ليست تخلو حياة الإنسان من كبوات ومَضايق ومِحَن، هكذا أراد الله تعالى وهكذا قَدّر، فهي على حدّ قول القائل:
طُبعَت على كدَرٍ وأنت تُريدُها
صفوًا من الأقذاءِ والأكدارِ
ومُكلّفُ الأيام ضدّ طباعها
مُتطلّبٌ في الماء جذوةَ نارِ
لكن ما يُسرّي عن الإنسان ذلك أو شيئًا منه أن يعلم أنه مأمورٌ بأمرين، بذل الوسع، والتحلّي بالصّبر، فإذا ما حقّق الأمرين لم يكُن عليهِ بأسٌ مما أصابه، بل كان على حالٍ من الكمال مُتشبّهًا بالنبيّين والكُمّل من الرجال، بل بأكملهم صلى الله عليه وآله وسلّم الذي أوذيَ وكُذّب وهُجي وأُخرج من بلدِه وحورب واشتدّت عليه المصاعب، ومات جميع أولاده في حياته خلا فاطمة، فما كان جوابه على ذلك إلا الصبر والاحتساب والتعبُّد، بل كان صلى الله عليه وآله وسلّم إذا حَزَبَهُ أمرٌ فزع إلى الصلاة، وإذا أصابه همٌّ أسرع إلى الدعاء، وعلمَنا من ذلك وأورَثَنا ما شاء الله له أن يورثَنا، مصداقًا لقول الله: لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسَنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكَر الله كثيرًا".
ومن ذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «ما أصاب عبدا هم ولا حزن, فقال اللهم : إني عبدك, وابن عبدك, ابن أمتك, ناصيتي بيدك, ماضٍ فيّ حكمك, عدل فيّ قضاؤك, أسألك بكل اسم هو لك سمّيت به نفسك, أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحدا من خلقك, أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي, ونور صدري, وجلاء حزني, وذهاب همّي وغمّي, إلا أذهب الله همّه وغمّه, وأبدله مكانه فرحا".. قالوا يا رسول الله أفلا نتعلّمهن؟ قال: "بلى, ينبغي لمن سمعهن أن يتعلّمهن» ".
اللهمّ إنا نسألُك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، ونسألُك أن نكون لك كما تُحب وترضى، آمين.
محمد الجعفري
>>Click here to continue<<