TG Telegram Group & Channel
ظِلال | United States America (US)
Create: Update:




أما بعد..

ألهبنا الكانونة، وأسرجنا السرُج، وتوَقّت الأجساد بالمعاطف، واتحدت الجمار للتدفئة، والتقى نهم بكتاب، وقلب بسحاب، وحان موعد سبات اللسان، وانطلاق الفكر في التأمل والقنوت، بالهدوء وبالسكوت، ودخل وقت إجالة البصر؛ تارة في المكاتيب وأخرى في السير، تارة في أفق بعيد من الأرض وأخرى في أقرب نجمة من قمر، وفي النفس حاجات؛ ولو لم تتلقفها فطانة، وفيها أحاديث؛ ولو آمنت أن السنة الكونية جارية بأننا لا نُسمع الموتى ولا أذن الأصم..!

فأهلًا بفصل الغريب..
الشتاء الحبيب..
كنت فيما مضى أمقته لقسوة ما يجد المؤانس من حبسه ودهسه، وصقيعه وكبسه، ولكن السنين التي توالت على قلب أبصر من خلال ثقوبه؛ جعلته فرصة جوهرية يحيا بها الغرباء لياليهم الطويلة من غير ثرثرة المنبّهات التي تسرع بهم إلى نهار المعايش!!

في ليالي الشتاء خلوات فاخرة بمشتهيات الروح التي أدمنت في الفصول الأخرى ترحالها من بلد إلى بلد، من قلب إلى قلب، من وطن إلى منفى، من أمل إلى أمل آخر؛ وليس لها حتى الساعةَ موئل تستريح فيه من وعثاء السفر، بل تطير كل مطار، وما ثمة مستقر ولا حتى مستودع!!

أهلًا بالشتاء ولو أوحش الشتاء المنظر..!
وكسا الأفنان بياضًا ولباسها اللائق أخضر..!
وجمّد النهر والمعبر؛ فما وطئته قدم إلا تهشّم وتكسّر..!

أهلا بالشتاء المربّي..
لفحاته صورة لإيلام سميرٍ تنكّر..
ونفثاته مشهد من قصة خدن تعكّر..
وأسقامه المتكاثرة فيه كالنفاثات اللواتي تنفخ في عقد السحر المظلم الأغبر..!!

فكل ما يربّي بالتذكير بما أوجع وآلم وكدّر؛ منحوت بالصدر، لا يزيده تعاقب الملوان عليه إلا ترسيخًا وتدريسًا، وينشئ به في النفس أسوارًا تبالغ في سموقها، ويقيم لمناعتها ضد المبيدات أقوى ما يصنع حارسٌ تغلب شكيمته شكيمة الذئاب، فلا طائل أقوى، ولا نائل أعلى!!

الشتاء أستاذ شديد اللهجة، طويل النفَس، عظيم الأثر، فيه قسوة تدمغ، وضربة تبلغ..!
فمن نجا؛ فقد نجا بالحيطة والحذر، وهذه رسالته البالغة الباقية..!

الشتاء صوت النيران الثاني؛ إذا لم تسمع الآذان صوتها الأول، وخلاصة العمر الذي ضاع في التمنّي؛ فيعطيك نبذة عن كيّات الندم..!

وليس له وجه عابس على الدوام؛ فهو يضحك لمن التقى في الدرب بصاحب الروح والقلب، فيعطيهما مادة الدفء رغم الصقيع، ويبدي لهما منه استثناءهما بالشفيع، ويسمح لهما بتصديق خرافة الاكتفاء؛ فلا معطف ولا موقد، وأساطير الاستغناء؛ فلا سكن ولا مطعم، ويمرر لهما - متغافلًا- جلسات البث التي لا تليق إلا بين مُدغَمَين، تلاشت بينهما فروقات المتنافرين، ومستحيلات المتناكرين، فيتغنّون بلياليه وينصرونها، ويحمدون أيامه ويوالونها..!!

وعلى كل حال؛
فهذا الفصل شيق!!
أعظم ما فيه ساعات تطول لقيام، وتقصر لصيام، وتنفض فيه العقول عن أهلها الأوهام، فثمت الأعمال الصالحة، والحسنات الراجحة!

والله الموفق المستعان السلام.






أما بعد..

ألهبنا الكانونة، وأسرجنا السرُج، وتوَقّت الأجساد بالمعاطف، واتحدت الجمار للتدفئة، والتقى نهم بكتاب، وقلب بسحاب، وحان موعد سبات اللسان، وانطلاق الفكر في التأمل والقنوت، بالهدوء وبالسكوت، ودخل وقت إجالة البصر؛ تارة في المكاتيب وأخرى في السير، تارة في أفق بعيد من الأرض وأخرى في أقرب نجمة من قمر، وفي النفس حاجات؛ ولو لم تتلقفها فطانة، وفيها أحاديث؛ ولو آمنت أن السنة الكونية جارية بأننا لا نُسمع الموتى ولا أذن الأصم..!

فأهلًا بفصل الغريب..
الشتاء الحبيب..
كنت فيما مضى أمقته لقسوة ما يجد المؤانس من حبسه ودهسه، وصقيعه وكبسه، ولكن السنين التي توالت على قلب أبصر من خلال ثقوبه؛ جعلته فرصة جوهرية يحيا بها الغرباء لياليهم الطويلة من غير ثرثرة المنبّهات التي تسرع بهم إلى نهار المعايش!!

في ليالي الشتاء خلوات فاخرة بمشتهيات الروح التي أدمنت في الفصول الأخرى ترحالها من بلد إلى بلد، من قلب إلى قلب، من وطن إلى منفى، من أمل إلى أمل آخر؛ وليس لها حتى الساعةَ موئل تستريح فيه من وعثاء السفر، بل تطير كل مطار، وما ثمة مستقر ولا حتى مستودع!!

أهلًا بالشتاء ولو أوحش الشتاء المنظر..!
وكسا الأفنان بياضًا ولباسها اللائق أخضر..!
وجمّد النهر والمعبر؛ فما وطئته قدم إلا تهشّم وتكسّر..!

أهلا بالشتاء المربّي..
لفحاته صورة لإيلام سميرٍ تنكّر..
ونفثاته مشهد من قصة خدن تعكّر..
وأسقامه المتكاثرة فيه كالنفاثات اللواتي تنفخ في عقد السحر المظلم الأغبر..!!

فكل ما يربّي بالتذكير بما أوجع وآلم وكدّر؛ منحوت بالصدر، لا يزيده تعاقب الملوان عليه إلا ترسيخًا وتدريسًا، وينشئ به في النفس أسوارًا تبالغ في سموقها، ويقيم لمناعتها ضد المبيدات أقوى ما يصنع حارسٌ تغلب شكيمته شكيمة الذئاب، فلا طائل أقوى، ولا نائل أعلى!!

الشتاء أستاذ شديد اللهجة، طويل النفَس، عظيم الأثر، فيه قسوة تدمغ، وضربة تبلغ..!
فمن نجا؛ فقد نجا بالحيطة والحذر، وهذه رسالته البالغة الباقية..!

الشتاء صوت النيران الثاني؛ إذا لم تسمع الآذان صوتها الأول، وخلاصة العمر الذي ضاع في التمنّي؛ فيعطيك نبذة عن كيّات الندم..!

وليس له وجه عابس على الدوام؛ فهو يضحك لمن التقى في الدرب بصاحب الروح والقلب، فيعطيهما مادة الدفء رغم الصقيع، ويبدي لهما منه استثناءهما بالشفيع، ويسمح لهما بتصديق خرافة الاكتفاء؛ فلا معطف ولا موقد، وأساطير الاستغناء؛ فلا سكن ولا مطعم، ويمرر لهما - متغافلًا- جلسات البث التي لا تليق إلا بين مُدغَمَين، تلاشت بينهما فروقات المتنافرين، ومستحيلات المتناكرين، فيتغنّون بلياليه وينصرونها، ويحمدون أيامه ويوالونها..!!

وعلى كل حال؛
فهذا الفصل شيق!!
أعظم ما فيه ساعات تطول لقيام، وتقصر لصيام، وتنفض فيه العقول عن أهلها الأوهام، فثمت الأعمال الصالحة، والحسنات الراجحة!

والله الموفق المستعان السلام.





>>Click here to continue<<

ظِلال




Share with your best friend
VIEW MORE

United States America Popular Telegram Group (US)