TG Telegram Group Link
Channel: أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
Back to Bottom
وخلاص فهمنا
#قمة الوعي والإخلاص
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى:
إذا رأيت من يهتم اهتماما هائلا بإخراج الفطرة، أتخرج قمحا وشعيرا أم دراهم؟ ويستثير ذلك أعصابه أكثر مما يستثيره ضياع مقدسات المسلمين وانتهاك حرماتهم وسفك دمائهم ... فاعلم أنك أمام مسخ من الخلق لا يُؤَمَّن على دين الله ولا دنيا الناس، وهذا النفر من المتدينين عبء على الأرض والسماء".
من كتاب: هموم داعية
ما حكم التبرك بالآثار النبوية؟
الجواب:
وردت أحاديث شريفة كثيرة تثبت تبرك الصحابة الكرام والسلف الصالح بآثار النبي صلى الله عليه وسلم وقد بلغت هذه الأحاديث بمجموعها درجة التواتر، ومنها:
١. جاء في صحيح مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه في حديث طويل فيه نوم النبي صلى الله عليه وسلم وتعرقه وأن أم سُليم جعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها ففزع صلى الله عليه وسلم فقال : ما تصنعين ؟ فقالت : يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا , فقال صلى الله عليه وسلم : أصبت.
٢. روى مسلم عن السائب بن يزيد قال : ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن ابن أختي وجع , فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه.
٣. عن عثمان بن عبد الله أنه قال : دخلت على أم سلمة رضي الله تعالى عنها فأخرجت إلينا شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري.
٤. روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , والحلاق يحلقه وأطاف به أصحابه فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل.
٥. روى البخاري في صحيحه عن ابن سيرين قال : قلت لعَبيدة : عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبناه من قبل أنس أو من قبل أهل أنس فقال : لأن تكون عندي شعرة منه أحب إلي من الدنيا وما فيها .
ثانيًا. ما هو مصدر الشعرات النبوية في هذه الليلة؟
استخرجت هذه الشعرات من خزانة الخلافة عند تجديد مشهد الإمام الحسين، وجعلت في المشهد، وأسندت قيمية وخدمة المشهد والشعرات الشريفة للشيخ محمد سليم الحمزاوي ولذريته من بعده، وقد جرت العادة أن يخرج الأثر الشريف ليلة 27 رمضان من كل عام عقب صلاة التراويح التي قريء فيها ختم للقرآن الكريم في مشهد الحسين في مسجد بني أمية الكبير بدمشق.
العبادة في ليلة السابع والعشرين

1 _ قال أُبيُّ بنُ كَعبٍ رضِيَ اللهُ عنهُ في لَيلةِ القَدْرِ: ((واللهِ، إنِّي لأَعلمُها، وأكثرُ عِلمي هي اللَّيلةُ التي أَمرَنا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ بقِيامِها، هي ليلةُ سَبعٍ وعِشرينَ)) رواه مسلم (762)

2 _ عن أبي هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ عنهُ قال: تَذاكَرْنا ليلةَ القَدْرِ عند رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ. فقال: ((أيُّكم يَذكُرُ حين طلَع القمرُ وهو مِثلُ شِقِّ جَفْنَةٍ))؟ رواه مسلم (1170)
(شِقِّ جَفْنَةٍ: أيْ: نِصف قَصعةٍ؛ قال أبو الحُسَينِ الفارسيُّ: أيْ: ليلة سَبْع وعِشرين؛ فإنَّ القَمَر يطلُع فيها بتلك الصِّفة).

3 _ عن أُبيِّ بنِ كَعبٍ رضِيَ اللهُ عنهُ قال: ((هي ليلةُ صَبيحةِ سَبعٍ وعِشرين، وأمارتُها أنْ تطلُعَ الشَّمسُ في صَبيحةِ يومِها بيضاءَ لا شُعاعَ لها)) رواه مسلم (762)
تأدب عند الوداع!

"إنما الأعمال بالخواتيم، والخواتیم میراث السوابق"

لربما كان أدبك سببًا في رحمتك وعتقك.
ومن الأدب:
الثبات والانتظار حتى النهاية!
لا تنشغل بالاستعداد للعيد والفرحة بقدومه وتنسى ٲنك ما زلت في رمضان وقد تكون آخر ليلة هي ليلة القدر!
دائما نبدأ صلاتنا بالتكبير مقبلين على الله ونختمها بالتحيات لله والصلوات والطيبات.

أدب الخواتيم فتأدب!
عندما نودع أحبابنا لا نقوی أن ندير ظهورنا، تظل قلوبنا تتلفت، وتظل أعيننا عليهم لآخر لحظة، حبًا وصدقًا عند الوداع،
فلا تُدِر ظهرك !

أمر رسول الله و الرماة في أحد بالثبات والانتظار في مواقعهم فوق الجبل حتى النهاية، لكنهم تعجلوا النصر وفرحوا بالغنائم فتركوا أماكنهم، فتغيرت نتيجة المعركة !
فلا تتعجل !

لاتترك مكانك حتى النهاية.
لتظل قائما داعيًا، راجيًا، محسنًا، وجلا، تائبًا حتی النهاية فتلك علامة الصادقين المحبين.

[فلربما يجبر أدب النهايات تقصير البدايات]
منقول
جاء في "غنية الطالبين": كم مِنْ كفن مغسول وصاحبُه في السوق مشغول، وكم مِنْ قبر محفور وصاحِبُه بالسرور مغرور، وكم مِنْ فم ضاحك وهو عن قريب هالك، وكَمْ مِن مَنْـزِلٍ كَمُلَ بِنَاؤُه وصَاحِبُه قَدْ أَزِفَ...
قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى:
( إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل ) .

وقال الأوزاعي رحمه الله تعالى:
( عليك بآثار السلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول )

قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: (قف ‌حيث ‌وقف ‌القوم، وقل كما قالوا، واسكت كما سكتوا؛ فإنهم عن علم وقفوا، وببصر ناقد كفوا).

بعضهم يورد مثل هذه النقول ليضيق واسعاً ويحجر على المسلمين في المسائل الخلافية بحجة مخالفة الأثر والسنة .. علماً أن مراد الأئمة بالتمسك بالأثر والسلف هو التزام طريقتهم في الفهم والاستدلال وأن لا يخرج عما اتفقوا عليه، أما ما اختلفوا فيه فلا حجر في الأخذ بقول أحدهم وإن كان هناك نص في المسألة، لأن دلالته ظنية، لذا وقع الخلاف، ولو كانت دلالته قطعية لما وقع بينهم خلاف أصلاً.

وانظر هؤلاء الأئمة ( الاوزاعي والثوري وعمر ) مع أقوالهم الشريفة هذه في اتباع السلف والأثر كانوا يرون مثلاً جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر .. بل الأوزاعي يرى جواز دفع كفارة اليمين لمسكين واحد في يوم واحد، وبعض الناس اليوم يورد مثل أقوالهم ليطعن بمن يخرج القيمة بحجة مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي السلف، فتأمل!
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ومبارك عليكم العيد
وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير
وصية لأهل الإيمان لا بد لكم:
- أن يكثروا من كثرة المصافاة والمؤاخاة فإن هذا زمان المخالطة لا المفارقة، والملاطفة مع الخلائق حتى تلين وترق كثافة الحجب القلبية.
معنى قاعدة: الأصل في العبادات التوقيف؟ وبيان غلط بعض المعاصرين في فهمها.
من المساوئ العلمية التي نتأذى منها أننا نجد في زماننا من لا يستطيع فهم كلام أئمة الفقه والأصول، فيأخذ كلامهم ويبعد النجعة في فهمه، فيستدل به في غير محلِّه، وقد رأينا ذلك باديًا في فهم قاعدة: "الأصل في العبادات التوقيف".
فإنك ما تسأل أحدهم عن حكم أن يجعل له وردًا من الذكر، إلا وقال لك: الأصل في العبادات التوقيف، فإذا سألته عن حكم زيادة لفظ "سيدنا" في التشهد؟ قال لك: الأصل في العبادات التوقيف؟ ما حكم عمل ختمة قرآن ونقرأ للوالد أو للشيخ؟ يقول لك: الأصل في العبادات التوقيف، وقس على ذلك ألف مسألة.
فأصبحت أحكامهم تنم عن عقليات ضعيفة لا بصر لها بأحكام الشريعة وقواعدها.
وهنا أشير إلى بيان معنى القاعدة وطريقة فهمها عند العلماء، فنقول: طبق العلماء هذه القاعدة على أساسين:
الأول: الأصل في العبادات التوقيف، بمعنى التعبد، يعني لماذا جعل الله تعالى الظهر أربعًا، والمغرب ثلاثة؟ ولمَ كان الطواف بالبيت سبعًا؟ ولم منع المسلم أن يجمع أكثر من أربع نسوة؟ ومثل هذه الأسئلة كثير، لا حصر لها، فكان الأصوليون لدقة فهمهم يقولون: الأصل في العبادات التوقيف، أي لا مجال لتعليلها بالعقل، ولا ينفي ذلك أن لها حِكَمًا ومقاصدَ قد تظهر للمجتهد، ولكن الأصل فيها أنها موقوفة على مراد الله تعالى منها، لأن الحِكَم والمقاصد متغيرة بتغير العقول واختلاف الأزمان، أما حكمة الله فلا، حتى قال الإمام القدوري في التجريد (4/ 1689): " وتخصيص العبادات بوقت لا يُعلَمُ إلَّا من جهة التوقيف".
وقال الإمام الكاساني في بدائع الصنائع (2/ 29) عند السر في تحديد أنصبة الزكاة: "وطريق معرفة النُّصُب التوقيف دون الرأي والاجتهاد".
وقال الإمام الشاطبي في (الموافقات 2/ 513): "الأصل في العبادات بالنسبة إلى المكلف التعبد دون الالتفات إلى المعاني، وأصل العادات الالتفات إلى المعاني".
فهذه تطبيقات الفقهاء الواضحة في معرفة قاعدة: "الأصل في العبادات التوقيف"، ليعلم المعاصرون أنهم يطبقون القاعدة في غير محلٍّها فيفتئتون على أحكام الشريعة بغير علم.
الثاني: الأصل في العبادات التوقيف إلَّا إذا كان لها أصل في الشرع، فلم يحرم أئمة الإسلام شيئًا إلَّا إذا كان مخالفًا للشرع، أو يتصادم مع قواعده العامة، ولذا ورد عن السلف مئات من العبادات التي لم ترد بصورتها عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن اختلفت في مضمونها، واستقرت الأمة على قبولها، فجمع سيدنا عمر الناس في صلاة التراويح على عشرين ركعة وانعقد الإجماع على ذلك من الصحابة ولم ينكر أحدهم بقوله: إن الرسول ما صلى عشرين ركعة؟! وسيدنا ابن عمر دخل على أصحابه وهم يصلون الضحى جماعة، فما أنكر عليهم بل قال: بدعة وما رأيت بدعة أفضل من هذه، وفي صحيح البخاري تقول السيدة عائشة: "ما سبَّح رسول الله سُبْحَة الضحى قط وإني لأسبِّحها"، أي: ما تنفَّل رسول الله نافلة الضحى قط، وإني لأتنفلها"، فتنبه أن الرسول كما كانت تجزم السيدة عائشة (في رأيها) أنه ما صلى الضحى، ولكنها كانت تصليها مع علمها (مبلغ علمها) أن الرسول ما صلَّاها، وجاء في سنن أبي داود بإسناد صحيح (971) عن ابن عمر قال عن التحيات: زدتُ فيها: وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسولُه" وكانه ما سمع ذلك مرفوعًا، وثبت أيضًا عن سيدنا جابر بن عبد الله وابن عمر وعائشة زيادة: "بسم الله" في أول التحيات.
وهذا رواه الإمام مالك في الموطأ عن ابن عمر، وأبي يعلى عن جابر، والبيهقي في السنن الكبرى عن عائشة، حتى بوَّب البيهقي بابًا في السنن الكبرى بعنوان: (باب من استحب أو أباح التسمية قبل التحية).
فأين مسألة التوقيف في العبادات هنا؟؟ وهل كان الصحابة بهذا يقرون بأن الأصل التوقيف على فهم المعاصرين؟ أقول: كلا، بل كان المعيار عندهم هو موافقة أصل الشريعة وقواعدها من عدمه؟! فإن وافقت العبادة المحدثة أصل الشريعة قبلوه، وإن خالف ردوه، وقبل الموافقة والمخالفة لا بد أن تكون أصول الشريعة ومقاصدها معلومة مستقرة حتى لا تتسرع في الحكم فتخطئ مراد الشارع.
فالمقرر من ذلك أن الصحابة الكرام رأوا أن العبادات هنا لا تصادم الشريعة ولا تضادها فأقروها وحثوا الناس عليها، حتى وإن لم يكن الرسول الكريم فعل هذه العبادة بعينها، إلا أنها تتماشى مع ما جاءنا به صلوات الله وسلامه عليه، حتى قال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر عند حديث رد المحدثات في (الفتح 5/ 357): "وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعده، فإن معناه من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يُلتفت إليه".
فتنبه قيده: "ما لا يشهد له أصل من أصوله"، فإنْ شهد له أصل من أصوله فهو مقبول.
ولذا ردوا العبادة التي تخالف النص الشرعي، كقوله في الأضحية: "الجزور عن سبعة" فلمْ يجوِّزوه عن ثمانية، وجوَّزوه بأقل من السبعة؛ لأنه يتماشى مع قواعد الشرع، ولم يجيزوا التقرب إلى الله تعالى بجعل صلاة الصبح أربع ركعات؛ لأن ذلك مخالف للنص وإن قصد التقرب، وقِسْ على ذلك عشرات المسائل التي يُحكم عليها بالبدعة، واجعل هذا المعيار هو أساس حكمك، تسلم وتسعد، والله تعالى أعلى وأعلم.


مبحث في أن الأصل في الأحكام التعقل، والأصل في العبادة التعبُّد والتوقيف:
الأصل – كما يقول الآمدي الشافعي - أن يكون الحكم معقول المعنى ([41])، وقال الفتوحي الحنبلي: ((الغالب من الأحكام التعقل دون التعبد))([42]).

ولكن ذكر بعض العلماء أن: (الأصل في العبادات التوقيف)([43])، وهذه العبارة ليست على إطلاقها كما يتوهمه كثيرون، إذ المراد بذلك: الوقوف عند المحدود الشرعي، بمعنى أن الشارع قَصَدَ فيه الوقوف عند ما حَدَّه بحيث لا يتعداه المكلفُ، فالمقصود الشرعي التعبد لله بذلك المحدود، في نفسه دون زيادة فيه أو نقصان منه.

وهذا ما بيَّنه العلامة ابن دقيق العيد في قوله: "أن تكون العبادة من جهة الشرع مرتبة على وجه مخصوص، فيريد بعضُ الناس أن يحدث فيها أمرًا آخرَ لم يرد به الشرعُ، زاعمًا أنه يدرجه تحت عموم، فهذا لا يستقيم؛ لأن الغالب على العبادات التعبد، ومأخذها التوقيف"([44]).

فالمكلف إذا قام بالفعل على حسب ما حَدَّه الشارع له- أُثِيب عليه، ويبطل العمل ويستحق العقاب عند مخالفته لهذا الحد، فلابد من الوقوف عند حدودها المقدَّرَة من قِبَل الشارع مِن دُون أن يُزاد أو يُنْقَص فيها بغير نصٍّ.

وهذا المعنى لا ينافي قياس غيره عليه، وتعدية حكم ذلك التوقيفي إلى غيره، ومثال ذلك ما ورد في بعض الصلوات التي خُصَّت بأفعال مخصوصة على هيئات مخصوصة، كالكسوف، فقد قام الحنابلة بقياس الصلاة للزلزلة الدائمة على صلاة الكسوف - بجامع أنها آيات مخوِّفة للعباد ليتركوا المعاصي ويرجعوا إلى طاعة الله تعالى لكشف الغمة - وذلك مع التوقُّف عند الهيئة الواردة في صلاة الكسوف بغير زيادة أو نقصان([45]).

ومِن ثَمَّ فقول بعضهم: "لا قياس في العبادات" - على الإطلاق- غير مسلم؛ والأولى أن يقال: "لا قياس في التعبديات"، وهي التي لا يدرك لها معنى، وأما القياس في العبادات فهو سائغ؛ لأن كل حكم شرعي أمكن تعليله يجري القياس فيه([46]).


([41]) الإحكام للآمدي (4/272) .
([42]) شرح الكوكب المنير (2/406) .
([43]) وردت هذه العبارة عند الرملي في شرح الزبد المسمى غاية البيان (1/ 155)، كما وردت عند ابن تيمية في مجموع الفتاوى (6/452) .
([44]) قال الصنعاني في حاشيته تعليقا على كلام ابن دقيق العيد: "التعبُّد يقال في مقابلة ما يظهر وجهُه، ويُلْحَق به غيرُه قياسًا، وما ليس كذلك يقال له "تعبدي" ليس له طريق إلا التوقيف من الشرع".
فإن أريد بالتعبد "عدم تعقل المعنى (العلة)"، والوقوف عند الأحكام الشرعية المنصوصة، وعدم إدراك عللٍ لها على الخصوص- فهذا المعنى يتعارض مع مبدأ التعليل والقياس، فيكون الحكم تعبُّديًّا محضًا لا يُهتدَى إلى علته، وهذا يجري في العبادات وغيرها، ولا خلاف في ذلك.
انظر: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، ابن دقيق العيد، ومعه حاشية الصنعاني المسمى "العدة"، (2/157).
([45]) انظر: كشاف القناع، البهوتي، (2/65- 66).
([46]) انظر: البحر المحيط، الزركشي، (7/90)، والقياس في العبادات، منظور إلهي، ص (265).
قال حرملة بن يحيى: سمعت عبد الله بن وهب يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: من وصف شيئا من ذات الله مثل قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} وأشار بيده إلى عنقه، ومثل قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فأشار إلى عينيه وأذنيه أو شيء من بدنه قطع ذلك منه لأنه شبه الله بنفسه، ثم قال مالك: أما سمعت قول البراء حين حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يضحى بأربع من الضحايا» وأشار البراء بيده كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده قال البراء: ويدي أقصر من يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكره البراء أن يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له وهو مخلوق فكيف الخالق الذي ليس كمثله شيء؟!.
قال الإمام جلال الدين السيوطي:

«واعلم أنه ما كان كبيرٌ في عصرٍ قط إلا كان له عدوٌ من السفلة؛ إذ الأشراف لم تزل تُبتلى بالأطراف، فكان لآدم إبليس، وكان لنوحٍ حام وغيره، وكان لداود جالوت وأضرابه، وكان لسليمان صخر، وكان لعيسى في حياته الأولى بخت نصّر، وفي الثانية الدجال، وكان لإبراهيم النمرود، وكان لموسى فرعون، وهكذا إلى محمد فكان له أبو جهل، وكان لابن عمر عدو يعبث به كلما مر عليه، ونسبوا عبد الله بن الزبير إلى الرياء والنفاق في صلاته فصبوا على رأسه ماءً حميمًا فزلع وجهه ورأسه وهو لا يشعر فلما سلم من صلاته، قال: ما شأني؟ فذكروا له القصة، فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل، ومكث زمانًا يتألم من رأسه ووجهه، وكان لابن عباس نافع بن الأزرق كان يؤذيه أشد الأذى».
أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
قال حرملة بن يحيى: سمعت عبد الله بن وهب يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: من وصف شيئا من ذات الله مثل قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} وأشار بيده إلى عنقه، ومثل قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فأشار إلى عينيه وأذنيه أو شيء من بدنه قطع…
روي أن الإمام أحمد بن حنبل قرأ عليه رجل قول الله تعالى: ﴿وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعًا قبضته يوم القيامه والسموات مطويات بيمينه﴾ فأومأ الرجل بيده، فقال له الإمام أحمد رحمه الله: قطعها الله قطعها الله قطعها الله! ثم حرد وقام.
فوائد من حديث: ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالمًا اتَّخذ الناس رؤوسًا جهالاً، فسُئِلوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا) متفق عليه.

١- في الحديث إشارة إلى كرامة العلماء عند الله، حيث لا ينزع منهم ما وهبهم الله تعالى من معرفة دينه وشرعه.
٢- الحث على حفظ العلم، والتحذير من ترئيس الجهلة، وأن الفتوى من الرياسة.
٣- العامي وظيفته السؤال والامتثال دون بحث، لأنه -عليه الصلاة والسلام- لم يجعل لهم في الحديث وظيفة إلا السؤال وامتثال ما أشير عليهم في ذلك السؤال، وإنما ضلوا لأنهم لم يصادفوا الرأس الحقيقي.

٥- لا يلزم من بقاء القرآن حينئذ بقاء العلم، لأن العلم مستنبط منه، ولا يلزم من نفي المستنبط نفي المستنبط منه.

٦- قال الراغب: لا شيء أوجب على السلطان من رعاية أحوال المتصدين للرياسة بالعلم، فمن الإخلال بها ينتشر الشر ويكثر الأشرار ويقع بين الناس التباغض والتنافر ...

٧- العامة يتأثرون بالمتصدرين الجهلة، لقرب جوهرهم، وسطحية تفقههم.

قال الراغب: ولما ترشح قوم للزعامة في العلم بغير استحقاق، وأحدثوا بجهلهم بدعاً استغنوا بها عامة، واستجلبوا بها منفعة ورياسة، فوجدوا من العامة مساعدة بمشاركتهم لهم وقرب جوهرهم منهم، وفتحوا بذلك طرقاً منسدة، ورفعوا به ستوراً مسبلة، وطلبوا منزلة الخاصة، فوصلوها بالوقاحة وبما فيهم من الشره، فبدعوا العلماء وجهلوهم اغتصاباً لسلطانهم، ومنازعة لمكانهم، فأغروا بهم أتباعهم حتى وطئوهم بأظلافهم وأخفافهم، فتولد بذلك البوار والجور العام والعار.
________
ينظر:
فتح الباري لابن حجر.
فيض القدير للمناوي.
شرح ابن أبي جمرة على مختصر صحيح البخاري.
وصية حجة الإسلام الغزالي للنجاة من الفتن ؛ قال رضي الله عنه في إحياء علوم الدين: (3/ 230)
"وإنما الناجي منها فرقة واحدة وهي السالكة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو أن لا يترك الدنيا بالكلية ولا يقمع الشهوات بالكلية، أما الدنيا فيأخذ منها قدر الزاد، وأما الشهوات فيقمع منها ما يخرج عن طاعة الشرع، والعقل، ولا يتبع كل شهوة، ولا يترك كل شهوة بل يتبع العدل ولا يترك كل شيء من الدنيا، ولا يطلب كل شيء من الدنيا، بل يعلم مقصود كل ما خلق من الدنيا، ويحفظه على حد مقصوده؛ فيأخذ من القوت ما يقوي به البدن على العبادة، ومن المسكن ما يحفظ عن اللصوص والحر والبرد، ومن الكسوة كذلك، حتى إذا فرغ القلب من شغل البدن أقبل على الله تعالى بكنه همته، واشتغل بالذكر، والفكر طول العمر، وبقي ملازما لسياسة الشهوات، ومراقبا لها حتى لا يجاوز حدود الورع والتقوى، ولا يُعلم تفصيل ذلك إلا بالاقتداء بالفرقة الناجية وهم الصحابةُ فإنه عليه السلام لما قال الناجي منها واحدة قالوا يا رسول الله ومن هم؟ قال أهل السنة والجماعة فقيل ومن أهل السنة والجماعة قال ما أنا عليه وأصحابي
وقد كانوا على النهج القصد وعلى السبيل الواضح الذي فصلناه من قبل فإنهم ما كانوا يأخذون الدنيا للدنيا بل للدين، وما كانوا يترهبون ويهجرون الدنيا بالكلية، وما كان لهم في الأمور تفريط ولا إفراطـ بل كان أمرهم بين ذلك قواما وذلك هو العدل والوسط بين الطرفين وهو أحب الأمور إلى الله تعالى"



فحري بكل منا أن يأخذ بهذه الوصية في نفسه ويوصي بها خاصته ومن يسمع منه حتى يلقى الله تعالى، ورضي الله عن سيدنا حجة الإسلام الغزالي الإمام.
القنوت في صلاة الفجر:
القنوت عند جميع الفقهاء لا يعدو ثلاثة مواطن:
القنوت في صلاة الفجر.
القنوت في الركعة الأخيرة من الوتر.
القنوت في جميع الصلوات في النوازل.

وأما القنوت عند الشافعية فهو في هذه المواطن الثلاثة على النحو التالي:
بعد الاعتدال من الركعة الثانية في صلاة الفجر.
في الركعة الأخيرة من الوتر بعد الاعتدال من الركوع، في النصف الثاني من شهر رمضان.
بعد الاعتدال من الركعة الأخيرة في جميع الصلوات في النوازل.
[كلامنا هنا سيكون على القنوت في صلاة الفجر وأدلته، ونؤجل الكلام في الباقي إلى وقته إن أردنا بيانه]

قال الشافعية: يسن القنوت في اعتدال الركعة الثانية من صلاة الصبح، بلا خلاف عندنا في المذهب.
وهو سنة بعض من سنن صلاة الفجر، لا يترك لا سفرًا ولا حضرًا، وأن من تركه عمدًا أو سهوًا سجد للسهو.
ونُقل عن أبي علي بن أبي هريرة -من كبار الشافعية، من أصحاب الوجوه-: أنه لا يقنت في صلاة الفجر؛ قال: لأنه صار شعار طائفة مبتدعة.
ولكن الشافعية أنكروا عليه؛ وقالوا: إن السنة لا تُترك بمثل هذا، ولو فتح هذا الباب لتُرك كثير من السنة، وهذا شيء باطل، والسنة تبقي سنة، ولا يضيرها أن يتلبس بها المبتدعة.
فالحق لا يصير باطلًا باستعمال أهل الباطل له، بل يبقى حقًّا.
قال النووي في المجموع: (كلام ابن أبي هريرة هذا غلط، لا يعد من مذهبنا) اهـ.
وقال في الروضة: (وهذا غريب وغلط). اهـ.

وممن قال بهذا من جماهر علماء الأمة:
من الصحابة: الخلفاء الراشدون -أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين-، وعمار بن ياسر، وأُبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري، وعبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، وعبدالله بن عباس، وأبو هرير، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو حليمة معاذ بن الحارث الأنصاري، وخُفاف بن أِيماء بن رمضة، واهبان بن صيفي، وسهل بن سعد الساعدي، وعرفجة بن شريح الأشجعي، ومعاوية بن أبي سفيان، وعائشة الصديقة.
ومن المخضرمين: أبو رجاء العطاري، وسويد بن غفلة، وأبو عثمان الهندي، وأبو رافع الصائغ.
ومن التابعين: سعيد بن المسيب، والحسن بن أبي الحسن، ومحمد بن سيرين، وأبان بن عثمان، وقناةد، وطاوس، وعبيد بن عمير، والربيع ابن خيثم، وأيوب السختياني، وعبدة السلماني، وعروة بن الزبير، وزياد بن عثمان، وعبدالرحمن بن أبي ليلى، وعمر بن عبدالعزيز، وحميد الطويل.
ومن الأئمة والفقهاء: أبو إسحاق، وأبو بكر بن محمد، والحكم بن عتبة، وحماد، ومالك بن أنس، وأهل الحجاز، والشافعي وأصحابه، وعن الثوري روايتا، وغير هؤلاء خلق كثير.
وهو مذهب داود، والحسن بن صالح.

الصحيح المعتمد عند أصحابنا أنه يقول دعاء القنوت بعد أن يأتي بذكر الاعتدال الراتب، وهو: (سمع الله لمن حمده)، إلى قوله: (وما شئت من شيء بعد).

استدل الشافعية للقنوت في الفجر:
بما رواه الإمام أحمد، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي بأسانيد حسنة أو صحيحة، عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي ﷺ قنت شهرًا يدعو على قاتلي بئر معونة، ثم ترك، فأما في الصبح.. فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا).
وأصل الحديث في البخاري، ومسلم.
وقوله: (ثم ترك) أي: ترك لعنهم والدعاء عليهم، لا القنوت.
قال النووي في المجموع: وهذا الحديث صحيح، رواه جماعة من الحفاظ وصححوه.
وممن نص على صحته الحافظ أبو عبدالله محمد بن علي البلخي، والحاكم أبو عبدالله في مواضع من كتبه، والبيهقي.
قلت: وهذا كلام ابن الصلاح، ونقل النووي له يزيده قوة إذ أقره عليه.
وورد في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ كان يدعو ويقنت بهذه الكلمات في صلاة الصبح وصلاة الوتر، رواه الإمام محمد بن نصر المروزي.
قوله (بهذه الكلمات) أي: كلمات القنوت التي في قنوت سيدنا الحسن: (اللهم اهدني فيمن هديت.. إلخ).
وروى البيهقي والدارقطني عن أنس بن مالك قال: (قنت رسول الله ﷺ وأبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، وأحسبه قال: رابع حتى فارقهم) قال البيهقي: ورواه عبدالوارث بن سعيد، عن عمرو بن عبيد وقال: (في صلاة الغداة).
قال ولحديثيهما شواهد عن النبي ﷺ، ثم عن خلفائه رضي الله عنهم.
وروى البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صليت خلف رسول الل ﷺ فقنت، وخلف عمر.. فقنت، وخلف عثمان.. فقنت).
وروي البيهقي عن محمد بن علي أن أباه عليًّا كان يدهو بهذا الدعاء في صلاة الفجر في قنوته) ،وننقل هنا نقلا عن الإمام الزيلعي الحنفي في (نصب الراية) ونقله أيضًا الشيخ المباركفوري في شرحه على الترمذي عن الإمام الحازمي في كتابه (الاعتبار في الناسخ والمنسوخ) قال رحمه الله: (اختلف الناس في القنوت في صلاة الفجر؛ فذهب أكثر الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار إلى إثبات القنوت فممن روينا ذلك عنه من الصحابة -سبق ذكرهم في الأعلى لا نذكرهم منعًا للطول- فهؤلاء خمسة عشر صحابيًّا يقولون بمشروعة القنوت في الفجر كما عدهم الحازمي...
ولا شك أن هناك غيرهم كثير فقد أخرج الحاكم أبو أحمد في الكنى عن الحسن البصري قال: (صليت خلف ثمانية وعشرين بدريًّا كلهم يقنت في الركعة الثانية من الصبح بعد الركوع) وذكر الحازمي من المخضرمين أربعة -سبق ذكرهم أيضًا- ومن التابعين -وسبق ذكرهم أيضًا- ثم ذكر جماعة من الفقهاء).

من أراد زيادة بحث واستقصاء فعليه بكلام البيهقي في المعرفة، أو مطالعة رسالة شيخنا الشيخ محمد حسن هيتو الموسومة بـ(كشف الستر عن سنية القنوت في صلاة الفجر)، وكتاب (رفع الستر عن أدلة القنوت في الفجر).


وصلى الله على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين
قول الرسول ﷺ «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ، ثُمَّ خلقَ الذِّكْرِ؛ فَكَتَبَ فِيهِ كُلَّ شَيْءٍ»

ففيهِ تَفْصِيلُ مَا قَضَى بِهِ وَقَدَّر؛ وَعَلِمَ فِي أَزَلِهِ، وَأَرَادِ.
وَفِيمَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِثْبَاتُ حَدَثِ العَالَمِ، وَالعِلْمُ بِوُجُودِ الإِلَهِ بِلا جِهَةٍ وَلَا غَيْرِ وَلَا فَلَكٍ وَلَا نَفْسٍ.

وَفِي قَوْلِهِ : «وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ» تَنْبِيهُ عَلَى الصِّفَاتِ الْأَزَلِيَّةِ الَّتِي لَا يَصْلُحُ الخَلْقُ دُونَهَا، وَأَنَّهَا لَيْسَت بِأَغْيَارٍ لَهُ.

الإمام أبو القاسم الأنصاري [ت٥١٢هـ]
عَلامَةُ العُلَماء ...

سئل ابن المبارك :
هل للعُلَماءِ علامةٌ يُعْرَفُونَ بها ؟
قال :
«علامةُ العَالم مَنْ عَمِل بعلمِه ،
واستقلَّ كثيرَ العَمَل من نفسه ،
ورغبَ في علم غيرِه ،
وقبلَ الحقَّ من كلِّ مَنْ أتاهُ به ،
وأخذَ العلمَ حيثَ وجدَهُ ،
فهذه علامةُ العالِم وصفتُه» .

قال المروذيُّ :
فذكرتُ ذلك لأبي عبدِ الله
[أحمد بن حنبل] ،
فقال : «هَكَذَا هو» ..

«طبقات الحنابلة» (ج2/ص148) ..
HTML Embed Code:
2024/04/24 02:54:28
Back to Top