TG Telegram Group & Channel
هـُدهُـد | United States America (US)
Create: Update:

في ليلة الدّخلة
حمير:
مرحبًا بكِ يا ربّاب فردًا أنظم إلى عائلتنا، الآن صرنا أربعة، أنا وأنتِ و«علاء ورنا» هديّة والداي، توأمان أعيش في كنفهما منذ كان عمرهما عام واحد، رغم أنّي بهما تجاوزت الحزن ومنها أستمدّ قوّتي وبأسي، لكنّي آليتُ على نفسي ألا أسمح لأحدٍ ينعتهما باليتم ما دمتُ حيّا، ولا يرى أحدٌ فيهما ملامح الضّعف ما دام بي عرق ينبض بالحياة، وقد تمّ هذا وأنا أعاملهما كأخ أكبر حتّى صارا في عمر الحادية عشر، إنّما أتّخذتهما أبوين في الأوانة الأخيرة، لكي أشعر أنا بالأبوّة والأمومة، وقد كان ذلك بالفعل وشعرتُ أن أبي وأمي قبل أن يفضيا إلى ربّهما خلّفا لي نسخة منهما.. وهما يطلباك لي من أبيك، شعرتُ أن العالم كلّه مقطوع من شجرة إلا أنا..

قالت:
أنتَ يا حمير نموذج لكلّ شابٍ نبيل، وذو قصّة نبيلة تحكى على كلّ منبر، وأسوة حسنة يحتذيها كلّ ذي ضمير حيّ، لكنّي زوجة، وإن أُعجبت وتأثرت، لابد لها أن تخاف!
- أعلم ما الذي يخيفكِ، لكن ستثبت لكِ الأيام أنها لم تكن سوى وسوسات أراد الشّيطان أن يعكّر بها فرحتك الكبرى.
- هما طفلان على أيّة حال، فماذا أن نقلا لك عن زوجتك كلامًا- لم يُقال- أو حكيا لك حدثًا- لم يحدث-؟
- ليس بوسعي إلا تصديقهما!
- وإن طلبا منك أن تطلقها بسبب أو بدون سبب؟!
- أجبهما من غير سؤال.
- أمّن الله خوفك، بهذا زالت مخاوفي، ويمكنني أنام قريرة العين! أطرقت برأسها وبدأت بالانهمار!

تناول حمير منديلًا وجفف دموعها، وقال لها وهو يشير إلى الجدار: انظري إلى هذه الصّورة، جميلة أليس كذلك؟
دهشتُ رباب لما رأت!
إنّها صورتها وهي تقدّم العصير يوم خطبتها!
من التقط الصّورة؟ وكيف سُمح له بالتقاطها؟
وتساؤلات تعصف برأسها، يقرأها حمير من لغة عينيها وملامحها، تبسم لها، وأجابها عن تساؤلها:
هذه يا عزيزتي رباب ليس صورةً، ولا علاقة لعدسة الكاميرا بما تشاهدين، إنّها لوحة الفنانة رنا، نعم رنا التي تخيفكِ وتبكيكِ الآن قلقًا!
يا رباب! هذه الدّموع التي ذرفتِها آنفا، عن قريب- ربّما منذ صباح الغد- ستصبح أعظم ذكرى تسخرين منه.
لم أحدّثكِ عن علاء ورنا، لم أخبرك عن تربيتهما عن تعليمهما عن ثقافتهما عن مواهبهما، لم أخبرك أنهما يعيشان ويعيشاني في عالمٍ تنزّه عن كلّ أدواء عالمنا، عالم ملائكي لا يعرفا غشًا ولا كذبًا ولا كيدا، ترعرعا على الإسلام، قرآن وسنة وأدب إسلاميّة وفن، وقد تركتُ الحديث، لأنّي أثق أنّك في أوّل لقاء، ستعرفين كلّ شيء، ولكن اضطررتُ له الآن، لكيْلا تكون أسعد ليلاليك ليلًا كئيبًا طويلا..
ودعيني أحكي لكِ حكاية ما قبل النّوم:
ذات نهار وأنا عائدًا من جامعتي، دلفتُ بهدوء إلى فناء الدّار، فاستوقفني شجار علاء ورنا، فمكثتُ أسترق السّمع من وراء سياج الأشجار دون أن يشعرا بي، وكان هذا ما دار بينهما منذ لحظة وصولي:
يقول علاء: لم أقصد قتلها، دهستها بالخطأ وأنا حقًّا آسف لذلك!
- لو كنتَ عامدًا، لكان الحديث معك بأسلوب آخر، أنا أعلم أنّك لم تقصد، ولهذا أقول لك عليك أن تتحرّى خطواتك جيدًا، لا ترفع قدم إلا وقد علمت أين تضعها!
- يا رنا، كانت مجرّد حشرة!
- كانت مجرّد حشرة! استخفافك هذا أخطر من قتلها خطأ!
- لا حول ولا قوّة إلا بالله!
- يا علاء يا أخي وحبيبي! إن الله خلقنا متفاوتين في القدرات، أنا أقوى من الحشرة، وأنت أقوى منّي، وحمير أقوى منك، وهناك من هو أقوى من حمير، والله أقوى من كلّ الخلائق.. هذا التّفاوت ليس رخصة، ليستقوي بعضنا على بعض، ولكنّه ابتلاء، احمِ بقوّتك من تقدر عليه، ليحميك الله بقوّته ممن يقدر عليك.
بكى علاء، ثمّ طفق يحاول إنعاش الفراشة التي دهسها خطأ، ويعيدها إلى الحياة..
يا رباب، إنّي والله أتعلم منهما الدّين والأخلاق، وغدًا لناظره قريب.

أتى الصّباح، ولم يطلع النّهار إلا ورباب تطلب من علاء ورنا، أن يكونا لها أبًا وأمًّا، وافق علاء على الفور، بينما قالت رنا: أوافق على شرط!
- عيوني لكِ يا أحلى رنا!
- إذا حصل بينكِ وحمير خلاف، أي خلاف، ونويتي الذّهاب لأهلك، تأتي إليّ، تمكثين في حجرتي حتّى يصالحك!
احتضنتها ودموع المشاعر تنهمر غزيرًا، وتقول: الآن أحتضني يا رباب سمائك، لولا هذا الحضن، لبقي الرباب مجرّد اسمٍ!

في ليلة الدّخلة
حمير:
مرحبًا بكِ يا ربّاب فردًا أنظم إلى عائلتنا، الآن صرنا أربعة، أنا وأنتِ و«علاء ورنا» هديّة والداي، توأمان أعيش في كنفهما منذ كان عمرهما عام واحد، رغم أنّي بهما تجاوزت الحزن ومنها أستمدّ قوّتي وبأسي، لكنّي آليتُ على نفسي ألا أسمح لأحدٍ ينعتهما باليتم ما دمتُ حيّا، ولا يرى أحدٌ فيهما ملامح الضّعف ما دام بي عرق ينبض بالحياة، وقد تمّ هذا وأنا أعاملهما كأخ أكبر حتّى صارا في عمر الحادية عشر، إنّما أتّخذتهما أبوين في الأوانة الأخيرة، لكي أشعر أنا بالأبوّة والأمومة، وقد كان ذلك بالفعل وشعرتُ أن أبي وأمي قبل أن يفضيا إلى ربّهما خلّفا لي نسخة منهما.. وهما يطلباك لي من أبيك، شعرتُ أن العالم كلّه مقطوع من شجرة إلا أنا..

قالت:
أنتَ يا حمير نموذج لكلّ شابٍ نبيل، وذو قصّة نبيلة تحكى على كلّ منبر، وأسوة حسنة يحتذيها كلّ ذي ضمير حيّ، لكنّي زوجة، وإن أُعجبت وتأثرت، لابد لها أن تخاف!
- أعلم ما الذي يخيفكِ، لكن ستثبت لكِ الأيام أنها لم تكن سوى وسوسات أراد الشّيطان أن يعكّر بها فرحتك الكبرى.
- هما طفلان على أيّة حال، فماذا أن نقلا لك عن زوجتك كلامًا- لم يُقال- أو حكيا لك حدثًا- لم يحدث-؟
- ليس بوسعي إلا تصديقهما!
- وإن طلبا منك أن تطلقها بسبب أو بدون سبب؟!
- أجبهما من غير سؤال.
- أمّن الله خوفك، بهذا زالت مخاوفي، ويمكنني أنام قريرة العين! أطرقت برأسها وبدأت بالانهمار!

تناول حمير منديلًا وجفف دموعها، وقال لها وهو يشير إلى الجدار: انظري إلى هذه الصّورة، جميلة أليس كذلك؟
دهشتُ رباب لما رأت!
إنّها صورتها وهي تقدّم العصير يوم خطبتها!
من التقط الصّورة؟ وكيف سُمح له بالتقاطها؟
وتساؤلات تعصف برأسها، يقرأها حمير من لغة عينيها وملامحها، تبسم لها، وأجابها عن تساؤلها:
هذه يا عزيزتي رباب ليس صورةً، ولا علاقة لعدسة الكاميرا بما تشاهدين، إنّها لوحة الفنانة رنا، نعم رنا التي تخيفكِ وتبكيكِ الآن قلقًا!
يا رباب! هذه الدّموع التي ذرفتِها آنفا، عن قريب- ربّما منذ صباح الغد- ستصبح أعظم ذكرى تسخرين منه.
لم أحدّثكِ عن علاء ورنا، لم أخبرك عن تربيتهما عن تعليمهما عن ثقافتهما عن مواهبهما، لم أخبرك أنهما يعيشان ويعيشاني في عالمٍ تنزّه عن كلّ أدواء عالمنا، عالم ملائكي لا يعرفا غشًا ولا كذبًا ولا كيدا، ترعرعا على الإسلام، قرآن وسنة وأدب إسلاميّة وفن، وقد تركتُ الحديث، لأنّي أثق أنّك في أوّل لقاء، ستعرفين كلّ شيء، ولكن اضطررتُ له الآن، لكيْلا تكون أسعد ليلاليك ليلًا كئيبًا طويلا..
ودعيني أحكي لكِ حكاية ما قبل النّوم:
ذات نهار وأنا عائدًا من جامعتي، دلفتُ بهدوء إلى فناء الدّار، فاستوقفني شجار علاء ورنا، فمكثتُ أسترق السّمع من وراء سياج الأشجار دون أن يشعرا بي، وكان هذا ما دار بينهما منذ لحظة وصولي:
يقول علاء: لم أقصد قتلها، دهستها بالخطأ وأنا حقًّا آسف لذلك!
- لو كنتَ عامدًا، لكان الحديث معك بأسلوب آخر، أنا أعلم أنّك لم تقصد، ولهذا أقول لك عليك أن تتحرّى خطواتك جيدًا، لا ترفع قدم إلا وقد علمت أين تضعها!
- يا رنا، كانت مجرّد حشرة!
- كانت مجرّد حشرة! استخفافك هذا أخطر من قتلها خطأ!
- لا حول ولا قوّة إلا بالله!
- يا علاء يا أخي وحبيبي! إن الله خلقنا متفاوتين في القدرات، أنا أقوى من الحشرة، وأنت أقوى منّي، وحمير أقوى منك، وهناك من هو أقوى من حمير، والله أقوى من كلّ الخلائق.. هذا التّفاوت ليس رخصة، ليستقوي بعضنا على بعض، ولكنّه ابتلاء، احمِ بقوّتك من تقدر عليه، ليحميك الله بقوّته ممن يقدر عليك.
بكى علاء، ثمّ طفق يحاول إنعاش الفراشة التي دهسها خطأ، ويعيدها إلى الحياة..
يا رباب، إنّي والله أتعلم منهما الدّين والأخلاق، وغدًا لناظره قريب.

أتى الصّباح، ولم يطلع النّهار إلا ورباب تطلب من علاء ورنا، أن يكونا لها أبًا وأمًّا، وافق علاء على الفور، بينما قالت رنا: أوافق على شرط!
- عيوني لكِ يا أحلى رنا!
- إذا حصل بينكِ وحمير خلاف، أي خلاف، ونويتي الذّهاب لأهلك، تأتي إليّ، تمكثين في حجرتي حتّى يصالحك!
احتضنتها ودموع المشاعر تنهمر غزيرًا، وتقول: الآن أحتضني يا رباب سمائك، لولا هذا الحضن، لبقي الرباب مجرّد اسمٍ!


>>Click here to continue<<

هـُدهُـد




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)