في هذا المساء الذي يطل على المدينة المنطفئة بشدة منذُ مدة طويلة جدًا، جالسة بملل يفوق الوصف أشعر بأنني بالون يود الإنفجار أو التحليق بعيدًا عن طقوس هذه المدينة والحياة التي صارت عليها الآن، راديو لا يصمت ببث الأخبار الكاذبة و التعيسة جدًا و نسوة يتحدثون و يتعاونون في خبز الكثير من العجين حول فرن الطينة الذي صار مشهوراً كثيراً في حياتنا، دخان يتصاعد إلى السماء الذي لم تعد تميز لونها هل هو رمادي أو أسود قاتم، أصوات تأتي من الشارع بعضها يعلو حين تأتي الشاحنات ويبدأ الشارع كله في حالة ركض متسارعة حتى انه يبدو إليك أن الشارع يركض معهم و هو لا يشعر حينها أكون واقفة على الباب أنظر على الجنون الذي يحدث كيف تركنا كرامتنا عند باب الخيمة و صرنا نركض وراء جوعنا و حرماننا من أبسط حقوقنا في الحياة أنظر إلى أفراد شعبي واحدًا تلو الآخر رأيت الكثير منهم متعلمون ومنهم أطفال صغار لم يحصلو على التعليم ومنهم شيوخ كبار و منهم ناس مثقفة تركض للحصول على أي شيء يسد جوعهم وجوع أطفالهم، ثم أغلق الباب واكتفي بأن هذه المدينة لن تعود إلى سابقتها وأن من ترك كرامته هناك وراه فقد صارت الأمور أكبر من أن يظل محتفظاً عليها، لكن هذه المدينة وأن طال ابتلأها ستأتي أيام يغمرها الخير من كل حدب وصوب و ستكون في طمأنينة بعد أعوام كاملة من الخوف و الجزع، هذه المدينة التي عانت من أهوال كثيرة لكنها ستكون في النهاية الأخيرة دافئة وملونة و مطمئنة..
إيمان ياسر,
>>Click here to continue<<