TG Telegram Group Link
Channel: #روايات_سودانيةة📚🔐
Back to Bottom
الحلقة الثالثة......
رواية حرب ابريل..
تأليف إيهاب الوسيلة..
مراجعة قبس الفاضل..


...... كغير العادة استيقظت مبكراً واندهشت بمدى روعة الفجر وشروق الشمس فيبدأ دوي الانفجارات وأصوات الرصاص وينقطع صوت الأذان فربما ابتلع المؤذن صوته من شدة الخوف أو سقطت قذيفة في مكبر الصوت ولكن على أي حال قليل من سيذهب للصلاة لأن آخر مرة بدأت الإشتباكات بين الطرفين أثناء صلاة الظهر وبالقرب من المسجد فأكمل  الإمام صلاته  لوحده أما البقية ظلوا ملتصقين بالأرض خوفاً من الرصاص ولا أدري ما المانع من الموت وانا بين يدي الله ولكن لا ألومهم إنها غريزة البقاء....
أول شيء فعلته وضعت ابريق الشاي علي النار وبدأت في طقوس النظافة الشخصية
ريثما يجهز الشاي ومن ثم علي إنتظار أمي لنتناوله سوياً فالشاي وحده لا طعم له ولكن مع أمي يتخذ طابعاً آخر وليس الشاي وحده فأمي إضافة لكل شيء بالمنزل ومع غيابها سيظل كل شيء ناقص!.
_ حمودي صباح الخير.
صباح النور يا أمي لكن عليك الله كلمة حمودي دي شينه في حقي انا بقيت كبير خلاص.!
_ اها خلاص سويت ليك دقينة ما أمس كنت بتحوم في الشارع إلا بالفنيلة هسي كبرت وداير تنسى ماضيك.
إن الشخص الوحيد القادر على تحمل كل تصرفاتنا وتقبل اعذارنا  مهما كانت الظروف والخوف علينا هي الأم لأننا لم نكبر في نظرها أبدا ولا زلنا صغار.
وضعت كوب الشاي فارغاً وأخذت شهيقا وزفيرا اطول من المعتاد وقلت لأمي : الليل انا وخطاب عندنا برنامج صغير كده وفيهو مجازفة ادعي لينا.
_ سجمي مجازفة شنو يا ولد؟
ما تخافي يا حاجه الموضوع بسيط بس دايرين نساعد ناس الحي وكده.
_ اعمل حسابك عليك الله يا ولدي عارفني هنا ما عندي زول غيرك وطالما قلت داير تساعد ناس الحي ما عندي مانع امشي ربنا يعدلها عليك.
إن شاء الله يا أمي.
برضا أمي سيسير كل شيء على النحو الصحيح وذهبت لخطاب لأطرح له فكرتي والفكرة هي أن نقوم بجولة لكل منازل الحي ونسألهم عن ماهية الاشياء التي يحتاجونها من أدوية ومستلزمات ضرورية ومن ثم نوفرها لهم لأن الحي محفوف بالمخاطر ويصعب الوصول إلى الصيدليات والمحلات التجارية وفور أن شرحت لخطاب ذلك وافق على الفور فأحياناً كل ما نحتاجه في هذه الحياة صديقا كخطاب إن أخبرته بأنك ذاهب للجحيم سيقول لك هيا بنا إلى الجحيم حتى وإن لم يكن يعلم ما سبب الذهاب إلى هناك...
الآن نعلم ما هو هدفنا ولكن تبقت معرفة الطريقة إلى هذا الهدف .
طيب يا خطاب نحن نجيب كراس ونحوم في الحله دي واصلا أغلبهم رحلوا بس نشوف الموجودين ونسجل احتياجاتهم ونتوكل نمشي نجيبها اها رأيك شنو؟
_ طيب لو لقينا ارتكازات الدعامه نقول ليهم شنو؟
والله ما عارف لكن ادعي انو يكونو كيوتين ما زي بتاعين الخلا.
_ ما حصل لاقاني دعامي كيوت لكن عندي فكرة نقوم نرسم في يدنا جملة "الدعامه ملائكة الديموقراطية" ولو زنقونا نوريها ليهم  ونعمل نفسنا مناصرين ليهم وبعدين الجملة دي فيها تعريض لأنو أي زول عارف الديموقراطية في اتجاه والدعامه في اتجاه تاني خالص.
انت يا خطاب زول موهوم ولا شنو هو في دعامي بعرف يقرأ؟
_ صاح والله كده لازم ندعي انو يصادفنا دعامي كيوت وبعرف يقرأ.!
طيب نشيل سبحة مع الدقن دي بقولو شيوخ ما بسألونا.
_ حيقولو انت اسلامي وكوز.!
طيب نلبس نظارة طبيه وبدلة.
_ حيقولو انت قحاتي!
طيب خلاص احسن ما نمشي!
_ حيجوك في البيت.
يا خطاب عليك الله خليك جادي وهسي قوم نمشي نلف البيوت دي وبعدين الباقي ربنا يسهلها.
_ طيب ارح نبدأ ببيت جارنا ده.
ذهبنا لكل منزل وطلبنا منهم تسجيل اسم ابيهم والأشياء التي يحتاجونها ووجدت الفكرة استحسانا كبيراً من أفراد الحي، منزل تلو الآخر حتى شارفنا على الانتهاء وتبقى آخر منزل لنذهب إليه...
_يا محمد باقي آخر بيت وانا بصراحة متحمس شديد للبيت ده ومن قبيل منتظر دورو!.
ليه فيهو شنو؟
_ حتعرف ثواني بس! اضرب الباب ده خليهم يفتحو.
قرعت الباب وكنت انظر للأسفل واعبث بالقلم وباغتنا احدهم بفتح الباب فرفعت رأسي لأرى فتاة حسناء في ثوب اسود يعكس نضارة بشرتها وتشعر كأن جسدها يكشر من اشعة الشمس لعدم اعتياده عليها، انا أعلم بأن الجميع هنا ينتظر ساعة النصر ولكن انا لن انتظرها بعد الآن لأن هذه الساعة التي رأيت فيها هذه الحسناء هي ساعة النصر خاصتي كما أنني لا أستطيع وصف جمالها بشيء سوى أن هذا الجمال ملائكي.
السلام عليكم، عايزين ابوك لو سمحتي!
_بابا مريض ونايم جوه عايزنو ضروري؟
الآن تأكدت بأن هذه الفتاة لا تخرج من منزلهم أبدا لأن في الخارج لا يستخدمون كلمة "بابا" بتاتا والا نعتوك بإدعاء البرجوازية والتصنع  هذا اذا لم ينفوك خارج الحي.
.. ربنا يكتب سلامته وفي الحقيقة نحن عايزين نعرف اذا محتاجين حاجه ممكن نوفرها ليكم.
_بصراحة جيتو في وقتكم.
هاك ده الكراس اكتبي اسمك الكامل واحتياجاتك.
بعد أن انتهت من تدوين احتياجاتها هممنا بالذهاب ولم يتفوه أحد بكلمة وكأننا نحاول أن نستوعب جمال هذه الفتاة فلم نرى مثلها قبل الحرب ناهيك أن نراها بعد كل هذا الخراب.
اسمها منو يا خطاب؟
_ احتمال دي اماني او إيمان ما متأكد لأنهم توأم!.
مستحيل بت بالجمال ده يكون في زيها تاني مستحيل.
_ شكلك قفلتا بكلو!
لا والله بتكلم من باب المجاملة ساي وبعدين نحن كبرنا على القصص دي، هسي افتح الكراس ده وشوف الناس دي كتبت شنو.
_ والله في ناس كاتبين ادوية وحاجات ضرورية لكن تعال شوف ناس عمك الصافي كاتبين باكو بامبرز وتياب هزاز او بولستر إنت الناس ديل قايلننا دلاليات ولا شنو!؟
ناس ما جادين نهائي!
_ عاين ديل كاتبين ورق برنسيس عايزين يشربو بنقو عديل والله ديل دايرين يغطسو حجرنا.
اشطب اشطب الله لا جاب باقيهم!
والآن تبقت المهمة الأصعب وهي مواجهة الجنجويد ومحاولة اقناعهم بأننا مدنيين ولسنا جنود ومخبرين كما يعتقدون فمحاولة اقناعهم اشبه بمحاولتهم اقناعنا بأنهم يسعون للديمقراطية كلانا مجبور لتصديق الآخر.
في طريقنا قابلنا صبي من فتية الحي اسمه عمر أصر على الذهاب برفقتنا رغم درايته بصعوبة الطريق ولكنه إدّعى الشجاعة لذا سمحنا له بمرافقتنا فقطعنا مسافة كيلومترا من الحي ووصلنا لطريق تظهر في نهايته ارتكاز للمرتزقة ولا طريق غيره لوجهتنا فقررنا أن ندخل المنازل ونتسلق الجدران التي تفصل بين كل منزل حتى نتفادى ارتكاز المرتزقة فتسلقنا الجدار الأول وهبطنا في المنزل ثم الثاني وهبطنا في المنزل المقابل له فكانت كل المنازل خاوية ولم نواجه صعوبات الا مع الأسلاك الشائكة وتبقت لنا ثلاثة منازل ومن ثم نبلغ وجهتنا فتسلقنا الجدار وهبطنا ثلاثتنا في ذات الوقت وعندما رفعنا رؤوسنا وجدنا جيش من المرتزقة يعدون وجبة الغداء في فناء المنزل فصاح احدهم "حبابكم ألف يا كلاب، تعالوا تعالوا"
الحلقة الرابعة....
رواية حرب ابريل
تأليف إيهاب الوسيلة
مراجعة قبس الفاضل....


حسناً نحن في موقف لا يُحسد عليه كموقف ذلك السجين الذي حُكم عليه بالمؤبد فقرر الهرب بحفر نفق لمدة سنوات وانتهى به الحفر في غرفة مدير السجن، أخذنا بالاقتراب منهم كما أمرونا فكنا نسمع صوت خطواتنا ونبضات قلوبنا في نفس الوقت وفور أن وصلنا لهم صرخ احدهم " اقعد تحت كلك" في الحقيقة لم يستجب أحد منا فعندما يسيطر عليك الخوف تتعطل كل الحواس فإقترب نفس الشخص من عمر وصفعه صفعة تهاوت به نحو الأرض ولكن قبل أن يسقط وجدنا جالسين حتى انا لا أدري كيف حصل ذلك وفجأة بدأ عمر بالصراخ والتمتمة بكلمات لم يفهمها أحد فربما قد كُسِر فكه أو ابتلع لسانه، فطلب نفس الشخص مني القيام وفور وقوفي على أقدامي صفعني بيده أو بذيل تمساح لا أعلم ولكن رأيت شعر لحيتي يتساقط من هول الضربة الآن علمت لماذا كان عمر يتمتم ويتلعثم قبل قليل فجاء دور خطاب وذاق نفس الألم، لا أدري كيف أصف لكم قوة الضربة ولكن دمعي سال من الجهة التي ضُربت فيها فقط دون الأخرى.
صاح أحد المرتزقة مهاتفاً الشخص الذي ضربنا " شنو يا زولي الليلة عشان مرتك ما دايرة ترد ليك تقوم تتفشى في الناس وديهم لجنابو يتصرف معاهم" كل هذا الضرب لأن حبيبته لا ترد على مكالماته؟ الحمدلله أنها لم تهجره وإلا احتسبنا أنفسنا شهداء، فأخذ يركل فينا كالبهائم لنسير نحو قائده وعندما اوصلنا له وجدنا طفل في سن المراهقة يدخن سيجارة بهدوء وعلى كتفه رتبة عليها نجوم لقد تفائلنا عسى أن نجد الرحمة بداخل هذا الطفل البريء فهمس لي خطاب بأذني قائلاً "لو عارفين ده قائدهم كان جبنا معانا حلاوة مصاصة" فقلت له: عندي مقاطع لطيور الجنة كنت منزلهم لشفع جيرانا رأيك شنو نحضرو مقطع " لم نستطع كلانا منع أنفسنا من الضحك وكل هذا تحت أنظار الصبي وهو يدخن سيجارته فتلفظ بجملة جعلتنا نبتلع لعابنا حيث قال" امشي جيب سوط العنج من العربية يا الكلس" يبدو بأنه سمع حديثنا وهذا لا يُبشر بخير، لقد طرحونا أرضاً وبدأ بجلدنا واحد تلو الآخر وعلا نحيب عمر أرجاء الحي بينما نتزحزح انا وخطاب وكأننا نسبح، اختلفت ردات الفعل بينما الألم واحد فأنضم المزيد من المرتزقة لحفلة "الجعليين " هذه فأشتد صراخ عمر وأخذ يصرخ" وااااي الحقوناااااااو" لم نستطيع الصراخ كعمر لأن لحيتنا تمنعنا من هذا اللفظ المشين فأخذنا نردد وراء عمر كلما قال " وااااي ما بنجي تاني" اردفنا نحن " زايد واااااااحد" لقد تعرضنا لأقسى انواع التنكيل والتعذيب فبعد حفلة الجلد طلب منا قائدهم الغناء وأي غناء؟ غناء طيور الجنة التي سخرنا بها منه قبل قليل، لا أستطيع كتابة الاغنية نصاً ولكن عنوانها كان " ماما جابت بيبي".
نحن لم نكن مصدر تهديد لهم ولكنهم أرادوا التسلية فحسب ولا أخفي عليكم بكائي تلك اللحظة، ليس بسبب الجلد أو الغناء وإهانتي ولكن بكيت على الوطن، ماذا لو  استولى هؤلاء المرتزقة الحكم، فكم منا سيهاجر وكم منا سيعاني، سنعاني لأن الجهل سيتربع على كرسي السلطة فيفقد وطني عزته وهيبته.
بعد أن تعبوا من الجلد بدأوا باستجاوبنا من نحن ومن أين أتينا فشرعت بأخبارهم وفي البداية لم يقتنع أحد فتدخل خطاب وقال " نحن بندعم قوات الدعم السريع حتى انا كاتب جملة ليكم في يدي" ففتح خطاب ذراعه بكل برائة ليريهم جملة " الدعامة ملائكة الديموقراطية" ظناً منه بأن هذا سينجينا ولكن فعله هذا أتى بردود عكسية فصاح أحدهم " ايواا بس انتو ناس المدنية زاتكم عاملين لي وشوم وحركات والله وقعتو لكن " لقد ازداد الأمر سوء لأن هذا المرتزقة ليس" كيوت" ولا يجيد القراءة وعلاوة على ذلك لديه مشكلة مع الديموقراطية فأحضر ملابس جميع المرتزقة وأمرنا بغسلها كلها، كل مرة نخسر جزء من كرامتنا لقد مسحوا بها الأرض ولكن ليس باليد حيلة فجلسنا نغسل هذه الملابس الرثة والنتنة وبينما نحن كذلك أتى قائدهم ليشمت فدار بيني وبينه حوار لن تنساه ذاكرتي..!
_ أول مرة اشوف لي رجال يعملو فيهم كده من غير يقاومو انتو ما سودانيين ولا شنو؟ ما عندكم نخوة ولا كرامة؟.
نحن لما قررنا نطلع من الحي ما وضعنا إعتبار لروحنا فما بالك لكرامتنا والرجولة ما بمقياس الكرامة ولا الشجاعة لا الرجولة دي معنى بتعرفو انت في جواك.
_ إنتو طالعين تساعدو الناس بس نفس الناس دي لو عذبناكم قدامهم ما بساعدوكم ده المنطق كده؟.
الراجل لما بعمل حاجة ما بنتظر مساعدة من زول ويمكن تعذبني قدامهم وتعمل أي حاجه بس ما حتقدر تشيل نظرات الإحترام الهم شايفني بيها وده الفرق بيني وبينك انت زول بتثبت رجولتك بالسلاح وانا بثبت رجولتي بإحترام الناس لي، فسلاحك في يدك لكن احترامي موجود عند أي زول.
_ تم غسيلك ده عشان ما اغسلك بالسلاح.
انصرف قائدهم في غضب وأتى مرتزقة آخر ولكن يبدو بأنه يشبهنا تستطيع أن ترى الرحمة في وجهه وكأنه مغصوب على هذه الحرب ولم يخيب توقعاتي فقال لنا بهمس خشية أن لا يسمعه أحد " يا شباب بعتذر نيابة عن الجماعة ديل وزي ما انتو عارفين الناس دي ما عندها رحمة فهسي انا اتكلمت مع القائد ما يشيل قروشكم وتلفوناتكم بس حاولو ما تكررو شغلتكم دي لانو ده خطر عليكم وربنا يوفقكم قومو امشوا".
ابتسمنا للرجل وقدرنا موقفه والتفتنا نحو عمر لنخبره بالرحيل فوجدناه ممدد لا يستطيع المشي فقررنا أن نحمله انا وخطاب، فكلما حاولنا أن نمسكه لنرفعه اشتد صراخه مشيراً لنا بأنه مصاب هنا فالمسكين جُلد في كل مكان فتحامل على نفسه ورفعناه معنا وواصلنا رحلتنا نحو السوق وكانت الساعة تشير للثالثة صباحاً وفور أن ابتعدنا من المرتزقة وجدنا مكان لنستريح فيه حتى تطلع الشمس فقلت لهم " شباب الحصل هنا يموت هنا ما دايرين فضايح واحتمال تاني ما يخلونا نخاطر نجي لو سألونا نقول ليهم ضربونا بس وفكونا ظابط؟" ٠
لقد كُبر خطاب وعمر في عيني بعد أن ظن هؤلاء أنهم استصغرونا لأننا ناضلنا من أجل الآخرين ولم نكن مثلهم حفنة من الأوغاد يقاتلون من أجل مصلحتهم ومن أجل شعورهم بالدونية ولهذا قد يحترم الشعب راقصة في ملهى ليلي لأنه قد يكون وراء مهنتها دوافع سامية ولكن لن يحترم مرتزقة مدجج بالاسلحة لأن الكل يعلم بأن لديه دوافع باطلة.
هسي بعد ده كله ارجع البيت أكل عدس عادي؟.
خطاب: بديت أشك إنو خالتي دي ما بتعرف تطبخ غيرو!.
لو لقيتها عامله عدس بجي راجع للدعامة احسن والله.
عمر : بالمناسبة انا لما قلت وااي وكوركتا ما كنتا واعي استروني مع شباب الحي بالله.
لالا ما تخاف وبعدين حميدتي ما كضب لما قال التحية للمرأة سواءً كانت ذكر او أنثى ف الليلة طلعنا الاثنى الجوانا كلنا م براك.
خطاب: قوموا ارحكم نشتري الحاجات في ناس عندها معانا تياب وبامبرز  وهسي الشافع بكون وسخ ف ملابسه.
حسك الفكاهي ده المطلع زيتنا قوم تقوم قيامتك!
الحلقة الخامسة....
قبل الحرب عندما تتم سرقة منزلك ستذهب لقسم الشرطة لإبلاغهم ونادر ما تسترد مسروقاتك ولكن الآن عندما تتم سرقتك تقوم بالذهاب إلى السوق وتشتري نفس أشيائك التي سرقوها وأحياناً توفر عناء الترحيل وتدفع لهم قبل أن يسرقوها وانتشرت هذه الأسواق فيما يسمى بـ "سوق دقلو" حيث يوجد به كل المقتنيات المسروقة بسعر زهيد واقترح بأن يسموه سوق التأمين لأن كل الأشياء تُباع بربع قيمتها ولولا الضرورة لما اشترينا منه أبدا!....
اخذنا جولة بالسوق نشتري كل الأشياء التي سجلناها فكل الباعه هنا باسلحتهم حتى من يبيع المصاحف والكتب الدينية.
قال خطاب في صوت خافت: محمد عاين ده سرق الحله بملاحها وجاي يبيعها!
الحله براها؟ شوف الدولاب داك بملابسو والله وبعدين ده خضرجي ولا جزار ولا بتاع عدة؟ عندو أي صنف في بالك.
يا حاج البامبرز ده بكم؟
رد علينا البائع : ما بنختلف جيب ألف شيل الباكت ده وهاك ديل تلاته لكن بدون أكياس.
_ طيب جيب التلاته ديل عندنا كيس.
خطاب: مالهم مكرفسات كده.
عمر : انا شامي ريحة.
والله انا زاتي شاكي دقيقة افتحهم..... اعععع ديل بي خر**اهم.
يا حاج خاف الله البامبرز ده مستعمل!
اردف البائع بثقة : غسلهم بس بتلبسو كم مرة ولو م عجبك خليهم.
إن العشوائية تطغى على هذا السوق فهذا ما سيحدث عندما يستولى مجموعة من الجهلة بزمام الأمور، صالون حلاقة بالقرب من بائع الاطعمة المكشوفة وبائع المواد البترولية بالقرب من طاجن السمك الملتهب حتماً سيموت هؤلاء الأوغاد قريباً فكل شيء ٍ عشوائي.
اخذنا ما نحتاجه وغادرنا المكان لأنه أصبح خطراً فأحدهم قتل شخص آخر لأنه غمز لبائعة الشاي بوقاحة أو ربما رمشت عيناه سهوا فالقتل هنا بسبب تافه او بدون سبب، كانت الأكياس ثقيلة اقتسمناها ثلاثتنا ووصلنا لطريق الارتكاز مرة ثانية لأنه لا يوجد طريق غيره مما يعني بأننا قد نُعذب مجدداً وهذه المرة قررنا بالذهاب إليهم مباشرة.
عمر : Ah shit here we go again!.
ما تخافوا يا شباب ان شاء الله ما بسألونا تاني لانو كده بتأكدو انو كلامنا صاح وما كذابين.
اقتربنا منهم فصاح أحدهم لقائدهم : يا جنابو ديل جماعتك الأمس تاني جو!.
ليرد قائدهم : شايلين معاهم حاجات ولا ساي؟
_شايلين اي اخليهم يمشوا؟
فرد القائد : تخليهم يمشوا شنو انت بليد؟ قول ليهم الملابس دي نشفت تعالو المكوه جاهزه.!
همس خطاب بغضب: ينعل.... نحن خدامين ابوك!.
كنت أتوقع حدوث هذا لذا لم اندهش فقلت لخطاب: تفتكر اشتريت علبه البوهية دي لشنو؟
ابتسم خطاب وكأنه فهم ما كنت  اعنيه فتحمس للفكرة وقال لهم : طوالي يا شباب نخدمكم م مشكله بس الا نكويهم جوا عشان الهوا وكده.
فوافقوا على الفور وذهبنا نضع الطلاء في كل الملابس ومن ثم نكويها من الخارج وبعد أن انتهينا اخبرناهم بذلك وسمحوا لنا بالذهاب فرحلنا بسرعة قبل أن يفكر أحدهم بالاستحمام ويكتشف بأن جميع الملابس مطليه بلون اسود ومشوهة.
دائماً ما تأتينا الفرصة لنثأر ولنرد الصاع صاعين فقط علينا إنتظار اللحظة المثالية، لقد كان ثأرنا مقابل ما فعلوه بنا ثأر لطيف ولكنها كانت فرصة ولا يتوجب علينا تضييعها.
أمي واسرة خطاب وحوالي عشرة أشخاص كانوا بإنتظارنا تحت شجرة عند مدخل الحي فقد أخبرتهم مسبقاً بأن الأمر سيكلفنا يوماً فقط ذهاباً وإياباً، الكثير من نظرات الإحترام والحب كانوا حاضرين في استقبالنا وبالطبع قلق أمي وتوترها الدائم أيضاً.
باشرنا بتوزيع كل المستلزمات لأصحابها وتبقى منها القليل ولكن خطاب شعر بالتعب وقال بأنه لن يستطيع أن يكمل..
خطاب شد حيلك معاي ياخ باقي اربعه بيوت بس ودي كلها بنات ما ظريفه نخليهم يجو يستلموها!.
_ والله ما قادر انا ضهري انهرد بالجلد وحاسي بحمى خلي نتمها بكره.
لالا ما ينفع بكره لانو في ادوية الأنسولين دي ما بتتحمل الحراره وبكونو محتاجين ليها لكن ما حنك ح امشي براي.
انا أيضاً متعب ولكن أشعر بطاقة تدفعني لإكمال ما تبقى وربما هذه الطاقة منبعثة من فضولي لرؤية تلك الفتاة مجدداً، وها أنا عند بابها وكم أرغب بأن تفتح لي الباب مجددًا لأشبع من تفاصيلها ولكن هذا لم يحدث فقد استقبلني شقيقها الأصغر عمره حوالي عشر سنوات فتملكني الإحباط وناولته ما كانوا يحتاجونه وشعرت بخيبة لم أشعر بها من قبل فأدبرت مبتعداً عن منزلهم فصاح الصبي.. : ابوي قال ليك تعال عايزك!.
تذكرت بأن أبيهم مريض ولا يقوى على الحركة فربما يحتاج ادوية أخرى، دخلت المنزل فوجدته مفعم بالحياة والورود ونباتات الزينة في كل ركن فيه إنه المنزل المثالي لعزلتك بكل تأكيد وأخذت أتلفت كسائق " الركشة"  بحثاً عن شيءٍ ما ريما أبحث عن اميرة الورود بهذا البيت، طلب مني الصبي بأن أدخل لغرفة ابيه فوجدته ممدد فحييتها بتحية حارة لأن هذا ليس بمجرد أب إنه أب لأميرة الورود تلك..
_ اتفضل يا ولدي والله ما عارف اشكركم كيف جيتو في وقت مناسب لأني كنت محتاج لعلاجات السكري دي وكمان ظهرت لي ملاريا بس بتي ما شاء الله ممرضة كتبت ليك الأدوية المطلوبة.
رينا يكتب سلامتك يا حاج ودي أقل حاجة ممكن نقدمها.
_ ربنا يوفقكم وبالمناسبة بتي إيمان زي ما قلت ليك ممرضة لو احتجتوا ليها واختها التوأم اسمها اماني بتدرس طب اسنان.
ربنا يحفظهم ليك يا حاج وان شاء الله بنجيكم تاني.
لم اطيل البقاء كثيرا فإستئنذته بالرحيل وبينما انا خارج من غرفته وجدت إيمان وفي يدها كوب من العصير لا أتذكر حتى لونه لأنني لم أركز معه ويبدو أنها كانت ستقدمه لي كضيافة ولكنها قدمت لي شيئاً أحلى من العصير "إبتسامتها" لقد ابتسمت وكأنها تعرفني من سنين فطلبت مني البقاء ولكني أصريت على الرحيل ولكنها كانت عنيدة ولمحت جرحاً على ذراعي سببه السوط..
_ طيب اقعد انضف ليك جرح يدك دي وامشي.
ااااا جرح صغير ما بحتاج...!
_ ما باخد من زمنك كتير وعلى الاقل نكون ردينا ليك جزو من جميلك معانا!.
أي جميلٍ ستردينه لي وأنت بحد ذاتك كل الجمال، إذن تعالي معي وقتها سأسترد الجميل الذي قدمته لكم، لقد طاب جرحي فور أن لمسته فليس كل داء علاجه يباع ويُشترى فربما الدواء عناق، نظرة، لمسه، او حتى لقاء إن الروح تلتئم بهذه الأشياء.
خرجت من منزلهم والبهجة تغمرني فتفاجأت بخطاب يقف خارج المنزل...
خطاب؟ واقف هنا مالك؟.
_ والله داير انوم فجأة اتذكرت بيت التومات وعرفتهم حيقولو ليك اتفضل وانت ذاتك دني طوالي خشيت قلت أجي اتدارك الموقف.
يا زول دني ااي ما براك قلت ما جاي، بالمناسبة أنت بتحب ياتو واحده يعني العاجباك ايمان ولا أماني؟
_ والله خلاص اعزل واحده وخلي واحده انا ما متشدد في الموضوع.
خطاب ديل بنات ناس ما بهايم ابوك وماف ليك ولا واحده اعتبرني مسؤول منهم.
_ ااها من هسي داير تبيع صحبك يا معفن.
خطاب عليك الله ما تبقى لي انت والعدس واقفين لي في حلقي اختاني ما ناقصك.
الحلقة السادسة..
رواية حرب ابريل...


...... السعادة دائماً نجدها في العطاء وليس في انتظار العطاء ، بعطائك للغير ستشعر بإنسانيتك لهذا أشعر براحة لم اتذوقها من قبل وبدأت الرغبة في تزايد وادمان لهذا الشعور حتى أمي لم تعد تنظر لي كطفل مدلل بل رأت رجل يحاول تحمل مسؤولية لا تخصه، لذلك معنى أن تحمل مسؤوليتك فبالتأكيد أنت عظيم ولكن أن تحمل مسؤولية من هم حولك فأنت نبيل...
_يا محمد الليلة عايز تاكل شنو؟
الليلة وين حمودي؟ وبعدين ياتو يوم سألتيني عايز تاكل شنو ما ياهو عدسك ده هردتي بيهو حشاي! أمي انت كويسه؟
_ والله رفعتا راسي مع نسوان الحلة جوني بالجبنه واتبوبرت زين وبقيت زي ام خطاب كانت سيرتها كلها الدكتور عمل الدكتور فعل.
هسي انا امشي اتجلد واتهان عشان انت تتبوبري؟ لكن كله في فداك يا ام محمد.
_ محمد في صوت طيران وشكلو قريب ربنا يستر.
طيب ثواني اتأكد..
كانت هناك طائرتان تحلقان في الجو بينما يمطر عليها المرتزقة وابل من الرصاص عسى أن تسقط فتتساقط القذائف بشكل عشوائي وهذه المرة بصورة أعنف وأقرب من سابقتها فتسارعت دقات قلبي وتوجهت صوب أمي كي أخبرها بأن تتخذ الساتر وفجأة قذيفة سقطت في الغرفة المجاورة لغرفة أمي وكان الانفجار ضخم ولوهلة وجدت نفسي طريح في الأرض والغبار يملأ المكان فإستيقظت وانا أسعل وكأني لا استوعب ما يحدث ولكن تذكرت شيئاً واحداً وهو أن أمي بالداخل!...
لا حولا ولا قوه الا بالله يا امي... أمي... أمي.. أصرخ بصورة هستيرية واركض بطريقة يفزع منها الغبار، في كل خطوة أشعر بأن لا شيء له قيمة من دون أمي كل شيء سيتحول إلى كارثة وكأنني اخاطب الله بحالي وماذا سيحصل لي في غيابها حتى لا يأخذها مني... وجدتها ممدة على الأرض لا تتحرك ورفعت رأسها لأضعه بين قدمي لأن الأرض لا تليق بها وأخذت أصرخ.. نادو الدكتور.. نادو الدكتور أصرخ من دون وعي مني واعلم بأن لا أحد يسمعني ولكنني لا استطيع مفارقتها إنها بحاجه إلى... أمي انا هنا البيوجعك شنو أمي ما تخليني والله ما لي غيرك...
أبكي بحرقة واتلعثم بكلمات لا أعلم معناها حقاً فسمعت صوت أقدام أهل الحي يتدافعون ورفعت رأسي لأجد اولهم خطاب فتبسمت والدموع تغطي وجهي..
خطاب أنت دكتور تعال شوف أمي مالا.. خطاب هي كويسه صاح بس نايمه ساي هي جنها نوم..
_ محمد استهدى بالله ان شاء الله ح تكون كويسه هسي ارفعها معاي السرير.
يا زول أمي كويسه هسي بتقوم براها.. أمي اصحي.
صفعني خطاب بعنف عسى ولعل أن يهدأ روعي وصرخ بوجهي
_ يا محمد أمنا حتكون كويسه انت هسي روق وخلي ايمانك قوي.
تحسس خطاب نبض أمي وأشار لي بأنه ضعيف قليلاً ولا يوجد أثر لضربات أو نزيف وتوقع بأنه إنخفاض مفاجئ للضغط..
شيئاً فشيئا ازدادت الحشود أمام منزلنا ودخلت إيمان الممرضة وبيدها علبة إسعافات أولية مخاطبتاً خطاب " ده درب جلكوز حينفعها لو ما اتحسنت نحاول نوديها المستشفى" ثم نظرت لي وأردفت " عندها سكري ولا ضغط او أي مرض مزمن؟" فأومأت برأسي : أي عندها سكري وضغط بس أخدت علاجها قبيل.
بعد نصف ساعة استعادت أمي وعيها فعانقتها عناقا حارا " أمي انت كويسه الحمد لله ألف حمد وشكر خوفتيني عليك "
_ انا كويسه يا ولدي ما تخاف علي.
نظرت لخطاب وإيمان وانا امسح دموعي" انا ما عارف اشكركم كيف انا مدين ليكم بحياتي ومن غيركم ما كنت ح اعرف اعمل شنو!.
إيمان : لا شكر شنو ده الواجب والحمدلله على سلامة خالتو إحسان ده الأهم.
أخذت أمي تتفحص ايمان بطريقتها المعتادة تنظر ليديها للتتأكد من وجود خاتم او عدمه فقاطعت نظراتها" أمي لا ده ما وقته نهائي ولا تفكري".
طلبت من خطاب أن يبقى مع أمي حتى أوصل ايمان لمنزلها..
في الواقع كنت أريد شكرها مجدداً بينما نتمشى صوب منزلها
عارف لو شكرتك مرة واتنين ما بوفي حقك بس مع ذلك شكراً.
_ أنت برضو عملت زي يا محمد لما جبتا أدوية السكري لأبوي كده واحده بواحده.
طيب كده تعادل ما مشكله.
_ صحي انت ليه قلت لأمك" لا وده ما وقته" من غير ما هي تتكلم.
أمي حافظها كويس كانت بتفتش لو عندك دبلة خطوبه أو أثر حنة في يدك عشان تقول ليك نخطبك لولدي.
_ أمك دي عسل شديد حبيتها والله..
حبيتيها شنو آخر مرة مشت سمايه وجات قالت لي حجزت ليك بت.
_ أي والمشكلة وين؟
المشكلة انو دي سماية البت الحجزتها لي يعني عمرها سبعه يوم قالت عشان شعرها طويل وعيونها سمحات.
_ والله ضحكتني انا حبيتها اكتر وشكلي يومي حا ازورها.
عندي سؤال، انتو ليه ما رحلتو للآن؟
_ لسه منتظرين ابوي يتعافى وناخد رأيه،ااها وانتو؟
والله نحن ما عايزين نسيب بيتنا.
_ محمد انت لسه بتحب السودان؟ لأنو بحس فيك وطنية رهيبه.
والله بحبه شديد ويمكن أكتر من اول.
_طيب لو جاك عقد عمل وراتب كبير في دول الخليج بتمشي؟
بمشي ااي
_والسودان؟
حيفضل جواي طبعاً،فالنهاية انا ما بيدي سلام عشان اوقف الحرب بس وين ما مشيت حاكون فخور اني سوداني واكيد السودان عايز لي الخير يعني فما اظن عندو مانع.
أينما كنت الآن فبالتأكيد أنت تحمل في داخلك ذكرى لمكان ضحكت فيه أو تربيت فيه وتشعر بإشتياقك الشديد له فهذا ليس بمجرد مكان كما نعتقد إنه الموطن، الموطن الخاص بك ستظل لاجئ ما دمت بعيد عنه حتى لو كان هذا البعد مسافته بضع كيلومترات!.. فلا شيء يستهلك الروح كما يفعل الحنين إلى الديار!.
الحلقة السادسة...
تمنيت لو أن المسافة التي بين منزلنا ومنزل إيمان أطول من نهر النيل، فكل المواضيع شيقة في حضرة من نحب حتى الصمت يتحول لإستراحة لطيفة من أجل إستيعاب هذا الكم من المتعة.
ايمان وصلنا بيتكم خلاص وعايز اشكرك للمرة للاخيرة على مساعدتك.!
_ ولو العفو بس خلي بالك من نفسك ومن الوالده بليييز يعني.
طيب ح نتلاقى تاني ؟ يعني المرة الجاية ما بنتلاقى الا لو انضربت او انجرحت صاح...
_ ليه بعد الشر عنك اكيد ح نتلاقى في اوقات خير وكتير كمان لأنو الونسة معاك لطيفة شديد.
طيب لو كده ح اخلي بالي من نفسي عشان خاطر المواعيد الجاية.
إنتهى مشوارنا بإبتسامة منها كأنها تخبرني بأن النهايات سعيدة في أغلب الأحيان، ما يجعل إبتسامتها مميزه هو أن أسنانها الجانبية مترادفة تبدو وكأن كل واحده تعانق الأخرى وهي تحاول التستر عليهم بتجنبها للابتسام وإن فشلت وابتسمت تتسارع بوضع يدها على فاهها، لقد أحببتها حقاً "الابتسامة".
أمشي على مهل في طريقي للعودة اتأمل حديثنا وأبتسم وفي الطريق صادفني كهلاً يبدو في العقد السادس من عمره ناداني بأسمي فالكل بات يعلم هويتي وأصبحت معروفاً لدى سكان الحي لذا لم أستغرب فإقتربت منه لأعلم ماذا يريد...
أهلا يا حاج كيفك.؟
_والله كويس الحمد لله يا ولدي إنت مش ود الطريفي.؟
أي انا محمد ود الطريفي اتفضل..
_ يا ولدي عليك الله عندي جاري رحل وبيتو فاضي وهسي سامع صوت حرامية جوه بسرقوا لو بتقدر تكلم شباب الحي ديل ونمشي عليهم.
كانت الساعة تُشير إلى الثامنة مساءً فوافقت لطلب العجوز وذهبنا إلى المنزل أول لنبلغ خطاب...
يا خطاب اطلع وجيب معاك عكاز.!
_ طالعين غزوة ولا شنو؟
اطلع في فزعة...
_ يا محمد لو ماشين للدعامة  خلي نشيل صابون احسن عشان انت عارف وانا عارف.
لالا ديل حرامية ساي بيجاي قريب.
_ حبابهم والله دقيقة عندي ساطور اجيبو.
لطالما أعجبتني جاهزية خطاب لم يخذلني بل كان دائماً عند حسن ظني به ولا اسمع منه كلمة "لا" بتاتاً، إن شخصاً كخطاب يغنيك عن ألف صديق.
توجهنا بمعية العجوز وهو يرشدنا نحو المنزل ولحسن الحظ بأن هناك فوج من الشباب خارج من المسجد بعد أدائهم لفريضة العشاء وسرعان ما زاد عددنا من ثلاثة إلى عشرة ثم إلى عشرون شخص البعض منهم يحمل الطوب الملقي على الشارع أو فرع من شجرة "النيم"  وكأنها غزوة حقيقة وكنت أنا في مقدمتهم كالقائد وخلفي جيش غاضب ومتمرد.
وصلنا المنزل فتقدم العجوز ليطرق الباب!
يا حاج ديل حرامية شنو بتدق ليهم الباب؟ وبعدين لو فتحو الباب زاتو ح يجرو لأنو نحن كتار احسن نباغتهم جوه.
أثناء توبيخي للعجوز وحديثي المهول بثقة قائد بجيشه خرج إلينا ثلاثة رجال ملابسهم عادية ولكن لا يحملون أسلحة عادية مثلنا فأخف سلاح يحملونه رشاش وآخر يلبس حزام مملوء بالتمائم والذخيرة والقنابل اليدوية..
َوقف الثلاثة رجال بثقة وقال أحدهم "خير يا شباب في شنو؟
نظرت لخطاب وكأن عيناه تقول لي" يا ريت لو الغسيل بحلنا الليلة " وقتها علمت بأننا في مأزق حقاً فنظرت خلفي لأتفحص ثبات جيشي ولكن لم أجد فيهم أحد ولم يتبقى إلا ثلاثتنا انا وخطاب والعجوز والذي أشك بأنه لو كان يملك طاقة لهرب أيضاً ولكن الحمدلله لله بأن مناعته للجري قد خانته..
إذن نحن ثلاثة ضد ثلاثة هم يحملون اسلحة ونحن لا، فكان خطاب يحمل عوداً خشبيا ولكن يبدو بأنه رماه..
حسنا لا سلاح لنا غير لساننا وقد حان وقت التطبيل..
والله يا جنابو ماف حاجه افتكرنا في حرامية وعايزين يسرقو فجينا نمنعهم..
_ أي نحن زاتنا حرامية ودايرين نسرق اها داير تسوي شنو؟
لالا والله العفو نحن زاتنا فداكم وفدا للديموقراطية في النهاية انتو بتحاربو من أجل الشعب يعني فأكيد البيت ده ما يغلى عليكم.
صاح خطاب معززاً كلامي: والله لو نحن العجوز ده كلمنا وقال لينا في دعامة كان جيناكم بالعشا والشاي نتعشى ونرجع وبعدين الدنيا دي فيها شنو.
_ هوي انا ما داير معاكم كلام كتير اتشايلو من هنا عشان ما افضي فيكم السلاح ده!.
طوالي يا جنابو... ارح يا خطاب وانت يا حاج امشي بيتكم الله يرضى عليك في عمرك ده مالك ومال بيوت الناس..
هناك مقولة شائعة تنص بأنه لا يمكنك التفاوض ووجهك بين فكيّ النمر، نعم وضعنا أنفسنا في نفس الموقف ولكن كانت هناك فرصة للتطبيل فالمرء أحياناً يحتاج ليسمع الناس تحدثه بالأشياء التي تنقصه أو التي يحتاج أن يسمعها حتى لو كان يعلم بأنهم يكذبون أو مجبورون.
المرتزقة ليست لديهم قضية تارة تجدهم يقولون هدفهم القضاء على النظام البائد وتارة أخرى يقاتلون من أجل الديمقراطية وفي الحقيقة كلها أهداف واهية فكل منهم يتهرب من فقره على حساب الآخرين.
_ انت يا محمد الا تجيني بمصيبه مستحيل تجي؟
والله ما قدرت اقول لا للعجوز ده اسوي شنو!.
_ دي الرشاقة القتلت اشراقه لكن غلطان انا البطلع ساي.
صحي أنت مالك ما جريت معاهم؟ استمتعت منك والله.
_ والله كنت داير أجري لكن فجأة حسيت كرعيني نملو وبقو تقال والمشي غلبني بعد شفتا الذخيرة دي.
واطي وانا قلت صحبي وراي ما بخذلني وأنت كنت ناوي تعملها اخخخ من غدر الصحاب!.
_ غدر الصحاب؟ تاني تعال دق الباب ده يا معفن.
خلاص خلاص بهظر والله.
_ قال غدر الصحاب وهو غنج بالبنات براهو واحد واطي خلاص.
ما غنجتا والله وبالمناسبة إيمان قالت لي انا واختي يوم جبتو لينا الحاجات ونستنا كانت كلها عنكم انتو الاتنين.
_ احلف! ما قلت ليها خطاب دكتور؟ اقصد بقرا طب.
والله ده جنون العظمة زاتو، دكتور شنو انت فطرت.؟ لكن ما تخاف عليت اسكورك.
_ زولي والله عارفك اخو ما رخو.
يرخي عنقرتك انا ماش لأمي بتكون قلقت علي.
رواية حرب أبريل..
الحلقة الثامنة...
ليتني املك تعويذة لإبطال لعنة الحرب هذه، لأنني إن لم أمت بالرصاص بالتأكيد سأموت من فرط الحنين إلى حياتي العادية، لن أتذمر بخصوص سلوك الحرس الجامعي أو كثرة المحاضرات، حسناً لا أضمن نفسي ربما سأفعل ذلك ولكن أقسم بأنني سأحاول، فقط لترجع الحياة العادية مجددًا، ولكن يا ترى ماذا يفعل "دحيح" دفعتنا؟ خاصة وأنه يتغذى بإلتهام الكتب والمراجع، إنه يستمتع برؤية حفنة من الأغبياء حوله لا يملكون ربع معلوماته، آه ليتني مرتزقة لأذهب إلى جامعتنا واحضر معي ذلك "الدحيح" وأحرق كل الكتب أمامه واستمتع برؤيتة يصرخ من العذاب، ثم أحضر كتاباً وأقول له: هل تريد هذا؟ ويومئ برأسة كمن يموت عطشاً وبيدي قارورة مياه ثم ألقي بالكتاب في النار في مشهد سريالي تاريخي انتقمت به عن كل المضطهدين أمثالي.
سمعت صوت خطاب ينادي بالخارج وعندما يأتي خطاب ويقوم بالصياح بأسمي عوضاً عن قرع الباب إعلم بأن القادم ليس خير!
مالك يا خطاب فشنو بتكورك؟
_ في ناس نهب دخلو الحلة بمواتر ومسلحين.
انت يا خطاب شايف بيتنا مكتوب فيهو  بيت اللواء محمد الطريفي؟ وبعدين ديل مسلحين يعني امشي جهز ليهم الفطور ساي لأنو ح يتعبو وهم بنقلو في عفشكم وطالما هو عفشكم يبقى عيب عليك ما تقوم بالواجب.
_ يا محمد واجب شنو ديل واقفين قدام بيت إيمان.
والله كضاب؟! كم موتر؟ او كم نفر؟ نعمل شنو طيب.
_ والله تلاته مواتر وكل موتر فيهو نفرين.
لالا تلاته كتيره والله ربنا يعينهم، ادخل نفطر نمشي ليهم بعد ينهبوهم.
_ البت دي قبل كم يوم انقذت امك ما تخجل هسي على كلامك ده؟
اخجل شنو يا زول انا م عندي سلاح ما بيدي شي.
_ هاك ده سلاح ابوي.
وقت عندك سلاح جايني لشنو تجيك الدانة اطلع ارح نموت اصلاً بيوم ح نروح فيها.
_ الموت ده واحد.
خلاص ارح نصلي في الجامع ونمشي.
_ صلاة شنو مع زمن الفطور؟
صلاة الشفق.
_ قصدك الضحى.
ما عارف المهم ارح نصلي صلاة الخوف ان شاء الله لأنو ماف خوف اخوف من كده.
_ انت صحي داك منو الجنب هلال الجامع ده؟
ده خالد ود جيرانا عايز يلقط شبكة.
_ جاتني فكرة يا محمد ارح بسرعة.
يداي ترتجف بالكامل إنها المرة الأولى التي أمسك بها سلاح ناري  ولا أعلم ماذا سنفعل ولكن يبدو بأن خطاب يمتلك خطة بالفعل، نحن نقف على بعد مئتان متراً من منزل إيمان ونرى ثلاثة دراجات نارية وستة أشخاص يحاولون كسر قفل المنزل فنظر لي خطاب وقال : انا ح أمشي منك بعيد شويه ووقت ارفع ليك يدي أضرب فيهم نار و ما تزيد اكتر من تلاته رصاصات.
عندها أصابني القلق وقلت له: طيب ولو قتلت فيهم زول؟
خطاب: ونحن جايين نتونس معاهم؟!
ذهب خطاب مسافة مني ودخل منزل مهجور ثم قفز على الحائط ولوح لي بيده كإشارة لضرب النار!.
نطقت الشهادة ثم قذفت ثلاثة رصاصات وانا مغمض العينين وأُتمتم بسورة الفاتحة ثم اردفها ببعض السور القصيرة وبعد أن فرغت الثلاثة رصاصات ونفذت السور التي حفظتها  بدأت في المديح!
صاح خطاب بأعلى صوته: في قناصة في الجامع ثم رددها ثلاث مرات حتى سمعها المرتزقة فنظر الجميع نحو المسجد ورأوا خالد الذي يحاول التقاط شبكة لهاتفه الجوال فظنوا بأنه قناص حقاً فركبوا دراجاتهم النارية وفروا هاربين.
احدهم ترك سلاحه بالقرب من الباب أظنه وضع السلاح جانبا لكي يكسر قفل الباب وعندما ارعبناهم نساه ولم يلتقط سلاحه.
صاح بعض الجيران الذين كانوا يراقبون ما يحدث خلف اسوارهم "الله أكبر، الله أكبر" وقتها زاد الحشد وتجمع سكان الحي، هؤلاء الأوغاد كانوا يعلمون بما يحدث ولكنهم ظلوا صامتين، لا يهم فقد اصبحنا في نظرهم أبطال قوميين وهذا ليس جيداً، لأن في كل مرة تحدث كارثة سينظر الجميع لنا ليترقبوا ماذا سنفعل.
دخلنا منزل إيمان لنطمئن عليهم فوجدناهم منحشرين في غرفة واحدة والرعب يسيطر عليهم وكانت إيمان قابعة في الزاوية دافنة رأسها داخل قدميها ويديها في أعلى رأسها! ففي حركة لا إرادية مني مسكت يديها لأُطمئنها " إيمان استهدي بالله خلاص فاتو ما بتجيكم عوجة خلاص"  رفعت رأسها والدموع تملأ وجهها ثم وضعت رأسها في يدي وخارت في موجة من البكاء مجددًا فربت على رأسها بيدي الثانية لأخبرها مجددًا بأنها في أمان الآن.
تحسنت حالة إيمان النفسية وبدأت بالتجاوب في الحديث معي فخضنا أحاديث طويلة مليئة بالضحك وتعمدت إضحاكها ليس إلا بسبب جمال بسمتها ولأشعرها بالأمان وأن كل شيء بخير حتى انا!.
في كل مرة أرى فيها إيمان أشعر بالأمان ورأيت ذات الأمان في عينيها عندما تراني، نحن نخلق الامان والسلام خاصتنا في هذه ظل هذه الحرب اللعينة، هذا الأمان يولد شعور ما بداخل كلينا شعور يحثنا على الإعتراف بحوجة كل واحد منا للآخر.
انتصار جديد لي ولخطاب نتمشى مرفوعي الرأس لمَ لا وقد أثبتنا علو كعبنا.!
انت يا خطاب ليه قلت لي اضرب تلاته رصاصات بس؟
_ لانو السلاح كله فيهو تلاته رصاصات وخايفك لو عرفتا تقول ما ماش او كان سلمتا نفسك ليهم.
والله انت كلب وود....
الحلقة التاسعة...
حرب ابريل...


خطاب انا حشيل السلاح ده معاي.
_ انت بتعرف تستعمله لكن؟
على اساس انك بتعرف.
_ انا وقت كنت صغير كنت مهووس شديد بالأسلحة والألعاب النارية بس ابوي كان رافض المهم قمتا سرقتا من جيب بنطلونو وجبتا سلاح نلعب بيه انا واختي.
ااها وبعدك؟
_ المهم قلت نعمل زي الافلام جبتا كباية وختيتها في راس اختي ومليت السلاح سكسك ومشيت بعيد صوبتا تجاه الكباية الفي راس أختي.
ضربتها وين اختصر!
_ والله ضربتها في رقبتها وقعدت تكورك امي جات ضربتني.
ضربتك عشان اختك طبعا.
_ لا عشان كسرتا الكباية المهم ابوي جا نهاية اليوم لقى قروشو ناقصات وعرفني سرقتهم فتاني ضربني.
انا ح ابكي من الضحك والله اسرتكم دي مسخرة... اسمعني ارح نتدرب بالسلاح ده.
طيب ارح نشتري انابيب ونربطها ف عصايه ونسدد عليها من مسافة مية متر.
ذهبنا إلى الباحة وجلبنا معدات التدريب التي اتفقنا عليها وبما أنني محدود القدرات في إستخدم الأسلحة بدأت التدريب ووقفت على بعد  مسافة مائة متر ثم صوبت نحو "البالونة" ... لاشيء حدث لا زالت بمكانها لم يصبها مكروه، اللعنة سأقترب منها قليلاً، اقتربت ثم صوبت ولم يحدث شيء أيضاً، حاولت مراراً وتكراراً ولكن كلها باءت بالفشل فأنا لم أستطع إصابة الهدف حتى على بعد عشرة أمتار وفي نهاية الأمر يئست وذهبت "للبالونة" ثم فرقعتها بأصابعي وصاح خطاب في استهزاءً "الله أكبر.. الله أكبر".
الحمدلله فرقعنا الانبوبه.
_ ااي بسحروك والله في التصويب.
وبعدين نحن أصلا هدفنا الانبوبة تتفرقع م حتفرق لو بسلاح او بيدي.
_ أي صاح بعدين لو الدعامي جاك حتمشي ليهو وتجضمو بأصابعك وهو طبعا حيموت طوالي.
ده منو البقيف اصلاً.
الأمر الجميل هو أننا نعبر عن حزننا وشعورنا بالإحباط بطريقة ساخرة، فليس كل شعور سلبي يجب أن نعبر عنه بالدموع فقط أو كل شعور إيجابي نعبر عنه بالبسمة او الضحك فقط وإلا لمَ نبكِ عندما نضحك بشدة؟ أو نضحك عندما يتوجب علينا أن نتألم.
رجعت المنزل ثم تمددت على الأريكة لأُشاهد الأخبار ولكن لا شيء جديد فالكل يعرب عن قلقة والجميع يتهم الجميع وبؤرة من النفاق، كل هذ الأشياء السلبية النتنة تنبعث من شاشة التلفاز لذا اطفأته وتوجهت صوب أمي والتي عاشت شبابها في ظروف لا تشبه ظروفنا الحالية سأجعلها تحكي لي عن فترة شبابها عساها أن تنتشلني من بؤس العالم هذا...
يا امي انت وابوي اتعرفتو كيف؟
_ ابوك الله يرحمه زمان منو الما بعرفو في الحلة، وقت يجي ماري النسوان كلهم بعاينو ليهو بالحيطة الجسم عاتي والشنب طويل وكلمته مسموعه بين الناس ودايما وشه صبوح وبشوش.
طبعا ده قبل ما يعرفك لأنو ابوي ده من قمتا لقيتو زي المكتئب عملتي ليهو شنو يا ولية!
_ هم كانو جيرانا تاني بيت وطبعا ابوك ده أول زول يشتري تلفزيون في الحلة لناس بيتهم  فكنا بنمشي نحضر عندهم وياهو اتعرفنا وبعد فترة جانا وقال عايز يعقد علي.
وانت طبعا ما صدقتي طوالي وافقتي!.
_ والله وافقت عشان ابوك ده تعاملو معاي كان غير يعني انا كنت الوحيدة الما بتنطبق علي قوانينو ف اتطمنتا ليهو ولحد ما مات ابوك ما سمعني كلمه جارحة.
كأنو في زول في الباب ثواني اشوف ده منو...ثواني يا الفي الباب جاي..
فتحت باب المنزل وكأنني فتحت باب "الثلاجة" إنها المرة الأولى التي يضيء فيها باب المنزل بهذه الطريقة لمَ لا وإيمان كانت تقف خلفة!
إيمان حبابك اتفضلي..!
_ محمد كيفك ان شاء الله كويس؟ جيت اتطمن على الوالدة وقلت أجيب ليك معاي كيك عملته بيدي.
طوالي اتفضلي بس لو اتسممت العلاج عليك.
_ انا ما كعبه للدرجة في الطبيخ واصلا خليت اختي تعمل العجينة وتكب المكونات وانا عملت باقي الحاجات.
باقي الحاجات دي قاصده بيها إنك وديتي العجينه الفرن صاح؟
_ اي ده اصعب جزو طبعا.
واضح اتفضلي ي ايمان اتفضلي.. يا امي معانا ضيف.
أمي : ايمان كيفك اتفضلي يا بتي وده شنو متعبه حالك ما ليهو لزوم والله جيتك دي براها بالدنيا.
إيمان : ماف تعب والله يا خالتو!.
أمي : طيب انا ح اعمل ليكم شاي للكيك ده.
جلست إيمان وكلانا يُحدق للآخر مع إبتسامة بلهاء، أظنها تنتظر مني حديثاً ولكن انعقد لساني ولم أعرف ماذا أقول فإستئذنتها لأدخل غرفتي لبضعة ثواني، فذهب وجلبت عملة ورقية قديمة تبدو بالية.
هاك يا إيمان..
_ ده جنيه قديم؟
أي الجنيه ده محتفظ بيه لي ١٣ سنه وكان أدتني ليهو أستاذة العربي  عشان في مرة أبدعت في كتابة التعبير.
_ طيب دي ذكرى خاصة بيك ليه اديتني ليها؟.
لأنو دي أول مرة افشل في التعبير، أول مرة ما اقدر اصف الجواي وبما إني فشلت في التعبير يبقى انا ما جدير بالجنيه ده.
_ والجواك ده معقد للدرجة دي؟
ما معقد شديد بس زي ما قلت ليك ما قادر أعبر.
_ انت حاول تعبر وصدقني إحتمال الجايزه المرة دي تكون غير بس أكيد الجنيه ده ما حيرجع ليك وبشوف بقدر اديك شنو غيرو.
الوقوع في الحب كالغرق تمامًا مهما حاولت لن تستطيع إخبار شخص على الضفة بأنك تغرق، بالطبع يمكنك أن تُلمح بطريقك أو بأخرى ولكن لن تستطيع البوح أبدًا.
الحلقة العاشرة...
سئمت الجلوس بالمنزل، أشتهي سماع زمجرة الحشود، أود رؤية أكبر قدر من البشر لأشبع عيني بهيئتهم وملابسهم حتى اشكالهم، اشتقت لهتافات الثورة والأغاني الجماعية، إشتقت لرائحة الغاز المسيل للدموع، اشتقت لنفسي! خرجت من المنزل لأبحث عن أُناس اُسامرهم حتى لا أكتوي بنار الشوق!.
هناك عند أسفل الشجرة يجلس مجموعة من العجزة بجانبهم حافظة مياه وإبريق للشاي يتناولون المواضيع برفق وتأمل وكأن هذا كل ما بإستطاعتهم فعله حتى القهقهة تُتلى بسكينة وكأنهم لا يودون أن تمضي هذه اللحظات سريعاً، جلست معهم بعد تحيتهم فتحدث حاج الصافي " هسي يا جماعه الاطراف دي ما عايزه تصل لحل سياسي؟" أجابه العم سلامة " والله الشغله دي من ما اتدخلت فيها الدول صعب انهم يتفقو وبعدين البرهان ده من شندي ومعروف ناس شندي صعبين ما بتفاوضو بسهولة" قاطعه حاج الأمين في استغراب " البرهان هو من شندي؟"
العم سلامة : من شندي كلمني ود اخوي مزارع هناك.
حاج الأمين : لكن قالو زراعتهم السنة ما شاء الله الواحد لو كان في عز شبابو كان مشى زرع.
وهكذا هي أحاديث العجائز تغمرها الفوضى وعدم الترتيب فنقاشهم بدأ بسؤال عن السياسة وانتهى بإجابة عن الزراعة!.
توجهت نحو شجرة أخرى يجلس تحت فروعها مجموعة من الشباب فصاح احدهم " شنو يا صلي!" فأجبتة " صل الله عليه وسلم" إلا أنني ادركت لاحقاً بأنه لم يطلب مني الصلاة على الرسول بل كان يستفسر عن حالي وأصل الجمله هو " شنو يا أصلي" شعرت بأنني أكبرهم بسنوات بالرغم من أنهم في سني.
جلست كالأبله اسمع حديثهم فقال أحدهم بعد أن أشعل "سيجارته" : اها يا شباب السحنوكة شنو؟ " الحنك شنو لغير الناطقين بها"رد له آخر : اسألوا معتز كرامات داك بدينا الزيت كلو .
إن معتز كرامات هذا مشهور بالولائم تجده في كل مكان تُذبح فيه بهيمة أو تُنحر فيه ناقة، ولهذا السبب هو ضخم الجثة بالكاد يتنفس لأن الدهون تضغط على شعبه الهوائية فيجد الهواء صعوبة بالدخول والخروج، إنه مُلم بكل أخبار الحي التي تخص الولائم، فعندما سألوه "الحنك شنو" أخرج ورقة ضخمة من جيبه وأخذ يتلو لنا البيان أدناه :
"اول حاجه في سماية في بيت ناس الطاهر يونس لأنو قبل اسبوع لاقيت شافع بوزع حلاوة في المستشفى وسألتو حقت منو وكده، ثانيا الليلة مفروض ابو ناس حسام عيسى الله يرحمه  يتم الأربعين وبتوقع يعملو كرامة الليلة، وبرضو بيت الشريف مفروض يعملو كرامة الحج بتاعة ابوهم الليلة بس حسب معلوماتي ابوهم لسه في بورتسودان وان شاء الله أول ما يصل بديكم خبر، وفي بيت برضو نسيت اسم ابوهم أمس جاهم ضيف الساعه اتنين صباحا وحسب معلوماتي الضيف ده عزيز عليهم فالغالب ح يعملو كرامة برضو، بعد ده انتو شوفو دايرين تمشو وين اما انا قايم امشي ليهم كلهم ".
لقد ذُهلت حقاً، التقرير ودقة المعلومات التي ذكرها لا يقوى عليها جهاز الأمن والاستخبارات ولا حتى الإنتربول، تقول الشائعات بأن معتز كرامات اختلف مع والده بعد أن طلب منه والده بأن يعمل وعليه الخجل بأنه لازال يأكل من عرق جبين والده، فقرر معتز كرامات عدم الأكل في المنزل مرة أخرى لأن عزة نفسه لا تسمح له بأن يذله والده بسبب الأكل لذا قرر أن يثبت وجوده في كل وليمة وعادة ما يتجنب الناس الأكل معه في سفرة واحده لأنه وحش بشري.
همست لشاب بالقرب مني "انتو معتز ده ما حاولتوا تهدهو؟ كلامو ده غلط والله!" فرد لي الشاب بتجهم "يا زول دي بقت مهنة عديل ومرات كتيرة بمشي بنبه الناس لو عندهم كرامة زول متوفي او سماية اجلوها اي كرامه بمشي بذكرهم بمواعيدها حتى انا الجنبك ده عندي اخوي اتوفى قبل فترة فكل مرة بجي بسأل معتز عن الزمن بتاع كرامة السنة او الأربعين ".
لم يمضي كثيراً حتى علمت بأن عادة معتز لا تسوى شيء أمام شتائمهم وسبابهم لبعضهم، ناهيك عن التدخين وتناول التبغ، أنا غريب في وسطهم مرة أخرى وكأنني لا أنتمي لهم فغادرتهم أيضاً.
انا ضائع لا أعلم إلى أين انتمي فكومة العجزة تلك ترضي عقلي بأنني واعي ومتعلم ولكنها لا تُرضي سنّي، وكومة الشيبة هذه تناسب عمري ولكن لا تُرضي عقلي! أحياناً أشبه القمر في وحدته وليس في جماله، انا أُحيط نفسي بغرفة بعيدة عن الناس، والقمر يُحيط نفسه بالهالة بعيداً عن النجوم!.
الحلقة الأخيرة...
صباح سماءه غائمة، لا شيء يفوق الطيور حيوية فيه، بعضها يغني للحرية والآخر يرفرف معبرًا عنها، في صغري اخترعت خُرافة وصدقتها وهي بأن دخان الحرائق يتصاعد للسماء لتتكون السحب، وإن كانت هذه الخرافة ساذجة إلا أنها تكاد تلمس الحقيقة، حقيقة أن رغم هذه الحرائق التي تخلفها الحروب يمن الله علينا بهواء بارد وسماء ملبدة بالغيوم.
كل شيء جميل، الصباح، السماء، الطقس، وجه أمي، وبالطبع لا يبدأ يومي إلا بمغازلتها " يا أمي والله محتار في الشباب العايز يعرس ده، هسي عليك الله انا اصابح قمر زي ده وافكر اعرس؟" ابتسمت بخجل وفجأة امتنعت عن الابتسام وكأنها تذكرت شيء "يا وسخ ما بتفكر في العرس وايمان دي دايرها خدامه عندك؟"
سرحت بخاطري وكأن إيمان كانت القطعة الناقصة ليكتمل جمال هذا اليوم، قفزت من سريري ووقفت خارج باب المنزل وامامي مجموعة من الصبية يلهون فناديت واحد منهم واقترب مني في فتور " اسمعني بتعرف بيت التومات؟"
الصبي : ااي بعرفهم جنب بيت ناس قرشي الأطرش
_ طيب خلاص امشي دق الباب وقول ل إيمان محمد منتظرك جنب التبلدية.
انطلق الصبي بحماس بعد أن أعطيته مبلغ لا بأس به بالنسبة لطفل بينما انتظرت انا تحت الشجرة، العب بأغصان الشجرة تارة واطوف حولها تارة أخرى، فكل تفكيري الآن هو فيما سأقوله لإيمان، أريد حقاً أن أعبر عما يجول بداخلي.
لمحت إيمان من بعيد وعندما اقتربت تأكدت بأنها شقيقتها التوأم اماني لا أدري كيف ميزت بينهم فالاختلاف بينهم منعدم، "اماني كيفك؟" فردت متعجبه : عرفتني كيف يااخ كنت بفكر اعمل ليك مقلب لأنو الشافع الرسلتو جاني انا ما فات لإيمان.
"إيمان بشوشه ما حصل جاتني صارة وشها كده"
_ يا بختها بيك والله لأنو للآن ابوي ما قادر يفرق بيناتنا، المهم كلمت إيمان هسي بتجي.
غادرت اماني ولم يمضي كثيراً حتى جاءت إيمان وكلانا يبتسم للآخر وكأننا نحتفل بإجتيازي الاختبار الذي نصبته لي أماني.
إيمان كيفك؟
_ كويسه الحمد لله وانت..؟
كويس والله بس مشتاقين وكده!.
_ ما اتوقعتك تقدر تميز بيناتنا.
والله ما حسيت بالشعور لما شفت اماني.
_  ياتو شعور ما فهمت؟
حتى انا ما فاهمه بس هو شعور غريب هسي حاسي بيه.
_ طيب احكي ليه طلبت تقابلني.
والله عايز اقول ليك حاجه!.
_ وانا كمان عايزه اقول ليك حاجه.
طيب قولي.
_ ما عارفه اقولها كيف يا محمد وبسببها أمس ما قدرت انوم اليوم كله.
احكي يا ايمان في شنو وترتيني.
_ نحن حنرحل يا محمد وحنمشي الشمالية وابوي ح يبيع بيتنا يعني ما اظن نرجع تاني بس نفسي اشكرك على وقفتك معانا وكل ناس بيتنا نفسهم يشكروك بالجد ما قصرت.
تلاشت كل احلامي وتبخرت ولم أستطع بأن أرد عليها وماذا سأقول؟ جمعت ما تبقى لي من قوة وتلعثمت " والله الحي حيفقدكم وطبعاً أهم شي سلامتكم وان شاء الله تكونوا بخير وين ما مشيتو".
_ ونحن كمان حنفقدكم والله.
طيب خلاص انا ح أمشي ولو محتاجين مساعده في نقل العفش كلموني.
_ ماشي وين؟ ومفروض انك عايز تقول حاجة برضو!.
لالا تاني ما مهم الحقولو.
_ كيف يعني ما مهم كنت عايز تقول شنو؟
كنت أحاول الهرب من إيمان لتدارك دموعي التي قاربت أن تفضحني أمامها، فتمردت دمعة ونزلت غصب عني لترد إيمان بسيل من الدموع كلانا استدار وبدأ يبكي بعيداً عن وجه الآخر وكأننا لم نكن مستعدين لنرى ضعفنا.
إيمان والله كنت عايز اعترف ليك اني بحبك من أول مرة شفتك فيها بس ما كنت جاهز للحاجه دي، فكرت كتير في مستقبلنا مع بعض، كيف حيكون شكل اولادنا وكيف ح تكوني بعد عشرة سنة وانت بتشكي من تربية الاولاد وضغط الشغل، انت الحاجه الوحيده الحلوة الحصلت لي في الحرب دي ولو كنت عارف انو الحرب حتعرفني عليك كان عملت ألف حرب عشانك، انا نفسي أعيش معاك العمر كله!.
_ الحمدلله إنك قلتها وقدرت اسمعها منك لأني حبيتك شديد وما قدرت أوصل ليك احساسي، انت اجبرتني احبك بلطافتك وطيبتك البتغمرني بيها دي كأنك بتعاملني كملكة ليك وكأنك ما شايف بت غيري، انا عرفت نفسي بحبك من اللحظة البقيت بفتش فيها لطريقه اقابلك بيها.
انا ح انتظر الحرب دي تنتهي عشان نتلاقى تاني ولو ما عشتا للزمن داك اعرفي إني حاولت أعيش بس قدري كان ليهو كلمة.
_ بعد الشر يا محمد انا واثقه ح نتلاقى تاني وتالت.
ودعتها وكأنها المرة الأخيرة واحتفظت بملامحها عند الوداع لاتذكرها في كل مساء، ذهبت معها لأساعدهم في نقل اثاثهم بالرغم أنني منهار ولا املك ذرة طاقة!.
لمحت فوج من بعيد يشيعون جنازة، وكان الفوج غفير وكأنه شخص مهم ساقني الفضول إليهم حتى تبعتهم إلى المقابر وفور أن خلص الجميع من دفنه توجه الجميع نحوي بشكل مفاجئ، إنهم يعزوني واحد تلو الآخر وانا لا أفهم ما الذي يحدث "البركة فيك يا اخوي ربنا يصبرك" وانا واقف متجمد وكأني لا أريد أن أسأل من الذي توفى وفجأة إقترب مني شقيق خطاب واحتضنني بقوة وأخذ يبكي بحرقة وانا أردد "لالالالا مستحيل" رد شقيق خطاب مواسياً " ما خسارة في ربه يا محمد وربنا يصبرك على فقده لأنو هو زاتو كان بحبك شديد زي ما انت بتحبو
" لا زلت في حالة شك فقلت له مستنكرا "بس أمس كان معاي بنتونس ونضحك"
_ كان واقف في صف الفرن ولما كان راجع في دانة وقعت قدامه وللأسف مات طوالي يا محمد! خطاب مات! خطاب مات!.
اقتربت من قبره وجلست عند رأسه" خطاب يعني يرضيك تمشي وتخليني؟ ما فكرتا فيني؟ ما كل مرة بتفكر تمشي مكان بتجي تكلمني المرة دي مالك؟ خطاب عليك الله قوم اتكلم معاي! انا البخليني اعيش شنو من غيرك؟ خطاب قوم ودعني طيب! الله يرضى عليك قوم.
دخلت في نوبة بكاء، ألطم بيداي، اليدان اللتان ودعت أغلى ما املك في ليلة واحدة، امطرت السماء فسحاب الصباح الذي ظننته شيء جميل ولكن  كان طقوس للحداد معاي.


النهاية
قراءه ممتعه نتمناها لكم💛

رواية حرب ابريل بقلم ايهاب الوسيله💛
2018
وانا برلومه ومتوتره اني ماشه مرحله جديده ومتوتره اني ولاول مره حأقعد داخليه يا ربي حياتي حتكون كيف؟ يا ربي حأقدر اتأقلم؟ يا ربي حاقدر اتحمل مسؤولية نفسي براي؟
مشيت الجامعه ولأول مره دخلتها ومشيت الداخليه ولهسه بتذكر وانا بملأ استمارتي وبقيت بتأمل فيها ٤ سنه يا تسنيم حتكوني هنا براك ٤ سنه يا تسنيم بدون جيبو لي واعملو لي ومتطلباتك كلها جنبك هنا انتي حتتحملي مسؤولية نفسك براك هنا انتي بتمشي الدكان وحتصرفي قروشك بطريقتك
بتذكر أمي بعد دخلتني الداخليه وقعدت معاي وهم طالعين هي أبوي جملتها( اتذكري دايما البت سمعه م يغرك البحصل في الداخليات قبل تختاري صحباتك اتأكدي منهم خليك زوله واعيه ونحن واثقين فيك استودعناك الله الذي لا تضيع ودائعه) دخلت وانا بعاين في البنات وبفكر في كلام أمي يا ربي انا حأقدر اكون قدر الثقه دي؟ يا ربي انا حأقدر على مسؤولية نفسي براي وحأقدر أحافظ عليها؟
يمكن جملة أمي دي خلتني زوله قنوعه بنفسي شديد جملة أمي دي خلتني أوعى وأركز انه أخطر مرحله هي مرحلة الجامعه بقيت قبل أخطى أي خطوه اتذكر كلام أمي لحد ما شويه شويه اتأقلمت شويه شويه بديت استوعب يا تسنيم انتي كدا بقيتي زوله مفترض تكون عارفه تختاري خيارك يا اما درب( بلد م بلدك أمشي فيها عريان) أو (حتى لو البلد م بلدك انتي سمعة أبوك) حتختاري شنو؟

2019 مرت بكل تفاصيلها يمكن أغلبيتها كنت في البيت بسبب التقفيلات، 2020 مرت ولله الحمد والشكر، 2021 مرت و 2022 و 2023
كنت بشوف البنات بضحكو فيني وانا بتصل لأبوي لمن أكون طالعه😂وكنت بشوفهم بضحكو لمن اقول عايزه وحده تمشي معاي السوق م بمشي براي عشان اجيب حاجاتي بس برضو عمرو الحاجه دي م وقفت لي حاجز ولا عملت لي عقده طالما انا عارفه نفسي ماشه في الطريق الصح💛

2024 وانا في المسرح وبعاين نظرات أمي وأبوي وانا فخوره بنفسي أكتر منهم لأني قدرت أكون ثقتهم كنت فخوره بنفسي لأني أخترت احافظ على نفسي كنت فخوره بنفسي لأني كنت قويه شديد وقدرت اتحمل مسؤولية نفسي براي وكل اختيار انا اخترتو لو سمح ولا كعب قدرت اتحمل نتيجتو وانا مبسوطه من نفسي كنت فخوره لأنه أكتر مرحله كنت متخوفه منها قدرت اطلع منها.

يمكن أبوي كان شويه رافض فكرة التخريج انا قدرت أقنعه م عشان اني خلصت سنوات بالعكس عشان كنت حابه أتوج نفسي واحتفل بيها لأنها تستاهل💛
فمن اللحظه دي انا فخوره بنفسي شديد انا فخوره بأمي وجملتها الماحانساها طول عمري انا فخوره بثقة أبوي فيني ولا عمرو حسسني بعدم ثقه فيني خالص الخلتني دايما محافظه علي وعليه انا فخوره بنفسي مره تانيه على قناعتي بطبيعتي وعلى محافظتي علي وعلى أهلي💛
رسالتي لأي بت داخله على مرحلة الجامعه الجامعه م صعبه اذا قدرت تعيشي حياتك فيها صح ما أي بت في الجامعه كعبه ما أي بت قاعده داخليه كعبه الكعبه هي القدرو يغسلو مخها امك وابوك واخوك م مقيدين م خانقنك عشان محافظين عليك وغيرك متفتحات وماخدين حريتهم بالكامل أحمدي ربك على النعمه دي شديد لأنه غيرك فاقدها
أخوك خانقك عشان عارف الشارع وعايز يحافظ عليك أبوك واخوك وامك بحبوك م يتلعب بعقلك يا ستهم💛💛💛💛
كلو م بعدتي من ربك كلو م حتبعدي من أهلك تبعدي من أهلك حتفقدي نفسك💛
#تسنيم_عبدون
HTML Embed Code:
2024/04/25 23:58:35
Back to Top