كان المتنبي شجاعاً قويَّ القلب ثَبْت الجَنَان كثير التِّرحال يسافر وحيداً بين المفاوز الموحشة؛ والتي هي مظنَّة الهلاك من وحشٍ وجنٍّ وقطَّاع طرق؛ ولذا أبى أن يسير في خفارة غير سيفه في قصة مقتله المشهورة حين خوَّفوه من فاتك الأسدي، بل قال: أنا والجُزار في عنقي لا أخاف إلا الله؛ فلم تنخرِق عادته ولم تنخرم شهامته ولم يخالف قوله:
مَلومُكُما يَجِلُّ عَنِ المَلامِ
وَوَقعُ فَعالِهِ فَوقَ الكَلامِ
ذَراني وَالفَلاةُ بِلا دَليلٍ
وَوَجهي وَالهَجيرَ بِلا لِثامِ
فَإِنّي أَستَريحُ بِذي وَهَذا
وَأَتعَبُ بِالإِناخَةِ وَالمُقامِ
فَقَد أَرِدُ المِياهَ بِغَيرِ هادٍ
سِوى عَدِّي لَها بَرقَ الغَمامِ
يُذِمُّ لِمُهجَتي رَبِّي وَسَيفي
إِذا احتاجَ الوَحيدُ إِلى الذِّمامِ
.
- الجُزار: السَّيف القاطع.
معنى البيت الرابع كما قال يعقوب بن السِّكِّيت: إذا عدَّت العرب للحساب مئة برقة في السَّحابة لم تشك بأنَّها ماطرة قد سقت؛ فتتبعها على الثقة بالمطر.
- يُذِمُّ: أي يُعطي الذِّمام وهو العهد والخِفارة.
https://hottg.com/alard0
>>Click here to continue<<