يُعدّ الجهل من العوارض الأهلية المكتسبة(١)، وبهذا الاعتبار جعل الأصوليون الأحناف الجهل على مراتب فيما يصلح أن يكون فيه عذرا وما لا يصلح، وبيانه كالآتي:
• جهل الإعراض والمكابرة عن قبول البرهان القاطع.
مثاله: الجهل بالتوحيد والبعث والمعاد، وما عُلم من الدين بالضرورة -ما لم يكن حديث عهد بإسلام أو ناشئ ببلدة بعيدة، غير متمكنٍ من دفع الجهل، قاصدا رفعه-.
حكمه: لا يقبل العذر فيه بالجهل.
• الجهل الناشيء عن المكابرة وترك الحجة الجلية ولكن لشبهة منسوبة إلى أصلي الاستدلال (الكتاب والسنة).
مثاله: التأويل والتعطيل لدى الفرق الضالة من أهل الأهواء.
حكمه: لا يقبل العذر فيه بالجهل.
• الجهل الناشئ عن اجتهاد ودليل شرعي صحيح لكن فيما لا يجوز فيه الاجتهاد -لمصادمته لنص شرعي من الكتاب أو السنة المشهورة، أو خالف الإجماع-.(٢)
حكمه: يقبل فيه العذر ولا يسقط به حق القضاء من ترتب الحدود والأحكام.
• الجهل الناشيء عما يسوغ فيه الاجتهاد.
حكمه: عذر البتة يسقط به الإثم وينفذ القضاء بحسب نوعه.
• الجهل الناشئ عن شبهة وخطأ.
مثاله: رجل وطئ امرأة ظنها زوجته.
حكمه: عذر يسقط به الإثم والحد.
• جهل لزمه ضرورة بعذر.
مثاله: جهل المسلم بأحكام الإسلام في دار الحرب -لا في دار الإسلام لشهرة الشرائع-.
حكمه: عذر ويسقط به الحد.
-----------
(١)العوارض: جمع عارض: ويعني: ما ليس من الصفات الذاتية، كعارض البياض في الثلج، وهي على قسمين:
- العوارض السماوية: وهي ما لا دخل للإنسان في وقوعها: وهي إحدى عشر: الجنون، والعته، والنسيان، والنوم، والإغماء، والحيض، والنفاس، والصغر، والمرض، والموت، والرق.
- والعوارض المكتسبة: بخلاف السماوية: ومثلوا لها: بالجهل والخطأ والسكر والهزل.
ومعنى الأهلية: استحقاق الثواب والعقاب.
قال الجبوري: "الأهلية: صلاحية الإنسان لما يجب له من الحقوق، وما يلزمه من الواجبات بعد توفر الشروط اللازمة لصحة ثبوت الحقوق له، والواحبات عليه".
(٢): كتجويز نكاح المتعة، والمحلّل. فهذا الاجتهاد غير معتبر لمخالفته لما هو قطعي الثبوت والدلالة.
- مستفاد من كتاب [عارض الجهل] لشيخنا حفظه الله، بتصرف.
>>Click here to continue<<