هيثم الحويني . القناة الاحتياطية Webview 1229.html Telegram

222 views22:59

رحمة الله عليك أيها الصِّدِّيق
قديمًا كنت أقول لإخوتي وأترابي أنّه لو جاز أن يُشبه أحدٌ في صدق المحبة وحُسن الصحبة بأبي بكر الصديق فهو عمي الشيخ شكري -رحمة الله عليه-.
فهو من القلائل الذين صحبوا أبي في حياته العامة والخاصة على مر العقود فكان باطنه مثل ظاهره، وسرّه كجهره، كان صادقًا صدِّيقًا في معاملاته حتى إذا تعاملت معه مرة لمست ذلك الصدق منه وعرفته.
دخل أناس كثيرون دائرتنا وخرجوا منها وقد اختلفت الآراء عليهم، لكنّه رحمه الله ورفع درجته في المهديين كان محل إجماع فاتفقت آراؤنا على صدقه وفضله.
إنّ فقدَ إنسانٍ نبيلٍ مثلِه لشيءٌ يصدع القلبَ وتندى له العينان، فما عامله شخص إلا أحبه، وذكره بالخير والفضل.
فتحنا أعيننا على الحياة فوجدناه بجوار أبي، نعم الرفيق والمعين! ثم كان لي ولإخوتي نعم الناصح الأمين، يُسدي النصح برفق، ويُقوِّم العيب ويستره، ويحب الخير ويبذله، ويبذل الجميل فلا يمُنّ به،
وعلى فضلِه ومكانتِه لم يتعالَ على أحد بل كان مثالاً للتواضع وإهمال حظ النفس والبعد عن الزهو والعجب.
كنت المقرب له في أولاد الشيخ لكثرة صحبتي لأبي في أسفاره، وكنت أحب مصاحبته وأغتبط أنّه يعدُّني ابنًا له ويستأنس بي كما أستأنس به.
وحادثة وفاته عجيبة أحسبها من حسن خاتمته -رحمه الله-.
في ليلة زفافي أنا وأخي حاتم الموافق: ٤/٩/٢٠١١ كان يُشرف على ترتيبات الحفل، فكان يدعو الناس نيابة عن أبي ويحرص على إيصال الدعوة لأهل العلم والفضل ليشاركونا ذلك اليوم.
وقد ذاع الخبرُ وطار كل مطار، حتى أنه كان من المتوقع أن يجاوز الحضور العشرة آلاف، ثم أشرف بنفسه على تنسيق أمور الوليمة وتهيئة أماكن استقبال الناس
وكان آخر عهدنا به أن اجتمعنا ليلة الفرح فتسامرنا ثم تناولنا العشاء معه وانصرف كل منا إلى بيته استعدادًا لهذا اليوم المشهود
لم تمض إلا دقائق حتى وصلني اتصال من ابنته أنّ والدَها قد سقط أرضًا بعد دخوله البيت بلحظات وأنه في طريقه إلى المستشفى، فهرعت إلى المستشفى فلم أجده إلا وقد فارق الحياة!
كانت صدمةً قاسيةً وألمًا صعبًا وهمًّا جثم على قلوبِ الجميع، وهنا تبدلت الأمور فألغينا الفرح وتبدل إلى جنازة.
ومن جميل تقدير الله له أنّه كان حريصًا على دعوةِ الأفاضل إلى الفرح فأتى الآلاف لكن ليصلوا عليه الجنازة، وأنّه كان مهتمًا بإعداد الوليمة وتنسيقها فكان الطعامُ صدقة عنه.
إن حروفي لا تسعفني لذكر بعضِ فضائله، ولكنها تُعبِّر عن بعض ما في صدري
وليس من عادتي أن أكتب مقالاتٍ طويلةٍ، ولكن القلب ينشرح عند التحدث عنه، ويحزن من ألم فراقه
لكن عزاءنا أننا نحسن الظن في الله أنه سيكرم مثواه، ونسأل الله تعالى أن يجمعنا به في جنات النعيم مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
اللهم اغفر له وارحمه وأسكنه الفردوس الأعلى وبارك في أهله وذريته واجعلهم خير خلف له وكن لهم وليًا ونصيرًا.
#هيثم_الحويني

309 views22:59