فالإمام صلوات الله عليه هو الفاعل و الصانع لفعل و صنع الله تعالى ، لأن الله تعالى أحد فرد صمد في القدم حيث لا يباشر خلقه لتنزه الذات عن مجانسة المخلوقات كما جاء في دعاء الصباح عن أمير المؤمنين من جهة .
و لأن الخلق ضعيف لا يطيق الأخذ عن الذات الإلهية بالمباشرة من جهة أخرى .
و لأنه جلَّ و علا في القدم لا ينزل إلى الإمكان و لا الإمكان يصعد إليه في قدمه فيأخذ عنه ، فخلق تعالى خلقاً نورانياً من نور عظمته و جلاله ليكونوا واسطة فيض بينه و بين خلقه الضعيف ، كما في مثال الإنسان فإنك بعد النية و الإرادة و القدرة على فعل شيء فإنك لا تفعله بذاتك المجردة أو بنفسك اللطيفة بل من الضروري وجود واسطة من عالم الأجسام لصنع ذلك الشيء ، لأن الأجسام من سنخية المادة و الكثافة و ليس لها القابلية من الأخذ من الخلق اللطيف ، فلا بد من توسط الآلة التي من سنخية ذلك الخلق المادي للأخذ عنها و القبول منها .
و مثاله كما أنك إذا نويت صنع كرسي و لديك الإرادة و القدرة فإنك لا تستطيع أن تصنع الكرسي و أنت العالم بطريقة صنعها و القادر عليها إلا من خلال يدك التي تناسب سنخيتها ، مع أن يدك محتاجة إلى عقلك و إرادتك و قوتك حتى تستطيع القيام بصنع الكرسي ، فكان الإمام هو هذه اليد الإلهية الفاعلة و هو قول أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه : أنا يد الله .(5)
و قوله صلوات الله عليه : أنا علم الله ، و أنا قلب الله الواعي ، و لسان الله الناطق ، و عين الله ، و جنب الله ، و أنا يد الله .(6)
و أيضاً قوله صلوات الله و سلامه عليه في احدى خطبه : أنا حبل الله المتين ، و أنا عروة الله الوثقى و كلمة التقوى ، و أنا عين الله و لسانه الصادق و يده .
و أنا جنب الله الذي يقول { أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ }
و أنا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة و المغفرة .
و أنا باب حطة ، من عرفني و عرف حقي فقد عرف ربه لأني وصي نبيه في أرضه ، و حجته على خلقه ، لا ينكر هذا إلا راد على الله و رسوله ..(7)
فمقام الفاعلية و الصنع لهم صلوات الله عليهم من حيث هم يده جلّ و علا كما بيّنّا و ليسوا شركاء له تعالى في الخلق و الصنع و العياذ بالله ، بل هم الخالقون و الصانعون به تعالى بفيض و مدد منه لهم آناً فآن لا ينقطع أبداً .
كما أنك إن صنعت يداك الكرسي فإن الصانع الحقيقي هو أنت ذاتك بيدك و ليست يدك صانعة بتفويض منك أو بإستقلال عنك أو بشراكة ، بل هي واسطة و وسيلة و هو قوله تعالى { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ مَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ رَمَى }
و قوله تعالى { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ }
وهو قول الإمام صاحب العصر و الزمان صلوات الله و سلامه عليه و عجل فرجه و قد ورد من الناحية المقدسة : نحن صنائع ربّنا و الخلق بعد صنائعنا .(8)
و كما أن إيجاد و خلق الخلق بالإمام صلوات الله عليه ، فكذلك الفيض المتنزل من الله إلى الخلق في كل آن لبقاءه و إستمراريته أيضاً بالإمام من حيث هو حجة لله تعالى على الخلائق ، و الكل يستمِد من الإمام وجوده و بقاءه في كل آن دون توقف و لا انقطاع ، و لو توقف المدد طرفة عين لفني الوجود ، و هو ما جاء في الحديث الشريف : لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها .(9)
فالإمام القائم صلوات الله عليه حين يقول بايعوني هذه ( يد الله ) لا يقصد التعبير المجازي أو مجرد كلام حماسي لتجييش الأنصار و هو لسان الله و قرآنه الناطق ، و هو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، فإنَّه صلوات الله عليه يقصد الكلمة بتمام معناها الظاهر و الباطن ، و يقول للناس بايعوني على أنّي أنا يد الله ، فمن وافق هذه المعرفة و سلّم للإمام تسليماً فهو على البيعة ، و من في نفسه شيء من الشك و الانكار و التكذيب فإلى معسكر الدجال .
✍ #عبدهم_مصطفى
📚 المصادر و المراجع
(1) 📗علل الشرائع|1|9 📗ميزان الحكمة|1|119
(2) 📗الفضائل، إبن شاذان|160 📗نوادر المعجزات|42 📗بحار الأنوار|39|187
(3) 📗الخصال، الصدوق|432 📗ميزان الحكمة|1|519 📗تفسير فرات الكوفي|179
(4) 📗مختصر بصائر الدرجات|138 📗مستدرك سفينة البحار|1|460
(5) 📗الكافي|1|145 📗التوحيد، الصدوق|164
(6) 📗الكافي|1|145 📗التوحيد، الصدوق|164 📗بصائر الدرجات|81 📗معاني الأخبار|17 📗الاختصاص، المفيد|248
(7) 📗التوحيد، الصدوق|165 📗الاختصاص، المفيد|248 📗تفسير نور الثقلين|4|494 📗تفسير كنز الدقائق|11|321
(8) 📗الاحتجاج، الطبرسي|2|278 📗الغيبة، الطوسي|285 📗مكيال المكارم|1|56
(9) 📗مستدرك سفينة البحار|5|278
#المعرفة_بالنورانية
للاشتراك واتسآب
+96181266504
تلغرام
http://hottg.com/almarefablnoraneya
>>Click here to continue<<