قال المفسر ابن كثير رحمه الله: فَأَمَّا النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ الْمُطْمَئِنَّةُ وَهِيَ السَّاكِنَةُ الثَّابِتَةُ الدَّائِرَةُ مَعَ الْحَقِّ فَيُقَالُ لَهَا: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} أَيْ: إِلَى جِوَارِهِ وَثَوَابِهِ وَمَا أَعَدَّ لِعِبَادِهِ فِي جَنَّتِهِ، {رَاضِيَةً} أَيْ: فِي نَفْسِهَا {مَرْضِيَّةً} أَيْ: قَدْ رَضِيَتْ عَنِ الله وَرَضِيَ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا، {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} أَيْ: فِي جُمْلَتِهِمْ، {وَادْخُلِي جَنَّتِي} وَهَذَا يُقَالُ لَهَا عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، وَفِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَيْضًا، كَمَا أَنَّ الملَائِكَةَ يُبَشِّرُونَ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ احْتِضَارِهِ وَعِنْدَ قِيَامِهِ مِنْ قَبْرِهِ، وَكَذَلِكَ هَاهُنَا.اهـ.
فيا أيها المسلون الحذر من ضياع الأوقات في اللهو واللعب والعصيان, فإن كثيرا من الناس قد ذبحوا أوقاتهم في المحادثات والقيل والقال وأكل القات وأمام المسلسلات والخوض في البدع والمحدثات وضيعوا أعمارهم في السياسة والتحليلات إلا ما رحم رب البريات وغفلوا عن اليوم الذي تنزل فيه عليهم السكرات وتتوالى عليهم الحسرات {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ }[إبراهيم:48] .
فهذه اللحظات والساعات والأيام التي تمر هي من عمرك يا أيها الإنسان ولن تعود إلى قيام الساعة فادخرها لذلك اليوم .
قال الحسن البصري رحمه الله: يا ابن آدم إنما أنت أيام فكلما مر يوم فقد مر بعضك.
وقال رحمه الله: كل يوم يصبح ينادي: يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد ولن أعود إلى يوم القيامة.اهـ .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ما ندمت على شيء ندمي على يوم اقترب فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي.اهـ
فابدأ عامك بخير واندم على ما فرطت فيما مضى واعدد نفسك من الموتى ,لعلك تموت من عامك هذا ,كم من إخوان لنا فارقناهم ,وقد عاشوا معنا العام الماضي ,وفي هذا العام صاروا من المفقودين,أين ذهبوا؟ وماذا حصل لهم؟إنه الموت فاجأهم, فقطع آمالهم,وانققضت آجالهم , "وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ "الآية[سبأ : 54]
فياعباد الله :إن الأعوام والسنين تمر سريعا فهذا ينصرم وهذا يقترب حتى يشرف العبد على الدار الآخرة ويلاقي ربه فانتقلوا بخير مابحضرتكم, فيوشك أن تصلوا :" يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ" [الانشقاق : 6]
فأعمالكم الصالحة هي رأس أموالكم ,وآخرتكم هي مستقبلكم الحقيقي فلا تغتروا بالدنيا ولا تنخدعوا بها.
قال تعالى :"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ" [فاطر : 5]
وقال تعالى :"وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت : 64] "لهي الحيوان "أي : الحياة الحقيقية.
وقال الشاعر:
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناهـــا بخير طاب مسكنـه *** وإن بناها بشر خـــاب بانيــها
اللهم وفقنا لفعل الطاعات وترك ا لمنكرات والثبات على الدين حتى حتى الممات إنك قريب مجيب الدعوات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
>>Click here to continue<<