,
( أشدُّ النَّاس غباوةً وجهلًا من تهمُّه أمور دنياه التي يختطفُها عنه الموت، ولا يُهمُّه أن يعرف أنَّه من أهل الجنَّة أو النّار، وقد عرَّفه الله تعالى، حيث قال: ﴿ إنَّ الأبرارَ لفي نعيم، وإنَّ الفجَّار لفي جحيم ﴾، وقال: ﴿ فأمّا من طغى وآثر الحياة الدّنيا ﴾ الآية، وقال: ﴿ من كان يريد الحياة الدّنيا وزينتها نوفِّ إليهم أعمالهم فيها ﴾ إلى قوله: ﴿ وباطلٌ ما كانوا يعملون ﴾.
وإنّي أوصيه أن يصرف إلى هذا المهمّ همَّته، وأن يحاسب نفسه قبل أن يُحاسب، ويراقب سريرته، وهمَّته، وأفعاله، وأقواله، وإصداره، وإيراده، أهي مقصورةٌ على ما يقرِّبه من الله تعالى، ويُوصلُه إلى سعادة الأبد، أو هي مصروفةٌ إلى ما يُعمِّر دنياه، ويصلحها له إصلاحًا منغَّصًا، مشوبًا بالكُدورات، مشحونًا بالهموم والغموم، ثمّ يختمها بالشّقاوة، والعياذ بالله.
فليفتحْ عن بصيرته؛ لتنظر نفسٌ ما قدَّمتْ لغدٍ، وليعلمْ أنَّه لا مشفق ولا ناظر لنفسه سواهُ … )
أبو حامد الغزالي | طبقات الشافعية الكبرى (٦/ ٢٦١-٢٦٢)
الوجادات 📜 | https://hottg.com/Montqa_alwjadate
>>Click here to continue<<