الحلقة الأولى.....
رواية حرب ابريل...
تأليف إيهاب الوسيلة
مراجعه :قبس الفاضل
تنويه : كل الشخصيات من وحي الخيال والاحداث قد تكون مشابهة للواقع...
...... لقد مرّ شهر ابريل ومعه تلاشى أمل أن تكون هذه الحرب ليست الا كذبة أبريل، ماذا سيخسروا لو أضافوا كذبة أخرى إلى تاريخهم المحشو بالاكاذيب ولكن خطأنا الوحيد هو أننا نزرع الأمل في دواخلنا ولا نحصد إلا الألم والآن مضى شهر كامل على إندلاع الحرب في بلادي وفي الوقت الذي ينشغل فيه العالم بتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي نحن مشغولون باصطناع الجهل والتخلف والاضطلاع في حرب لا تثمن ولا تغني من جوع، يقول العرب قديماً “اذا صار الغراب دليل قومِِ فما وصل الغراب ولا وصل القوم “ ونحن دليلنا جاهل وإن وصلنا فبالتأكيد سنصل للاشيء.
نزح الجميع وزحف نحو الأقاليم فالعاصمة أصبحت خاوية إنها كقاعة الإمتحان تماماً نخرج منها واحداً تلو الآخر ولكن يبدو بأن الإمتحان اصعب من سابقته هذه المرة، انا وأمي قررنا البقاء في منزلنا ليس شجاعة منّا ولكن لا نملك وجهة نقصدها، وفي الحي الذي نقطنه تبقت بضعة أسر لا زالوا صامدين وكل منّا يكافح للبقاء في ظل قطوعات الكهرباء وشبكات التواصل وحتى مياه الشرب وكل الأشياء التي كانت ثوابت نجهل قيمتها أصبحت رفاهيات وأكبر همنا وهذا أول درس تعلمته وهو توقع أن كل الأشياء قابلة للزوال فحتى من اتخذ النجوم بوصلة في الصحراء بحجة إنها أبدية ولن تخذله ظهرت السحب والغمام واختفت النجوم وتاه في الصحراء.
هذه المفكرة التي اكتب عليها يوجد بغلافها اسمي الكامل "محمد الطريفي إبراهيم" لقد قررت تدوين كل يومياتي بها فلو اصابنا مكروه سيجدونها بين الحطام ويعلموا قصتي وإن كُتِب لنا عمر جديد سوف تصبح ذكرى؛ كما أن ليس هناك شيء افعله بهذه الاوضاع، فالحياة هنا صالحة لكل شيء عدا الحياة، كتبت في اول صفحة نبذة عني مفاداه" انا محمد الطالب الجامعي بكلية الاقتصاد في جامعة الخرطوم أبلغ من العمر عقدين ونصف بالتمام والكمال ولم اتخرج بعد لأن هذه ليست بأول كارثة ففي جامعة الخرطوم تعودنا على الإغلاق المستمر والاسباب قد تكون انهيار جبل جليدي في القطب الشمالي أو قد تُغلق بدون سبب أعيش في هذا المنزل المكون من اربعة غرف ومطبخ برفقة أمي فقط فأخي الأكبر يعمل بالمملكة العربية السعودية وابي غادر إلى رحمة مولاه قبل سنتين من الآن ".
في هذه الأيام لا فرق بين النهار والليل ننام في أي وقت ونستيقظ لنأكل او نستيقظ بسبب صوت الأعيرة النارية لنتختبئ تحت السرير، أعلم بأن السرير ليس بعازل لنا من الموت ولكنها رسالة لا إرادية من انفسنا مفاداه بأننا لا نريد أن نموت الآن.
في الحقيقة أن حيلة الاختباء تحت السرير مصدرها الطفل الذي بداخلنا فعندما كنا صغاراً نختبئ تحته حتى لا يجدنا ابوانا فيعاقبونا على فعلة ما وأحياناً ندعي أننا نصلي أو نهرب إلى المرحاض، والآن كبرنا ولازلنا على عهدنا مع علمي بأن الموت سيأتي لمن هو تحت السرير ولن يحترم خصوصية من هو بداخل المرحاض هو حتماً أتي ولكن من يُقنع الطفل الذي بداخلنا بذلك؟
إن امي هي صديقتي المقربة تعلم كل اسراري وهي كل ما املكه بهذا العالم لهذا احترم كل قرار تصدره، لقد ضحت بالكثير وكانت خير سند لابي قبل وبعد وفاته وتعودنا أن نقتسم اعمال المنزل بيننا انا اتكفل بالنظافة وهي بإعداد الطعام فقط!..
يا امي الليلة طابخه لينا شنو؟
_ عدس بس الليلة!
يا ريتني ما سألت...
_ يسلسل ضروسك اسوي ليك شنو يعني.
الليله لو الجوع يقتلني ما باكلو الصباح عدس المسا عدس ناقص تجيبي لينا مع شاي الصباح.
_ خلاص وفرت حا امشي اوزعو للجيران.
انا زاتي ماش افطر مع خطاب صحبي والله امه طباخه وصينيتهم دي مليانه وبالله عليك رجاء خاص ما توسخي العدة دي عشان انت ما قاعده تغسليها، مره حسوده خلاص.
_ محمد اقطع وشك ده مني.
اغلب نقاشاتي مع امي هكذا ولكن ولا واحدة منها كانت على محمل الجد فهي تعلم بأنني امازحها فغادرتها واتجهت صوب منزل صديقي خطاب إنه بعمري وصديق الطفولة درسنا سوياً وفرقتنا الجامعة ولكن حافظنا على تواصلنا فكلما واجهت مشكله حتى ولو كانت تافهة اذهب اليه وكذا الحال ينطبق عليه إن مشاكل هذه الدنيا أصعب من أن تحملها لوحدك فلابد من صديق تقاسمه أحزانك، انتصاراتك وهزائمك المهم يجب أن يكون لك مأوى عندما تشتد العاصفة.
يا خطاب!... خطاب... تعال افتح الباب!
_ اووو محمد ارح جيت في وقتك الفطور جاهز.
يا سلام يااخ والله انا من هناك جاي اصلا للفطور.
_ ارح والله الليلة وجبة كلها بروتينات وفوائد.
ليه عاملين شنو الليلة؟
_ عدس.
أحياناً ما تهرب منه يهرب إليك أيضاً بطريقة ما، الأمر الذي رسخ قناعتي بأن هذه الحرب كانت لتقوم في أي مكان أذهب إليه فالمرء بإستطاعته الهرب من كل شيء ولكن لن يستطيع الهرب من مصيره.
>>Click here to continue<<