TG Telegram Group & Channel
قناة فوائد الشيخ فتحي الموصلي | United States America (US)
Create: Update:

#الفائدة :(714)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

كيف ينتقل الداعية من مرحلة التأصيل والتنظير إلى مرحلة التنزيل والتطبيق

قد يتصف كثير من الدعاة بالحكمة العلميّة ؛ فيكلم -تنظيراً أو تفصيلاً - بالكلام النافع واللفظ الجامع ؛ لكن عندما يتعامل مع الواقع لا يوفق إلى القول الصائب أو الحكم الراجح ؛ لعدم اتصافه بالحكمة العملية ؛ فالكلام في المفاهيم والتصورات شيء ، والكلام في الواقع والجزئيات شيء آخر …

وهذا النوع من الدعاة موفق في التنظير والتأصيل لا في التنزيل والتطبيق ؛ فلا يلزم من القدرة على التنظير وجود ملكة في التطبيق ؛ كما لا يلزم من الكلام في الواقع أن يكون المتكلم مؤصلاً في فهم الواجب ؛ فقد يجتمعان وقد يفترفان ، واجتماعها صفة كمال وشرط في بعض الأحوال ؛ كما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما : ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) ؛ فجمع له التأصيل والتنزيل معاً .

ولنضرب مثالاً للتوضيح والتبيين:
في التعامل مع الواقع المعاصر عند وقوع الحوادث والنوازل والاختلاف والتنازع : نرى تنظيرا عاماً أو أحكاماً مطلقة إما بالحث على الفعل أو بالحث على الترك ؛ بمعنى : إما أيقال : بوجوب الحرص على اجتماع الكلمة وتوحيد الصفوف وجعل هذا أصلا ترجع إليه باقي الأصول والفروع ، أو بالقول بوجوب الصدع بالحق وعدم التأخير في بيان الحقيقة وجعل هذا أصلا ترجع إليه باقي الأصول والفروع .
وكل قائل بأحد الأصلين له حظ من الحكمة في مجالها العلمي التنظيري لا في مجالها العملي التطبيقي .
ولهذا يتحول التنظير والجدل فيه إلى تنازع واختلاف بسبب غياب الحكمة العملية التي هي عنوان ( فقه التنزيل ).
ولعل سائلا يسأل -وهو في رغبة وتشوف الى النتيجة - : أين صورة التنزيل في هذا المثال ؟

والجواب : أن يقال :

إن الطريقة العملية التي بينها القرآن في التعامل مع الحوادث والوقائع عند الاشتباه أو عند التحصين والبناء هي النظر إلى الأصلحيّة والمناسبة ؛ بمعنى نفعل في كل وقت ومع كل واقعة وحدث الأصلح في ذلك الوقت أو الأنسب في كل واقعة أو حادثة ؛ فيفعل فيها بحسب المقامات ، وهي ثلاثة :

الأول:
بيان الحق والأمر بالواجب والنهي عن المنكر إذا كان هدا هو الأصلح وكان الفاعل مستطيعا ويترتب على فعله مصلحة راجحة ….
الثاني:
وهو المهم والدقيق : ويطبق عندما لا يكون بالضرورة المصلحة في بيان الحق وإنما المصلحة في منع الاختلاف على الحق والسعي في الصلح بين المتخاصمين ؛ إذ قد تكون مفسدة إزالة الفُرقة راجحة على مصلحة تحرير الحق وبيانه؛ لجواز تأخير بيان هذا النوع من الحق .
فليس بالضرورة في كل وقت ومع كل حادثة أو قضية أن يأمر الداعية بالحق وأنما قد تكون مهمته ( الإصلاح بين المتنازعين ) .
والثالث:
وعندنا يتعذر عليه الآمرين السابقين ، أو أن المصلحة تكون في الترك والسكوت لا في الأمر ولا في المبادرة إلى الإصلاح ؛ فيطالب العبد حينئذٍ بالسكوت أو بالترغيب العام بالخير والتحذير العام من الشر ويجتهد في تأليف قلوب الناس على ذلك ؛ فيكون سكوته وسعيه في الترغيب والترهيب وتأليف قلوب الناس على الخير صدقة يتصدق بها الإنسان على نفسه ؛ لأن مفهوم الصدقة عام شامل لكل خير ولو كان في سعي العبد في كفّ شر نفسه بالسكوت عن الغير ؛ كما جاء في الحديث : ( قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أرَأَيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عن بَعْضِ العَمَلِ؟ قالَ: تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فإنَّها صَدَقَةٌ مِنْكَ علَى نَفْسِكَ ) .

إذن الحكمة العملية أن تصدع بالحق وتأمر بالمعروف تارةً ، وأن تجتهد في الإصلاح بين المتنازعين تارةً ثانية ، وأن تلتزم السكوت وعدم الخوض والتقليل من الشر فتكون لك صدقة تارةً ثالثة ؛ كما قال تعالى : { لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } .
ومن هذا البيان والتأصيل يظهر لنا أمرين :
الأول:
الأمة تحتاج إلى التأصيل الدقيق والتنزيل الحكيم .
والأمر الثاني:
أن الانتقال من الحكمة العلمية إلى الحكمة العملية ، ومن التنظير إلى التطبيق ، ومن التأصيل إلى التنزيل متوقف على التدبر الدقيق لكتاب الله تعالى والاهتداء بمعانيه ومقاصده وكلياته .


👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://hottg.com/Sheikhfathialmousli

#الفائدة :(714)

(فَوَائدُ مِنْ مَجَالسِ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِاللهِ فَتْحِي المَوْصِلْيّ حَفِظَهُ اللهُ).

كيف ينتقل الداعية من مرحلة التأصيل والتنظير إلى مرحلة التنزيل والتطبيق

قد يتصف كثير من الدعاة بالحكمة العلميّة ؛ فيكلم -تنظيراً أو تفصيلاً - بالكلام النافع واللفظ الجامع ؛ لكن عندما يتعامل مع الواقع لا يوفق إلى القول الصائب أو الحكم الراجح ؛ لعدم اتصافه بالحكمة العملية ؛ فالكلام في المفاهيم والتصورات شيء ، والكلام في الواقع والجزئيات شيء آخر …

وهذا النوع من الدعاة موفق في التنظير والتأصيل لا في التنزيل والتطبيق ؛ فلا يلزم من القدرة على التنظير وجود ملكة في التطبيق ؛ كما لا يلزم من الكلام في الواقع أن يكون المتكلم مؤصلاً في فهم الواجب ؛ فقد يجتمعان وقد يفترفان ، واجتماعها صفة كمال وشرط في بعض الأحوال ؛ كما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما : ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) ؛ فجمع له التأصيل والتنزيل معاً .

ولنضرب مثالاً للتوضيح والتبيين:
في التعامل مع الواقع المعاصر عند وقوع الحوادث والنوازل والاختلاف والتنازع : نرى تنظيرا عاماً أو أحكاماً مطلقة إما بالحث على الفعل أو بالحث على الترك ؛ بمعنى : إما أيقال : بوجوب الحرص على اجتماع الكلمة وتوحيد الصفوف وجعل هذا أصلا ترجع إليه باقي الأصول والفروع ، أو بالقول بوجوب الصدع بالحق وعدم التأخير في بيان الحقيقة وجعل هذا أصلا ترجع إليه باقي الأصول والفروع .
وكل قائل بأحد الأصلين له حظ من الحكمة في مجالها العلمي التنظيري لا في مجالها العملي التطبيقي .
ولهذا يتحول التنظير والجدل فيه إلى تنازع واختلاف بسبب غياب الحكمة العملية التي هي عنوان ( فقه التنزيل ).
ولعل سائلا يسأل -وهو في رغبة وتشوف الى النتيجة - : أين صورة التنزيل في هذا المثال ؟

والجواب : أن يقال :

إن الطريقة العملية التي بينها القرآن في التعامل مع الحوادث والوقائع عند الاشتباه أو عند التحصين والبناء هي النظر إلى الأصلحيّة والمناسبة ؛ بمعنى نفعل في كل وقت ومع كل واقعة وحدث الأصلح في ذلك الوقت أو الأنسب في كل واقعة أو حادثة ؛ فيفعل فيها بحسب المقامات ، وهي ثلاثة :

الأول:
بيان الحق والأمر بالواجب والنهي عن المنكر إذا كان هدا هو الأصلح وكان الفاعل مستطيعا ويترتب على فعله مصلحة راجحة ….
الثاني:
وهو المهم والدقيق : ويطبق عندما لا يكون بالضرورة المصلحة في بيان الحق وإنما المصلحة في منع الاختلاف على الحق والسعي في الصلح بين المتخاصمين ؛ إذ قد تكون مفسدة إزالة الفُرقة راجحة على مصلحة تحرير الحق وبيانه؛ لجواز تأخير بيان هذا النوع من الحق .
فليس بالضرورة في كل وقت ومع كل حادثة أو قضية أن يأمر الداعية بالحق وأنما قد تكون مهمته ( الإصلاح بين المتنازعين ) .
والثالث:
وعندنا يتعذر عليه الآمرين السابقين ، أو أن المصلحة تكون في الترك والسكوت لا في الأمر ولا في المبادرة إلى الإصلاح ؛ فيطالب العبد حينئذٍ بالسكوت أو بالترغيب العام بالخير والتحذير العام من الشر ويجتهد في تأليف قلوب الناس على ذلك ؛ فيكون سكوته وسعيه في الترغيب والترهيب وتأليف قلوب الناس على الخير صدقة يتصدق بها الإنسان على نفسه ؛ لأن مفهوم الصدقة عام شامل لكل خير ولو كان في سعي العبد في كفّ شر نفسه بالسكوت عن الغير ؛ كما جاء في الحديث : ( قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أرَأَيْتَ إنْ ضَعُفْتُ عن بَعْضِ العَمَلِ؟ قالَ: تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فإنَّها صَدَقَةٌ مِنْكَ علَى نَفْسِكَ ) .

إذن الحكمة العملية أن تصدع بالحق وتأمر بالمعروف تارةً ، وأن تجتهد في الإصلاح بين المتنازعين تارةً ثانية ، وأن تلتزم السكوت وعدم الخوض والتقليل من الشر فتكون لك صدقة تارةً ثالثة ؛ كما قال تعالى : { لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } .
ومن هذا البيان والتأصيل يظهر لنا أمرين :
الأول:
الأمة تحتاج إلى التأصيل الدقيق والتنزيل الحكيم .
والأمر الثاني:
أن الانتقال من الحكمة العلمية إلى الحكمة العملية ، ومن التنظير إلى التطبيق ، ومن التأصيل إلى التنزيل متوقف على التدبر الدقيق لكتاب الله تعالى والاهتداء بمعانيه ومقاصده وكلياته .


👈 للإشتراك بالقناة👇👇

https://hottg.com/Sheikhfathialmousli


>>Click here to continue<<

قناة فوائد الشيخ فتحي الموصلي






Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)