وَهَلْ تَنْتَظِرُ النِّسَاءُ وَالْأَطْفَالُ؟!
هَلْ يَنْتَظِرُ الْكُلُّ إلَا نُزُولَ الْمَوْتِ؟
وَهَلْ يَنْتَظِرُ الْعَالِمُ كُلُّهُ إِلَّا حَتْمَ الْأَجَلِ عَلَى الْأَرْوَاحِ؟!
﴿ وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرࣲ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِی۟ن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَـٰلِدُونَ ﴾[الأنبياء : ٣٤]
الْمَـوْتَ ! مَـا مِنْــهُ مَـلَاذٌ وَمَهْــرَبٌ !! لَوْ يَذْهَبُ الْعَبْدُ أَيْنَمَا ذَهَبَ فَلَا بُدَّ لَهُ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِهِ أَنْ يَسْقُطَ أسْمُهُ، وَأَنْ يَسْتَبْدِلَ بَدَلَ الِاسْمِ لَفْظَ جِنَازَةٍ أَوْ مَيِّتٍ.
لَوْ يَذْهَبُ الْعَبْدُ أَيْنَمَا ذَهَبَ، لَوْ يَبْحَثُ عَنْ الْأَطِبَّاءِ الْأَذْكِيَاءِ ، وَالْأَطِبَّاءُ الْحُذَّاقُ لِيَفُكُّوا عَنْهُ الْمَوْتَ ، لَمَّا اسْتَطَاعُوا، ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُهُمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشِيدِهِ﴾
مَاتَ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ... وَمَاتَ الْأَتْقِيَاءُ وَالْأَبْرَارُ، وَبِالْمُقَابِلِ مَاتَ الْفُجَّارُ وَالْكُفَّارُ، وَالْكُلُّ عِنْدَ اللَّهِ يُجَازَى،
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرٍا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾
﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا، وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تَرْجِعُونَ،﴾ لَا تَظُنَّ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَكَ لِمَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَمُنْكِحٍ وَنَوْمٍ ،
بَلْ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَكَ ﴿ وَمَا خَلَقْتَ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لَيَعْبُدُونَ ﴾ لَا تَظُنُّ أَنَّكَ الذَّكِيُّ فِي مَطْلَبِ رِزْقِكَ، حَتَّى تَغفُلَ عَنْ الْآخِرَةِ. وَلَا تُطَالِبَ فِي أُمُورِ حَيَاتِكَ، حَتَّى تَغِفل عَنْ الْمَوْتِ، ﴿ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى.﴾
﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، لَنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾
﴿مَا أُرِيدَ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقِهِ، وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونَ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ، ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾
خُلِقَتْ لِلْعَمَلِ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ لِلْيَوْمِ الْحَقِيقِيِّ، أَمَّا الدُّنْيَا فَهِيَ دُنْيَا فَانِيَةٌ يَعِيشُهَا الْأَغْنِيَاءُ، وَيَعِيشُهَا الْفُقَرَاءُ، وَيَعِيشُهَا الْحُكَّامُ، وَيَعِيشُهَا الْمَحْكُومُونَ، وَفِي نِهَايَةِ الْأَجَلِ أَكْفَانٌ وَتَغْسِيلٌ وَانْتِقَالٌ إِلَى حُفْرَةٍ
تَنْقَلُكُ مِنْ عَالَمِ الْأُنْسِ إِلَى عَالَمِ الْوَحْدَةِ،
وَتَنْقُلِكَ مِنْ عَالَمِ الْإِجْتِمَاعِ إِلَى عَالَمِ الْإِنْفِرَادِ.
فَالسَّعِيدُ مَنْ اسْتَعَدَّ لِلِقَاءِ اللَّهِ بِمَا يُقَرِّبُهُ إِلَى اللَّهِ،
أُمَّةُ الْإِسْلَامِ - إِنَّ الْأُمَّةَ كُلَّهَا مَهْمَا عَاشَ الْعَبْدُ فِيهَا، مَهْمَا عَاشَ الْعَبْدَ وَإِسْتَمَرَّ فِي مَعِيشَتِهِ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ يَوْمٍ مَحْتُومٍ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْئًاً مَذْكُورًا وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعِشْ سَاعَاتٍ وَايَامَ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعِشْ هَذِهِ السَّنَوَاتِ الَّتِي مَرَّتْ بِهِ ، إنَّهَا آجَالٌ مَحْتُومَةٌ، هِيَ أُمَّةُ الْإِسْلَامِ، فَأَيْنَ مَنْ يَسْتَعِدُّ لِلِقَاءِ اللَّهِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ؟
قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿كَلَّاۤ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِیَ وَقِیلَ مَنۡۜ رَاقࣲ وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلۡفِرَاقُ وَٱلۡتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ إِلَىٰ رَبِّكَ یَوۡمَىِٕذٍ ٱلۡمَسَاقُ ﴾[القيامة : ٣٠]
فَالْكُلُّ سَيُسَاقُ إِلَى اللَّهِ، وَالْكُلُّ سَيَنْتَقِلُ إِلَى اللَّهِ
شَبَابُ الْإِسْلَامِ - أَيُّهَا الْآبَاءُ - أَيُّهَا التُّجَّارُ - أَيُّهَا الْمَسْؤُولُونَ - أَيُّهَا الْمُوَظَّفُونَ وَالْمُدَرِّسُونَ - أَيُّهَا الْعُمَّالُ -! الْكُلُّ يَنْتَظِرُ الْأَجَلَ الَّذِي سَيَنْتَقِلُ بِهِ إِلَى اللَّهِ،
فَمَاذَا أَعْدَدْنَا لِلْمَوْتِ؟
مَاذَا أَعْتَدْنَا لِغَبَرَاتٍ وَسَكَرَاتٍ؟!
مَاذَا أَعْتَدْنَا لِيَوْمٍ؟! تَنْقَلِعُ فِيهِ الْقُلُوبُ، وَتَسِيلُ فِيهِ الدُّمُوعُ، وَيَصِيحُ فِيهِ الْأَبْنَاءُ، وَتُبْكي فِيهِ النِّسَاءُ وَالزَّوْجَاتُ، وَيَصْرُخُ فِيهِ الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ، فَقْدًا لِلْأَحِبَّةِ؟
أَيْنَ سَارُوا ؟! إِلَى اللَّهِ الْمَرْجِعِ وَالْمَآبُ !! فَقْدًا لِمَنْ فَارَقُوا هَذِهِ الْحَيَاةَ، وَصَارُوا إِلَى ظُلُمَاتِ الْقَبِيرِ هُنَاكَ وَفَارَقُوا،
فَالْمُسْتَعِدُّ لِلِقَاءِ اللَّهِ، وَالْفَائِزُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ مَنْ أَخَذَ بِرَكْبِ قَلْبِهِ، وَسَارَ فِيهِ إِلَى عَالِمِ الْآخِرَةِ،
>>Click here to continue<<