TG Telegram Group & Channel
مجلة الصحوة الإسلامية | United States America (US)
Create: Update:

*استقبال العام الهجري الجديد.. وقفات للتقويم ومحاسبةالذات*

✍️ *بقلم:* سماحة الأستاذ المفتي محمد قاسم القاسمي

انقضى العام الرابع والأربعون بعد الأربعمائة والألف من هجرة النبي ﷺ، وها قد دخلنا العام الهجري الجديد (١٤٤٥)، وإننا مطالَبون عقلا وشرعا أن نقف مع أنفسنا ونحاسبها: ماذا صنعنا في هذا العام؟ وماذا قدمّنا فيه وماذا أخّرنا؟ ماذا تزوّدنا لآخرتنا؟ ماذا كسبنا وماذا خسرنا؟ فالمحاسبة تعيننا على تفادي أسباب الخسارة، والاستزادة من أسباب الربح. قال العلماء: ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسَه كل يوم، فإن لم يفعل ففي كل شهر، فإن لم يفعل فكل عام. ولا يماطل أكثر من ذلك. وإذا وجدنا بعد التقويم والمحاسبة توفيقات للخير، نشكر الله عليها، وإن وجدنا تقصيرا أو تفريطا في جنب الله، وفي حق أنفسنا، وفي حقوق الناس، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، فعلينا أن نبكي ونستغفر ونندم، محاولين الاستدراك في العام الجديد ما استطعنا. وهذا هو دأب الصالحين وطريق السعداء والناجحين، أما أهل الغفلة والبطالة فلا يهمهم شيء من التفريط والتقصير، وهم في غفلتهم معرضون.
انتهاء العام يعني مُضيّ ٣٦٠ يوم علينا، ألم ينقص من حياتنا هذا القدر من الأيام؟ فهل تعود هذه الأيام إلى أعمارنا مرّة أخرى لنغتنمها ونقضيها في أعمال الخير لصالح أنفسنا وشعبنا وبلدنا وأمتنا؟ كلاّ إنها لن تعود، مهما اجتهدنا وبذلنا الجهود، فهذه سنة الله في الكون، إذن لا سبيل إلى إعادة الأيام السالفة والساعات التالفة والأوقات الضائعة. إننا لو أضعنا ذهبا أو فضة أو شيئاً آخر كان بإمكاننا أن نعيده، ولكن الوقت لا يمكن إعادته، فما مضى فات ولا يعود. ومن ثمّ قيل: إن الوقت هو أغلى من الذهب والفضة والجواهر واللآلئ، لأن الوقت إنما هو الحياة.
وما أحسن ما قال الشيخ يوسف القرضاوي -رحمه الله-في إحدى خُطَبِه: «ما هي حياتك أيها الإنسان؟ هي الوقت الذي تقضيه من المهد إلى اللحد، من ساعة الميلاد إلى ساعة الوفاة، من صرخة الوضع إلى أنّة النزع. فالذين يُضيعون ويقتلون أوقاتهم إنما يقتلون أنفسهم ولا يشعرون، إنهم ينتحرون انتحاراً بطيئاً، ولا يفقهون».
إننا نعيش في عصر السرعة والإنجاز والتنافس، نرى أمماً وبلاداً تصل النهار بالليل في السعي والاجتهاد، كدٌّ في النهار وسهرٌ بالليل، وتخطيط وبرمجة مستمرّة، لما يصب في صالح هذه الأمم، وصالح بلادها وشعوبها، وتبيِّت المؤامرات ضد المسلمين والبلاد الإسلامية. وهذه الأمم هي التي تُنتج وتخترع، وتُبدع وتبتكر، أما المسلمون فقد ظلوا متعوّدين استهلاك ما يُنتج غيرُهم، مستفيدين مما يخترع ويصنعه أعداؤهم. وكم من المسلمين يحاولون تقليد الأجانب متهوّرين ويباهون بذلك، وليس في الإيجابيات، بل في ارتكاب المعاصي، وفي الاستهزاء بالدين وفي الإهمال في العبادة، والابتعاد عن الحياء، وارتكاب الفحشاء والمجون، ومتابعة الأزياء والموضات، وتعاطي المسكرات والمخدرات! فلماذا لا يقلّدونهم في دراسة العلوم والتكنولوجيا؟ لماذا لا ينافسونهم في الصناعة والاختراع؟ لماذا لا يقلّدونهم في فنّ الإدارة وتسخير الطاقات الكونيّة لصالح البشرية؟ هل نسوا أو تناسوا ما أوصاهم به ربهم، "وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ".
إن الذي يؤسفنا ويؤلمنا أن المسلمين لا سيما الجيل المعاصر يباهي بالتأسي بالغرب في الأمور التي لا صلة لها بالتقدم والرقي والازدهار، متجاهلا سرّ النجاح والقوة والتقدم. وإلى هذا يشير الشاعر الحكيم محمد إقبال، في قوله:
قوت مغرب نه از چنگ و رباب
نی ز رقص دختران بی حجاب
نی ز سحر ساحران لاله روست
نی ز عریان ساق و نی از قطع موست
محکمی او را نه از لادینی است
نی فروغش از خط لاتینی است
قوت افرنگ از علم و فن است
از همین آتش چراغش روشن است

"قوة الغرب ليست من الطبل والطنبور، ولا من رقص الفتيات السافرات، وليست قوته من سحر النساء الفاتنات، ولا من السيقان العاريات، أو قطع الشعر وتجميله. إنّما قوة الغرب من دراسة العلوم والفنون. فمن هذا الوقود اتّقدت مصابيحه". ثم يضيف قائلاً وهو يخاطب الشاب المؤمن، مثيرا غيرته:
حکمت از قطع و برید جامه نیست
مانع علم و هنر عمامه نیست
علم و فن را ای جوان شوخ و شنگ
مغز می باید، نه ملبوس فرنگ
"لا تحصل الحكمة والعلم بالملابس ونوع خياطتها، فلا يمنع لبس العمامة من حصول الحكمة والفن، واعلم أيها الشاب المتأنّق الجميل، إنما يكون حصول العلم والفن بالمخّ والذكاء، وليس بزيّ الإفرنج ولباسه".
ألم يأن للمسلمين لا سيما العلماء والمربّين والموجّهين، أن يُجدّدوا النظر في جميع شؤونهم، مشمّرين عن ساق الجدّ، لتوجيه الجيل المعاصر وإصلاح المجتمع؟ ألم يأن لهم أن يحذروا من التسويف وإضاعة الأوقات والفرص؟ ألم يحذرنا سلفنا من التسويف قائلين: إن «سوف» جند من جنود إبليس. ولنعم ما قال القائل:
ولا أؤخر شغلَ اليوم عن كسل
إلى غدٍ إنّ يوم العاجزين غدُ

*استقبال العام الهجري الجديد.. وقفات للتقويم ومحاسبةالذات*

✍️ *بقلم:* سماحة الأستاذ المفتي محمد قاسم القاسمي

انقضى العام الرابع والأربعون بعد الأربعمائة والألف من هجرة النبي ﷺ، وها قد دخلنا العام الهجري الجديد (١٤٤٥)، وإننا مطالَبون عقلا وشرعا أن نقف مع أنفسنا ونحاسبها: ماذا صنعنا في هذا العام؟ وماذا قدمّنا فيه وماذا أخّرنا؟ ماذا تزوّدنا لآخرتنا؟ ماذا كسبنا وماذا خسرنا؟ فالمحاسبة تعيننا على تفادي أسباب الخسارة، والاستزادة من أسباب الربح. قال العلماء: ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسَه كل يوم، فإن لم يفعل ففي كل شهر، فإن لم يفعل فكل عام. ولا يماطل أكثر من ذلك. وإذا وجدنا بعد التقويم والمحاسبة توفيقات للخير، نشكر الله عليها، وإن وجدنا تقصيرا أو تفريطا في جنب الله، وفي حق أنفسنا، وفي حقوق الناس، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، فعلينا أن نبكي ونستغفر ونندم، محاولين الاستدراك في العام الجديد ما استطعنا. وهذا هو دأب الصالحين وطريق السعداء والناجحين، أما أهل الغفلة والبطالة فلا يهمهم شيء من التفريط والتقصير، وهم في غفلتهم معرضون.
انتهاء العام يعني مُضيّ ٣٦٠ يوم علينا، ألم ينقص من حياتنا هذا القدر من الأيام؟ فهل تعود هذه الأيام إلى أعمارنا مرّة أخرى لنغتنمها ونقضيها في أعمال الخير لصالح أنفسنا وشعبنا وبلدنا وأمتنا؟ كلاّ إنها لن تعود، مهما اجتهدنا وبذلنا الجهود، فهذه سنة الله في الكون، إذن لا سبيل إلى إعادة الأيام السالفة والساعات التالفة والأوقات الضائعة. إننا لو أضعنا ذهبا أو فضة أو شيئاً آخر كان بإمكاننا أن نعيده، ولكن الوقت لا يمكن إعادته، فما مضى فات ولا يعود. ومن ثمّ قيل: إن الوقت هو أغلى من الذهب والفضة والجواهر واللآلئ، لأن الوقت إنما هو الحياة.
وما أحسن ما قال الشيخ يوسف القرضاوي -رحمه الله-في إحدى خُطَبِه: «ما هي حياتك أيها الإنسان؟ هي الوقت الذي تقضيه من المهد إلى اللحد، من ساعة الميلاد إلى ساعة الوفاة، من صرخة الوضع إلى أنّة النزع. فالذين يُضيعون ويقتلون أوقاتهم إنما يقتلون أنفسهم ولا يشعرون، إنهم ينتحرون انتحاراً بطيئاً، ولا يفقهون».
إننا نعيش في عصر السرعة والإنجاز والتنافس، نرى أمماً وبلاداً تصل النهار بالليل في السعي والاجتهاد، كدٌّ في النهار وسهرٌ بالليل، وتخطيط وبرمجة مستمرّة، لما يصب في صالح هذه الأمم، وصالح بلادها وشعوبها، وتبيِّت المؤامرات ضد المسلمين والبلاد الإسلامية. وهذه الأمم هي التي تُنتج وتخترع، وتُبدع وتبتكر، أما المسلمون فقد ظلوا متعوّدين استهلاك ما يُنتج غيرُهم، مستفيدين مما يخترع ويصنعه أعداؤهم. وكم من المسلمين يحاولون تقليد الأجانب متهوّرين ويباهون بذلك، وليس في الإيجابيات، بل في ارتكاب المعاصي، وفي الاستهزاء بالدين وفي الإهمال في العبادة، والابتعاد عن الحياء، وارتكاب الفحشاء والمجون، ومتابعة الأزياء والموضات، وتعاطي المسكرات والمخدرات! فلماذا لا يقلّدونهم في دراسة العلوم والتكنولوجيا؟ لماذا لا ينافسونهم في الصناعة والاختراع؟ لماذا لا يقلّدونهم في فنّ الإدارة وتسخير الطاقات الكونيّة لصالح البشرية؟ هل نسوا أو تناسوا ما أوصاهم به ربهم، "وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ".
إن الذي يؤسفنا ويؤلمنا أن المسلمين لا سيما الجيل المعاصر يباهي بالتأسي بالغرب في الأمور التي لا صلة لها بالتقدم والرقي والازدهار، متجاهلا سرّ النجاح والقوة والتقدم. وإلى هذا يشير الشاعر الحكيم محمد إقبال، في قوله:
قوت مغرب نه از چنگ و رباب
نی ز رقص دختران بی حجاب
نی ز سحر ساحران لاله روست
نی ز عریان ساق و نی از قطع موست
محکمی او را نه از لادینی است
نی فروغش از خط لاتینی است
قوت افرنگ از علم و فن است
از همین آتش چراغش روشن است

"قوة الغرب ليست من الطبل والطنبور، ولا من رقص الفتيات السافرات، وليست قوته من سحر النساء الفاتنات، ولا من السيقان العاريات، أو قطع الشعر وتجميله. إنّما قوة الغرب من دراسة العلوم والفنون. فمن هذا الوقود اتّقدت مصابيحه". ثم يضيف قائلاً وهو يخاطب الشاب المؤمن، مثيرا غيرته:
حکمت از قطع و برید جامه نیست
مانع علم و هنر عمامه نیست
علم و فن را ای جوان شوخ و شنگ
مغز می باید، نه ملبوس فرنگ
"لا تحصل الحكمة والعلم بالملابس ونوع خياطتها، فلا يمنع لبس العمامة من حصول الحكمة والفن، واعلم أيها الشاب المتأنّق الجميل، إنما يكون حصول العلم والفن بالمخّ والذكاء، وليس بزيّ الإفرنج ولباسه".
ألم يأن للمسلمين لا سيما العلماء والمربّين والموجّهين، أن يُجدّدوا النظر في جميع شؤونهم، مشمّرين عن ساق الجدّ، لتوجيه الجيل المعاصر وإصلاح المجتمع؟ ألم يأن لهم أن يحذروا من التسويف وإضاعة الأوقات والفرص؟ ألم يحذرنا سلفنا من التسويف قائلين: إن «سوف» جند من جنود إبليس. ولنعم ما قال القائل:
ولا أؤخر شغلَ اليوم عن كسل
إلى غدٍ إنّ يوم العاجزين غدُ


>>Click here to continue<<

مجلة الصحوة الإسلامية




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)