: حدثنا لؤلؤ الخادم (خادم الخليفة هارون الرشيد) قال: "جرى بين هارون الرشيد وبين ابنة عمه زبيدة (زوجته) مناظرةٌ وملاحاةٌ في شيءٍ من الأشياء، فقال هارون لها في عرض كلامه: "أنت طالقٌ إن لم أكن من أهل الجنة"، ثم ندم واغتمَّا جميعًا بهذه اليمين، ونزلت بهما مصيبةٌ؛ لموضع ابنة عمه منه، فجمع الفقهاء وسألهم عن هذه اليمين، فلم يجد منها مخرجًا، ثم كتب إلى سائر البلدان من عمَّاله أن يحمل إليه الفقهاء من بلدانهم، فلما اجتمعوا، جلس لهم وأدخلوا عليه، وكنت واقفًا بين يديه لأمرٍ إن حدث يأمرني بما شاء فيه، فسألهم عن يمينه، وكنت المعبر عنه، وهل له منها مخلصٌ، فأجابه الفقهاء بأجوبةٍ مختلفةٍ، وكان إذ ذاك فيهم اللَّيْث بن سعدٍ فيمن أشخص من مصر، وهو جالسٌ في آخر المجلس، لم يتكلم بشيءٍ، وهارون يراعي الفقهاء واحدًا واحدًا، فقال: بقي ذلك الشيخ في آخر المجلس لم يتكلم بشيءٍ، فقلت له: إن أمير المؤمنين يقول لك: ما لك لا تتكلم كما تكلم أصحابك؟ فقال: قد سمع أمير المؤمنين قول الفقهاء، وفيه مقنعٌ، فقال: قل له: إن أمير المؤمنين يقول: لو أردنا ذلك سمعنا من فقهائنا ولم نشخصكم من بلدانكم، ولما أحضرت هذا المجلس، فقال: يخلي أمير المؤمنين مجلسه إن أراد أن يسمع كلامي في ذلك، فانصرف مَن كان بمجلس أمير المؤمنين من الفقهاء والناس، ثم قال: تكلم، فقال: يدنيني أمير المؤمنين؟ فقال: ليس بالحضرة إلا هذا الغلام، وليس عليك منه عينٌ، فقال: يا أمير المؤمنين، أتكلَّم على الأمان، وعلى طرح التعمُّل والهيبة والطاعة لي من أمير المؤمنين في جميع ما آمُرُ به؟ قال: لك ذلك، قال: يدعو أمير المؤمنين بمصحفٍ جامعٍ، فأمر به فأحضر، فقال: يأخذه أمير المؤمنين فيتصفحه حتى يصل إلى سورة الرحمن، فأخذه وتصفحه حتى وصل إلى سورة الرحمن، فقال: يقرأ أمير المؤمنين، فقرأ، فلما بلغ: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46]، قال: قِفْ يا أمير المؤمنين ها هنا، فوقف، فقال: يقول أمير المؤمنين: واللهِ، فاشتد على الرشيد وعليَّ ذلك، فقال له هارون: ما هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين على هذا وقع الشرط، فنكس أمير المؤمنين رأسه - وكانت زبيدة في بيتٍ مسبلٍ عليه سترٌ، قريبٍ من المجلس، تسمع الخطاب - ثم رفع هارون رأسه إليه فقال: والله، قال: الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، إلى أن بلغ آخر اليمين، ثم قال: إنك يا أمير المؤمنين تخاف مقام الله؟ قال هارون: إني أخاف مقام الله، فقال: يا أمير المؤمنين، فهي جنتان وليست بجنةٍ واحدةٍ؛ كما ذكر الله تعالى في كتابه، فسمعتُ التصفيق والفرح من خلف الستر، وقال هارون: أحسنت والله، بارك الله فيك، ثم أمر بالجوائز والخلع لليث بن سعدٍ، ثم قال هارون: يا شيخ، اختَرْ ما شئت، وسل ما شئت تُجَبْ فيه، فقال: يا أمير المؤمنين، وهذا الخادم الواقف على رأسك؟ فقال: وهذا الخادم، فقال: يا أمير المؤمنين، والضِّياع التي لك بمصر ولابنة عمك أكون عليها، وتسلم إليَّ لأنظر في أمورها؟ قال: بل نقطعك إقطاعًا، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أريد من هذا شيئًا، بل تكون في يدي لأمير المؤمنين، فلا يجري عليَّ حيف العمال، وأعز بذلك، فقال: لك ذلك، وأمر أن يكتب له ويسجل بما قال، وخرج من بين يدي أمير المؤمنين بجميع الجوائز والخِلَع والخادم، وأمرت زبيدة له بضِعف ما أمر به الرشيد، فحمل إليه، واستأذن في الرجوع إلى مصر، فحُمِل مكرمًا؛

(حلية الأولياء لأبي نعيم جـ 7 صـ 323).

روى أبو نعيم عن الحسن بن مليحٍ، بمصر، قال: حدثنا لؤلؤ الخادم (خادم الخليفة هارون الرشيد) قال: "جرى بين هارون الرشيد وبين ابنة عمه زبيدة (زوجته) مناظرةٌ وملاحاةٌ في شيءٍ من الأشياء، فقال هارون لها في عرض كلامه: "أنت طالقٌ إن لم أكن من أهل الجنة"، ثم ندم واغتمَّا جميعًا بهذه اليمين، ونزلت بهما مصيبةٌ؛ لموضع ابنة عمه منه، فجمع الفقهاء وسألهم عن هذه اليمين، فلم يجد منها مخرجًا، ثم كتب إلى سائر البلدان من عمَّاله أن يحمل إليه الفقهاء من بلدانهم، فلما اجتمعوا، جلس لهم وأدخلوا عليه، وكنت واقفًا بين يديه لأمرٍ إن حدث يأمرني بما شاء فيه، فسألهم عن يمينه، وكنت المعبر عنه، وهل له منها مخلصٌ، فأجابه الفقهاء بأجوبةٍ مختلفةٍ، وكان إذ ذاك فيهم اللَّيْث بن سعدٍ فيمن أشخص من مصر، وهو جالسٌ في آخر المجلس، لم يتكلم بشيءٍ، وهارون يراعي الفقهاء واحدًا واحدًا، فقال: بقي ذلك الشيخ في آخر المجلس لم يتكلم بشيءٍ، فقلت له: إن أمير المؤمنين يقول لك: ما لك لا تتكلم كما تكلم أصحابك؟ فقال: قد سمع أمير المؤمنين قول الفقهاء، وفيه مقنعٌ، فقال: قل له: إن أمير المؤمنين يقول: لو أردنا ذلك سمعنا من فقهائنا ولم نشخصكم من بلدانكم، ولما أحضرت هذا المجلس، فقال: يخلي أمير المؤمنين مجلسه إن أراد أن يسمع كلامي في ذلك، فانصرف مَن كان بمجلس أمير المؤمنين من الفقهاء والناس، ثم قال: تكلم، فقال: يدنيني أمير المؤمنين؟ فقال: ليس بالحضرة إلا هذا الغلام، وليس عليك منه عينٌ، فقال: يا أمير المؤمنين، أتكلَّم على الأمان، وعلى طرح التعمُّل والهيبة والطاعة لي من أمير المؤمنين في جميع ما آمُرُ به؟ قال: لك ذلك، قال: يدعو أمير المؤمنين بمصحفٍ جامعٍ، فأمر به فأحضر، فقال: يأخذه أمير المؤمنين فيتصفحه حتى يصل إلى سورة الرحمن، فأخذه وتصفحه حتى وصل إلى سورة الرحمن، فقال: يقرأ أمير المؤمنين، فقرأ، فلما بلغ: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46]، قال: قِفْ يا أمير المؤمنين ها هنا، فوقف، فقال: يقول أمير المؤمنين: واللهِ، فاشتد على الرشيد وعليَّ ذلك، فقال له هارون: ما هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين على هذا وقع الشرط، فنكس أمير المؤمنين رأسه - وكانت زبيدة في بيتٍ مسبلٍ عليه سترٌ، قريبٍ من المجلس، تسمع الخطاب - ثم رفع هارون رأسه إليه فقال: والله، قال: الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، إلى أن بلغ آخر اليمين، ثم قال: إنك يا أمير المؤمنين تخاف مقام الله؟ قال هارون: إني أخاف مقام الله، فقال: يا أمير المؤمنين، فهي جنتان وليست بجنةٍ واحدةٍ؛ كما ذكر الله تعالى في كتابه، فسمعتُ التصفيق والفرح من خلف الستر، وقال هارون: أحسنت والله، بارك الله فيك، ثم أمر بالجوائز والخلع لليث بن سعدٍ، ثم قال هارون: يا شيخ، اختَرْ ما شئت، وسل ما شئت تُجَبْ فيه، فقال: يا أمير المؤمنين، وهذا الخادم الواقف على رأسك؟ فقال: وهذا الخادم، فقال: يا أمير المؤمنين، والضِّياع التي لك بمصر ولابنة عمك أكون عليها، وتسلم إليَّ لأنظر في أمورها؟ قال: بل نقطعك إقطاعًا، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أريد من هذا شيئًا، بل تكون في يدي لأمير المؤمنين، فلا يجري عليَّ حيف العمال، وأعز بذلك، فقال: لك ذلك، وأمر أن يكتب له ويسجل بما قال، وخرج من بين يدي أمير المؤمنين بجميع الجوائز والخِلَع والخادم، وأمرت زبيدة له بضِعف ما أمر به الرشيد، فحمل إليه، واستأذن في الرجوع إلى مصر، فحُمِل مكرمًا؛

(حلية الأولياء لأبي نعيم جـ 7 صـ 323).


>>Click here to continue<<

دفاتر 📚




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)