TG Telegram Group & Channel
قَنَاة أ. د. عبدُالّلهِ بنُ عُمرَ الدُّمَيْجِي | United States America (US)
Create: Update:

[ختام الشهر]
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأصلي وأسلم على خير البريات، وعلى آله وأصحابه وأزواجه أمّهات المؤمنين الطاهرات.
أما بعد:
فكنا بالأمس القريب نستقبل هذا الشهر المبارك، وها نحن نودعه فما أسرع مرور الليالي والأيام، وهكذا يمر العمر وينصرم، والسعيد من اغتنم وقته فيما ينفعه في الدار الآخرة، وفيما يقربه إلى ربه تعالى فإن الحياة الحقيقية إنما هي في الدار الآخرة، وفيما يقرب إلى الله من الأعمال الصالحة، قال تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[سورة العنكبوت: 64].
وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل:97].
هذا الشهر قد قارب رحيله وهو شاهد لنا أو علينا بما أودعنا فيه من أعمال، فمن أودعه عملا صالحا فليحمد الله، وليسأله المزيد من الصالحات، وليبشر بحسن الثواب وجزيل العطاء فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.{إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[التوبة:120].
ومن أودعه غير ذلك فليستغفر الله { يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا)[النساء: 110]، وليتب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، فإن الله يتوب على من تاب{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ }[النساء:27]{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًاعَلِيمًا}[النساء:147].
والمتأمل لأحوال الناس يجد أن الصائمين في ختام رمضان على ثلاثة أصناف:
1- قسم ظالم نفسه، صام في نهار رمضان عن الطعام والشراب والنكاح، ولكن لم يراع حدود الصيام المعنوية، فلم يصم لسانه عن اللغو، والبهتان، والغيبة، ولم يصم سمعه عن سماع اللغو، ولم تصم عيناه عن النظر الحرام، ولا بطنه عن أكل الحرام، فهذا حظه من صومه الجوع والعطش، وإن سقط عنه أداء الشعيرة، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (رب صائم حظه من صيامه الجوع والغطش، ورب قائمٍ حظه من قيامه السهر).
2-قسم مقتصد: صام نفسه عمّا يغضب الله وحفظ صومه من اللغو والباطل، كما قال جابر رضي الله تعالى عنه: (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح، وليكن عليك وقار الصيام، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك).
لكنهم لم يرتقوا في درجات الطاعات ولم يستثمروا ساعات النفحات، وفرّطوا في كثير من فرص رفع الدرجات وهذه مرتبة المقتصدين ودرجة الأبرار.
3- قسم سابق بالخيرات، وتنافسوا في تحصيل الحسنات فنالوا كثيراً من الدرجات فضربوا في كل ميدان خير بسهام من الطاعات، وهذه مرتبة السابقين ودرجة المقربين، نسأل الله من فضله العميم.
فتجدهم في الصيام من المحافظين وفي القيام من المبادرين، وفي تلاوة القرآن من السابقين وفي أفعال الإحسان والبر في كل ميدان خير من المساهمين.
فهؤلاء الثلاثة هم الذين عناهم الله تبارك وتعالى بقوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}[فاطر:32].
هؤلاء كلهم موعودون بدخول الجنة {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}[فاطر:33].
فالظالم لنفسه: أي من وقع في شي من المعاصي التي هي دون الكفر.
والمقتصد: هو المُقتصر على ما يجب عليه من الواجبات والتارك للمحرمات.
والسابق بالخيرات: أي سابق فيها واجتهد فسبق غيره وهو المؤدي للفرائض والواجبات، المجتنب للمحرمات والمكروهات، المكثر من النوافل والقربات.
فهؤلاء كلهم موعودون بدخول الجنة بما عندهم من الإيمان والتوحيد، وإن تفاوتت مراتبهم وتميزت أحوالهم بحسب أعمالهم، والجنة درجات{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُ}[الحديد:12] ((إن في الجنة مائة درجة)) كما أن النار دركات، أعاذنا الله تعالى منها.
وهذه الآية من أرجى آيات القرآن الكريم لما فيها من وعد إلهي بشمول الأصناف الثلاثة دخول الجنة، وبدأ بالظالم لنفسه وذلك -والله أعلم- حتى لا يقنط من رحمة الله.
فكل منا يفتش في داخلة نفسه وخبايا ضميره وزوايا فؤاده وحقيقة ما في قلبه من أي هذه الأصناف، ونحن في نهاية ختام هذا السباق الموسمي، فمن كان محسناً فليحمد الله تعالى وليحافظ على هذا الفضل الذي وصل إليه، وليستمر في الرقي ورفع الدرجات، ومن علامات القبول الاستمرار على عمل الطاعات.
ومن كان مقصراً فليتب إلى الله تعالى، وليراجع نفسه قبل فوات الأوان وليستكمل جوانب النقص والقصور. ((يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا، فليحمد الله ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه)).

[ختام الشهر]
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأصلي وأسلم على خير البريات، وعلى آله وأصحابه وأزواجه أمّهات المؤمنين الطاهرات.
أما بعد:
فكنا بالأمس القريب نستقبل هذا الشهر المبارك، وها نحن نودعه فما أسرع مرور الليالي والأيام، وهكذا يمر العمر وينصرم، والسعيد من اغتنم وقته فيما ينفعه في الدار الآخرة، وفيما يقربه إلى ربه تعالى فإن الحياة الحقيقية إنما هي في الدار الآخرة، وفيما يقرب إلى الله من الأعمال الصالحة، قال تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[سورة العنكبوت: 64].
وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل:97].
هذا الشهر قد قارب رحيله وهو شاهد لنا أو علينا بما أودعنا فيه من أعمال، فمن أودعه عملا صالحا فليحمد الله، وليسأله المزيد من الصالحات، وليبشر بحسن الثواب وجزيل العطاء فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.{إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}[التوبة:120].
ومن أودعه غير ذلك فليستغفر الله { يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا)[النساء: 110]، وليتب إلى الله تعالى توبة نصوحاً، فإن الله يتوب على من تاب{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ }[النساء:27]{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًاعَلِيمًا}[النساء:147].
والمتأمل لأحوال الناس يجد أن الصائمين في ختام رمضان على ثلاثة أصناف:
1- قسم ظالم نفسه، صام في نهار رمضان عن الطعام والشراب والنكاح، ولكن لم يراع حدود الصيام المعنوية، فلم يصم لسانه عن اللغو، والبهتان، والغيبة، ولم يصم سمعه عن سماع اللغو، ولم تصم عيناه عن النظر الحرام، ولا بطنه عن أكل الحرام، فهذا حظه من صومه الجوع والعطش، وإن سقط عنه أداء الشعيرة، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (رب صائم حظه من صيامه الجوع والغطش، ورب قائمٍ حظه من قيامه السهر).
2-قسم مقتصد: صام نفسه عمّا يغضب الله وحفظ صومه من اللغو والباطل، كما قال جابر رضي الله تعالى عنه: (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح، وليكن عليك وقار الصيام، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك).
لكنهم لم يرتقوا في درجات الطاعات ولم يستثمروا ساعات النفحات، وفرّطوا في كثير من فرص رفع الدرجات وهذه مرتبة المقتصدين ودرجة الأبرار.
3- قسم سابق بالخيرات، وتنافسوا في تحصيل الحسنات فنالوا كثيراً من الدرجات فضربوا في كل ميدان خير بسهام من الطاعات، وهذه مرتبة السابقين ودرجة المقربين، نسأل الله من فضله العميم.
فتجدهم في الصيام من المحافظين وفي القيام من المبادرين، وفي تلاوة القرآن من السابقين وفي أفعال الإحسان والبر في كل ميدان خير من المساهمين.
فهؤلاء الثلاثة هم الذين عناهم الله تبارك وتعالى بقوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}[فاطر:32].
هؤلاء كلهم موعودون بدخول الجنة {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}[فاطر:33].
فالظالم لنفسه: أي من وقع في شي من المعاصي التي هي دون الكفر.
والمقتصد: هو المُقتصر على ما يجب عليه من الواجبات والتارك للمحرمات.
والسابق بالخيرات: أي سابق فيها واجتهد فسبق غيره وهو المؤدي للفرائض والواجبات، المجتنب للمحرمات والمكروهات، المكثر من النوافل والقربات.
فهؤلاء كلهم موعودون بدخول الجنة بما عندهم من الإيمان والتوحيد، وإن تفاوتت مراتبهم وتميزت أحوالهم بحسب أعمالهم، والجنة درجات{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُ}[الحديد:12] ((إن في الجنة مائة درجة)) كما أن النار دركات، أعاذنا الله تعالى منها.
وهذه الآية من أرجى آيات القرآن الكريم لما فيها من وعد إلهي بشمول الأصناف الثلاثة دخول الجنة، وبدأ بالظالم لنفسه وذلك -والله أعلم- حتى لا يقنط من رحمة الله.
فكل منا يفتش في داخلة نفسه وخبايا ضميره وزوايا فؤاده وحقيقة ما في قلبه من أي هذه الأصناف، ونحن في نهاية ختام هذا السباق الموسمي، فمن كان محسناً فليحمد الله تعالى وليحافظ على هذا الفضل الذي وصل إليه، وليستمر في الرقي ورفع الدرجات، ومن علامات القبول الاستمرار على عمل الطاعات.
ومن كان مقصراً فليتب إلى الله تعالى، وليراجع نفسه قبل فوات الأوان وليستكمل جوانب النقص والقصور. ((يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا، فليحمد الله ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه)).


>>Click here to continue<<

قَنَاة أ. د. عبدُالّلهِ بنُ عُمرَ الدُّمَيْجِي




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)