(على مائدة الصائمين) جزء 25 ..🌱
وصلت إلى بستان كان طريقي يمر من خلاله ، وهناك رأيت بضعة أشخاص يجلسون على حافة حوض ماء ، وأمامهم أنواع من الأثمار الشهية ، وما أن رأوني حتى أظهروا الاحترام ودعوني للجلوس معهم ، ومشاركتهم في تناول الفاكهة ، وقالوا بأن الله قد توفاهم من دار الغرور وهم صيام ، وهذا طعام فطورهم ، وإنهم يرون أن لي حقا في أن أشاركهم فيه ، لأنني لابد أن أكون قد دعوت أحد الصائمين فجلست وأكلت من تلك الفاكهة ، فارتويت وزال عني العطش وما كنت أحس به من ألم، سألوني : « ما الذي جرى لك في هذا الطريق ؟ » .. فقلت : « الحمد لله على كل حال ، وكل المصاعب التي عانيت منها قد زالت برؤيتكم . إلا أن عددا من المارة قد تخلفوا على أثر اقتناعهم بوساوس هؤلاء الغبر ، وأنا نفسي كدت أن أقع ضحية أغبري ، ولكني لم أكترث بأقواله فتخلف عني ، وإني لأرجو أن لا يصل إلي فقالوا : « ليس الأمر كذلك ، إن هؤلاء غبر الوجوه لا يرفعون أيديهم عنا . إنهم في هذه الأرض السمحة يؤذوننا بلسان المكر والخديعة ، ولكنهم قد يحاربوننا بعد هذا مثل قطاع الطرق » فقلت : « فكيف نعمل ولا سلاح عندنا ؟ » قالوا : « إن من أعد لنفسه سلاحا في دار الغرور فإنه سوف يجده هنا في المراحل التالية . فقد قال الله تعالى : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل رهب ون به عدو الله وعدوكم) » قلت : « كنت أفهم من هذه الآية ما يتعلق بالإعداد والاستعداد للجهاد في الدنيا » قالوا : « إن القرآن وما فيه من تعاليم يخص كل العوالم والمنازل والمقامات ، فهو يجمعها كلها ، ويشمل جميع مراحل الوجود ، وإلا لكان ناقصا ، مع أنه خاتم الكتب وقد نزل على خاتم الأنبياء ، فكل ما كان خلف الستار قد ظهر » ثم نهضنا جميعا وأخذنا نسير تحت الأشجار المثمرة ونمر بالأنهار الجارية ، وقد عبق الجو بالريحان ، وامتلأت القلوب بالفرح والسرور ، وكأنها قد تجلى لها الجمال الإلهي... يتبع
>>Click here to continue<<