وهناك الدعاء المعروف الذي يتلوه المؤمنون حينما تصيبهم ضائقة ، وتحيط بهم بائقة ، يقولون : " الهي بحق كاشف الكرب عن وجه اخيه الحسين ـ عليه السلام ـ اكشف كربي " .
قلت بلى .. واني شخصيا اجرب ذلك دائما ، بل لا يمر علي يوم إلا واشاهد هذه الحقيقة . فكلما اصابتني ازمة ، دعوت الله سبحانه وتعالى ، وتوسلت اليه بأبي الفضل العباس باب الحوائج ونذرت له علي مئة صلاة على النبي وآله لاهدي ثوابها إلى روحه الكبير ، فإذا بالكربة تنكشف ، والازمة تتفرج .
ولكن السؤال العريض لماذا خص الله سبحانه وتعالى أبا الفضل عليه السلام بهذه الميزة العظيمة ؟ فما من احد في شرق الارض وغربها ، يدعو الله بكربة أبي الفضل ، إلا ويفرج الله كربته ؟ لماذا ، ماهو السر في ذلك ؟
كان الجواب ما يلي :
لعل احدا من أصحاب الحسين وأهل بيته ـ عليه وعليهم السلام ـ لم يمر بلحظة حيرة ، كما عاناها سيدنا العباس في وسط المعركة . حيث كانت امنيته الوحيدة ايصال الماء إلى المخيم ، حيث يتلظى الأطفال عطشا . لقد كانت القربة التي حملها ببقايا يديه النازفتين ، كانت أغلى عنده من حياته . وكان عشرات المئات من الرماة يمطروه بوابل من السهام ، فاختار العباس طريقا قريبا إلى المخيم بين النخيل ، لعله ينجو من الأعداء بالقربة . ولكن الخيبة الكبرى كانت عندما وجد العباس سهما يخترق القربة ، ويسيل ماءها ، هنالك سالت نفسه مع ذلك الماء فوقف وسط المعركة فلا يدين يذب بهما عن امام زمانه الحسين ـ عليه السلام ـ ، ولا أمل له في الحياة . فوقف آيسا من الحياة عازما على الموت .
بلى .. لعل تلك اللحظة التي عاشها أبو الفضل بكل صبر ويقين كانت عظيمة عند الله فعوضه الله عنها بأن جعله بابا للحوائج أوليس قد خابت حاجته في الدنيا .
بلى .. كذلك كان أبو الفضل ، وكذلك يعطي الله سبحانه عباده الصالحين الذين يخلصون العمل له ، يعطي لهم أجرا جزيلا وفضلا كبيرا ، وقد قال تعالى :
﴿ ... إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ 2 .
وقال سبحانه :
﴿ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ 3 .
فاذا اخلد الله ذكر الانبياء ، وجعل السلام عليهم في العالمين ، لانهم كانوا محسنين ، ولانه لا يضيع أجر المحسنين فلم تستغرب اذا أكرم أبا الفضل العباس على موقفه العظيم .
عندما جعل أمنيته سقاية أهل بيت الرسالة ، ولم يبال بقطع يمينه في سبيل الله ، بل قال وبكل صراحه :
و الله إن قطـعتم يميـني * إني أحامي أبدا عن ديني
وعن إمـام صادق اليقين * نجل النبي الطاهر الأمين
ثم قطعت شماله فلم يبال ، بل انشد يقول :
يا نفس لا تخشى من الكفار * وابشري بـرحمة الجبار
مـع النبي السيـد المختار * قد قطعوا ببغيهم يساري
>>Click here to continue<<
