أقسىٰ ما يَمُرُّ علىٰ إنسانٍ مُبصِرٍ أن يَعيشَ فِي الظُّلمة.. والأقسىٰ أن يكونَ في النُّورِ ويَسْعىٰ لِـيُنِيرَ عَتمةَ غَيره فَـيُقابَل بِالإسَاءَةِ والتَّشْكِيكِ والعُدوان؛ وما كَانَ فِعْلُهُ إلِّا تَفَضُّلا، سِوى لأنَّه أدركَ قَسَاوَةَ الظُّلمةِ ومَرَارةَ العَتْمة، ورَأىٰ جَمالَ النُّورِ وإشْراقَةَ الحَياة فَـرَقَّ قَلبُهُ لِمُبصرينَ لَم يَروا النُّور فَـيَنْعموا به، فَـحَمَلَ مِصباحًا يُنيرُ بِه عَتمةَ لياليهم. فَـسَمِعَهُم يتفاخَرون أنَّهُم يَعيشُون فِي ظلامٍ مُوحشٍ، وسَعىٰ رُغمَ قِلّة الحِيلة ولٰكن ما رَضيَ بذٰلك المِصباح إلَّا قليلٌ مُنهُم، والآخرونَ أهانوه.
لَكَمْ غَريبٌ ذٰلكَ الشُّعور، أن تكونَ حزينًا منكسرًا متعجبًا مُتحيِّرا؛ لستَ تدري لماذا قلوبُ هؤلاءِ قاسيةٌ كمَا الحِجارة، أَوَ رُغم السَّعيِ في إنارةِ الحياةِ لهُم يَسْتكبرون؟
فـتسيرُ وتسير، وتسمع هاتِفًا مِن هنا، وصارخًا من هُناك، كُلُّهم يهزَؤون ويشتمون ويُؤذون ويحرمونك فقط لِكونك تعيشُ فِي النُّور، وتحملُ المِصباح لـتُنيرَ لهم ظُلمتهم الدَّامِسة.
فَـيا لُغربةِ حَاملِ المِصباح هٰذا، ويالِعجب هٰؤلاء القوم... أَمَا مِن مُبصرٍ يعيشُ في النُّور يُشاركهُ ألمه؟ يقاسمهُ حُزنه، يُخففُ عنهُ غُربَته، يُسكِّنُ وَجَعه؟ فـيعاضدهُ ويسانده في وَحدته؟💔
ولَك أنْ تتخيل ،
هٰكذا كانت خديجةُ لمُحمَّد🕯
فما أعظمَ قَدْرَها و أرفع شأنها. لقد كان (صَ) وفيًا لها حتَّىٰ بعد موتها ولم ينسَ فضلها وعظيم جُهودِها وجليل منزلتها، فـلَطَالَما امتَدحها وذكرها بالخير. ولَمؤلمٌ ويعتَصِرُ القلبَ أن ينطقَ واحدٌ مِن مَعميِّي البصرِ والبصيرة فـينُكرُ فضلها فـيقولُ جهلًا وغُرورًا: «قد أبدلك الله عز وجل خيرًا منها» ظَانًّا أن الرِّفقةَ تُؤخذُ بالكمِّ والعدد، لا بالكيفِ والنَّوع. فـيُجيبُ (صلوات الله عليه): «مَا أَبدَلَني الله عزَّ وجل خيرًا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدَّقتني إذ كذَّبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء» وكأنَّهُ يقول: كانت كإشراقَةِ النُّورِ في عتمةِ الليالي والأيام.
• صَلَّىٰ اللهُ عَلَيكِ يَٰا أُمَّ الزَّهْرَاء✨
>>Click here to continue<<