TG Telegram Group Link
Channel: معهد إعداد المفسّر
Back to Bottom
#مجالس_الأسئلة_العلمية | المجلس الرابع عشر: مسائل في التفسير

موعد المجلس: الثلاثاء 24 ذو القعدة 1444 هـ
من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.

🔹نستقبل الأسئلة الجديدة في التعليقات.
🔹 من بركة طالب العلم أن يكون سؤاله عما ينتفع به وينفع به إخوانه؛ وربّ سؤال كان سبباً لنفع عظيم، وأثر مبارك على من يقرأه ويبلغه طيلة حياته.
وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (ما سألني رجلٌ عن مسألة إلا عرفتُ: فقيه هو أو غير فقيه).
الحمد لله على ما منّ به علينا من إدراك عشر ذي الحجة، وهي أيام فاضلة مباركة العمل فيها أحب إلى الله من العمل فيما سواها
فينبغي لكل مؤمن أن يجتهد في عمارتها بإحسان أداء الفرائض، وبالذكر وتلاوة القرآن وفعل الخيرات، وليحذر من تضييع الأوقات الفاضلة في اللغو وما لا نفع فيه.

ومن الأحاديث الصحيحة في فضائل الذكر وجوامع الدعاء:
1. قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرارٍ كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل). رواه مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال: حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده، مائة مرة، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه).
3. وأتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: يا رسول الله كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال: (قل: اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، وارزقني «ويجمع أصابعه إلا الإبهام» فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك). رواه مسلم.
4. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال». رواه البخاري.
5. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده). رواه البخاري.
6. وعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟) قلت: يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله، فقال: (إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده). رواه مسلم.
7. وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال: «ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟»
قالت: نعم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته). رواه البخاري.
8. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حطت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر). رواه مسلم.
##مسائل_التفسير
س3: ما الفرق بين بني آدم وأرواح بني آدم في تفسير المراد بالروح في سورة النبأ؟
الجواب: اختلف في المراد بـ(الروح) في قول الله عز وجل: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُون} على أقوال كثيرة منها ما تحتمله اللغة، ومنها ما رويت فيه آثار عن السلف.
والأقرب أنّ المراد هنا هو المراد في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((سبوح قدوس ربّ الملائكة والروح)). رواه مسلم.

وهو يحتمل ثلاثة أوجه صحيحة:
أحدها: الروح اسم جنس فيعمّ جميع الأرواح؛ وهذا القول له مناسبة لأن اليوم المراد في قوله تعالى: {يوم يقوم الروح} هو اليوم الذي تنفخ فيه النفخة الثانية وهي نفخة القيام المذكورة في قول الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ ‌قِيَامٌ ‌يَنْظُرُونَ (٦٨)}، والنظر من شأن الأرواح؛ فلا يكون إلا بعد عودة الأرواح إلى الأجساد.
وإطلاق اسم الروح اسم على جميع الأرواح إطلاق لغوي صحيح، والتعريف فيه للجنس.
والثاني: الروح، هو المراد في قول الله تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي}، وهو الذي منه تنفخ الأرواح كما قال تعالى: {ونفخت فيه من روحي}، وقال تعالى: {فنفخنا فيها من روحنا}.
والفرق بين هذا الوجه والذي قبله أن الوجه الأول اسم جنس يعمّ جميع الأرواح، والتعريف فيه للجنس، وهذا الوجه يعنى به الأصل الذي منه تنفخ الأروح، والتعريف فيه للعهد الذهني.
والثالث: الروح جبريل عليه السلام، وهو قول الضحاك وروي عن الشعبي، وهذا القول يستدلّ له بقول الله تعالى: {نزل به الروح الأمين}، ويكون التعريف فيه للعهد الذهني.
وقد روي في المراد بالروح أقوال أخر فيها نظر، ومنها ما هو واهي الإسناد:
أحدها: الروح هو القرآن، وهو قول زيد بن أسلم، واستدلّ له بقول الله تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا}.
ويستدلّ له أيضاً بقول الله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}، فيكون المراد بالروح في هذه الآية هو المراد به في سورة النبأ.
لكن يشكل عليه أنّه لا يصحّ إلا على اعتبار أن التعريف للعهد الذهني ويكون منصرفاً إليه، وهذا خلاف المعهود في الذهن عند الإطلاق، وذكر الروح في آيتي النحل والشورى جاء مفسّراً بـ"من" البيانية.
والثاني: الروح هم بنو آدم، وهذا قول قتادة، رواه عنه عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر.
ولعل مراده أرواح بني آدم بعد عودتها إلى الأجساد.
والثالث: أرواح بني آدم تقوم مع الملائكة بين النفختين قبل أن تردّ إلى الأجساد، وهذا القول رواه ابن جرير من طريق العوفيين عن ابن عباس، ولا يصحّ عنه.
والرابع: الروح خلقٌ يشبهون الناس وليسوا بناس، وهو قول مجاهد، وأبي صالح مولى أم هانئ، هذا القول يُحتاج فيه إلى دليل صحيح؛ لأنه ليس مما يدرك بالاجتهاد.
والخامس: الروح ملك أعظم الملائكة خلقاً، وهو رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ولا تصحّ نسبته إلى ابن عباس.
والسادس: الروح ملك في السماء الرابعة، وهو أعظم من السموات ومن الجبال ومن الملائكة، وهذا القول رواه ابن جرير من طريق رواد بن الجراح العسقلاني، عن أبي حمزة، عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعود.
وأبو حمزة الأقرب أنه الثمالي ثابت بن أبي صفية وهو رافضي متروك الحديث.
#مسائل_التفسير
س: ما ترجيحكم لتفسير قول الله تعالى: {فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} هل الكلام عن آدم عليه السلام وزوجه أم عن ذريته؟

الجواب:
خلاصة الجواب أنه لم يصحّ في تفسير هذه الآية حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أثر عن أحد من أصحابه.
روي فيها أثر عن أبيّ بن كعب ضعيف جداً، وآثار عن ابن عباس واهية الإسناد.
وأما التابعون فرويت عنهم آثار في تفسيرها فمنها ما يصحّ ومنها ما لا يصحّ عنهم من جهة الإسناد، وقد كتبت رسالة في تفسير هذه الآية، وخلاصة ما صحّ عنهم أنهم اختلفوا في تفسيرها على قولين:
أحدهما: أن مرجع ضمائر التثنية إلى آدم وحواء، واعتمدوا فيه على خبر إسرائيلي تعددت روايته ووقع فيها اختلاف إلا أنها اجتمعت على أنّ آدم وحواء سميا ولدهما عبد الحارث.
روي ذلك عن مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، والسدي، ورجحه ابن جرير.
والقول الآخر: أنَّ الشرك إنما كان في ذرية آدم ولم يقع من آدم وحواء شرك، وهذا قول الحسن البصري، ورجحه ابن القيم وابن كثير.
وهو القول الصواب ولا يحتمل السياق غيره، ومرجحاته كثيرة، وتخريجه من جهة اللغة على وجهين:
أحدهما: المراد بالنفس الواحد وزوجها الذي جعل منها آدم وحواء؛ ثمّ استطرد من الشخص إلى النوع، وهذا قول ابن القيم رحمه الله في مواضع من كتبه، وقال به ابن كثير في البداية والنهاية.
- قال ابن القيم في روضة المحبين: (فالنَّفسُ الواحدةُ وزوجُها آدمُ وحوَّاء، واللَّذان ‌جعلا ‌له ‌شركاء فيما آتاهما المشركون من أولادهما، ولا يُلتفت إلى غير ذلك مما قيل: إن آدم وحواء كانا لا يعيش لهما ولدٌ فأتاهما إبليس؛ فقال: إن أحببتما أن يعيش لكما ولدٌ؛ فسمِّياه عبد الحارث ففعلا، فإن الله سبحانه اجتباه وهداه، فلم يكن ليشرك به بعد ذلك)ا.هـ.

والوجه الآخر: المراد أصل النفس البشرية، وأنّ البشر قد خلقوا من نفسٍ واحدة ثمّ خُلق منها زوجها أي جعلت الزوجة من نفس جنس الزوج، ولم تُجعل من جنس آخر، كما قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ‌أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} وذكر السكن في الآيتين لأنه من شأن الأنفس، وهي الأرواح؛ فليس لآدم وحواء ذكر في آية الأعراف إلا لموافقة كونهما أصل البشر، ومقصد الآية التنبيه على أصل خلق الأنفس، فهي نظير ما في سورة المؤمنون من التنبيه على أصل خلق الأجساد كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ ‌سُلَالَةٍ ‌مِنْ ‌طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣)}
وآدم لم يُجعل نطفة، وإنما انتقل الحديث من بيان أصل خلق أبي البشر من طين، إلى أصل خلق ذريته بعد ذلك من نطفة.
فذكر الإنسان المخلوق من سلالة من طين وإن كان هو آدم عليه السلام إلا أنه ليس مقصوداً لذاته، وإنما لبيان أصل خلق أجساد الناس.
وفي سورة الأعراف ذكر أصل خلق الأنفس وهي الأرواح؛ بذكر النفس الأولى، وهي نفس آدم، ثم انتقل الحديث إلى خلق ذريته؛ فليس ذكر آدم وحواء مقصوداً لذاته في الآيتين.
بل هذه الآية نظير قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً}
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}
فذِكْر النفس الواحدة وزوجها، وذِكْر الذَّكَر والأنثى وإن كانا آدم وحواء ليس لأجل أشخاصهما، وإنما مقصد الآية تذكير الناس بأصل خلقتهم، ثم كيف كانت بعد ذلك بتقدير الله تعالى وحده، وتعريفهم بمنّة الله تعالى عليهم، وما كان من كثير من الناس في مقابلة تلك النعم العظيمة.
وعلى هذا فقوله تعالى: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} أي تغشَّى الذكرُ الأنثى، لا يقصد به ذكرٌ بعينه، ولا أنثى بعينها، ولا يُقصد به النفس الأولى.
فإن قيل: لِـمَ لَـمْ يُعدل عن الإفراد إلى الجمع؟
قيل: الإفراد هو المتعيّن لبيان سنّة الله تعالى في خلق الذكر والأنثى وقيام الحياة الزوجية بينهما على تغشّي الذكر الأنثى ليولد لهما.
ولو أُتي بصيغة الجمع لفسد المعنى لاحتمال اللفظ لأن يتغشى الأنثى ذكورٌ عدة؛ فلا يصحّ أن يقال: فلما تغشى الذكور الإناث، ولا نحو هذه العبارات.
ولا يصحّ الإتيان بصيغة عموم؛ نحو: فلما تغشى كلَّ أنثى زوجها؛ لأنه يقتضي الإخبار بخلاف الحقيقة.
وقوله: {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا ‌فَمَرَّتْ ‌بِهِ} هذا هو شأن عامة النساء في الحمل بتقدير الله عزّ وجلّ.
وقوله: {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩)}
وهذا شأن عامّ في كلّ زوجين يترقبان الولد يجدان في أنفسهما توجّها إلى الله تعالى بطلب صلاح الولد وسلامته.

وقوله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} مرجع الضمير فيهما على الذكر والأنثى المتقدمين من غير تعيين لهما، كما هو الشأن في كثير من الآيات التي فيها ذكر لعامة ما يقع في الناس بنسبته إليهم من غير تعيين، والتثنية على اعتبار الجنسين، كما قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ ‌أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩)} ).
فالمراد جنس شياطين الإنس، وجنس شياطين الجن؛ فصحت التثنية باعتبار الصنفين، وإن كان كلّ صنفٍ يشتمل على أفراد كثيرين.
وقوله تعالى: {فتعالى الله عما يشركون} استعمل ضمير الجمع حملاً على المعنى باعتبار تعدد الأفراد واشتراكهم في هذه الصفة، بخلاف الغشيان الذي استعمل فيه ضمير الإفراد ليختص بالرجل وامرأته، واستعملت التثنية في دعاء كل أبوين لولدهما؛ فكان استعمال الضمائر على أحسن الوجوه لتخليص المعاني بعضها من بعض.

وقوله تعالى: {جعلا له شركاء} ولم يقل شريكاً، وهذا دليل على أن المراد المشركون من ذرية آدم ، وليس آدم وحواء.
وفي الآية قراءتان:
أحدهما: [شِرْكاً] بكسر الشين وإسكان الراء، وهي قراءة نافع ورواية أبي بكر بن عياش عن عاصم.
والأخرى: شُركاء، وهي قراءة بقية السبعة.
والقراءتان متفقتان على ردّ القول المبني على الخبر الإسرائيلي، فإنّ آدم وحواء لم يجعلا لإبليس شِركاً فيما آتاهما الله، ولا يقبل ردّ مَن ردّ هذه القراءة؛ فإنها قراءة سبعية متواترة.
وقوله تعالى: {فتعالى الله عما يشركون} ولم يقل: يُشركان، دليل آخر على أنّ المراد جماعة أشركوا بالله فيما آتاهم.

ثم قوله تعالى بعدها: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193)}
كلّه ظاهر في أنّ المراد به المشركون من ذرية آدم، وليس لآدم وحواء في هذا الخطاب شيء يُتعلّق به.
#مسائل_التفسير
س: ما معنى اللام في قوله تعالى: {أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى}؛ فقد قرأت في تفسير ابن عاشور أنها لام علة أو لام اختصاص، وأحتاج إلى التوضيح.

الجواب:
ابن عاشور رحمه الله ذكر الاحتمالات التي يحتملها السياق لمعنى اللام في قول الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى}
فهي تحتمل معنيين صحيحين لا تعارض بينهما:
أحدهما: أن تكون لام علة.
والآخر: أن تكون لام اختصاص.
وكونها لام علة فيه وجهان:
الوجه الأول: أن يكون سبب امتحان قلوبهم هو ما كانوا عليه من التقوى، أي: امتحن الله قلوبهم، وابتلاهم لأجل ما اتصفوا به من التقوى، وذلك ليتبين الذين يثبتون على التقوى من الذين لا يثبتون عليها، وهذا نظير قول الله عز وجل: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}.
فالإيمان الأوّل الحاصل بالاستجابة يتبعه امتحان، وهو امتحان خاص غير الامتحان العام الذي يكون لعموم المكلفين: هل يستجيبون لداعي الإسلام أو لا يستجيبون؛ فإذا استجابوا امتحنوا امتحاناً آخر ليتبيّن من يثبت ممن لا يثبت؛ فهذا الوجه موافق لأدلة دل عليه القرآن، ودلت عليها السنة.
الوجه الثاني: {امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} ليرفعهم إلى مرتبة تحقيق التقوى؛ فإن ادعاء التقوى شيء، وتحقيق مرتبة التقوى شيء آخر.
وقول الإنسان بلسانه: آمنت، غير تحقيق مرتبة الإيمان بالبصيرة في الدين والثبات عليه والصبر على البلاء.
فما يحصل بعد الابتلاء من الثبات، وتحقيق الإيمان والتقوى، وظهور آثارهما على العبد هو الذي يكون للعبد به مقام صدق عند الله عز وجل.
فلام العلة تحتمل الوجهين، وهما وجهان صحيحان.

وأما لام الاختصاص فوجه المعنى فيها أن التقوى مرتبة عالية رفيعة، والذين يمتحن الله قلوبهم لهذه المرتبة قد اختصهم بمنّة عظيمة، فكأنهم مخصوصون بالامتحان الذي يرفعهم الله به للتقوى.
فيكون المعنى امتحن الله قلوبهم ليختصهم بفضله ويتمَّ عليهم نعمته بأن يؤتيهم التقوى، فيبلغوا مرتبة المتقين؛ فإنّ التقوى منّة من الله تعالى يؤتيها من يجتبيهم من عباده، كما قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}
ولذلك يُشرع للعبد أن يسأل الله تعالى التقوى؛ وقد كان من دعاء النبي صل ى الله عليه وسلم: « اللهم آت ‌نفسي ‌تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها». رواه أحمد ومسلم من حديث عاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه مرفوعاً.
- وروى أحمد حديث نافع بن عمر الجمحي، عن صالح بن سُعيد، عن عائشة رضي الله عنها أنها فقدت النبي صلى الله عليه وسلم من مضجعه، فلمسته بيدها، فوقعت عليه وهو ساجد، وهو يقول: « رب ‌أعطِ ‌نفسي ‌تقواها، زكّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها».
- وقال أبو إسحاق السبيعي، عن ‌أبي الأحوص، عن ‌عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: « اللهم إني أسألك ‌الهدى ‌والتقى، والعفاف والغنى ».
فدلّت الآية والأحاديث على أنّ التقوى تُؤتى، وأنه يشرع للعبد أن يسأل الله عزَّ وجل أن يؤتيه التقوى.
وتحقيق التقوى هو أن يصدق على العبد أنه من عباد الله المتقين، وهذه مرتبة عظيمة لها آثار جليلة تتبعها:
- منها: معية الله عز وجل للمتقين، كما في قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا}, وهي معية خاصة, لها بركاتها وآثارها العظيمة.
- ومنها: تقبّل الأعمال، كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}.
والوعود التي وعد الله عز وجل بها عباده المتقين عظيمة معلومة.

والمقصود أنّ لام الاختصاص يستفاد منها أنّ مرتبة التقوى مرتبة عظيمة، وأن من امتُن لها فقد اختصَّ بفضل عظيم.
وهذا نظير ما في قول الله عز وجل: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا}, فأولئك كانوا أحق بالتقوى وكانوا أهلا للتقوى, فهم مخصوصون بها؛ فكان ذلك من تشريف الله عز وجل لهم.
#مجالس_الأسئلة_العلمية | المجلس الثامن والعشرون
🔹موعد المجلس: الثلاثاء 14 جمادى الأولى 1445 هـ، من الساعة الثامنة إلى الساعة التاسعة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مفتوح.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مسائل_التأصيل_العلمي
س1: ما المنهجية الصحيحة المتدرجة لتلقي علم التفسير وعلوم القرآن الكريم؟ وكيف يتم ضبط المسائل والرسوخ في تلكم العلوم؟

الجواب:
كل علم من علوم الشريعة واللغة العربية يُحتاج فيه إلى التدرج على مراحل، وفي كلّ مرحلة ما يناسبها من المعارف والمهارات.
فيبدأ بدراسة كتاب مختصر شاملٍ لعامة أبوابه ومسائله؛ فيدرسه على سبيل الإجمال بإشراف علمي حتى يحصل له التصور الأوّلي لمسائل ذلك العلم، وعامة المختصرات كتبها قليلة الحجم، سهلة الدراسة، لكن لا بد فيها من الضبط الجيّد لتلك المسائل.
ويتدرب على إتقان المهارات الأساسية من استخلاص المسائل وتعرّف ما يتصل بها، وتلخيصه بإشراف علمي.
وعلم التفسير كذلك يحتاج طالب العلم إلى دراسة تفسير مختصر يُعنى بالبيان عن المسائل التفسيرية بما يناسب طلاب العلم المبتدئين على سبيل الإيجاز والاختصار.
والمختصرات في التفسير على نوعين:
1: مختصرات اُلّفت لعامة الناس، وقد يكون فيها إغفال لكثير من مسائل التفسير، واجتزاء من أوجه التفسير، وتجوّز في العبارة؛ فهذه التفاسير تناسب العامة لأن غرضهم التحصيل السريع لما يقرّب لهم معاني الآيات.
2: مختصرات كُتبت لطلاب العلم ليضبطوا بها مسائل التفسير بما يناسب ابتداءهم، فيُعنى أصحابها بإبراز المسائل التفسيرية، والبيان عنها بصياغة علمية تناسب طلاب العلم.
ومن أجود التفاسير التي تناسب المبتدئين من طلاب العلم فيما أعلم زُبدة التفسير للأستاذ محمد الأشقر رحمه الله، وتفسير السعدي؛ فهذان التفسيران جيدان للمبتدئين في طلب العلم ولو جمع بينهما طالب العلم، وقرأ معهما قراءات في تفسير ابن كثير؛ فإنَّ هذا ينفعه كثيراً بإذن الله تعالى إذا درسها تحت إشراف علمي.
فيدرس كل مقطع من الآيات، ويستخلص ما فيه من المسائل العلمية، ويلخص كلام أهل العلم فيها، ثم يعرض تلخيصه على شيخه؛ فإنْ أقره على فهمه وصياغته وإلا صوّبه, وأرشده إلى ما أخطأ فيه أو غفل عنه من المسائل.
فالآية الواحدة قد تشتمل على مسائل كثيرة، وربما لا يتفطن بعض الطلاب إلا لمسألتين أو ثلاث من تلك المسائل, ويغيب عنه مسائل كثيرة, ولو سُئل عنها أو عرض له فيها إشكال لتنبّه لها.
ولُبّ علم التفسير إنما هو في استخلاص المسائل، وتعرف الأقوال وحججها، والتعبير عنها بصياغة علمية.
ومن أتقن هذه المهارات فقد أتقن المهارات الأساسية في التفسير.
ولذلك يحتاج طالب علم التفسير إلى الجمع بين المعارف الأولية التي تتحصل له بدراسة المختصرات في التفسير، والمختصرات في علوم القرآن.
ويحتاج أيضا إلى التمهر بالمهارات الأساسية بالتفسير.
وبتحصيل هذين النوعين يتحقق له التأسيس في التفسير، وينتقل إلى مرحلة البناء في التفسير، وفيها يكون أكثر التحصيل العلمي لطالب العلم في التفسير وعلوم القرآن، لكن ينبغي أن يكون التأسيس العلمي لديه جيداً حتى ينتفع من هذه المرحلة.
فإذا حصّل تحصيلاً علمياً جيداً في مرحلة البناء العلمي انتقل إلى مرحلة التأهيل لتدريس التفسير مع احتياجه إلى مواصلة البناء العلمي.
والمعاهد والمراكز التعليمية التي تعنى بتدريس المبتدئين متعددة ولله الحمد، ولدينا في معهد إعداد المفسر دورة في المهارات الأساسية في التفسير أرجو أن تنفع طلاب علم التفسير، لأنهم إذا أتقنوا هذه المهارات الأساسية مع دراستهم للمعارف الأولية المتحصلة لهم من المختصرات؛ فإنهم يكونون قد جمعوا بين الجانبين: المعرفي التأصيلي، والمهاري التطبيقي، وبالتدرج فيهما يحصل لهم حسن دراسة مسائل التفسير بإذن الله تعالى.

وعلم التفسير من العلوم الطويلة التي لا يُحاط بها لكن يحتاج طالب العلم إلى الصبر ومواصلة الطلب على منهج صحيح، وضبط المسائل العلمية، وإتقان المهارات، ويتدرج في ذلك حتى يبلغ ما كتب له من العلم.
وتقسيم مراحل الطلب إلى ثلاثة مراحل مهمة: مرحلة التأسيس, ثم مرحلة البناء, ثم مرحلة التأهل لتدريس العلم ونشر ما تحصل عليه طالب العلم من العلم في مرحلتي التأسيس, والبناء
هذه المراحل الثلاث تشترك فيها عامة العلوم، ولكل مرحلة منها ما تختص به من المعارف والمهارات، ومن التنبيهات والمحاذير التي ينبغي لطلاب العلم أن يتنبهوا لها.
وأرشد في ذلك إلى دورة علمية منشورة في معهد إعداد المفسر وفي معهد آفاق التيسير بعنوان مراحل التكوين العلمي لطالب العلم.
بيّنتُ فيها هذه المراحل بتفصيل وتمثيل، وأسأل الله أن ينفع بها إنه حميد مجيد.
المهارات الأساسية في التفسير - معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
https://www.afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=954
#مجالس_الأسئلة_العلمية |المجلس الثاني والثلاثون
🔹موعد المجلس: الثلاثاء 13 جمادى الآخرة 1445 هـ، من الساعة الثامنة إلى الساعة التاسعة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مفتوح.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مسائل_التفسير
س: في قول الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} لماذا ذكر الله {لَيْلًا أَوْ نَهَارًا} ما الفرق لو قيل: أتاها أمرنا فقط؟ وما الفرق بين الليل والنهار إذا أتى الأمر؟

الجواب: ينبغي أن نتنبّه إلى أدب مهم من آداب السؤال عن مسائل التفسير، فإذا اختار الله عز وجل مفردة من المفردات في كتابه، أو أسلوباً من الأساليب على غيره؛ فينبغي أن نوقن بأن الله عزَّ وجل إنما اختار ذلك عن علمٍ وحكمة؛ فمن الأدب الواجب للسائل أن يكون سؤاله عن الحكمة؛ فيقول: ما الحكمة من كذا وكذا؟ أو يسأل سؤالاً بيانياً عن الغرض البياني من النص على كذا وكذا.
فيكون سؤاله متضمناً الإقرار بوجود حكمة وفائدة بيانية يجهلها، وذلك أحرى أن يوفّق لما يجد به جواب سؤاله، ويرفع عنه الإشكال.

وفيما يخصّ السؤال عن دلالة النص على ذكر الليل والنهار في قوله تعالى: {أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً} فالجواب عنه وعن أمثاله من الأسئلة مؤسس على قاعدة مهمّة في البيان القرآني، وفقهها مفيد جداً في تدبر القرآن، وهي أنّ الخطاب في القرآن على نوعين:
- خطاب للعقول بالتبصير.
- وخطاب للقلوب بالتأثير.
فالخطاب الذي للتبصير يكفي فيه ما يفي بغرض البيان، ويكثر في هذا النوع الإجمال والاختصار والحذف؛ لأن العقول تستنتج ذلك وتعرفه، وأصحاب القرائح الجيدة يعرفون كثيراً مما وراء منطوق الخطاب بدلالات المفهوم، ودلالات اللزوم من الاقتضاء والإيماء الجلي والخفي والإشارة وغير ذلك.
والخطاب الذي يراد من التأثير على القلوب يكثر فيه الإطناب والتنويع التكرار والنص على بعض التفصيل بمفردات وأساليب تؤثر على القلوب، وتذكّر ما قد يُغفل عنه.
والأمثال والتصوير تقع للنوعين ويُعرف الغرض بدلالة السياق.
فالتصوير بما يستدعي من المخاطب التصوّر أبلغ أثراً عل القلب من النصّ على الخبر ولو أكّد بمؤكدات لفظية.
فعلى سبيل المثال كان يكفي في كثير من الآيات التي فيها ذكر العذاب - لو أن الخطاب للعقول وحدها - أن ينصَّ على أن الكفار متوعدون بالعذاب؛ لأنّ العقول تدرك معنى العذاب، وتدرك معنى تأكيد وقوعه بالمؤكدات اللفظية؛ من مثل قوله تعالى: {إن اللذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد}
وقوله تعالى: {فلنذيقنّ اللذين كفروا عذاباً شديداً}
وقوله تعالى: {فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً}
وقوله تعالى: {والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين}
ونحو ذلك مما يتأكّد به أنّ الكفار متوعدون بعذاب شديد مهين، وقد عُلم أنّ الله تعالى قويّ شديد العقاب، فلا يقع ارتياب في حقيقة ذلك العذاب.
لكن تصوير العذاب بصور كثيرة ومتنوّعة يراد منه مخاطبة القلوب للتأثير عليها؛ فإنّ كثيراً من الناس يجد من التأثر بذلك ما لا يجده في الأخبار المؤكَّدة المجردة من التصوير والتمثيل، كما في قول الله عز وجل: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ}
وقوله تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ ‌مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٢٢)}
وقوله تعالى: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٤٩) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ ‌قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠)}
وقوله تعالى: {وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (١١) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣)}
وقوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ}
وقوله تعالى: {أَفَمَنْ ‌يَتَّقِي ‌بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
وقوله تعالى: {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ ‌أَمْعَاءَهُمْ (١٥)}
وقوله تعالى: {يَوْمَ ‌تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا}

فتجد القلوب توجل من هذا العذاب بمجرّد تصوّر وقوعه، وهذا من التأثير العظيم على القلوب، وهو أعظم تأثيراً عليها من الأخبار المجردة من ذلك ولو كانت مؤكدةً بمؤكدات لفظية.
ولذلك كان القول المحقق في تعريف البلاغة أنها بلوغ الخطاب غاية المقصد، وذلك يتحقق بالإيجاز في موضعه، وبالإطناب في موضعه، وقول بعضهم: "البلاغة الإيجاز" لا يصحّ بهذا الإطلاق إلا إذا أريد به حذف الحشو وما يعاب من التطويل والتكرار، وليس ما يقابل الإطناب.
ولو التزم القول بأنّ البلاغة الإيجاز لخرجت كثير من المدائح والمراثي والاعتذارات عن حدّ البلاغة لأن عمدتها على التفنن في الإطناب لغرض التأثير على القلوب.
إذا تبيّنت هذه المقدمة فإنّ النص على ذكر الليل والنهار في قول الله تعالى: {أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً} فيه النصّ على ما يثير ترقّب وقوع هذه العاقبة ليدرَك مثلها في عاقبة المغترين بالحياة الدنيا؛ فيبقى القلب متوقعاً وقوع هذه العاقبة في الليل وفي النهار.
وهذا نظير قول الله تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ‌بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨)}.
وقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ ‌بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠)}
فإنه إذا أصبح لم يكن بمأمن من أخذة الله له في ساعة من ساعات نهاره، وإذا أمسى لم يكن بأمن من أن يأخذه الله في ساعة من ساعات ليله؛ فيبقى في حال ترقب من وقوع الوعيد في ليله ونهاره ولو كذّب به، وهذا المعنى لا يؤدى بغير النص على الليل والنهار.
- قال ابن عطية: (وتقسيمه {‌لَيْلًا ‌أَوْ ‌نَهاراً} تنبيه على الخوف وارتفاع الأمن في كل وقت).
- وقال ابن عاشور: (وقوله: {‌ليلا ‌أو ‌نهارا} ترديد في الوقت لإثارة التوقع من إمكان زوال نضارة الحياة في جميع الأزمنة؛ لأنَّ الشيء الموقت بمعين من التوقيت يكون الناس في أمن من حلوله في غير ذلك الوقت).
يعلن معهد إعداد المفسر عن فتح باب التسجيل في برنامج التأسيس في التفسير

التعريف بالبرنامج: https://www.imufasser.com/articles/article450800038
بدء التسجيل: يوم الجمعة 20 شعبان 1445هـ
آخر موعد للتسجيل: يوم الأحد 29 شعبان 1445هـ
موعد بدء الدراسة : يوم الإثنين 6 شوال 1445هـ
مدة الدراسة في البرنامج: 31 أسبوعاً دراسياً ( مجدولة على تسعة أشهر تقريباً )
الموقع الإلكتروني: www.imufasser.com
صفحة التسجيل في البرنامج: https://forms.gle/dtLpzXwYGSjyDoYM9

توضيحات:
• الدراسة مجانية، وعامّة للطلاب والطالبات.
• الدراسة عن بعد، ولا تتطلب الحضور لموقع معين.
• الدروس معدّة للطالب ومقسّمة على أقسام، ومنظّمة على مراحل، ومجدولة على الأسابيع بمقادير معلومة، واختبارات أسبوعية.
• الدراسة ذاتية تحت إشراف علمي مباشر، حيث يُتابع أداء الطالب للواجبات وتطبيقه للمهارات العلمية، وإذا أشكل على الطالب شيء أمكنه أن يسأل عنه ويجاب على سؤاله.
• التسجيل في البرنامج بالأسماء الصريحة، ولا نقبل الأسماء المستعارة، ولا الكنى المجرّدة.
• التسجيل في البرنامج على دفعات منظمة ومحدودة العدد.
• يُمنح الطالب شهادة اجتياز لبرنامج التأسيس في التفسير بعــد أدائه متطــلبات كـــل دورة مـن واجبات واختبارات وتطبيقات.
#مجالس_الأسئلة_العلمية |المجلس التاسع والثلاثون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 24 شعبان 1445 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في التفسير.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
تنبيه: ستغلق صفحة التسجيل الليلة عند الساعة العاشرة مساء بإذن الله.
توضيح: نعمل على فرز البيانات ، وسنراسل المقبولين مبدئياً بإذن الله من 15 إلى 18 رمضان بإذن الله.
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس الحادي والأربعون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 9 رمضان 1445 هـ، من الساعة العاشرة إلى الساعة الحادية عشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في التفسير.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
HTML Embed Code:
2024/03/29 10:07:59
Back to Top