TG Telegram Group & Channel
تقييدات أبي الحسن | United States America (US)
Create: Update:

ذكر الطبري خلاف أهل العربية في مسألة ، ثم عقب على كلام لبعض الكوفيين فقال :

"ولكن صاحب هذه المقالة أظن به أنه لم يتدبر التأويل ، ولزم سَنَن العربية".

[جامع البيان (٩/ ٢١٠)]

وقد عنى أبو جعفر قولا جاريا على صناعة الإعراب بل مقدمًا فيها ، لكن عليه إيراد يفسده من جهة المعنى¹ ، فلذا قال أبو جعفر إن صاحبه لم يتدبر التأويل ولزم الجادة ، وفي هذا تنبيه إلى معنى شريف تشتد حاجة الناظرين في العلم إليه ، وهو أن الناظر في القواعد والآلات غير مستغن عن ذوق وتدبرٍ يتبصر به وجه ما يقول ، ويُحسِن به التنزيل ، وإلا فإنه ربما اشتغل بجريانها وإعمالها ، وفاته إدراك الحق لغلبة التكلف عليه.

وليس يختص هذا بأهل العربية ، فهو مشهود في كثير من المشتغلين بنقد الحديث والأصول وقواعد الفقه ، فتجد في نقد الحديث من يسرف في الإعلال غلوا في استنكار التفرد ، أو ضد ذلك من التقوية بالمتابعات والشواهد ، وفي الأصول وقواعد الفقه من يسرف في تخريج الفروع على القواعد الأصولية والفقهية مع شذوذ تخريجها ، وهذا كله من لزوم السنن مع الغفلة عن فقه الموضع الخاص وما يناسبه ، وهو تدبر التأويل في كلام أبي جعفر.

ومن هذا الباب كان اعتراض ابن دقيق العيد على ابن بشير التنوخي ، وقد نقله ابن فرحون فقال في ترجمته :

"وكان رحمه الله يستنبط أحكام الفروع من قواعد أصول الفقه ، وعلى هذا مشى في كتابه (التنبيه) ، وهي طريقة نبه الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد أنها غير مُخَلِّصة ، وأن الفروع لا يطرد تخريجها على القواعد الأصولية".

[الديباج المذهب (١/ ٢٦٦)]

ولا تظنن أن هذا التنبيه من جنس المصير إلى الاستحسان وترك قاعدة القياس ، بل هو فقه القواعد على الحقيقة ، واستعمالها في مواضعها ومراعاة حدودها ، وطرد العلة الصحيحة في القاعدة ، واعتبار الفروق المؤثرة عند نفاة الاستحسان أنفسهم ، وذلك رتبة التحقيق في العلم.

فليس الكلام في ترك القاعدة لاستنشاع إجرائها ، بل في الغلو فيها بمجاوزة الحد ، واستعمالها في غير موضعها الذي قد لا يتبين بأول نظر ، وهو حقيقة ما أنكره أبو جعفر في كلامه.

___
¹ وللكوفي تفصٍ من الإشكال الذي أورده أبو جعفر في المسألة ، ينظر في البسيط (٨/ ٧٧) لمزيد فائدة ، ولكن "الشأن لا يعترض المثال".


#ملامح_من_منهج_العلم

ذكر الطبري خلاف أهل العربية في مسألة ، ثم عقب على كلام لبعض الكوفيين فقال :

"ولكن صاحب هذه المقالة أظن به أنه لم يتدبر التأويل ، ولزم سَنَن العربية".

[جامع البيان (٩/ ٢١٠)]

وقد عنى أبو جعفر قولا جاريا على صناعة الإعراب بل مقدمًا فيها ، لكن عليه إيراد يفسده من جهة المعنى¹ ، فلذا قال أبو جعفر إن صاحبه لم يتدبر التأويل ولزم الجادة ، وفي هذا تنبيه إلى معنى شريف تشتد حاجة الناظرين في العلم إليه ، وهو أن الناظر في القواعد والآلات غير مستغن عن ذوق وتدبرٍ يتبصر به وجه ما يقول ، ويُحسِن به التنزيل ، وإلا فإنه ربما اشتغل بجريانها وإعمالها ، وفاته إدراك الحق لغلبة التكلف عليه.

وليس يختص هذا بأهل العربية ، فهو مشهود في كثير من المشتغلين بنقد الحديث والأصول وقواعد الفقه ، فتجد في نقد الحديث من يسرف في الإعلال غلوا في استنكار التفرد ، أو ضد ذلك من التقوية بالمتابعات والشواهد ، وفي الأصول وقواعد الفقه من يسرف في تخريج الفروع على القواعد الأصولية والفقهية مع شذوذ تخريجها ، وهذا كله من لزوم السنن مع الغفلة عن فقه الموضع الخاص وما يناسبه ، وهو تدبر التأويل في كلام أبي جعفر.

ومن هذا الباب كان اعتراض ابن دقيق العيد على ابن بشير التنوخي ، وقد نقله ابن فرحون فقال في ترجمته :

"وكان رحمه الله يستنبط أحكام الفروع من قواعد أصول الفقه ، وعلى هذا مشى في كتابه (التنبيه) ، وهي طريقة نبه الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد أنها غير مُخَلِّصة ، وأن الفروع لا يطرد تخريجها على القواعد الأصولية".

[الديباج المذهب (١/ ٢٦٦)]

ولا تظنن أن هذا التنبيه من جنس المصير إلى الاستحسان وترك قاعدة القياس ، بل هو فقه القواعد على الحقيقة ، واستعمالها في مواضعها ومراعاة حدودها ، وطرد العلة الصحيحة في القاعدة ، واعتبار الفروق المؤثرة عند نفاة الاستحسان أنفسهم ، وذلك رتبة التحقيق في العلم.

فليس الكلام في ترك القاعدة لاستنشاع إجرائها ، بل في الغلو فيها بمجاوزة الحد ، واستعمالها في غير موضعها الذي قد لا يتبين بأول نظر ، وهو حقيقة ما أنكره أبو جعفر في كلامه.

___
¹ وللكوفي تفصٍ من الإشكال الذي أورده أبو جعفر في المسألة ، ينظر في البسيط (٨/ ٧٧) لمزيد فائدة ، ولكن "الشأن لا يعترض المثال".


#ملامح_من_منهج_العلم


>>Click here to continue<<

تقييدات أبي الحسن




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)