ومِنْ أهمِّ صفاتِ الصديقِ الصالِحِ الإيمانُ والتقوَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:« لاَ تَصْحَبْ إِلاَّ مُؤْمِناً»[7].
وكُلُّ صحبَةٍ قامَتْ علَى أساسٍ غيْرِ سليمٍ كانَتْ سببًا لندَمِ صاحبِهَا فِي الدنيَا والآخرةِ، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿ الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ ﴾[8].
فعلَى المرءِ أَنْ ينتبِهَ فِي اختيارِ الصديقِ، ويَحذَرَ مِمَّنْ يَلْبَسُ ثوبَ الصداقةِ، ولَهُ مآربُ يبتغِيهَا، فكَمْ مِنْ صاحِبٍ جَرَّ علَى أصدقائِهِ الهمَّ والحزَنَ، وأَرْدَاهُمْ بِسُوءِ أفكارِهِ وضلالةِ أهدافِهِ، وقَدْ قِيلَ: الصاحِبُ سَاحِبٌ. لأنَّ الصاحبَ لهُ تأثيرٌ بالغٌ علَى صاحبِهِ.
وقيلَ: أخْبِرْنِي مَنْ تُصَاحِبُ أُخْبِرْكَ مَنْ تكونُ، وقالَ الشاعرُ:
عَنِ الْمَرْءِ لاَ تَسأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرينِهِ فَكُلُّ قَرِينٍ بالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي
وعلَى الآباءِ أَنْ يسألُوا عَنْ أصدقاءِ أبنائِهِمْ، فإنْ كانُوا مُستقيمينَ يدلُّونَ علَى الخيرِ والصوابِ شجَّعُوا أبناءَهُمْ علَى تلكَ الصحبةِ، وإنْ كانُوا غيرَ ذلكَ نصحُوهُمْ بالبعدِ عنهُمْ، فإنَّ الصديقَ مرآةُ صديقِهِ، وقدْ قَالَ لُقْمَانُ الحكيمُ لاِبْنِهِ: مَنْ يَصْحَبْ صَاحِبَ السُّوءِ لاَ يَسْلَمْ، وَمَنْ يَصْحَبِ الصَّاحِبَ الصَّالِحَ يَغْنَمْ[9].
فاحرصُوا - عبادَ اللهِ - علَى أَنْ يختارَ أبناؤُكُمُ الصديقَ الناصِحَ، فإنَّ الصديقَ مَنْ صدقَكَ، وتَخَيَّرُوا صاحبَ المقاصدِ النبيلةِ والغاياتِ السليمةِ، والصديقُ هُوَ الَّذِي يصدُقُكَ فِي الْمَوَدَّة، ويبتغِي لكَ الخيرَ فِي كُلِّ أحوالِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: « خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ»[10].
فاللهمَّ وَفِّقَنَا لاختيارِ صديقِ الخيرِ لنَا ولأبنائِنَا، ووفِّقْنَا جميعًا لطاعتِك وطاعةِ مَنْ أمَرْتَنَا بطاعتِهِ، عملاً بقولِكَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ﴾[11].
نفعَنِي اللهُ وإياكُمْ بالقرآنِ العظيمِ، وبِسنةِ نبيهِ الكريمِ صلى الله عليه وسلم، أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ، فاستغفِرُوهُ إنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.
>>Click here to continue<<