اعتبر نيتشه أن اختيار الاسم ذو أهمية تاريخية كبيرة، لأنه اعتقد أن زارادشت الفارسي كان فعلاً مبتكر الصراع الأخلاقي بين الخير والشر، وهي حقيقة لا يمكن إنكارها. وبما أنه عاش حوالي القرن الثامن قبل الميلاد، فربما كان له الأولوية في تلك الفكرة. لذلك يقول نيتشه إن على زارادشت الفارسي أن يعود من أجل العودة إلى الحالة السابقة. وهكذا كان طموحه بأن يصبح ما وراء الخير والشر. وهي طبعاً فكرة التحرر من الثنائيات المتضادة التي لا غنى عنها لتوحيد الفرد. فالفردانية مستحيلة طالما أن الإنسان منقسم إلى ثنائيات متضادّة، ويجب التغلب عليها مهما كانت القضية كبيرة، لكن يجب القيام بذلك من وجهة نظر تتجاوز الخير والشر. لقد شعر نيتشه نفسه بذلك رمزياً عندما ألف جزءاً كبيراً من يكث هكذا تكلم زارادشت في سيلز" "ماريا"، حيث كان على ارتفاع ستة آلاف قدم وراء الخير والشر. وشعر بارتقائه مصافي الآلهة، وتجاوزه لكل صراعات السهول المنخفضة التي يعيش فيها القطيع. فكان قادراً من تلك الارتفاعات على توحيد الثنائيات المتضادّة والتحرر من الشك وخلق موقف بعاكس موقف صراع زارادشت الأخلاقي. وهكذا فمن المؤكد تماماً أن نيتشه كان يعرف عن زارادشت الفارسي وكان متأثراً للغاية بحقيقة أنه أول من جعل الإنسان واعياً لنفسه لأنه لا أحد يصبح واعياً لنفسه دون صراع نحن بحاجة إلى الصراع. وبما أننا لا نعيش وفقاً لخياراتنا الخاصة، فلا يمكن أن نعرف أنفسنا. علينا أن نكون قادرين على الاختيار بأنفسنا.
>>Click here to continue<<
