الحلقة الرابعة....
رواية حرب ابريل
تأليف إيهاب الوسيلة
مراجعة قبس الفاضل....
حسناً نحن في موقف لا يُحسد عليه كموقف ذلك السجين الذي حُكم عليه بالمؤبد فقرر الهرب بحفر نفق لمدة سنوات وانتهى به الحفر في غرفة مدير السجن، أخذنا بالاقتراب منهم كما أمرونا فكنا نسمع صوت خطواتنا ونبضات قلوبنا في نفس الوقت وفور أن وصلنا لهم صرخ احدهم " اقعد تحت كلك" في الحقيقة لم يستجب أحد منا فعندما يسيطر عليك الخوف تتعطل كل الحواس فإقترب نفس الشخص من عمر وصفعه صفعة تهاوت به نحو الأرض ولكن قبل أن يسقط وجدنا جالسين حتى انا لا أدري كيف حصل ذلك وفجأة بدأ عمر بالصراخ والتمتمة بكلمات لم يفهمها أحد فربما قد كُسِر فكه أو ابتلع لسانه، فطلب نفس الشخص مني القيام وفور وقوفي على أقدامي صفعني بيده أو بذيل تمساح لا أعلم ولكن رأيت شعر لحيتي يتساقط من هول الضربة الآن علمت لماذا كان عمر يتمتم ويتلعثم قبل قليل فجاء دور خطاب وذاق نفس الألم، لا أدري كيف أصف لكم قوة الضربة ولكن دمعي سال من الجهة التي ضُربت فيها فقط دون الأخرى.
صاح أحد المرتزقة مهاتفاً الشخص الذي ضربنا " شنو يا زولي الليلة عشان مرتك ما دايرة ترد ليك تقوم تتفشى في الناس وديهم لجنابو يتصرف معاهم" كل هذا الضرب لأن حبيبته لا ترد على مكالماته؟ الحمدلله أنها لم تهجره وإلا احتسبنا أنفسنا شهداء، فأخذ يركل فينا كالبهائم لنسير نحو قائده وعندما اوصلنا له وجدنا طفل في سن المراهقة يدخن سيجارة بهدوء وعلى كتفه رتبة عليها نجوم لقد تفائلنا عسى أن نجد الرحمة بداخل هذا الطفل البريء فهمس لي خطاب بأذني قائلاً "لو عارفين ده قائدهم كان جبنا معانا حلاوة مصاصة" فقلت له: عندي مقاطع لطيور الجنة كنت منزلهم لشفع جيرانا رأيك شنو نحضرو مقطع " لم نستطع كلانا منع أنفسنا من الضحك وكل هذا تحت أنظار الصبي وهو يدخن سيجارته فتلفظ بجملة جعلتنا نبتلع لعابنا حيث قال" امشي جيب سوط العنج من العربية يا الكلس" يبدو بأنه سمع حديثنا وهذا لا يُبشر بخير، لقد طرحونا أرضاً وبدأ بجلدنا واحد تلو الآخر وعلا نحيب عمر أرجاء الحي بينما نتزحزح انا وخطاب وكأننا نسبح، اختلفت ردات الفعل بينما الألم واحد فأنضم المزيد من المرتزقة لحفلة "الجعليين " هذه فأشتد صراخ عمر وأخذ يصرخ" وااااي الحقوناااااااو" لم نستطيع الصراخ كعمر لأن لحيتنا تمنعنا من هذا اللفظ المشين فأخذنا نردد وراء عمر كلما قال " وااااي ما بنجي تاني" اردفنا نحن " زايد واااااااحد" لقد تعرضنا لأقسى انواع التنكيل والتعذيب فبعد حفلة الجلد طلب منا قائدهم الغناء وأي غناء؟ غناء طيور الجنة التي سخرنا بها منه قبل قليل، لا أستطيع كتابة الاغنية نصاً ولكن عنوانها كان " ماما جابت بيبي".
نحن لم نكن مصدر تهديد لهم ولكنهم أرادوا التسلية فحسب ولا أخفي عليكم بكائي تلك اللحظة، ليس بسبب الجلد أو الغناء وإهانتي ولكن بكيت على الوطن، ماذا لو استولى هؤلاء المرتزقة الحكم، فكم منا سيهاجر وكم منا سيعاني، سنعاني لأن الجهل سيتربع على كرسي السلطة فيفقد وطني عزته وهيبته.
بعد أن تعبوا من الجلد بدأوا باستجاوبنا من نحن ومن أين أتينا فشرعت بأخبارهم وفي البداية لم يقتنع أحد فتدخل خطاب وقال " نحن بندعم قوات الدعم السريع حتى انا كاتب جملة ليكم في يدي" ففتح خطاب ذراعه بكل برائة ليريهم جملة " الدعامة ملائكة الديموقراطية" ظناً منه بأن هذا سينجينا ولكن فعله هذا أتى بردود عكسية فصاح أحدهم " ايواا بس انتو ناس المدنية زاتكم عاملين لي وشوم وحركات والله وقعتو لكن " لقد ازداد الأمر سوء لأن هذا المرتزقة ليس" كيوت" ولا يجيد القراءة وعلاوة على ذلك لديه مشكلة مع الديموقراطية فأحضر ملابس جميع المرتزقة وأمرنا بغسلها كلها، كل مرة نخسر جزء من كرامتنا لقد مسحوا بها الأرض ولكن ليس باليد حيلة فجلسنا نغسل هذه الملابس الرثة والنتنة وبينما نحن كذلك أتى قائدهم ليشمت فدار بيني وبينه حوار لن تنساه ذاكرتي..!
_ أول مرة اشوف لي رجال يعملو فيهم كده من غير يقاومو انتو ما سودانيين ولا شنو؟ ما عندكم نخوة ولا كرامة؟.
نحن لما قررنا نطلع من الحي ما وضعنا إعتبار لروحنا فما بالك لكرامتنا والرجولة ما بمقياس الكرامة ولا الشجاعة لا الرجولة دي معنى بتعرفو انت في جواك.
_ إنتو طالعين تساعدو الناس بس نفس الناس دي لو عذبناكم قدامهم ما بساعدوكم ده المنطق كده؟.
الراجل لما بعمل حاجة ما بنتظر مساعدة من زول ويمكن تعذبني قدامهم وتعمل أي حاجه بس ما حتقدر تشيل نظرات الإحترام الهم شايفني بيها وده الفرق بيني وبينك انت زول بتثبت رجولتك بالسلاح وانا بثبت رجولتي بإحترام الناس لي، فسلاحك في يدك لكن احترامي موجود عند أي زول.
>>Click here to continue<<