TG Telegram Group Link
Channel: قناة || فارس بن عامر العجمي
Back to Bottom
أفادني مشكورا سعيد بن أحمد معلقًا على الكلام السابق بهرم التعلم لـ Edgar Dale ..
وهذه صور متعددة لهرم التعلم، وحاصلها واحد تقريبا.

https://hottg.com/IFALajmi/3485
مما ذكرته غير مرة أن مما يجعل بعض الناس ((يزيد)) في تعظيم فخر الدين الرازي تـ606هـ/1210م في علم الكلام والمعقولات عامة= خفاء ما ينقله عن غيره دون نسبة ومقدار وقوع ذلك في كتبه، فمادة النقل في كلام الرازي كثيرة وليست قليلة، لكن هذا يعرفه من طالع كتب المعقول قبله وتتبع ذلك، والرازي من طريقته أنه لا يسمي كل ما ينقله من غيره في كتبه، ومن ذلك أني كنت أطالع كلامًا له في التفسير ولم ينسبه لأحد، ثم رأيت تلميذه شمس الدين الخويي تـ637هـ/1240م يصرح بأنه استفاده من أبي حامد الغزالي تـ505هـ/1111م وأنه سمع ذلك منه، ومع ذلك لم ينسبه في تفسيره للغزالي، قال الخويي:
«وقال المتأخرون منهم الإمام الغزالي رحمة الله عليه، واستحسنه الإمام فخر الدين رحمة الله عليه كثيرًا، وسمعته ينقله عن جواهر القرآن، ويترحم على الغزالي بسبب استنباطه، والذي قاله هو: أنَّ صفات الله تعالى إما: صفات حقيقة، وإما: صفات الأفعال، كالخالق ...».

قلت: وقد رأيت نظير هذا في غير موضع في كتب الرازي، فكثيرًا ما ينقل في المباحث المشرقية من شفاء ابن سينا تـ428هـ/1038م دون نسبة، وينقل عن كثير من المعتزلة وشيوخ مذهبه من الأشعرية وكل ذلك دون نسبة، ولست أريد عيبه وذمه بذلك، فهذه طريقة مسلوكة عند الأقدمين، وإنما غرضي بيان أن كثيرًا مما يسند إليه من الفوائد هي من فوائد غيره، مع كونه له من الفوائد والأنظار ما استحق به الثناء والتعظيم عند المتكلمين.

@ https://hottg.com/IFALajmi/3489
«واعلم أنك إن قلت لمن يتعصب للفلاسفة: إنَّهم قالوا بالولد، يُنكر عليك، ويقول: هم يدعون التنزيه العظيم، فكيف يقعون في التشبيه العظيم؟ فقل له: قد ذكره أبو علي في الرسالة التي سماها: حي بن يقظان في آخرها».

شمس الدين الخويي تـ637هـ/1240م

قلت: لعله يعني بما في آخر حي بن يقظان قول ابن سينا تـ428هـ/1037م: «وضرب لكل واحد منهم حد محدود ومقام معلوم ودرجة مفروضة لا ينازع فيها ولا يشارك؛ فكل من عداه يرتفع عنه أو يسمح نفسا بالمقصور دونه. وأدناهم منزلة من الملك واحد، هو أبوهم وهم أولاده وحفدته، وعنه يصدر إليهم خطاب الملك ومرسومه. ومن غرايب أحوالهم أن طبايعهم لا تستعجل بهم إلى الشيب والهرم، وإن الوالد منهم وإن كان أقدم مدة، فهو أسبغ منة وأشب بهجة وكلهم مسخرون قد كفوا الاكتفاء».

والظاهر أن ابن سینا عنى بـ"أبوهم" الصادر والعقل الأول، وهو ما سماه بعد ذلك بـ "الوالد"، وعنى بـ "أولاده وحفدته" بقية العقول العلوية. ولعل الخويي عنى لازم ذلك من أنه لما جعل ذلك والدًا لكون ما بعده صدر عنه، فالمبدء الأول كذلك والد لما بعده -تعالى- الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

@ https://hottg.com/IFALajmi/3490
{إذ تلقونه بألسنتكم}!

ما أبلغ وأعجب هذا التركيب على اختصاره! تلقي الأخبار عادة يكون بالأسماع كما هو معروف، لكن لما كان الخائضون في الأفك ممن يسارعون في الكلام دون تبين وتثبت، وممن يقولون بأفواههم ما ليس لهم به علم، فكان سماعهم سماع من يريد التحديث بما سمع والتكلم به، قال الله مبينا حالهم: {إذ تلقونه بألسنتكم}! فجعل آلة التلقي اللسان لا السمع، لكون غرضهم من السماع التحدث به، وكذلك كون الخبر لا يقر عندهم في قلوبهم فيتأملونه ويطلبون صدقه، بل ما يدخل إلا من طريق خروجه!
وأجد أن فيه إشارة إلى سرعة خروجه، فالشيء الذي يدخل على محل خروجه فخروجه سريع ولا حظ له من المكث واللبث، فهؤلاء ما سمعوه إلا وذهبوا يتكلمون به!

على كل حال، لا تهتم لكل هذا الشرح، فالشرح شيء وما يقر في القلب من وقع هذا التركيب شيء آخر! والغرض تهيئة قلبك لذوق هذا التركيب البديع.

@ https://hottg.com/IFALajmi/3491
من فوائد شمس الدين الخويي تـ637هـ/1240م ما ذكره في بيان النكتة في كون كلمة التوحيد أولها النفي: (لا إله) ثم يأتي الإثبات، خلافًا لسورة الإخلاص فبدأت بالإثبات (الله أحد) ثم النفي، فما السر في ذلك؟

قال: «وإذا علم أن"لا إله إلا الله" كلمة يأتي بها الناس عامة، و"الله أحد" كلمة أُمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وعامة الناس قلوبهم مشغولة بغير الله، فتقدم في حقهم النفي؛ تفريغا لقلوبهم. وقلب النبي صلى الله عليه وسلم مشغول بالله مملوء من حبه، فقيل له: امنع غير الله من أن يدخل على الله، فأثبت "الله" وقال: "أحد" بعده، وهو كقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ } وقوله تعالى: {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ} {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهَا ءَاخَرَ}. ومثل النبي صلى الله عليه وسلم والخلق كافة، مثل دارين، أحدهما مشغولة بأناس وأثاث، ويريد السلطان يدخلها، لا بد من نفي الغير منها، ثم يدخلها السلطان، والأخرى سكنها السلطان لا بد من أن يمنع الأغيار من أن يدخل عليه فيها».

@ https://hottg.com/IFALajmi/3492
لا ريب أن رأس أمر المسلم عقيدته؛ لكن هذه المقدمة كثيرًا ما تستعمل لتحزيب الشباب لفرق وجماعات حركية ومذهبية، أعني بالحركية هنا ليست الحركية السياسية بل الحركية العقدية، فستجد في مواقع التواصل وغيرها من يحشد الشباب للحرب على الجهمية أو الوهابية.. إلخ ويتصارعون في ذلك، ثم هذا يستطيل إلى حياة الناس الاجتماعية والسياسية..، ولعلكم جميعا رأيتم حين سقط نظام الأسد مثلا كيف بدأت الحرب بين السلفية والأشعرية من السوريين..
نصيحتي للشباب إن كان من نصيحة أن تعرض عن هؤلاء المناكفين وتتركهم في خوضهم يلعبون، ولست أقول لك لا تبين الحق لأحبابك ممن تعرف وتعلمهم ما تراه حقا من دين الله الواجب على الأعيان معرفته، لكن فرق بين بيان دين الله، وبين تحزيب الناس وتفريقهم، فهؤلاء الذين تراهم مخطئين هم إخوانك أرادوا الخير فلم يصيبوه، فحقهم عليك الرحمة والكلمة الطيبة لعل الله يصلح قلوبهم، وأما هؤلاء الذين يجيشون الشباب في مواقع التواصل فيريدونها حربا لا علما ونصحا، على أن كثيرا من الناس لا يعرفون ما تتنارعون فيه ولا يشتغلون به، ولا يجب عليهم الاشتغال به أصلا، فلا يجب على الناس أن يعرفوا كثيرا مما في الواسطية وشروحها ولا جوهرة التوحيد وشروحها، لا سيما الخلافيات، فلا تجعل بعض هؤلاء السفهاء وإن طالت لحاهم يستغلون حماستك لجعلك في جيشهم العقدي.
أقول هذا وأنا ممن يعرف مسائل العقائد والخلاف وقرأ لعامة الطوائف من أهل الحديث إلى أبعد الطوائف عن دين الله، وأعرف هذه المسائل معرفة -على قصورها- أتم من هؤلاء المجيشين للشباب، ومع ذلك أحذرك من السفهاء الذين يجيشونك في صفهم وحزبهم..

هذا باختصار، وإني لأعلم أنه لا يكفي هذا الاختصار، وأن المسألة لا بد فيها من كتاب، لكن أسأل الله أن ييسر لي يوما بيان ذلك ويلهمني الصواب.

@ https://hottg.com/IFALajmi/3493
من أكثر الأقوال غرابة في مواقع التواصل:

1- ملحد يؤمن بولاية الإمام علي وأنه منصب من الله، ويريد المناظرة في ذلك!
2- ملحد يقول بالتحسين والتقبيح الشرعي!
3- قرآني لكنه يعتقد بتحريف القرآن!


وكل عام أنتم بخير 🌻

@ https://hottg.com/IFALajmi/3494
كل عام أنتم بخير أيها الباحثون الأحرار، تقبل الله منا ومنكم صالخ الأعمال، وجعلنا الله وإياكم من عتقائه من النار، وأعاده الله علينا وعليكم ونحن في صحة وعافية، 🌹🌹🌹
مع فرحة العيد إلا أن في فرحته نقصا وغصة لا تكتمل إلا بالفرج على أحباب في غزة، لا تنسوهم من دعواتكم...
كنت في حديث خاص مع بعض الأفاضل وذكر ما قاله العوني وبعض طلابه من كون الملحق الثاني المتعلق بالقدر المشترك أهم ما في الكتاب، ومن لم يرد عليه فما رد على أهم ما في الكتاب، فأقول:
الحقيقة أن هذا الرجل يستغل جهل كثير من الشباب بهذا الأمر ليشوش عليهم حقيقة الحال، لكنه في الحقيقة أساء لنفسه عند الأفاضل وأهل البحث والعلم..

لتفهم أيها الفاضل المسألة، سأشبه لك الكتاب بالوليمة، هل تتصور أن تكون السلطات أو المقبلات أهم ما على مائدة العشاء مثلا؟ لو قال إنسان: أهم ما في مائدة العشاء التي تقدم للضيوف هي هذه الملحقات ولا يهم الوجبة الرئيسية، بل لو تركتها فلا ضير المهم أن تضع سلطة!
الحقيقة أنك حين تسمع هذا الكلام لا تلتفت له لكونه من السخافة بمكان لا يخفى على أحد!

كذلك الملاحق في البحوث العلمية، هي متممات مكملات، إن وجدت زادت من حسن المائدة العلمية، وإن لم توجد فلا ضير ولا تثريب، فالملاحق في الأعراف العلمية عليك غرمها وليس لك غنمها، فلو كتبت رسالة علمية وقدمتها للمناقشة وليس معها ملاحق ستنال الدرجة العلمية -إن كانت رسالتك سليمة-، وإذا ضممت لها ملاحق علمية فستحاسب عليها إن قصرت ولن ترفع من درجتك إن أحسنت فيها.
فالناقدون لكتابه ملزمون بنقد أطروحة الكتاب الأساسية وهي المذكورة في الكتاب، وعنوان الكتاب شاهد عليها ودال عليها فضلًا عن مضمون الكتاب، ومن لم ينقد هذه الأطروحة لم ينقد الكتاب، ولو كتب ألف صفحة في نقد الملاحق، هذا يعرفه أي عاقل قبل أن يعرفه الكامل من أهل البحث والعلم.

للأسف أننا أمام كارثة علمية حقيقية، ويجب التأكد من مخرجات هذا الرجل إن كان يعلم طلابه هذا الهراء!

أعتذر عن الحدة في العبارة، لكن هذه المهازل لا يمكن أن تمرر بحال أمام مرأى الجميع!
وعلى كل حال إن يسر الله سيكون لنا وقفة مع هذا الملحق، دعواتكم لنا بالتفرغ إن شاء الله وسنلتفت له.

@ https://hottg.com/IFALajmi/3497
لاحول ولا قوة إلا بالله، قرأت منشورًا قبل قليل لأحدهم عن القدر المشترك فيه من التخليط والفساد ما يضيق منه الصدر، يا جماعة لنحمل مسؤولية العلم وهم العلم ولنحترم القراء الذين يثقون فينا!

هذا المنشور فيه اختراعات من كاتبه، منها:
1- أن الأشعرية تقول بالقدر المشترك، لكنه في لازم الصفة لا في ذاتيها، معرضًا بذلك بالتيمية كأنهم يقولون بالاشتراك في حقيقة الصفة وذاتياتها.
2- أن الاشتراك في اللازم لا يوجب الاشتراك في الملزوم كما يدعي بعض التيمية!
3- تفسير كلام أئمة المتكلمين المتقدمين بمذاهب المنطقيين في الذاتي والعرضي! وهذه والله باقعة ندع التعليق عليها لوقتها.

أقول: لا أدري من هذا البعض من التيمية القائل بذلك، فلا أعلم أحدًا منهم يقول بأن الاشتراك في اللازم يوجب الاشتراك في الملزوم! ولو قدر أن أحدًا منهم قال هذا الكلام فهو مخطئ مخالف لصريح كلام ابن تيمية في غير موضع، كقول ابن تيمية: «وإذا قيل: "إن المختلفات يجوز أن تشترك في لازم عام، كاشتراك أنواع الحيوانات المختلفة في الحيوانية"= فهذا صحيح».
فانظر كيف صرح بأنها "مختلفات"، وأن ما تشترك فيه "لازم" مع كونها مختلفات.

وكذلك لا أدري من ادعى أن القدر المشترك هو اشتراك في حقيقة الصفة وذاتياتها وأن هذا هو المتعين القول به! وهذا من أعجب الأمور، فابن تيمية أصلا يقول ببطلان القسمة إلى ذاتي وعرضي، فضلا أن يقول بأنه ذاتي أو لا، فضلا أن يعقد الخلاف مع خصمه في ذلك!
وصريح كلام ابن تيمية في غير موضع على خلاف ذلك، فتراه يصرح ببطلان القول بالاشتراك في الحقيقة والاختلاف في أمور عرضية، ومن ذلك قوله: «قول القائل: "إن الاشتراك في الحقيقة لا يدل على الاشتراك في الحدوث"= لفظ مجمل؛ فإنا إذا قلنا: لله علم ولنا علم أو له قدرة ولنا قدرة أو له كلام ولنا كلام أو تكلم بصوت ونحن نتكلم بصوت وقلنا صفة الخالق وصفة المخلوق اشتركتا في الحقيقة - فإن أريد بذلك:

- أن حقيقتهما واحدة بالعين؛ فهذا مخالف للحس والعقل والشرع.

- وإن أريد بذلك أن هذه مماثلة لهذه في الحقيقة وإنما اختلفتا في الصفات العرضية كما قال ذلك طائفة من أهل الكلام - وقد بين فساد ذلك في الكلام على «الأربعين» للرازي وغير ذلك - فهذا أيضًا من أبطل الباطل وذلك يستلزم أن تكون حقيقة ذات الباري مماثلةً لحقيقة ذوات المخلوقين.

- وإن أريد بذلك أنهما اشتركا في مسمى العلم والقدرة والكلام؛ فهذا صحيح، كما أنه إذا قيل: إنه موجود أو إن له ذاتًا؛ فقد اشتركا في مسمى الوجود والذات، لكن هذا المشترك أمر كلي لا يوجد كليا إلا في الأذهان لا في الأعيان... وليس في الخارج صفة لله يماثل بها صفة المخلوق، بل كل ما يوصف به الرب تعالى فهو مخالف بالحد والحقيقة لما يوصف به المخلوق أعظم مما يخالف المخلوق المخلوق وإذا كان المخلوق مخالفًا بذاته وصفاته لبعض المخلوقات في الحد والحقيقة فمخالفة الخالق لكل مخلوق في الحقيقة أعظم من مخالفة أي مخلوق فرض لأي مخلوق فرض، ولكن علمه ثبت له حقيقة العلم ولقدرته حقيقة القدرة ولكلامه حقيقة الكلام كما ثبت لذاته حقيقة الذاتية ولوجوده حقيقة الوجود وهو أحق بأن تثبت له صفات الكمال على الحقيقة من كل ما سواه. فهذا هو المراد بقولنا: علمه يشارك علم المخلوق في الحقيقة فليس ما يسمع من العباد من أصواتهم مشابهًا ولا مماثلًا لما سمعه موسى من صوته إلا كما يشبه ويماثل غير ذلك من صفاته لصفات المخلوقين فهذا في نفس تكلمه سبحانه وتعالى بالقرآن والقرآن عند الإمام أحمد وسائر أئمة السنة كلامه تكلم به وتكلم بالقرآن العربي بصوت نفسه وكلم موسى بصوت نفسه الذي لا يماثل شيئًا من أصوات العباد».

قلت: انظر كيف صرح ببطلان قول من يقول بأنها اشتركت في الحقيقة وتباينت بصفات عرضية، وجعل الحق الاشتراك في المسمى مع المخالفة بالحد والحقيقة.

والله أعلم.

@ https://hottg.com/IFALajmi/3498
يا جماعة أي إنسان مقتنع بهذه الأمور يجب عليه وجوبًا أن يتوقف عن المجادلات ويعيد دراسة علم الكلام دراسة جادة، أعني خصوصا المسألة الثالثة: مسألة تفسير كلام أئمة المتكلمين المتقدمين بمذاهب المنطقيين، هذه تكشف عن سوء تصور شديد لنظر المتكلمين للوجود والحقائق!
كنت في حديث مع فاضل فذممت له ما يقع في كتب المداخل للفلسفة الحديثة خاصة والفلسفة عامة من بيان الفلسفة بيانًا مرتبًا على الفلاسفة، فيذكرون ديكارت تـ1060هـ/1650م ثم هيوم تـ1190هـ/1776م ثم كانط تـ1218هـ/1804م وهكذا، وقلت له:
أنت درست العلوم، فهل لما درست الفقه درسته مرتبا على الرجال وذكر آراء كل رجل في عموم المسائل، وكذلك لما درست العقائد هل درستها مرتبة على الرجال؟ هذا لا تجده في الكتب الدرسية وكتب العلوم عامة البتة، وإنما تجد ذلك في نحو كتب المقالات التي ترتب أحيانا على الفرق وأحيانا على الرجال، ولكن في كتب تقرير علم العقائد يذكرون العلم بذكر مسائله ثم الأقوال في هذه المسائل ويذكر الرجال تبعا حال ذكر القائلين بالأقوال، ولا أحد يدرس العلوم بالطريقة الغريبة التي نراها في كتب المداخل!
فكتب المداخل هذه أشبه بكتب المقالات والفرق والنحل، فليست صالحة للدرس.

@ https://hottg.com/IFALajmi/3501
هل الجهم ينكر أن للعبد قدرة وإرادة؟

لا ريب أن من المشتهر في الكتب أن مذهب الجهمية هو مذهب الجبرية الخالصة، والفرق بينهم وبين الجبرية المتوسطة هو إثبات القدرة ونفيها، ولكن مما قد يخفى أن الجهمية تثبت للعبد قدرة وإرادة، فلا ينفون عن العبد أن له قدرة يحصل بها الفعل وإن كان الفاعل حقيقة هو الله، وممن شرح مذهبه في ذلك رجل من أشهر من قرر الجبر المتوسط، أعني أبا الحسن الأشعري تـ324هـ/936م: «ذكر قول الجهمية، الذي تفرد به جهم... أنه لا فعل لأحد في الحقيقة إلا الله وحده وأنه هو الفاعل، وأن الناس إنما تنسب إليهم أفعالهم على المجاز كما يقال: "تحركت الشجرة" و"دار الفلك" و"زالت الشمس" وإنما فعل ذلك بالشجرة والفلك والشمس الله سبحانه، إلا أنه خلق للإنسان قوة كان بها الفعل وخلق له إرادة للفعل واختياراً له منفرداً له بذلك كما خلق له طولاً كان به طويلاً ولوناً كان به متلونا».

قلت: ومع كون الأشعري شرح مذهبه على هذا الوجه إلا أن جماعة من الأشعرية يقررون مذهب الجهم على غير ذلك فينسبون له نفي القدرة بالكلية!
ومن لطيف الفوائد أن الفاضل العضد الإيجي تـ756هـ/1355م في "المواقف" ذكر تقديرًا وهو أن الجهم إن قال بالقدرة غير المؤثرة ولكنه منع كونها قدرة لكون القدرة حقيقة هي المؤثرة وإلا فلا تسمى قدرة، جعل الإيجي الخلاف مع الجهم على هذا التقدير: لفظيًا، وهو يشبه ما حكاه الأشعري وغيره عن الجهم، قال في المواقف: «فإن قال (= جهم): لا نريد بالقدرة إلا الصفة المؤثرة وإذ لا تأثير فلا قدرة؛ كان منازعا في التسمية».

قلت: الجهم لم ينف القدرة أصلًا وإنما نفى تأثيرها حقيقة بحسب الحكاية المتقدمة، فالخلاف في العبارة، وهذا الذي ذكره الإيجي يشبه ما حكاه أبو القاسم البلخي تـ319هـ/931م من أنه ناظر بعض الضرارية -وقولهم يشبه قول الأشعرية- وأنه انتهى بهما القول بأن صرح الضراري بأن الخلاف بينه وبين جهم في التسمية.

بقي أمر وهو: قوله "كان بها الفعل"، فالأشعري نسب له القول بأن الفعل حصل بالقدرة، إلا أن هذا مما لا ينبغي أن يشكل لما تقدم من أن إسناد هذه الأمور على المجاز.
وعلى كل حال فهذا كله بحسب الحكاية المذكورة عن الجهم، والأمر يحتاج لمزيد بحث. وليعلم أن الغرض ليس البحث في بطلان أو أحقية مذهب الأشعرية وإنما الإشارة لحقيقة الخلاف بين المذهبين.

ومن لطيف الفوائد أيضا: أن هذا فيه تأييد لقول من يقول بأن حقيقة مذهب الأشعري هو القول بتأثير القدرة، فإنه على هذا التقدير من كون قول جهم كذلك فأي وجه لمنازعة الأشعري له ومخالفته إياه؟

@ https://hottg.com/IFALajmi/3502
قال لي أخ عزيز: هل في نيتك أن تكتب كتابًا في القدر المشترك وتصحح الأوهام الشائعة؟

قلت له: الإضافة العلمية في مثل هذا النوع من الكتب قليلة، فهي تصحح وهما شاع في عصرنا هذا بسبب بعض من ينتسب للعلم وهو يجهل حقيقة المسألة ويتصدر للتدريس، وبعض الطلبة ممن ينتسب لمذهب هذا المدرس تفطن لغلطه وصار يقرر خطأه، وهي فترة وجيزة ويتفطن الناس لهذا الوهم ويقل نفع أمثال هذه الكتب المصححة للأوهام.
ولذا ينبغي لمن يريد أن يصنف أن يجعل همته مصروفة فيما يدوم نفعه ويقوى أثره ويقصد لأن يضع في صرح العلم لبنة فيشارك العلماء فيما وضعوا وأسسوا ويكون شريكا لهم في بناء الصرح.


@ https://hottg.com/IFALajmi/3503
بعض الناس همه وجمعية قلبه مصروفة إلى مخالفة منازعه وكأن التسليم للمنازع فضيحة وعورة يجب سترها! فبعضهم لما رأى ابن تيمية يقرر القدر المشترك -وهو مقرر قبل أن يخلق الله جد ابن تيمية- جعل يفكر: كيف أرد عليه؟ ننكر القدر المشترك!

وبعضهم لما تفطن أنه لا بد من القول بالقدر المشترك اخترع محل نزاع جديد لتطيب نفسه لعقد الخلاف مع ابن تيمية ولا يسلم له، فقال: نحن نقول بالقدر المشترك، لكنه في اللوازم لا في الذاتيات! والاخر قال: في ثواني المعقولات لا في أوائلها، وصار بعد ذلك جماعة يقررون القدر المشترك بقيد مخالفة ابن تيمية، فإن القدر المشترك عندنا في اللوازم أو في الثواني خلافا لابن تيمية..

يا جماعة التسليم بالحق ليس عيبا والله! والقول بالقدر المشترك لن يحسم البحث تمام الحسم، وحجة القدر المشترك مذكورة قبل أن يخلق الله ابن تيمية وناقشها المخالفون للمثبتة للصفات، لكن الجهل عند المعاصرين مطبق.

وقريب من هذا ما ذكرته لأحد الإخوة قرأ علي قطعة من التدمرية فقلت له في بعض التقريرات:
دع عنك عبث بعض المعاصرين من منارعتهم لابن تيمية في قاعدة القول في بعض الصفات كالقول في بعض، فهذه القاعدة يقول بها الأشعرية والماتريدية وغيرهم بلا ريب، فليس محل النزاع في هذا، وابن تيمية في مواضع متفطن لكون الخصم لا ينازع في هذا الأصل، والكلام يطول…

المقصود أن بعض المعاصرين لم يفهموا فضلا عن أن يفهموا طلابهم، وهي مدة وستذهب هذه الأوهام وستنسى …

https://hottg.com/IFALajmi/3504
بماذا تنصح من أراد معرفة الاصطلاحات الفلسفية والمنطقية والكلامية وما أحسن كتب المصطلحات ؟

الجواب:

أنصح من أراد ذلك ألا يطالع كتب المصطلحات، فهذا من أفسد المسالك، فالعلم ليس اصطلاحات بل مسائل تدرك وتفهم، والاصطلاح يعلم تبعا. ولذا أرى أنه ينبغي للمشتغل بأصول الفقه والتفسير ونحو ذلك من العلوم أن يدرس ولو متنا صغيرا في كل علم من العلوم العقلية، فالحاجة إليه ماسة ومتعينة.

أما إن كان غرض السائل أن يوثق أو يعرف بمصطلح في بحث أكاديمي، أو يعرف غريب المصطلحات التي لا يشتهر ذكرها عادة في كتب العلوم، فأحسن الكتب في ذلك ثلاثة:
الكليات، وكشاف اصطلاحات الفنون، ودستور العلماء، وصاحب الدستور ينقل من الكشاف في مواضع كثيرة. ويتميز الكشاف والدستور بذكرهما بعض التقريرات التي دارت على ألسنة المتأخرين في الهند مما لا يكاد يذكر في كتب غيرهم.
وأما الكتب المعاصرة فكثيرة وهي فوق العد والحصر، وهي على نوعين:
نوع يعتني بالاصطلاح القديم وهذا فيما تقدم غنية عنه في الجملة، وإنما قلت "في الجملة"؛ لأن بعض الكتب المعاصرة مفيدة للباحثين فائدة لا يجدها في الكتب المتقدمة، كنقلهم نصوصًا من تصانيف متفرقة المشارب ككتاب حسين لطيفي.
ونوع عنايته بالفلسفة الحديثة، والأولى في مثل هذا التعويل على المراجع العلمية مثل موسوعة لالاند الفلسفية.

@ https://hottg.com/IFALajmi/3505
تصور أن رجلا قال لمحاوره: "زيد كريم/ الله موجود" أو غير ذلك من الأمثلة، فسأله محاوره: ما إعراب "الله / زيد" في كلامك؟
فلم يعرف الرجل إعرابه، هل يضره في تقرير دعواه ويتوقف البحث على ذلك؟ الجواب: لا.
إذا لم يعرف هل هو موضوع أم محمول وهل كلامه قضية حملية أم شرطية -بهذا الاصطلاح- هل يضره ويتوقف دعواه على ذلك؟ لا.

في أكثر ما سمعت من كلام حتى المشتغلين بصناعة البرهان المتشبثين بأذيالها تجدهم حال ردهم على مخالفهم يقولون ما صورته: الخصم لم يعرف كذا وكذا من التوصيف المنطقي لحجته أو لقضيته ويشنعون عليه وأنه جاهل، مع كونه عرف أو لم يعرف لا يضره في كون حجته صحيحة أم لا، فلم يفعل ذلك كثير من الناس؟

الحقيقة التي يغفل عنها كثير من المشتغلين بالمنطق أن الناس بما فيهم المتشبث بأذيال المنطق والبرهان يستبطنون أصلا وهو: أن الحجة ملتئمة من الدليل المذكور والمتكلم بالدليل! فمن مقومات الحجة المتكلم بها، وإسقاطه مؤثر في نفوس كثير من الناس في الحجة أدركوا أو لم يدركوا، وهذا إذا تأملته وجدت أكثر الناس ينكرونه باللسان ويستبطنونه في موارد كثيرة! لا أقول في كل الموارد لكنه في موارد كثيرة، ولذا جعل بعض المحدثين المعاصرين من أركان الدليل المتكلم به وعقد بحثا لذلك!* وهذا لو رأيتُه قديما لضحكت وسخرت منه، لكن من تأمل ودقق في أحوال الناس حتى الخواص وجد هذا الإضمار حاصلا في نفوسهم.

هل حصوله في نفوسهم يجعله صوابا؟
الجواب: فليكن ليس صوابا، لكن إغفاله ليس صوابا أيضا، فإنه ليس في قوتك تبديل نفوس الخلق.


* أما المناطقة الأقدمون فبحثوا ذلك في موضعين فيما أذكر: في المغالطة الخارجية والخطابة وغيرهما لكن بحثهم إجمالي جدا.

@ https://hottg.com/IFALajmi/3506
HTML Embed Code:
2025/04/16 11:29:53
Back to Top