(32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا (33) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) ذَٰلِكَ مِمَّا أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ ۗ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا (39)} [الإسراء : 23-39]
هذه الآيات تبين بصريح العبارة، وبغاية البيان ما هي الحكمة المقصودة في كتاب الله، حيث ذكر الله سبحانه وتعالى أنه قضى ألا نعبد إلا الله، ولا نشرك به شيئا، وبالوالدين إحسانا، فلا نقل لهما أف ولا ننهرهما، وأن نخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وأن نقل لهما قولا كريما، وأن نؤتي ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل، وألا نكون من المبذرين، وأن نقول لهم قولا ميسورا، وألا نبخل وألا نسرف مما رزقنا إياه الله، وألا نقتل أولادنا خشية إملاق، وألا نقربى الزنا، وألا نقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وألا نأكل مال اليتيم بالباطل، وأن نفي بالعهد، وألا نقف ما ليس لنا به علم، وألا نمشي في الأرض مرحا..... ثم بين سبحانه أن ذلك مما أوحى الله إلى رسوله من الحكمة.
إذا فالحكمة وحي من عند الله، وهي مما أنزله الله في الكتاب، مما يدلنا على صلاح ديننا ودنيانا، وليس المقصود من الحكمة ما قاله المبطلون بأنها السنة، فهذا تحريف مقيت، وكذب واضح فاضح.
وقال سبحانه {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)} [لقمان : 12-19].
يبين سبحانه في هذه الآيات الحكمة التي آتاها الله لقمان، أن يشكر لله ولا يكفر به.
وقد أوصى لقمان ابنه بالحكمة والتي هي: ألا يشرك بالله، وأن يشكر لله ولوالديه وأن يصاحبهما في الدنيا معروفا، وأن يسلك سبيل التائبين، وأن الله يحاسب عباده على مثقال حبة، وأن يقيم الصلاة، وأن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وأن يصبر على ما يصيبه، وألا يصعر خده للناس، وألا يمش في الأرض مرحا، وأن يعتدل في مشيه، وأن يغضض من صوته....
فهذه أيضا من الحكمة التي أوحاها الله إلى رسوله، ويؤتيها الله من يشاء من عباده، وهي كما ذكر الله تتلى، وليس المقصود بها كما حرفوا أنها السنة.
وقال سبحانه {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب : 34].
وههنا يبين سبحانه أن ما قلناه كان صوابا، حيث ذكر سبحانه أن الحكمة تتلى كآيات الله، ويعلم الناس جميعا أن الأحاديث لا يمكن أن تتلى.
>>Click here to continue<<